ارشيف من : 2005-2008
آية الله فضل الله: نريد ان يكون قرار لبنان غير خاضع لأي وصاية دولية
قال آية الله محمد حسين فضل الله "إننا نريد للبنان الجديد أن يكون لبنان الحرية الذي يحتضن الأحرار، وأن يكون لبنان القرار المستقل الذي لا يخضع لأية وصاية دولية ولأية ضغوط أميركية أو أوروبية، في إضعاف موقعه في عملية صناعة القوة في خط التحرير، وعلينا أن نتذكر العهد الاستقلالي الأول أن لا يكون لبنان ممراً ولا مقراً للاستعمار وللنفوذ الدولي، بل يبقى وطناً للحرية وواحة للاشعاع الروحي والفكري. معتبراً أن هذه هي رسالة الشعب اللبناني الى كل الذين يتنازعون في الحصول على الجبنة، في عملية تقاسم على مائدة الأطماع الذاتية والحزبية والطائفية".
ووصف السيد فضل الله في خطبة الجمعة التي القاها من على منبر الإمامين الحسنين (ع) "المشهد اللبناني الذي يخضع للتفجيرات المتنوعة التي تخلط الأوراق، وتصادر الكثير من التحليلات السياسية والأمنية في خلفياتها التي يتحرك بها السوق السياسي في عمليات التجاذب، وتتتابع ملامح الصورة في تعطيل الدولة المثقلة بالمشاكل الاقتصادية والمالية والأمنية، من خلال الصراع على الحصص لهذه الكتل أو تلك، من أجل مواقع الطوائف وامتيازات زعاماتها في طموحاتها المستقبلة، وفي لعبة النسب في حسابات الثلث هنا والثلثين هناك، بعيدا عن البرامج الإصلاحية التي يتمثل فيها الوعد بالمستقبل القادم، بالإضافة الى التدخلات الدولية ـ ولا سيما الأميركية ـ التي تريد أن تحرك ضغوطها لأكثر من موقع في المنطقة من خلال لبنان، وفي جانب آخر يراد لعملاء "إسرائيل" أن يأخذوا البراءة من لبنان الجديد، في الوقت الذي كانوا فيه جنودا للدولة العبرية في احتلال وطنهم وفي قتل مواطنيهم".
ومما جاء في الخطبة "ان اليهود، في فلسطين المحتلة، مصرون على تنفيذ خطة استفزاز أمني عدواني، في عملية عقاب جماعي في إغلاق المدن، وإقامة الحواجز، واغتيال الشباب، وقتل الأطفال، واعتقال المجاهدين". وقال: "انه إذا قام الفلسطينيون بالرد على تلك الممارسات، كما حدث في العملية الاستشهادية في ناتانيا، تحركوا للمناداة بالثبور وعظائم الأمور في الشكوى من الإرهاب، كما يسمونه، وتحركت أميركا وأوروبا والأمم المتحدة لإصدار بيانات الاستنكار، من دون أي موقف احتجاجي على العدوان الإسرائيلي الوحشي، وخصوصا في عزل القدس من خلال جدار الفصل مما يؤدي الى عزل 55 ألف مقدسي بسبب ذلك، في الوقت الذي استطاع العدو إقناع العالم المستكبر بأن الانسحاب من غزة هو التطور السياسي الذي لا بد أن يلاقي الدعم، بما فيه الدعم المالي في مطالبته أميركا بدفع ملياري دولار لتغطية مصاريف الانسحاب، وينال التأييد العالمي في الوقت الذي يخطط فيه للاستيلاء على الضفة الغربية والقدس من خلال المستوطنات الكبرى والجدار الفاصل، بما يعطل مشروع أية دولة فلسطينية قابلة للحياة مما يبشر به بوش، الذي لم يتحرك خطوة واحدة في تحقيقها في الواقع من خلال الضغط على "إسرائيل"، بل إنه ـ بالعكس من ذلك ـ أعطى الشرعية لضم المستوطنات الكبرى الى الدولة العبرية، وألغى حق العودة للفلسطينيين، وأبقى المشروع الإسرائيلي المتحرك للجدار الفاصل، وتابع الضغط على الفلسطينيين باتهام الفصائل بالإرهاب، ولم يمنح السلطة الفلسطينية إلا