ارشيف من : 2005-2008

من أوراق الجرائد اللبنانية ليوم السبت 2ـ تموز/ يوليو 2005

من أوراق الجرائد اللبنانية ليوم السبت 2ـ تموز/ يوليو 2005

صحيفة السفير: تحت عنوان "أسئلة محطة الانتظار"‏‏

كتب جوزف سماحة‏‏

إذا نجح فؤاد السنيورة المكلف من 126 نائباً بتشكيل حكومة تحوز ثقة 126 نائباً فهذا يعني أن الصراع الذي اندلع الصيف الماضي دخل الصيف الحالي إلى محطة انتظار تسمح للجميع بالتقاط الأنفاس. ولكن بعيداً عن الاستشارات والشروع في عملية التشكيل ثمة أسئلة مقلقة تتناول ما جرى وما قد يستجد.‏‏

أولاً هل نشهد في هذه الأثناء ارتسام التوازنات اللبنانية الجديدة. ثمة قوى حافظت، تقريباً، على مواقعها النيابية السابقة: "حركة أمل"، و"حزب الله"، و"اللقاء الديموقراطي". في المقابل عوّض "تيار المستقبل" عن خسارة قائده الشهيد رفيق الحريري بتوسيع حضوره في البرلمان. وشهدنا الدخول المدوّي للقوى المسيحية التي كانت محجوبة عن الشرعية إلى المجلس النيابي: "التيار الوطني" و"القوات اللبنانية". غير أن اللوحة أكثر تعقيداً من احتساب عدد المقاعد. ف"أمل" و"الحزب" قادمان من معسكر الخاسرين، و"اللقاء الديموقراطي" من موقع المنتصر رغماً عنه، والتعويض عن وزن الشهيد الحريري ليس بسيطاً، والمعطى الجديد في البيئة المسيحية حديث العهد ولم يتعرض إلى أي اختبار. إلا أن الحصيلة ماثلة أمامنا: الرئيس إميل لحود باق، والرئيس نبيه بري عائد. والبحث بات مقتصراً على تنظيم صيغة التعايش في رأس السلطة التنفيذية. ضبط التوازن بين هذه المواقع صعب طبعاً ولكنه ممكن لفترة محدودة. يتوجب انتظار من سيتخذ المبادرة لتعديل الوضع الراهن وفتحه على أفق المواعيد الدستورية القادمة.‏‏

ثانياً هل يجوز لنا الاستنتاج بأن هذه التوازنات لم ترتسم إلا على قاعدة التحييد المسبق لعمل لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري؟ السؤال بالغ الحساسية طبعاً. ولكن، في انتظار الكشف الرسمي عن النتائج، ثمة ما يشير إلى أنه لم يعد أحد يتوقع نتائج دراماتيكية من "كشف الحقيقة". لا مصادرة على عمل اللجنة طبعاً. ولكن يمكن الرهان على أن دول الوصاية والقوى المحلية النافذة ترتب الأوضاع من دون أن تنتظر مفاجأة من النوع الثقيل تعيد نسف الحالة الناشئة. وربما كان ضرورياً أن نلاحظ، مع التحفظ المطلوب، التراجع في نبرة موجهي الاتهامات السابقة، والتصعيد في نبرة رئيس الجمهورية الذي وجد في "الأصوليين"، فضلاً عن إسرائيل، ضالته المنشودة.‏‏

ثالثاً هل الحصيلة التي يرسو الوضع عليها (مؤقتاً؟) تسمح بتدعيم القاعدة القائلة بأن "لبنان لا يُحكم من سوريا ولا يُحكم ضدها"؟ لن يكون ممكناً على الإطلاق استمرار التجاهل المتبادل والتوتر بين بيروت ودمشق. ولعل فؤاد السنيورة خير من يدرك ذلك. غير أن المبادرة إلى اتخاذ الخطوة الأولى، سلباً أو إيجاباً، هي في يد اللبنانيين. ويمكن القول إن الإقدام عليها ينتظر استكمال التحقيقات. ولكن في اليوم التالي للإعلان عنها سيكون على حكومتنا أن توضح ما تنوي فعله.‏‏

رابعاً هل يشهد لبنان المزيد من العمليات الأمنية إذا رست التسوية على ما يبدو أنها متجهة للرسوّ عليه؟ ربما. ولكن هل يمكن، في هذه الحالة، أن تستعاد، ضمن الحكومة هذه المرة، حالة التخندق السابقة؟ كيف ستكون ردود الفعل على الحادث "الأول" بعد "التسوية"؟‏‏

