ارشيف من : 2005-2008
شهادات لأسرى محررين "للتذكير فقط لعلها تنفع الذكرى": دعوات العفو عن العملاء مستهجنة وطرح مشبوه يشجع على الخيانة
عرض أسرى محررون وعائلات مفقودين وشهداء شهاداتهم عن التعذيب الجسدي والنفسي الذي تعرضوا له على أيدي قوات الاحتلال الاسرائيلية وعملائها، بدءا من معتقل انصار الى معتقل الخيام ومراكز التحقيق الاسرائيلية الاخرى، "للتذكير فقط لعله تنفع الذكرى"، وذلك في لقاء اعلامي نظمته لجنة المتابعة لدعم قضية المعتقلين اللبنانيين في السجون الاسرائيلية في دار نقابة الصحافة.
بداية، النشيد الوطني، ثم القى عضو نقابة الصحافة فؤاد الحركة كلمة ذكر فيها بـ"حالة الغضب والاحباط التي تجتاح المنطقة العربية".
وقال: "ان مئات الصور التي نراها يوميا على شاشات التلفزة وصفحات الجرائد والدماء الذكية والطاهرة التي تتدفق على امتداد الوطن العربي لشهداء ابرياء من الاطفال والنساء والشيوخ وابطال المقاومة في العراق والانتفاضة في فلسطين. كلها صور تحمل المزيد من الالم والحزن والكآبة. ولا شك ان حالة الغضب الاتي تتصاعد كل يوم ضد واقع ثقيل محبط قد وصلت الى اعلى واخطر درجات الغليان. انه العجب العجاب، ورغم كل ذلك ما زلنا نسمع احاديث طويلة عن قضايا السلام والارهاب، وامامنا كل يوم ما يؤكد ان السلام حلم مستحيل ان يتحقق بوجود المجرم والارهابي شارون المدعوم من بوش الاميركي الحاقد اللئيم".
وتحدث عن "معاناة الاسرى والمعتقلين في السجون الاسرائيلية شتى انواع التعذيب الجسدي بمختلف الوسائل المحرمة دوليا والتي تتنافى وابسط مبادىء السلام وحقوق الانسان. ورأى" ان حالة الصمت الدولي والعربي غير المبرر تثير الاستفهام حول دور المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان". الاسير المحرر عبد الحميد
وادلى الاسير المحرر حسيب عبد الحميد بشهادة تختصر يوميات اعتقاله في زنازين العدو الاسرائيلي، مستغربا "الدعوة التي اطلقها البعض للعفو عن عملائه، وقال: "هي دعوة مستهجنة ونادرة في تاريخ العالم، لان خونة الاوطان والمتعاملين مع العدو يحاكمون ويعاقبون، اما تزيين هذه الدعوة بالعفو كجزء من المصالحة الوطنية، فهو طرح مشبوه وتشجيع على العمالة وخيانة الاوطان ومساواة بين المقاوم الذي دافع عن سيادة وطنه واستقلاله وبين اولئك القتلة الساقطين المنحرفين الذين نكلوا بأجساد الشهداء واقاموا المقابر الجماعية السرية في الجنوب".
واضاف: "نحن مع عودة الاطفال والنساء، ومعالجة قضيتهم الاجتماعية واعادة تأهيلهم لاننا حريصون عليهم ولا نريدهم ان يترعرعوا في كنف الاحتلال، وتنشق افكاره. لا نريد ان ينشأ من هؤلاء جيشا في المستقبل تستخدمه "اسرائيل" للتخريب في لبنان والمنطقة. نحن مع المعالجة الوطنية والموضوعية لهذا الملف بعيدا عن ردات الفعل الثأرية، ولكن كبار الجلادين ومرتكبي المجازر يجب ان يعودوا ولكن الى المحاكمة، كل حسب جريمته وما ارتكبت يداه، وفرزهم الى فئات ودراسة كل حالة على حدة وعدم افلاتهم من العقاب مهما كانت درجة العمالة، وذلك من اجل المستقبل والاجيال المقبلة. فلا عفو ولا مسامحة مع عملاء الاحتلال خونة الوطن ومرتكبي المجازر".
واعتبر "ان الذي شجع على الدعوة للعفو عن العملاء هو اولا الاحكام المخففة التي صدرت بحقهم بعد التحرير، وتسابق البعض لاحتضان العملاء لاسباب انتخابية وسياسية، اضافة الى قانون العفو الذي اقره المجلس النيابي شجع على مثل هذه الدعوات المشينة".
