ارشيف من : 2005-2008

أبرز ما تضمنه تقرير ميليس

أبرز ما تضمنه تقرير ميليس

نقلاً عن صحيفة "السفير"‏

أعلن رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي الالماني ديتليف ميليس في تقريره النهائي الذي سلمه الى الامين العام للامم المتحدة كوفي انان واتهم فيه الجهاز الامني اللبناني والسوري بالتورط في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ملمحاً الى تورط فلسطيني ايضا في الجريمة، "ان الصورة الكاملة للاغتيال يمكن رسمها فقط من خلال تحقيق موسع وذي مصداقية يجرى بطريقة مفتوحة وشفافة ترضي الدقة الدولية".‏

وأوضح ميليس في تقريره انه بناءً على افادات الشهود والمشتبه فيهم في لبنان وسوريا، التي يفيد معظمها بتورط مسؤولين امنيين سوريين بشكل مباشر في الاغتيال، يتحتم على سوريا ان توضح جانباً مهماً من الاسئلة المعلقة، واشار الى انه "بينما تعاونت السلطات السورية بدرجة محدودة مع اللجنة، بعد تردد اولي، فإن عدداً من المستجوبين حاولوا تضليل التحقيق بإعطاء افادات مزورة او غير دقيقة" وقال ان رسالة وزارة الخارجية السورية الموجهة الى اللجنة ثبت انها "تضمنت معلومات مزيفة".‏

واورد تقرير ميليس اسماء مشبوهين لبنانيين او سوريين وتحدث عن كثيرين من الاجهزة الامنية اللبنانية والسورية شاركوا في التحريض او التخطيط او التنفيذ، وركز في نهاية كل جزء من تقريره على ضرورة مواصلة التحقيق للحصول على المزيد من الادلة، وألقى المسؤولية الرئيسية في مثل هذه المهمات المستقبلية على اجهزة الامن اللبنانية وعلى القضاء اللبناني، من دون ان يشير الى احتمال او اقتراح اجراء محكمة دولية، ما يوحي بأن موعد المحاكمة ما زال بعيدا.‏

وسرد التقرير بالتفصيل على صفحاته التي بلغت نحو 53 صفحة وقائع سبق ان نشر معظمها عن التحقيقات والشهادات والافادات والتسجيلات الهاتفية، وخلص الى ان الجريمة لم تكن من فعل افراد بل مجموعة متطورة، كان من دوافع عناصرها التزوير والفساد وتبييض الاموال. وشدد على ان التحقيق يجب ان يستمر لفترة من الزمن، وجزم بقوله "التحقيق ليس كاملاً". وبعد ان اقترح ان تتولى الاجهزة الامنية والقضائية اللبنانية المهمة وتركز على تشعبات القضية بما في ذلك التحويلات المالية، قال ان "تفجير 14 شباط يحتاج الى تقييم في اطار التفجيرات التي سبقته وأعقبته، لا سيما انه يمكن ان تكون هناك صلة بين بعضها والبعض الآخر ان لم يكن كل هذه التفجيرات".‏

لكن التقرير يرى ان جهداً من الاسرة الدولية يجب ان يبذل اذا رغبت الحكومة اللبنانية في إقامة اطار للدعم والتعاون مع السلطات اللبنانية في مجالي الامن والقضاء مما يعزز ثقة الشعب اللبناني بنظامه الامني.‏

وجاء في التقرير أن شاهداً من أصل سوري مقيماً في لبنان، زعم أنه كان يعمل في الاستخبارات السورية في لبنان، أفاد أنه بعد أسبوعين تقريباً على تبني قرار مجلس الأمن الرقم 1559، قرر مسؤولون لبنانيون وسوريون اغتيال رفيق الحريري. وذكر الشاهد أن مسؤولاً أمنياً لبنانياً رفيع المستوى، زار سوريا أكثر من مرة للتخطيط للجريمة، وعقد اجتماعات في فندق ميريديان في دمشق، والقصر الرئاسي ومكتب مسؤول أمني رفيع المستوى. وعقد الاجتماع الأخير في منزل هذا المسؤول السوري، قبل الاغتيال بسبعة أو عشرة أيام، وحضره مسؤول أمني لبناني رفيع المستوى.‏

وفي مطلع كانون الثاني 2005، أبلغ أحد كبار الضباط اللبنانيين هذا الشاهد، أن رفيق الحريري هو مشكلة كبرى لسوريا. وبعد شهر تقريباً، أبلغ الضابط نفسه الشاهد أن زلزالاً سيحدث قريباً وسيعيد كتابة تاريخ لبنان.‏

