ارشيف من : 2005-2008

مجلس الوزراء يقرّ بعد نقاش شرعنة سجن مديرية قوى الأمن

مجلس الوزراء يقرّ بعد نقاش شرعنة سجن مديرية قوى الأمن

وافق مجلس الوزراء امس بالاجماع وبعد نقاش طويل بين وجهتي نظر، على مشروع مرسوم تحويل سجن مقر عام قوى الامن الداخلي الى سجن شرعي، بعدما تأجل من جلسة المجلس امس الاول، بسبب ملاحظات رئيس الجمهورية اميل لحود عليه، والتي تم الاخذ بها في جلسة الامس التي انعقدت في القصر الجمهوري برئاسة لحود، وقد تركزت ملاحظات لحود على ضرورة توافر الشروط الصحية والامنية اللازمة وضمان الحقوق الانسانية للموقوفين فيه، وهم قادة الاجهزة الامنية السابقون الذين اوقفوا على ذمة التحقيق في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والذين اقترح وزير الداخلية توقيفهم في سجن قوى الامن الداخلي بدل سجن وزارة الدفاع.‏

انعقد مجلس الوزراء عصر امس، في جلسة استثنائية في القصر الجمهوري برئاسة رئيس الجمهورية العماد اميل لحود، وحضور رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، والوزراء الذين غاب منهم: نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الياس المر والوزيران مروان حمادة وسامي حداد. وبحث المجلس في جدول أعمال من واحد واربعين بندا كانت مقررة لجلسة الخميس المقبل العادية، واضيفت ثلاثة بنود طارئة، وأبرز البنود التي طرحت مشروعا مرسومين يتعلقان بتطبيق صون الحق لسرية المخابرات أي التنصت لكن تم تأجيله لغياب وزير الاتصالات (حمادة)، ومشروع مرسوم لتعديل حالات الإعفاء من خدمة العلم، وتشريع بعض السجون، وعرض وزارة الاعلام لتقرير المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع حول الأداء الإعلامي خلال الإنتخابات النيابية.‏

وسبقت الجلسة خلوة بين الرئيسين لحود والسنيورة استمرت خمسا وثلاثين دقيقة.‏

القرارات الرسمية‏

اثر الجلسة التي استمرت حتى قرابة الثامنة مساء ادلى وزير الاعلام غازي العريضي بالقرارات والمعلومات الرسمية الاتية:‏

"في مستهل الجلسة عرض رئيس مجلس الوزراء ما جرى في جلسة الأمس، فقال: ليس أمرا مريحا أن يتجه أحد الى فتح سجون. ولكن الظروف تحكم أحيانا وتملي علينا اتخاذ مثل هذا القرار. والمعروف أن ثمة موقوفين متهمين اليوم ولكنهم ليسوا مدانين حتى الآن. والمرسوم الذي يعمل به حاليا يسمح بتوقيفهم في سجون وزارة الدفاع، وهم ضباط، ولكن هذا ليس حصريا وبالتالي يمكن أن يكون التوقيف في سجون عادية. ونظرا لأن الموقوفين هم من القيادات العسكرية الأساسية، وهدف ضبط الأمر بشكل سليم وحتى نكون منسجمين مع أنفسنا ومع ما يتوقعه منا المجتمع الدولي، فقد رأينا أنه ليس من المستحسن أن يكون الموقوفون في المركز الذي كان لهم فيه حق الإمرة. من هنا نشأت الحاجة الى استصدار مرسوم جديد، أو تعديل المرسوم الحالي بالأحرى، ليكون ثمة سجن في مقر مديرية الأمن الداخلي. وينتقل المدير السابق للمديرية والموقوف المتهم اليوم، الى مركز آخر.‏

وأضاف دولة الرئيس: ثمة أمر آخر يوازي بأهميته أهمية الاعتقال. وهو أنه يجب أن نتمسك بحقوق الموقوفين لجهة حسن المعاملة وظروف التوقيف، وليس مقبولاً أن يكون ثمة أي نوع من أنواع الإساءة الى هذه الحقوق التي تقرها شرعة حقوق الإنسان التي نتمسك بها كما نتمسك بحق أهالي الموقوفين بمقابلتهم وفق الأنظمة والقوانين المرعية.‏