وطالب عبد الحميد بـ"إعادة النظر بالاحكام التي صدرت بحق العملاء سابقا لا سيما ان بينهم عدد من العملاء الملطخة أيديهم بدماء الاسرى والمقاومين، بعضهم ما زال في سجن رومية وبعضهم افرج عنه وكوفيء بوظائف رسمية في الدولة، بينما الاسرى المحررين ما زالوا يتسولون على اعتاب الوزارات".
ورأى "ان كل دعوة للعفو عن العملاء هي طعنة لنضال الاسرى ولصمود عميدهم المناضل سمير القنطار ورفاقه الذي يجب ان تكون قضية تحريره القضية الوطنية الاولى".
وحذر اخيرا من "ثورة الاسرى والمقاومين وانتفاضة الشهداء من قبورهم".
الاسير المحرر الخالد
كما روى الاسير المحرر عمر الخالد، وهو شقيق الشهيد يحيى والمحرر وليد، شهادة معاناته وعائلته على ايدي الاحتلال الاسرائيلي وعملائه في معتقل الخيام، وقال: "ان شهادتي عن التعذيب وما تعرضت له وعائلتي على يد "اسرائيل" وعملائها لن استطيع التعبير عنه في اسطر قليلة، مورست علينا طيلة اعوام كثيرة ونحن تحت الاحتلال، فمن اعتقال شقيقي الكبير وليد الخالد لعدة سنوات وتعذيبه والتنكيل بكل افراد العائلة الى استشهاد اخي الثاني يحيى الخالد والذي سجيت جثته وجثث رفاقه الخمسة امام عدسات الكاميرا في بلدة حاصبيا على ايدي عملاء الاحتلال، الى اعتقالي عدة مرات وطرد العائلة الى خارج المناطق المحتلة وابعادهم عن بلدتنا كفرحمام.
سأروي بعض مشاهد التعذيب التي تعرضت لها داخل المعتقل لاربع سنوات من العام 1988 وحتى العام 1991، فعندما اعتقلت لم اكن قد تجاوزت السادسة عشرة من عمري، عندما اقتادوني من داخل مدرسة كفرشوبا الرسمية الى معتقل الخيام. في اللحظات الاولى لاعتقالي كانوا يعذبون ابنة عمي الاسيرة المحررة راغدة الخالد، يجلدونها ويضربونها بالكرابيج ناهيكم عن السباب والشتائم. ابقوني ليومين في العراء مكبل اليدين والكيس في رأسي والعصبة محزومة على عيني، لا اسمع سوى الصراخ والتعذيب والتهديد بالقتل والاغتصاب. وبعدها توالت حفلات التعذيب علي، فمن الماء البارد والساخن الى الكهرباء والكرباج والمصارعة الحرة، الى التعليق على العامود والزنزانة الضيقة الرطبة المعتمة، الى قلة الطعام والعطش والتهديد باعتقال كل افراد العائلة حتى انهم مارسوا علي التعذيب النفسي بابلاغي باستشهاد احد اخوتي المقاومين. سنوات طويلة لم نذق طعم الراحة، كل يوم اسلوب جديد في التعذيب وامتهان للكرامة الانسانية".