الكلمات المعسولة التي لا معنى لها". واضاف: "تبقى الدول العربية ـ ومعها أكثر الدول الإسلامية ـ في خطة انسحاب من القضية الفلسطينية، بسبب الخضوع للضغط الأميركي الذي يرتجف منه الحكام من المحيط الى الخليج، ولا حديث لهم إلا عن الإرهاب، الذي صرح رئيس وزراء بريطانيا بأن بقاء المشكلة الفلسطينية هي إحدى الأسباب في استمراره وخطورته". وحيا العلامة فضل الله "صمود الشعب الفلسطيني، الذي لم يخضع للضغط الإسرائيلي والدولي، ولم يخدع بالتحركات العربية لتطويقه، ونريد له أن يبقى في خط الوحدة الداخلية وأن يحافظ عليها، وأن لا يستدرج الى ما تريده أميركا وإسرائيل من الوقوع في فخ المشاكل الداخلية، كما نريد له أن يبقى محافظا على نهج المقاومة، لأنه الخط الوحيد الذي يحفظ للقضية امتدادها واستمرارها في نهاية المطاف، وإبقاء المأزق السياسي والأمني للعدو وحلفائه، من أجل تحقيق الانتصار النهائي في التحرير للشعب الفلسطيني". الوضع العراقي وتناول الوضع في العراق فقال: "اأما العراق، فلا يزال يعيش المأساة الدامية بأفظع صورها، بفعل التداعيات الوحشية التي صنعها مناخ الاحتلال، حيث ينتقل من مجزرة الى مجزرة، وقد شهدت بغداد مجزرة جديدة مروعة كان ضحاياها من الأطفال، إذ قتل 33 منهم وجرح أكثر من 30 بسيارة مفخخة قادها انتحاري وحشي مجنون، بالإضافة الى العشرات من القتلى والجرحى من المدنيين في أكثر من موقع في العراق، من خلال الفئات التكفيرية الحاقدة التي تستهدف المسلمين الشيعة في كثير من البلدان، مستغلة شعار المقاومة من دون أي معنى، لأن المقاومة هي التي تواجه قوات الاحتلال لا المدنيين الأبرياء، وهي التي تهدف الى تحرير البلد لا الى قتل المواطنين تحت تأثير حقد طائفي مذهبي في ذهنية متخلفة لا تفهم القيمة الإسلامية ولا الوطنية، بل إنها تساهم في إبقاء الفوضى الأمنية التي تحقق للعدو الفرصة للابقاء طويلا على احتلاله، وتمنع بناء الجيش العراقي وقوات الأمن الداخلي ليكون البديل عن قوات المحتل". ورأى "ان هذا المشهد الوحشي لا يدانيه مشهد مماثل إلا ذلك الذي تمثل في قصف الطائرات الأميركية للأعراس والتجمعات المدنية الشعبية في القرى الأفغانية، وقتلهم للأطفال والنساء والشيوخ بدم بارد، وهذا مما يؤكد أن ثمة شراكة في الوحشية والقتل بين مدرسة الإرهاب الأميركية ومدرسة الإرهاب التكفيرية". وقال: "إننا من موقعنا الإسلامي ندين الإرهاب بكل أنواعه في البلاد الإسلامية وفي كل بلاد العالم، ولذلك أنكرنا ما حدث من التفجيرات في بريطانيا، لأن الإرهاب في الاعتداء على المدنيين لا يمثل أية قيمة إسلامية، بل هو ضد الإسلام، الذي يؤكد احترام الشعوب الإسلامية، لأن الإسلام يحترم الإنسان كله". ورحب العلامة فضل الله بما ورد في خطاب رئيس الوزراء البريطاني لجهة تبرئة الإسلام كدين، والمسلمين كأمة، ودعوته البريطانيين وغيرهم أن لا يحملوا المسلمين المقيمين في الغرب مسؤولية ما قام به الإرهابيون من التفجيرات الوحشية. وقال "ان تحليل رئيس وزراء بريطانيا للارهاب ودعوته الى معالجته بمعالجة جذوره، كالفقر والحرمان وأزمة الشرق الأوسط، يدل على وعي للمسألة بشكل جيد، ونأمل أن يتعلم الرئيس بوش هذا الدرس من حليفه البريطاني".
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018