ارشيف من : 2005-2008
آية الله فضل الله: الهم الكبير للجماعات المؤيدة للقرار 1559 نزع سلاح المقاومة
ألقى آية الله السيد محمد حسين فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور حشد من الشخصيات الدينية والسياسية والاجتماعية، وجمهور غفير من المؤمنين, ومما جاء في الخطبة السياسية وتحديداً في ما يخص لبنان: "إننا نلاحظ في فيدرالية الطوائف التي أنتجتها الانتخابات، أن تأليف الحكومة يخضع للمحاصصة بين الطوائف، فكل طائفة تطالب بوزارات تتناسب مع حجمها تماماً كما لو كانت الوزارة حالة طائفية تتحرك في مصالح هذه الطائفة أو تلك، أو هذه الزعامة أو تلك.أما حجم الوطن وطبيعة البرنامج الإصلاحي أو التغييري في حل مشكلة الفقراء والمحرومين، أو قضية الاحتلال للأرض، أو حركة التنمية للمناطق المحرومة، أو تحرير البلاد من الوصاية الأجنبية الدولية، فهو أمر ليس موضع الاهتمام للكثيرين في النادي السياسي، بل الهم الكبير لبعض الجماعة المؤيدة للقرار 1559 هو نزع سلاح المقاومة، لأن "إسرائيل" ـ بنظرهم ـ لا تمثل خطراً على لبنان بل القضية ـ عندهم ـ هي أن لا يكون لبنان خطراً على العدوان الإسرائيلي. والسؤال: هل هذا هو لبنان الحرية والسيادة والاستقلال الذي يراد له أن ينزع سلاح المقاومة لا سلاح "إسرائيل"؟".
وقال السيد فضل الله "في فلسطين تتسارع الأحداث الخطيرة ضد الشعب الفلسطيني، فهناك المساعي التي يتاجر بها شارون في الانسحاب من مستوطنات غزة، ليقدم الى الرأي العام العالمي، ولا سيما الغربي، صورة إسرائيل ك "دولة ديمقراطية حضارية" من خلال هذا الانسحاب الذي قد يمنح الفلسطينيين بعض الحرية في تقرير مصيرهم، ولكن ليطوق غزة بغلاف خارجي للقطاع وسيطرة على مجاله الجوي، ونشاط عسكري في مجاله البحري، في عملية حصار يحول غزة الى سجن كبير, ليمتد ذلك الى السيطرة على الضفة الغربية من خلال تعزيز التكتلات الاستيطانية الكبرى وتوسعتها من جهة، واستكمال بناء الجدار العنصري الفاصل من أجل تهويد القدس، باعتباره حركة سياسية كما أعلن أخيرا، لا أمنية كما قيل سابقا, هذا بالإضافة الى الممارسات الإسرائيلية في المزيد من الاغتيالات والاعتقالات، والإجراءات الوحشية التعسفية في الضغط على الفلسطينيين أمام الحواجز اليهودية مما يعطل حركتهم في التنقل، في الوقت الذي لم تحرك فيه أميركا ولا أوروبا ساكنا ضد هذه الأعمال اليهودية، ولم تضغط اللجنة الرباعية لتطبيق ما يسمى خريطة الطريق التي وعدت بها، لأن المجتمع الدولي لا يزال يعامل إسرائيل بالمزيد من الرعاية والحماية السياسية بما لا يعامل به الشعب الفلسطيني، كما أن أميركا بالذات لا تزال تغدق على الدولة العبرية المساعدات المالية من أجل تقوية قدرتها العسكرية والاقتصادية، في الوقت الذي لا تقدم فيه للشعب الفلسطيني ولا للسلطة الفلسطينية أية مساعدات مهمة. وفي الوقت نفسه، لا يزال السجال في الداخل الفلسطيني الذي قد يترك أكثر من حالة سلبية على صعيد القضية، بما قد يضعف المقاومة ويربك السلطة، ولا سيما مع التأكيد على الجانب الأمني بعيدا عن الجانب السياسي، وخصوصا مع التوظيف الأميركي لبعض الدول العربية للتدخل في الشأن الفلسطيني، مما يفرض على الشعب الفلسطيني أن يكون واعيا للمرحلة التي تشغلهم بنزاعاتهم بينما يشتغل اليهود بتغيير الخارطة على الأرض". اضاف: "ولا بد للعرب والمسلمين أن يؤكدوا إيمانهم بالقضية التي ترتبط كل أوضاعهم المستقبلية بسلامتها، والوصول بها الى شاطئ السلامة، ولا سيما أن إسرائيل استطاعت أن تحصل على بركة البابا الجديد الذي أعلن مودته الكبيرة حيال إسرائيل، من دون أي اعتراض على احتلالها وممارساتها الوحشية ضد الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يتساءل معه المؤمنون: هل تلتقي إسرائيل بالقيم الروحية للسيد المسيح الذي طرد اللصوص من ساحة الهيكل، وهل يبقى لصوص الأوطان في ساحة القدس؟". ورحب بقرار المؤتمر الإسلامي المنعقد في الأردن "في تأكيده على رفض تكفير المسلمين لبعضهم البعض، واعتبار الحوار الموضوعي العلمي الذي ترد فيه الخلافات الى الله والرسول هوالسبيل القويم للوصول الى النتائج الحاسمة التي تؤكد الأخوة الإسلامية. وفي هذا المناخ، لا بد أن يرفع المسلمون الصوت عاليا ضد الذين يقتلون المدنيين من المسلمين باسم الإسلام على أساس تكفيري، ولا بد من التفرقة بين مقاومة الاحتلال وقتل المسلمين في مساجدهم وأسواقهم ومزاراتهم، تحت تأثير ذهنيات متخلفة لا تملك أي فهم أصيل للاسلام، وهذا ما يحدث في العراق الذي يراد خلق فتنة في أرضه بين المسلمين، من خلال حركة الفعل ورد الفعل مما نحذر العراقيين المسلمين منه، لأنه لن يستفيد من ذلك إلا الاحتلال الذي تسمح له الحرب الأهلية بالبقاء طويلا باسم الدفاع عن الشعب العراقي". اضاف: "وتبقى أميركا تلاحق سوريا وإيران بالاتهامات الباطلة في أكثر من موقع لأنهما لم تخضعا للشروط الأميركية في تأكيد الاحتلال في العراق وأفغانستان وفلسطين، ولأن إيران لا تقدم أية تنازلات حول مشروعها النووي السلمي. أما مؤتمر الدول الثماني المنعقد في اسكتلندا، فإن أميركا لا توافق فيه على مساعدة الدول الإفريقية وإلغاء ديونها إلا بالخضوع للشروط الأميركية السياسية، في الوقت الذي تعيش فيه الشعوب الإفريقية وغيرها الجوع والمرض والحرمان والفوضى الأمنية التي تخلقها صراعات الدول الكبرى على سرقة ثرواتها".
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018