وأضاف: "لكنني اود اليوم وانا مازلت اعاني من اثار التعذيب في معتقل الخيام، اتعرض اليوم مع زملائي الاسرى المحررين الى نوع جديد من التعذيب واقسى مما عانيناه في معتقل الخيام عندما نسمع بعض الاصوات وهي تنادي بالصفح والعفو عن اولئك الجلادين المجرمين الذين تسببوا بكل الجرائم والفظائع. نعم انه تعذيب جديد لنا. انه اهانة للكرامة الوطنية وقد تسبب طرحهم هذا بضرر نفسي ومعنوي لكل وطني ومقاوم شريف". ماذا اقول لأمي؟
وسأل الخالد: "ماذا سأقول لامي التي شاهدت على شاشة التلفزيون جثة ابنها يحيى التي مازالت "اسرائيل" وعملائها يحتفظون بها مع عشرات الجثث، وهي تتعرض للتشويه والتنكيل والسحب في شوارع حاصبيا ومرجعيون على ايدي مجموعة من العملاء وعلى راسهم العميل المجرم منصور بدوي الموجود الان في سجن رومية؟. الم يقدم طرحهم العفو عن العملاء اراحة نفسية ورضاء النفس لهذا لاالعميل ولغيره الموجودين في لبنان او الفارين الى دولة الاحتلال؟. انقول لأم هذا الشهيد ولغيرها التي طالما تباهت وافتخرت بانها قدمت ابنها من اجل تحرير الوطن وسيادة لبنان واستقلاله، ان ابنك كان مارقا فقتل ولم يستشهد، فاخجلوا يا أبطال العفو من دموع الامهات ومن دماء الشهداء". هرباوي
وسألت شقيقة الاسير المفقود احمد هرباوي: "من ذا يعطينا التعريف الجديد لما يسمى وطنا او وطنية؟ من ذا ينسينا زمنا طويلا من الفهم الخاطىء للدفاع عن الارض والناس"؟
وقالت: "ادركنا الآن اننا تهورنا كثيرا في فهمنا للمقاومة. تهورنا في اخلاصنا للارض. في حماية الناس حتى الموت. فنستميح عذرا شديدا من كل الوطنيين الحقيقيين الذين يطالبون بالعفو عن العملاء الذين استظلوا بكنف الاحتلال الاسرائيلي ولم يرضوا العيش على ارضهم من دونه بل تخلوا عن الارض والهوية والتحقوا بذيوله الخائبة عندما رحل. نحن الذين نظن انه من العار اصلا ان يطرح قانون العفو عن العملاء في مجلس النواب للتصويت عليه سلبا او ايجابا".
واشارت الى "انه علينا: اولا ان نعيد حساباتنا ومفاهيمنا وثوابتنا ازاء الوطن والوطنية.
ثانيا علينا ان نبحث في الصيغة التي تجعل ضحايا العملاء من معتقلين وشهداء وامهات ومذلولين على المعابر ومبعدين ينسون ما فعله بهم هذا العميل الذي ندعوه للعودة والعيش سويا في القرية الواحدة التي شهدت طرقاتها انتظارهم الطويل على المداخل للسماح لهم بالدخول اليها او مصادرته املاكهم ظلما او تمثيله بجثة مقاوم امام امه".
وقالت:" ان استطاعت ضحاياهم النسيان فليرجعوا. ان استطاعت ارض الجنوب النسيان فليرجعوا. ان استطاعت جدران المعتقلات ان تنسى جلسات التحقيق والتعذيب على ايدي العملاء فليرجعوا". بلوط
وسرد عصام بلوط شهادة عن شقيقه الاسير المفقود حسن الذي اختطفه عملاء "اسرائيل"، العميل طوني فارس الفار الى دولة الاحتلال وطوني نهرا وذلك في رمضان 1984 من بلدتنا كفرملكي وامام اعين اهالي البلدة.
وقال:" وضعوه في صندوق السيارة بعد ان اطلقوا النار على ساقيه واخذوه الى جهة مجهولة ما زلنا حتى الان لا نعرف مصيره، وكل ما نعرفه ان خاطفه العميل طوني فارس موجود في"اسرائيل"، وسجله كما عرفنا حافل بعمليات الخطف والقتل والتعذيب. فخطف شقيقي عصام وعدم معرفة مصيره انعكس بشكل مأساوي على عائلتنا. فكيف اقبل، ومصير اخي ما يزال مجهولا، بمجرد التكلم عن العفو عن العملاء امثال طوني فارس وغيره من العملاء. كيف يجرؤ الذين يدعون الى العفو عن العملاء واخواننا معتقلون ومفقودون وربما بعضهم في مقابر جماعية سرية في جنوبنا الطاهر".
ودعا بإسم كافة اهالي المفقودين الى رفع الصوت عاليا ضد هذه الفضيحة التي عنوانها العفو عن العملاء "لاسباب انسانية كما يروج بعضهم".
وسأل: هل الانسانية تطبق على الخونة والعملاء امثال طوني فارس واحمد شبلي وغيرهم من الذين اختاروا العمالة طوعا وتحجب عن الشرفاء والمواطنين الذين تمسكوا بأرضهم ووطنهم؟
وختم:"نحن مع عودة كل مواطن فار الى "اسرائيل" الى وطنه وخصوصا الاطفال والنساء، ولكن العملاء يجب ان يعودوا الى القضاء ليأخذوا عقابهم كما تنص القوانين، عبر محاكمات حقيقية ومساءلتهم عن اخواننا لمعرفة مصيرهم، فإذا كانوا احياء نريدهم واذا كانوا موتى فليخبرونا عن المقابر التي دفنوهم فيها".