وأشار التقرير في ثلاث فقرات (101 و105 و191)، إلى النائب ناصر قنديل، وذلك استنادا إلى ما صرح به "شاهد من اصل سوري يعيش في لبنان، يدعي انه عمل لصالح أجهزة الاستخبارات السورية في لبنان"، بحسب الفقرة الرقم 96، والى الصديق بحسب الفقرة 105.‏

في الفقرة الأولى، أوضح التقرير إن "أولئك الذين علموا بالجريمة مسبقا، هم بين أشخاص آخرين، ناصر قنديل والجنرال علي الحاج". وفي الفقرة الثانية، أوضح التقرير أن "إحدى المسائل الرئيسية التي أثارتها إفادة السيد الصديق، كانت تقريرا قال إن ناصر قنديل أعده. هذا التقرير يشير إلى أن السيد الحريري ومروان حمادة التقيا في سردينيا. في نهاية التقرير، أشار قنديل إلى انه يتعين اتخاذ قرار بالتخلص من السيد الحريري. عهد إلى ناصر قنديل بأن يخطط وينفذ حملة تستهدف تدمير سمعة السيد الحريري على المستويين الديني والإعلامي".‏

وفي الفقرة الثالثة، أشار التقرير إلى رقم هاتفي مدفوع مسبقاً يحمل الرقم 925152/03 (تم ذكره في الفقرة الرقم 190)، أوضح أنه كان على اتصال مع أرقام أخرى تملكها شخصيات لبنانية وسورية، بينها رقم هاتفي كان على اتصال دائم بالرقم الخلوي الذي يعود إلى ناصر قنديل.‏

وأشارت الفقرة 101 من التقرير إلى أن "الجنرال جميل السيد، بحسب الشهود، تعاون بشكل وثيق مع الجنرال مصطفى حمدان والجنرال ريمون عازار في الإعداد لعملية اغتيال السيد الحريري. كذلك نسق مع الجنرال غزالي "وبين آخرين، مع أشخاص على صلة بالسيد احمد جبريل في لبنان".‏

وتحدث التقرير مطولاً عن دور المشتبه به الشيخ احمد عبد العال، المسؤول في جمعية الاحباش. وفي الآتي مقتطفات من التقرير تشمل ملخصه التنفيذي واستنتاجاته النهائية، بالاضافة الى الفصل الخاص بالتعاون السوري مع اللجنة.‏

الملخص التنفيذي‏

1_ قرر مجلس الأمن الدولي، في قراره الرقم 1595 بتاريخ السابع من نيسان العام 2005، تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة مقرها لبنان من أجل مساعدة السلطات اللبنانية في تحقيقهم في جميع أوجه الهجوم الإرهابي الذي جرى في 14 شباط 2005 في بيروت والذي أدى إلى مقتل رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري وآخرين، ومن ضمن ذلك المساعدة في تحديد المنفذين والممولين والمنظمين والمتواطئين.‏

2_ أبلغ الأمين العام المجلس أن اللجنة بدأت عملياتها كاملة في 16 حزيران العام 2005. مددت المدة الأساسية التي منحت للجنة حتى 26 تشرين الأول 2005.‏

3_ تلقت اللجنة، خلال عملية تحقيقها، دعما واسعا من حكومة لبنان واستفادت من خبرات عدد من الخبراء الوطنيين والدوليين.‏

4_ ركزت الخطوط الأساسية لتحقيق اللجنة على مسرح الجريمة والأوجه التقنية للجريمة وتحليل الاعتراضات الهاتفية وشهادة أكثر من 500 شاهد ومصدر، إضافة إلى السياق الذي جرت في إطاره الجريمة.‏

5_ جرى نقل الملف الكامل للقضية إلى السلطات اللبنانية في تشرين الأول 2005.‏

6_ يحدد التقرير الحالي الخطوط الرئيسية لمسار التحقيق الذي أجرته اللجنة وملاحظاتها ونتائجها من أجل أن يأخذها مجلس الأمن بالاعتبار. يحدد أيضا تلك القضايا التي قد تتطلب مزيدا من التحقيق.‏

الاستنتاجات‏

202_ وجهة نظر اللجنة أن الاغتيال في 14 شباط 2005 نفذته مجموعة منظمة جدا وتمتلك موارد وقدرات ضخمة. جرى التحضير للجريمة على مدى أشهر. لهذا السبب، تمت مراقبة توقيت ومكان جميع تحركات السيد رفيق الحريري وجرى تسجيل مسارات تنقلات موكبه بالتفاصيل.‏

