ارشيف من : 2005-2008
السيد فضل الله: المقاومة لا تزال تمثل الحاجة الضرورية لمنع أي عدوان صهيوني على لبنان
رأى آية الله السيد محمد حسين فضل الله "أن الفريق الأميركي والأوروبي في مجلس الأمن لا يزال يضغط لنزع سلاح المقاومة في لبنان في الداخل والخارج، من أجل حماية الأمن الإسرائيلي الذي يواجه قوة جهادية تحريرية لحماية لبنان من العدوان الصهيوني في احتلال أراضيه وتهديد أمنه. لأن الخطة الأميركية هي معاقبة الشعب اللبناني ومقاومته على الهزيمة التي أوقعها بالكيان الصهيوني في انسحابه من لبنان من دون قيد أو شرط، وقد تبنى ذلك بعض اللبنانيين الذين لا يريدون للمقاومة أن تبقى قوة صامدة متحدية للعدوان الإسرائيلي، كما أنهم لم يعملوا في علاقاتهم بالوصاية الأميركية والفرنسية على إعطاء القوة القادرة الضاربة للجيش اللبناني، لأن المجتمع الدولي الخاضع لأميركا لا يريد للجيش اللبناني أن يأخذ بأسباب القوة في مواجهة "إسرائيل".
وقال سماحته في خطبة الجمعة في مسجد الإمامين الحسنين "لقد أثبت المجاهدون من شباب لبنان في المقاومة أنهم كانوا القادرين بإيمانهم على هزيمة العدو من بين العرب، وأنهم هم الذين يستطيعون بإرادتهم وتجاربهم وخبراتهم أن يكونوا في المستقبل طليعة المواجهة في الانتصار على العدو، وإذا كان اللبنانيون مخلصين لاستقلالهم فإن عليهم أن يقفوا مع المقاومة، ويرفضوا نزع سلاحها، لأنها لا تزال تمثل الحاجة الضرورية لمنع أي عدوان صهيوني على لبنان. لقد وقف العالم العربي والإسلامي بكل أطيافه مع المقاومة، واعتبرها القوة الطليعية التي استطاعت أن تمنح الأمة شرفها وعنفوانها في ساحة المواجهة للعدو الذي هزم أكثر من دولة عربية، وقد رفعوا لبنان ـ بمقاومته ـ راية يستظلون بها ويتشرفون بأن يتقربوا منها، بينما تندفع أطراف من محترفي السياسة في لبنان في تأييد قرارات دولية اتخذت ضمن ظروف معلومة وخدمة لأغراض معلومة الى حد تهديد وحدة البلاد، ملوحين بفيدراليات الطوائف التي تستدعي ـ حكما ـ الحماية الأجنبية للتخلص مما يصورونه "بعبع" المقاومة وصواريخها ورجالها المجاهدين الذين مثلوا خرقا للمعادلات والتقاليد والمفاهيم السائدة على المستوى العربي عموما وفي لبنان خصوصا، بعد سلسلة الهزائم التي مني بها العرب في مواجهة "إسرائيل" مع جيوشهم، وهكذا أسقطت المقاومة صفحة العجز عن المواجهة والهرب منها الى الصلح المنفرد واتفاقات الإذعان". اضاف: "لقد كنا نتصور أن أدنى واجبات الحكومة اللبنانية أن تسجل عيد المقاومة والتحرير عيدا من أعيادها الوطنية الكبرى التي يحتفل بها اللبنانيون جميعا كعطلة رسمية، ولكنها تخاف من الضغط الأميركي الذي يحركه سفير أميركا في لبنان ومندوبوها الموفدون الذين لا يوافقون أن تكون مناسبة هزيمة إسرائيل على يد المقاومة عيدا للاستقلال الحقيقي في البلد. ان المشكلة هي أن بعض اللبنانيين يخافون من أن يضبطوا متلبِّسين بجلباب العزة والقوة أمام إسرائيل، ويتحدثون عن الدبلوماسية، ولكن الجميع يعرف أن الدبلوماسية لا تحقق شيئا إلا إذا كان البلد قويا في موقفه وموقعه، أما الضعفاء فلا يحصلون من الدبلوماسية الدولية على شيء، وهذا ما يتمثل في سلوك المجتمع الدولي ـ ولا سيما الأميركي ـ مع العالم العربي". وختم: "ويبقى للشعب اللبناني أن يكون واعيا للمستقبل في مطالبته للحكومة بالخطة الإصلاحية التي تخطط للإصلاح السياسي والاقتصادي والأمني، وتعمل على تجاوز العجز المالي، وتدرس مواقع الهدر من الجهات التي سيطرت على وظائف الدولة، وتحاسب الذين أثروا على حساب اقتصادها بفسادهم المالي والإداري، ممن كانوا لا يملكون شيئا فأصبحوا من أصحاب الثروات الهائلة، ولا يزالون يسيطرون على مواقع الثروة الشعبية في الدولة من دون أن يحاسبهم أحد.إننا بحاجة الى مقاومة مخلصة أمينة في الداخل ضد الذين يكذبون ويخدعون ويفتنون ويفسدون في الأرض باسم الصلاح والإصلاح والتغيير، وضد الفقر والجوع والحرمان والوصاية الأجنبية، تماما كما هي المقاومة الأمينة المخلصة التي حررت البلد من الاحتلال".