الاسير المحرر غادر
وأسف الاسير المحرر محمد غادر "ان تثار قضية العفو عن العملاء تحت قبة البرلمان اللبناني، هذا البرلمان الذي يجب ان ينطق باسم الشعب اللبناني، وان يحمل قضايا الناس المحقة ومنهم قضية الاسرى والمعتقلين والمحررين في سجون الاحتلال".
وتساءل: "من هم هؤلاء العملاء الذين يراد لهم العفو؟، هل تعلمون من هم الذين ليس لهم دين ولا مذهب ولا طائفة؟. هؤلاء المجرمين الذين ارتكبوا ابشع جرائم الانسانية، هل تعلمون كم من بيوت دخلوا عليها وبعثروا محتوياتها؟، هل تعلمون كم عذبوا مواطنين آمنين في ديارهم؟، هل تعلمون كم انتهكوا حرمة المساجد والكنائس وادخلوا عليها الكلاب ودنسوها؟، وهل تعلمون انهم انتهكوا اعراض الناس؟.
وقال: "الكلام يطول وحدث ولا حرج، قولوا لنا هل يستحقون العفو؟ لا . لا. نحن الذين تعذبنا وتلوعنا وحرمنا من النور والشمس، نحن نعرف ما يستحق هؤلاء المجرمين القتلة، ونقولها بالفم الملآن، لن نسمح لهم بالدخول على ارضنا التي ارتوت بدماء شهدائنا الابرار، ولو كان على اجسادنا، مهما طالت الايام وتحولت الظروف".
ودعا غادر النيابة العامة الى "التحرك ضد هؤلاء الذين ارتكبوا المجازر، هؤلاء الخونة، منهم من دخل الى فلسطين المحتلة ومنهم من لجأ الى بعض دول العالم مثل كندا، موجها الشكر الى النيابة العامة الكندية التي اتت الى لبنان وسألت الكثير من الاسرى المحررين عن هؤلاء العملاء الذين تعذبنا على ايديهم في معتقلات العدو الاسرائيلي وعملائه".
وقال: "لن نسكت عن هؤلاء العملاء، سوف نلاحقهم في كل محاكم العالم وعلى كل ارجاء المعمورة، ولو صدر بحقهم العفو او لم يصدر".
الاسير المحرر عليق
وسأل الاسير المحرر عليق ان كان التسامح يبني الوطن فكيف بنا ان نجعل اللص حاكما والمجرم قاضيا؟ لكنني لم ار ذلك سوى مصالح خاصة لكم ايها الحكام. لكننا نحن الشرفاء نأبى الظلم والظالمين ونرفض الاجرام والمجرمين كأننا لا نثق بهم ولن نطمئن اليهم لانهم شاركوا في قتلنا وفي تعذيبنا في المعتقل وباعوا اخوتهم في هذا الوطن بحفنة من الدولارات، فأي وطن يريدون"؟
الاسير المحرر حمود
وتناول الاسير المحرر حمود في شهادته "الالم والعذاب والمهانة الذي تعرض له في المعتقل.
وقال:" ..وما زالت الى هذه اللحظة حيث تم اعتقالي على يد العملاء في بلدتي واستعملوا معي شتى انواع التعذيب التي يعجز اللسان عن وصفها ولكن علاماتها واضحة على جسدي ومحفورة في قلبي. لقد تم لف يداي بكيس من الليف وسكبوا عليها مادة البنزين ومن ثم حرقها، فسقطت على الارض من شدة الالم وعندها لم اعد اعلم من اين يأتيني الضرب وذلك عبر ركلي بالارجل والسلك الكهربائي المجدول ومن ثم سكب الماء البارد على جسدي، فكنت اصحو حينا ويغمى علي حينا آخر. وكان التعذيب يستمر لساعات متواصلة، وفي اليوم الثاني وضعوا على قدمي كرسي من الحديد الحاد ووقف عليها احد العملاء وهو يزن اكثر من 120 كلغ حتى خرقت من الجهة الثانية، وتم ايضا سحب اظافر يداي وقدماي بـ"البانسة"، وكل يوم بعد منتصف الليل كنا نصحو على اطفاء السجائر في مختلف انحاء اجسادنا وهذا غيض من فيض، ناهيك عن الممارسات الشنيعة التي اعجز عن ذكرها امامكم و(فهمكم كفاية)".