203_ بناءً على النتائج التي توصلت إليها اللجنة والتحقيقات اللبنانية حتى اليوم، واستناداً إلى الأدلة المادية والوثائقية التي تم جمعها، والأدلة التي جرت متابعتها حتى الآن، هناك دليل متقارب يشير إلى تورط لبناني وسوري في العمل الإرهابي. هناك حقيقة معروفة جداً وهي أنه كان للاستخبارات العسكرية السورية وجود نافذ في لبنان، على الأقل حتى انسحاب القوات السورية طبقا للقرار الرقم 1559. كان المسؤولون الأمنيون اللبنانيون السابقون معينين من قبلها. نظرا لاختراق الاستخبارات السورية واللبنانية، اللتين كانتا تعملان الواحدة خلف الأخرى، للمؤسسات والمجتمع اللبناني، من الصعب تصور السيناريو الذي حصلت بواسطته مؤامرة اغتيال بهذا التعقيد وقد نفذ من دون علمهم.‏

204_ وجهة نظر اللجنة أيضاً هي أن اغتيال السيد الحريري جاء في سياق فيه استقطاب سياسي وتوتر شديدان. لقد عززت الاتهامات والاتهامات المتبادلة التي استهدفت السيد الحريري خلال الفترة التي سبقت الاغتيال نتائج اللجنة بأن الحافز المرجح للاغتيال كان سياسياً. لكن، بما أن الجريمة لم تكن عمل أفراد وإنما مجموعة معقدة، يبدو كثيرا أن الاحتيال والفساد وتبييض الأموال كانت أيضاً حوافز لأشخاص شاركوا في العملية.‏

205_ تعتبر اللجنة أن التحقيق يجب أن يتواصل لفترة زمنية مقبلة. خلال الفترة القصيرة المؤلفة من أربعة أشهر، جرى استجواب أكثر من 400 شخص ومراجعة 60 ألف وثيقة وتحديد العديد من المشتبه فيهم وتم التثبت من بعض الأدلة. ومع ذلك فإن التحقيق لم يكتمل بعد.‏

206_ تستنتج اللجنة أن التحقيق المتواصل يجب أن يسير قدما عبر السلطات الأمنية والقضائية اللبنانية المعنية، التي أثبتت خلال التحقيق أن بإمكانها، مع المساعدة والدعم الدوليين، التحرك قدما، ومع الوقت، اخذ القيادة بشكل فعال ومحترف. في الوقت نفسه، يتعين على السلطات اللبنانية أن تنظر في جميع تشعبات القضية، ومن بينها المعاملات المصرفية. يتعين تقييم تفجير 14 شباط بجلاء من ضمن سلسلة التفجيرات التي سبقته ولحقته، ذلك انه قد تكون هناك روابط في ما بينها، إن لم يكن بين جميعها.‏

207_ ترى اللجنة، إذا رغبت السلطات اللبنانية بذلك، أن القيام بجهد مستمر من قبل المجتمع الدولي بهدف تحديد برنامج مساعدة ودعم للسلطات اللبنانية في مجالي الأمن والعدل، هو أمر جوهري، يعزز إلى حد بعيد ثقة الشعب اللبناني بجهاز أمنهم، فيما يجري بناء الثقة بقدراتهم.‏

208_ رحب جميع الافرقاء اللبنانيين بالقرار الأخير بالمضي في تعيينات أمنية جديدة رفيعة المستوى، والذي كان خطوة مهمة باتجاه تعزيز استقامة الجهاز الأمني ومصداقيته. غير ان الأمر تحقق بعد اشهر من الفراغ الأمني والسجال الطائفي السياسي الواسع. يتطلب القيام بالكثير للتغلب على الانقسامات الطائفية، وفصل الأمن عن السياسة، وإعادة هيكلة الجهاز الأمني بهدف تجنب المسالك الموازية في تقديم التقارير والازدواجية، ولتعزيز المساءلة.‏

209_ خلصت اللجنة، بعدما قابلت شهوداً ومشتبهاً فيهم في الجمهورية العربية السورية وأثبتت أن العديد من الأدلة تشير مباشرة إلى مسؤولين أمنيين سوريين بصفتهم متورطين في عملية الاغتيال، إلى أنه يتوجب على سوريا أن توضح جزءا كبيرا من القضايا التي لم تجد لها حلا. وفيما أقدمت السلطات السورية، بعد تردد أولي، على التعاون بشكل محدود مع اللجنة، حاول العديد ممن تمت مقابلتهم تضليل التحقيق عبر إعطاء إفادات خاطئة او غير دقيقة. ثبت أن الرسالة التي وجهها وزير الخارجية السوري فاروق الشرع إلى اللجنة تحوي معلومات خاطئة. يمكن الوصول إلى الصورة الكاملة لعملية الاغتيال فقط عبر القيام بتحقيق شامل وموثوق، يجرى بشكل مفتوح وشفاف، بهدف الإرضاء الكامل للمجتمع الدولي.‏