وتابع السيد فضل الله قائلاً "في الكونغرس الأميركي ـ بمجلسيه وتمام أعضائه ـ حفلة تصفيق غير مسبوقة، ولـ18 مرة، احتفاءاً برئيس حكومة العدو الذي لا يحظى بمثل هذا التكريم حتى في الكنيست الإسرائيلي، بعد استقبال الرئيس الأميركي ووزيرة خارجيته بحفاوة كبيرة، مع بعض الكلمات المتصلة بالحل السياسي مع الفلسطينيين بطريقة خجولة، الأمر الذي يوحي للعالم العربي والإسلامي بأن أميركا-بوسطها السياسي كله ـ خاضعة لـ"إسرائيل"، لا سيما بعد أن صوت مجلس النواب الأميركي بمنع المساعدات عن الشعب الفلسطيني، لأنه يرى في هذا الشعب شعباً إرهابياً لا بد من تجويعه وحرمانه حتى الموت لمصلحة الشعب اليهودي.
إن هذا الموقف من الكونغرس الأميركي كان بمثابة إشارة الى أن انتخابات التجديد النصفي للكونغرس المقرر إجراؤها في الخريف المقبل قد اتخذت شكل اللهاث خلف الصوت اليهودي المؤثر، وخلف تمويل المؤسسات اليهودية النافذة، في الوقت الذي لا يمثل فيه الصوت العربي والإسلامي الأميركي أية قيمة في المستقبل السياسي في أميركا، بل إننا سمعنا أصواتا عربية ولبنانية تمنح تأييدها وتكريمها للمندوب الأميركي في مجلس الأمن، الذي صرح المندوب الإسرائيلي في هذا المجلس عنه أنه العضو السادس في بعثة "إسرائيل"، من خلال دعمه للقضايا الصهيونية في المجلس، مما يبعث على التساؤل عن إرسال وفد نيابي من فريق 14 آذار لتأكيد هذا التكريم". اضاف: "ولا يزال الموقف الأميركي, ومعه الأوروبي, يدعم المجازر الإسرائيلية اليومية ضد الشعب الفلسطيني، فلا يخلو يوم واحد من سقوط أكثر من شهيد أو جريح أو معتقل، أو تدمير أكثر من موقع من قبل الجيش الصهيوني، من دون أية إدانة أميركية أو أوروبية أو حتى عربية.. ولكن هؤلاء يفرضون على الحكومة الفلسطينية وعلى السلطة أيضا الخضوع للشروط الإسرائيلية، واعتبار القضية في الصراع الفلسطيني ـ الصهيوني قضية أمنية وليست سياسية، ولا يجدون في المستوطنات والجدار العنصري الفاصل أية مخالفة للقرارات الدولية".
"وتبقى إيران في ملفها النووي السلمي خطرا على العالم ـ بما فيه أوروبا ـ في حسابات أميركا، في محاولة للايحاء بأنها تقوم بعملية ردع ضد إيران لحماية أوروبا والعالم، في الوقت الذي يعرف فيه الجميع بأن أميركا و"إسرائيل" هما الخطر على منطقة الشرق الأوسط كله من خلال ما يملكان من القوة التدميرية ومن خطط الحرب الاستباقية. وتحدث عن الوضع في العراق وقال:" أما العراق، فقد استطاع تأليف حكومته المنتخبة التي أحاطت بها التحديات الداخلية والخارجية من كل مكان، وحاصرتها وسائل الاحتلال التي لا تريد له أن يأخذ بأسباب القوة لأنه لا يريد الانسحاب منه حتى استكمال خططه الاستراتيجية، هذا بالإضافة الى المجازر اليومية التي تفتك بالمدنيين في مساجدهم وأسواقهم وأماكن عملهم من قبل هؤلاء الذين لا يملكون أي معنى للانسانية، فيخربون بلادهم بأيديهم وأيدي المحتلين.. إننا ندعو الشعب العراقي أن يجد في حكومة الوحدة الوطنية الأساس للوحدة وللقوة التي تنفتح به على الحرية والسيادة والاستقلال".
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018