وحمل حمود الدولة والوزراء والنواب مسؤولية كبيرة جدا، اذا اقدموا على اصدار اعفو عن العملاء، "بل يجب عليهم المطالبة باستردادهم للمحاكمة وانزال اشد العقوبات عليهم ومصادرة اموالهم المنقولة وغير المنقولة ومصادرة منازلهم واراضيهم التي حصلوا عليها مقابل دم الشهداء وعذاب الاسرى". وختم: "نحن الاسرى الذين فقدنا اجزاء من اجسادنا، حيث انني الان عاجز عن رفع 5 كلغ بسبب الكسور في اضلاعي، فقط الوحيدون الذين نشعر بمدى الالم والعذاب وخصوصا اننا عاجزين عن تأمين وظيفة لمساعدة واعالة ابناءنا".
الاسير المحرر محمد
وحذر الاسير المحرر محمد السيد علي محمد من "عودة الغدر والخيانة والعمالة لهذا البلد"، وطالب بطرد العملاء والمطالبين بهم "لانهم منهم، حتى يستتب الامن والطمأنينة والسلام في البلد ولتستأصل كل الادران الموبوءة منه".
الاسير المحرر حمدان
وقال الاسير المحرر موسى حمدان: "انا عملت مع المقاومة وناضلت في صفوفها، لاقيت المصير الاسود. تعذبت اولا في المعتقل حتى اصبحت شهيدا حيا. ولم يكن هذا فحسب مما لاقيته بعده. اصبحت وحدي بلا سند او جهة احملها معاناتي. لم اجد احدا سوى زوجتي التي تحملت معاناتي طيلة هذه السنوات وانا عاجز، واولادي الذين يعيلوني وابنتي التي تضطر لبيع العطر في البيوت حتى تصرف على اهلها بدل ان اتحمل انا هذه المسؤولية. لم اجد سوى اللجنة تقف الى جانبي، وتتحمل مصاريف اولادي في المدارس. لم اجد حزبا او جهة او دولة. من هم العملاء؟ انا حتى الان لم اقبض تعويضي. جسدي الذي لا يدل الا على معذب بوحشية، لا يعترفون بي على اني معوق. نحن العملاء؟ اصبحنا نحن العملاء؟ الجميع يضحك علينا".
الدكتور عياش
وتحدث الطبيب النفسي الدكتور احمد عياش عن الآثار النفسية التي يواجهها الاسرى المحررون وعائلات الشهداء والمفقودين بعد المطالبة بالعفو عن "جلاديهم "، وقال: "بعد الخيبة والشعور بالثأر الممنوع ولاحباط الفردي والجماعي والاحساس المستتر بالتخلف المهني والاجتماعي عن رعب التطور الطبيعي للمجتمع جاءت الدعوة الدونكيشوئية لتخبرنا ان العدو وهم وسراب، واننا ما حاربنا يوما غير الطواحين. الدعوة الدونكيشوئية للعفو عن العملاء الفارين والذين صار اسمهم اليوم لاجئين لقضية انسانية في "اسرائيل" المجاورة لبلادنا جاءت لتنزع وسام البطولة عن روح الاسر المحرر ولتعلن له ان كل ما يملكه من تراث معنوي فردي يفتر به او مدعاة افتخار مجتمعه مهدد بالزول ..ارباك يضاف اليه شعور عدم توازن فكري وعقائدي المسلمات والثوابت التي ناضل من اجلها دون منة لاحد لتشعره انه كان في حلم بطولة وامنية انتصار وان الحقيقة والواقع وهم وان اعداء اليوم اصدقاء الغد واعداء الامس اصدقاء لم يتعرف على وجههم الانساني .. تلك الدعوات جعلت الاسير يغرق في بحيرة افكاره الراكدة في الاعماق والمليئة بالوجع وكأنها تبغي عذاب الضمير. تلك الدعوات جعلته يغرق من جديد في ظلمة زنزانته مع فارق وحيد ان الظلمة كانت مبعث صمود وبطولة اما الآن فهي مبعث اشمئزاز واحباط. والاخطر من كله ذلك مبعث اسئلة لئيمة فهل كل ما اقترفه المناضل كان تهورا وغباء ووقتا ضائعا؟
وكالات ـ"الوطنية"
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018