ثم قال فخامة الرئيس ان المتهم بريء حتى تثبت إدانته، والمحقق الدولي نفسه قال إن الموقوفين أبرياء حتى تثبت الإدانة، وإذا كان هؤلاء أبرياء ستكون عودتهم الى مؤسساتهم، وإذا تبين أنهم مذنبون فليتحملوا المسؤولية ولتعلق المشانق، ولكن إذا أحسوا بحقد نكون قد عدنا الى الماضي، ونحن قلنا انه كان ثمة أخطاء في الماضي ولكن بعد 14 آذار صار تغيير ويجب ألا تتكرر الأخطاء. هناك ضباط سابقون ارتكبوا ووضعوا في اليرزة. ووردتني معلومات أن ثمة ظروفا غير مناسبة للموقوفين في مقر مديرية الأمن الداخلي حيث وضعوا في طوابق تحت الأرض. فإذا كانت النتيجة أن هؤلاء أبرياء ماذا سيقولون عند خروجهم من السجن؟ هل نقول لهم لا تؤاخذوننا؟ يجب ألا يشعر أحد أن ثمة خطرا عليه ونحن نبحث عن قضايا "بالناقص" ويجب أن نتصرف وفق ما يمليه علينا ضميرنا. وأؤكد أن حقوق الإنسان هي بأهمية الاعتقال أو الإدانة. وإذا كان ثمة أخطاء قد ارتكبت في الماضي فلا يجوز أن تتكرر اليوم بل يجب أن نؤكد أنه بعد 14 آذار التفكير بالتغيير ضروري. ثمة مرسوم موجود. وإذا كنا نريد شرعنة سجن مقر المديرية العامة للأمن الداخلي فكما قال رئيس الحكومة يجب أن يكون الاهتمام أكثر وليس على حساب القانون، ويجب التأكيد على ثقتنا بالجيش وفي النهاية القرار هو لمجلس الوزراء.‏

وبعد مناقشة مستفيضة وتوضيحات من قبل الوزراء المعنيين، ومداخلات عدد من الوزراء، وتوضيحات أخرى من قبل فخامة الرئيس للمواقف التي صدرت في الأيام الأخيرة، كان تأكيد بالإجماع على احترام لجنة التحقيق ودعمها، وعلى استقلالية القضاء والتعاون مع اللجنة، وسعي الجميع للوصول الى الحقيقة ومعاقبة كل المسؤولين عن الجريمة الإرهابية.‏

وفي نهاية النقاش قرر مجلس الوزراء بالإجماع شرعنة سجن مقر المديرية العامة للأمن الداخلي، وطلب الى الوزارات المعنية بالتحقيق ضمان سلامة البحث عن الحقيقة وضمان حقوق المتهمين كاملة!‏

بعد ذلك ناقش مجلس الوزراء جدول أعماله وأقر معظم بنوده".‏

وردا على اسئلة الصحافيين، نفى العريضي ان يكون المجلس قد بحث في كتاب الاعتراض الذي وجهه اللواء جميل السيد الى وزير العدل حول توقيفه في سجن قوى الامن الداخلي، وقال ان الرئيس لحود عبر عن ملاحظاته وعما ورده من معلومات حول ظروف السجن، كما اوضح الوزراء المعنيون المعلومات التي لديهم حول السجن وان المعلومات التي تم تسريبها ليست دقيقة وان ظروف الاعتقال مصانة، وكل وزير يتحمل مسؤولية ما يقوم به، ومع ذلك كان اجماع في مجلس الوزراء على احترام حقوق الموقوفين وحقوق اهاليهم بزيارتهم وهذا حق لهم وليس منة من احد، ومجلس الوزراء يتحمل المسؤولية كاملة وحريص على عدم الاساءة الى اي واحد منهم لان الاساءة تكون لمجلس الوزراء، وليس هناك من تشف او انتقام، حتى ان الرئيس لحود اكد في مداخلته حول 14 اذار بان التغيير يجب ان يكون في الممارسة والتطلع الى الافضل.‏

وحول انعكاس مواقف الرئيس لحود في الجلسة على علاقة اللقاء الديموقراطي به، قال ان كلام رئيس الجمهورية واضح وانا لا اتحدث عن اكثرية واقلية، القرار اتخذ بالاجماع، والرئيس لحود اوضح المواقف التي قالها واستدعت ردا سياسيا من قبلنا، وتوضيحاته كانت مكملة لما قاله، عندما يقول رئيس الجمهورية امام كل الوزراء لو كان اقرب الناس لي حتى ابني مرتكبا فليحاسب ولتقطع الرؤوس وهذا تاكيد عن رفع الغطاء عن اي مسؤول، وهذا الامر لم يقل في السابق وقيل الان، مما يعني ان الامور توضحت ونحن نتصرف ازاء ذلك بامانة وليس باحقاد او كيدية.‏

واكد العريضي ردا على سؤال ان هذه الاجواء ستكون بداية خير لعمل مجلس الوزراء، معتبرا ان مناخات التشكيك والتأثير التي اعقبت المؤتمر الصحافي للمحقق ميليس خلقت مناخات سلبية واثرت على سمعة لبنان في الخارج، وما سمعناه اليوم كان كفيلا بتحقيق اجماع على ما يضمن سلامة التحقيق من جهة وضمان حقوق الموقوفين من جهة اخرى.‏

2006-10-28