ارشيف من : 2005-2008

بيان للحزب السوري القومي الاجتماعي: لجنة التحقيق وحقيقة التحقيق!!!

بيان للحزب السوري القومي الاجتماعي: لجنة التحقيق وحقيقة التحقيق!!!

على أثر اغتيال رئيس الوزراء الأسبق في لبنان المغفور له رفيق الحريري، انطلقت من مصادر متعدّدة، وبخلفيات متباينة، أصوات تتهم جهات في لبنان وفي خارجه وتطالب بكشف حقيقة الاغتيال من مخططين ومدبرين ومشاركين ومتواطئين.‏

الواقع أنه لا يمكن أن يقف مخلص ضدّ أي تحقيق يؤمّن الوصول إلى حقيقة عملية الاغتيال، فكثيرون هم المخلصون الذين يريدون الوصول إلى هذه الحقيقة في لبنان وخارجه. ولكن هذا الإخلاص يتطلّب حصانة عقلية تخفّف من جموح الانفعال، وإن كان هذا الانفعال حالة طبيعية أولى تحصل على أثر أي حادث جلل كالاغتيال المذكور أو غيره؛ إلاّ أنه لا بدّ للمنفعل بعد ذلك الطور أن يخرج من حالة الانفعال ليعود إلى الحالة الطبيعية العقلانية الواعية التي تسمح له بالتدقيق الهادئ الباني، وأن يتخطى مفاعيل الحادث ونتائجه على حياته في محيطه، لا سيما إذا كان المنفعل ممّن يتحمّلون مسؤوليات عامة.‏

ولكن من غير الطبيعي وغير المنطقيّ أن تستمرّ حالة الانفعال هذه وتعمّ معظم الأوساط لتتعدّد التحليلات والأقاويل حول الحادث وتداعياته، وتنتشر التصورات والسيناريوهات حول مجرياته كأنها صادرة عن أبرع المحققين وخبراء الأدلّة الجنائية؛ وتتكاثر احتمالات الأحكام القضائية حتى لتظن أنها خارجة من إضبارات أرفع القضاة مقامًا ورتبة.‏

إن من أولى وأهم نتائج هذه الحالة أن يعمّ إرباك يقود أفكار وأعمال المربكين، وتسهم إلى حدّ بعيد بتشكيل الجوّ الذي تجري فيه عملية التحقيق وما سيصدر عنها من نتائج.‏

وكانت قد سبقت عملية الاغتيال وحالة الانفعال التي تبعتها، حملة مبرمجة تتناول كلّ مؤسسات الدولة اللبنانية، وفي طليعتها القضاء والأمن اللبنانيين، مطاولة تقصيرهما عن القيام بواجبهما، الأمر الذي تستغلّه جهات تجهد في جوّ الارتباك المشهود، لتدفع باتجاه تدويل الجريمة. وربما كان لهذه الجهات التوجيه البارز في تلك الحملة.‏

فكلّ تصرّف انفعالي أو حاقد لا تصيب شظاياه دائرة ضيقة محدودة، بل تتطاير عشوائيًا لتهدّم مقوّمات أساسية للاستمرار والنهوض في حياة الشعب.‏

وبعد أن وصلت الأمور في التحقيق الدولي إلى ما وصلت إليه، من حقنا بل من واجبنا أن نطرح مجموعة من الأسئلة والتساؤلات، بدأت الصحافة المحلية‏

أو بعضها على الأقلّ يطرح بعضها.‏

إشارة إلى أننا كنا قد نشرنا على موقعنا، بُعيد الحديث عن النية في تشكيل لجنة تحقيق دولية لكشف ملابسات جريمة اغتيال الرئيس الحريري، رأيًا عن تجارب أمتنا ومعاناتها مع لجان التحقيق الدولية في ظروف مختلفة وذلك من أجل أن ننبّه أصحاب الشأن من الداخل للابتعاد عن مثل تلك المطالبة لأن في ذلك تسليم "ذقننا" لمن عهدنا فيه أنه لا يريد خيرنا؛ وفي إشارة واضحة إلى أنّ قضاءنا في لبنان يبقى هو الضامن وإن عثر، بينما قضاء الغير يحقق مصالح الغير وإن أصاب.‏

- إذا كان الإصرار على كشف حقيقة الاغتيال مطلباً وطنياً عاماً، فهل من الحتميّة أن نعلن مسبقًا أننا نقبل ما تقوله اللجنة أو ما يتسرّب عنها، حتى ولو افتقر إلى أسانيد ثابتة وواقعيّة؟‏

ألا يشكّل مثل هذا الإعلان جواز مرور لكلّ الاحتمالات، إن للذين يعملون على تصفية حسابات من الداخل، أو للذين يعملون على تجيير كلّ حدثٍ لصالح مخططاتهم التي تستهدف المنطقة برمتها؟‏

- وإذا كانت مسلَّمة كشف الحقيقة هي جامع الكلّ، وهي كذلك، أفما كان من الأجدى والأفضل والأنفع جعل القضاء اللبناني على رأس آلية إجراء التحقيق والاستعانة عند الضرورة، بل من الضرورة الاستعانة، بأكفاء من العالم العربي أولاً ومن الدول الصديقة ثانيًا، فنكون نحن من يختار بمعرفتنا الدقيقة للمختار كي يساعدنا، ونبقى نحن أسياد أحكامنا بعيدًا عن تدخلات مريبة من أطراف متعدّدة كلّ منها يرمي إلى تحقيق أغراض من خلال الاغتيال والتحقيق الدولي؟‏

- كيف يمكن أن نسبغ صفة الثقة المطلقة، إن لم نقل القدسية، على لجنة التحقيق، والتجارب الماضية القريبة في العراق وجنين وغيرهما... لا تؤمّن حالة مشجّعة.‏

ألم يقدّم رئيس فريق اللجنة الدولية إلى العراق تقريرًا يؤكّد وجود أسلحة دمار شامل في العراق، أثبتت بطلانه الوقائع الحقيقية؟‏

أو لم يكن تقريره تضليلاً لتأمين الطريق أمام الولايات المتحدة وبريطانيا لدخول العراق؟ وماذا كانت نتائج تحقيقات اللجنة الدولية في جنين بعد المجازر التي ارتكبها جيش دولة الاغتصاب هناك وعاينها العالم كلّه بواسطة وسائل الإعلام المختلفة ؟وما بالك بمجزرة قانا التي ارتكبها العدو في حمى ومظلّة ممثلي هيئة الأمم المتحدة؟‏

2006-10-28