ارشيف من : 2005-2008
ماذا قالت رايس في لبنان؟
يبدو أن للبنان مكانة خاصة لدى الادارة الاميركية ولدى وزيرة خارجيتها كوندوليزا رايس لتقطع الاخيرة زيارتها الى الاراضي المحتلة وتأتي الى بيروت مباغتة الكثيرين خصوصاً ولبنان على ابواب اعلان البيان الوزاري. وإذا كان موعد الزيارة مجهولاً فإن أهدافها ودوافعها كانت واضحة للجميع وأكدتها رايس في ما بعد خلال لقائها المسؤولين اللبنانيين من خلال مجموعة العناوين التي أثارتها والتي بدا القصد منها تعديل بنود جدول أعمال اللجنة الوزارية الخاصة بصياغة البيان الوزاري. فوزيرة الخارجية الاميركية حذرت القيادات اللبنانية بحسب المعلومات الصحفية من "مغبة اهمال القرار 1559" كما انها ابدت "خشية من ان يكون هناك أي توافق على ادراج صيغة هجومية او انتقادية يفهم منها ان لبنان لا يريد تطبيق بقية بنود القرار". وقالت صحيفة "السفير" "علم ان المناقشات التي تلت زيارة رايس على مستويات عدة، اثمرت توافقاً على تثبيت الاقتراحات الاولية الخاصة بتناول هذا العنوان في البيان الوزاري من خلال "تجاهل القرار وعدم تناوله لا سلباً ولا ايجاباً".
وعقدت رايس، وهي أرفع مسؤول اميركي يزور لبنان منذ زيارة وزير الخارجية السابق كولن باول عام 2003 عدة لقاءات مع الرؤساء الثلاثة إضافة الى النائبين ميشال عون وسعد الحريري بعدما قامت بزيارة ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وفيما شارك السفير اللبناني في واشنطن فريد عبود في محادثات رايس مع الرئيسين لحود وبري، غاب عن محادثاتها في قصر قريطم والسراي الكبير.
وركزت رايس على الإصلاح الديموقراطي والاقتصادي وحثت على الحوار الداخلي لمعالجة مسألة تنفيذ القرار 1559 مع تأكيدها على رغبة المجتمع الدولي بضرورة تنفيذه، متمنية على لحود دعم الحكومة الجديدة في كل خطواتها. وهي تحدثت بإسهاب عن القرار في اجتماعاتها مع الرؤساء لحود وبري والسنيورة والنائب الحريري.
وتطرقت رايس الى العلاقات بين لبنان وسوريا مشددة على أن لبنان يجب أن يتصرف بحرية أكبر وان لا يرضخ لما وصفته بالضغوط السورية الناجمة عن تدخلات قائمة بصور مختلفة، واوردت ما يجري على الحدود ضمن هذه الضغوط وقالت ان بلادها سوف تساعد على معالجة هذا الامر.
ودخلت رايس في حوار مع رئيس مجلس النواب نبيه بري حول ملف "حزب الله"، مكررة موقف بلادها الرافض للاعتراف او للتعامل مع الحزب بوصفه "تنظيما ارهابياً" وقالت انه يشكل خطراً ويجب نزع سلاحه باعتباره ميليشيا. ورد بري بتكرار الحديث عن الفصل الكامل الذي يجريه لبنان بين نظرته الى الحزب كمقاومة لها مشروعيتها السياسية والشعبية من النواحي كافة وبين الميليشيات التي لم تعد موجودة في لبنان. وقال بري انه يجب على المجتمع الدولي الالتفات الى ان لبنان لم يواجه مرة في تاريخه قرارات الشرعية الدولية ولكن هناك من يرفض تطبيق هذه القرارات وهي "اسرائيل" التي تحظى بدعم الولايات المتحدة، وان في لبنان ديموقراطية سابقة على قيام "اسرائيل" نفسها ولا يمكن اعتبار لبنان بلداً منتقصاً للديموقراطية.
وفي بعبدا، تمنى الرئيس لحود على رايس مساعدة المجتمع الدولي للبنان في كشف جرائم الاغتيال والتفجير عبر تقديم المعلومات المناسبة التي تؤدي الى كشفها ومنع تكرارها، خاصة أن التجربة أثبتت وجود قدرة معلوماتية كبيرة لدى بعض الدول الصديقة في كشف جرائم التفجير التي حصلت على اراضيها وأخرها في بريطانيا. وقال انه اذا كان مطلوبا من لبنان النجاح في خطوات الاصلاح السياسي والاقتصادي فان الامر يتطلب استقرارا امنيا تاما وهذا لا يمكنه ان يوفره بنفسه بامكاناته المتواضعة.
وفهم ان العماد عون تطرق مع رايس الالتفات الى الخصوصية التي تتحكم بالواقع اللبناني وان التطرف الذي يقوم من هذه الجهة او تلك لايمكن ان يؤدي الى شيء ايجابي وان هناك توازناً قائماً على مستوى الطوائف وان العلاج لا يتم الا من خلال اعتماد مواطنية حقيقية وكاملة.
أما عون فخرج من الاجتماع مع رايس مرتاحاً، ونفى المقربون منه ان يكون قد ناقش مع الوزيرة الاميركية ملف القرار 1559.
ورايس التي لم تدل بأي تصريح سوى بعد لقائها رئيس الحكومة فؤاد السنيورة شددت على "تمسك الولايات المتحدة بتطبيق القرار 1559 كاملاً"، وقالت ان القرار الدولي، "لا يعني فقط انسحاب الجيش السوري، ولكن ايضا الاستخبارات السورية من لبنان، ونأمل ان نرى يوما علاقات جوار سليمة وصحيحة بين لبنان وسوريا مستندة الى الاحترام المتبادل والمساواة، ولكن بالطبع الجيران الجيدون لا يقفلون حدودهم امام جيرانهم".
بدوره، قال السنيورة "ان لبنان لا يستطيع ان يقول انه لا يريد تطبيق القرارات الدولية، بل يقول ان القرار 1559 قرار يمثل الشرعية الدولية، ونحن من جهة ثانية نقول ان الاقسام الباقية منه والتي لم تطبق بعد، سيصار إلى خلق حوار داخلي بين اللبنانيين بشأنها، وهذه هي الطريقة الصحيحة للحفاظ على وحدة اللبنانيين وعلى توصلهم كمجموعة واحدة الى القرارت التي يرتأونها، وانا اعتقد ان ما تحقق في هذا الشأن امر جيد".
زيارة رايس إلى لبنان فاجأت الكثيرين إلا أنها بدت ملحة بالنسبة للإدارة الأميركية قبيل إعلان بيان وزاري قلما يهمها ماذا سيتضمن من نقاط اصلاحية ومكافحة فساد إذ أن تركيزها ينصب على "نزع سلاح المقاومة" بأي شكل من الأشكال سواء برضا اللبنانيين أو بعدمه.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018