210_ نتيجة لتحقيق اللجنة حتى تاريخه، جرى اعتقال عدد من الأشخاص واتهموا بالتآمر في ارتكاب الجريمة وبجرائم أخرى مرتبطة باغتيال السيد الحريري و22 آخرين. وجهة نظر اللجنة بالطبع هي أن جميع الناس، وبينهم هؤلاء المتهمون بجرائم خطيرة، يجب أن يعتبروا بريئين إلى أن يتم إثبات أنهم مذنبون، في محاكمة عادلة.‏

التعاون السوري مع اللجنة‏

31_ المعلومة المشار اليها اعلاه والدليل الذي جمعته اللجنة مفصل في الجزء التالي تحت عنوان التخطيط للاغتيال، يشير الى احتمال ان مسؤولين سوريين شاركوا في اغتيال السيد الحريري. عندما حاولت اللجنة الحصول على تعاون الحكومة السورية في ملاحقة هذه المسارات في التحقيق، لاقت اللجنة تعاونا بالشكل لا بالمضمون.‏

32_ الاتصال الاولي بين اللجنة والسلطات السورية جرى في 11 حزيران 2005 عندما ارسلت اللجنة رسالة الى وزير الخارجية السوري تطلب اجتماعا مع ممثلين عن الحكومة السورية. رد السيد الشرع في 11 تموز، يتعهد بدعم الحكومة السورية للتحقيق بعبارات عمومية. في 19 تموز، طلبت اللجنة مقابلة عدد من الشهود بمن فيهم رئيس الجمهورية العربية السورية. في 26 آب، بناءً على طلب من الحكومة السورية، عقد اجتماع بين المفوض وممثل عن وزارة الخارجية السورية في جنيف، في سويسرا. وفي الاجتماع، اعطي المفوض رسالة تتضمن بيانات مكتوبة من اربعة شهود. وتمت الاشارة الى ان الرئيس الاسد لن يكون حاضرا لأي مقابلة. كرر المفوض طلبه لمقابلات مباشرة مع الشهود وتم اخباره ان الطلب قيد النظر لكن الرئيس الاسد لن يكون متوفرا لتتم مقابلته.‏

33_ في 30 آب، ارسلت اللجنة طلبا اخر لوزير الخارجية السورية تطلب مقابلات لمزيد من الشهود والمشتبه فيهم في سوريا. طلبت الرسالة دعم الحكومة السورية لتفتيش مواقع المشتبه فيهم. في 7 آب، ابلغ وزير الخارجية الشرع اللجنة كتابة انه في حين ان دليل اللجنة يستند إلى شهادة خاطئة، فإن حكومته وافقت على ان بإمكان اللجنة اجراء مقابلات مع الشهود الذين ادرجتهم في طلبها في 19 تموز، ما عدا الرئيس الأسد.‏

34_ في 12 أيلول تمت مناقشة التفاصيل التي خلصت إليها المقابلات بين اللجنة وممثلين عن وزارة الخارجية السورية. وعبرت اللجنة عن أمنيتها بأن تعقد المقابلات في بلد ثالث، غير لبنان أو سوريا، لكن ذلك رفض. وأصرت السلطات السورية على أن تعقد المقابلات في سوريا بمشاركة مسؤولين سوريين. وتمت المقابلات بين 20 و23 من شهر أيلول. وتمت إدارة كل مقابلة بحضور المستشار القانوني لوزارة الشؤون الخارجية السورية أو ممثل آخر من وزارة الخارجية، ومترجم، وكاتبَيْن، وفي بعض الأحيان شخص إضافي لم يعرف لأية جهة ينتمي. ومع انتهاء المقابلات، كان من الواضح أن من اجريت معهم المقابلات قد أُعطوا إجابات منسقة للأسئلة. وبعض هذه الإجابات كانت تتناقض مع الأدلة التي جمعتها اللجنة من مصادر متعددة. ولم يتسنَ للجنة الفرصة لمتابعة هذه المقابلات أو تتبع تحقيقاتها حول وجود تورط سوري محتمل في الجريمة.‏

35_ وقد استنتجت اللجنة أن غياب التعاون الحقيقي من قبل الحكومة السورية مع اللجنة قد أعاق التحقيق وجعل من الصعب اللحاق بالإرشادات التي قدمتها الأدلة المجموعة من مصادر متعددة. وكي يكتمل التحقيق، فمن الضروري أن تتعاون الحكومة السورية بالكامل مع سلطات التحقيق، بما في ذلك السماح بعقد المقابلات خارج سوريا، وبعدم مرافقة مسؤولين سوريين للأشخاص المطلوب مقابلتهم.‏

2006-10-28