خامساً هل يجب أن نلاحظ اليوم الدرجة العالية من الصمت في تأييد "حزب الله" والمواجهة التي خاضها في الجنوب، أم يجب علينا أن نلاحظ الدرجة العالية من الصمت في استنكار عمله؟ إن "هذه الدرجة العالية" حمّالة أوجه، وأي تفسير نعطيه لها له ما بعده.‏‏

سادساً هل كان النائب السابق فارس سعيد بادر إلى قول ما قاله عن المواجهة لو كان نائباً حالياً ومرشحاً لدخول الحكومة؟ ليس السؤال من باب الاتهام بل من باب الرغبة في التعرّف على مزاج يعبّر عنه سعيد. أضف إلى ذلك أنه من باب السعي إلى معرفة نوع التسويات الذي يرتضي به هذا المزاج من أجل المشاركة مع آخرين. أخيراً انه من باب التدقيق في الوجهة التي سيسلكها معارضون مسيحيون سابقون يعتبرون أن هناك من نجح في تجاوزهم في ربع الساعة الأخير.‏‏

سابعاً هل يمكن، منذ اليوم، وضع معايير لمعرفة مدى نجاح أو فشل الأطراف الأساسيين في مواجهة التحديات المطروحة أمامهم. هذا اقتراح:‏‏

إميل لحود: احترام روح الطائف.‏‏

فؤاد السنيورة: ممارسة السلطة.‏‏

نبيه بري: المشاركة بأفضل من وما لديه.‏‏

"حزب الله": الأداء السلطوي المتميّز والاستخدام العقلاني للقوة العسكرية.‏‏

وليد جنبلاط: اتباع السياسة الآخذة بالاعتبار تجدد الانقسام في الجبل.‏‏

ميشال عون: الممارسة الإصلاحية وأولوية الداخل.‏‏

"القوات اللبنانية": التجاوب الجدي مع المصالحة من دون الخسارة أمام "التيار".‏‏

"قرنة شهوان": الاستمرار.‏‏

وفي صحيفة السفير أيضاً وتحت عنوان :‏‏

مسؤول أوروبي يتوقع صيفاً حاراً في لبنان‏‏

فرنسا لن تجمّد الأرصدة السورية‏‏

كتب سامي كليب‏‏

أعلنت باريس رسميا أمس أنها لن تسير في ركب الولايات المتحدة في تجميد ارصدة بعض المسؤولين السوريين "في الوقت الراهن"، ولكنها أشارت إلى أن الملف اللبناني السوري سيكون احد محاور زيارة وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي الاسبوع المقبل الى واشنطن، مؤكدة دعمها الكامل لحكومة فؤاد السنيورة.‏‏

ويبدو بحسب مصادر فرنسية أن باريس فوجئت بالموقف الاميركي حول الارصدة السورية ذلك أن الامر لم يسبقه أي تنسيق بين الجانبين. لكن الخارجية الفرنسية حرصت امس على القول إن التنسيق قائم، مشيرة الى ان زيارة دوست بلازي ستتطرق إلى مجمل القضايا المطروحة، خصوصا أن التصعيد في منطقة مزارع شبعا أقلق باريس التي نشرت بيانا تدعو فيه حزب الله الى ضبط النفس.‏‏

وفي بروكسل، قال مسؤول في الاتحاد الأوروبي ل"السفير" إن الأوروبيين قلقون من احتمال وقوع انفجارات جديدة في لبنان، خصوصا أن جبهة الجنوب عادت تشتعل "لأغراض سياسية واضحة"، محذرا من أن ذلك يمكن أن يؤدي الى إعادة النظر في طبيعة التعامل مع حزب الله.‏‏

وأضاف المسؤول "من الصعب القول بان الانسحاب السوري العسكري من لبنان قد استكمل، وان ما جرى يمهد لاستقرار قريب، فالطريق لا تزال طويلة والأسرة الدولية التي ترافق لبنان في خطواته السيادية والاقتصادية المقبلة، تدرك أن ثمة أطرافا لا تريد الاستقرار وهي ليست فقط أطرافا لبنانية وسورية".‏‏

وأشار المسؤول نفسه إلى أن "مسألة حزب الله مطروحة منذ ما قبل اعتماد القرار 1559، ولكن الخيارات الأوروبية كانت تصب في خانة حل هذه القضية على مراحل وعدم تصعيد الضغوط على أساس أن الحكومة المقبلة في لبنان‏‏

ستتكفل بالموضوع بدعم دولي، ولكن ما يحصل منذ يومين في منطقة مزارع شبعا، قد يغير من طبيعة التعاطي مع هذا الملف ذلك ان الادارة الاميركية عادت تنصح الأوروبيين بالإفادة من المناخ الحالي واستكمال إزالة الشوائب من الملف اللبناني".‏‏

ويوضح المسؤول أن "وجهة النظر الأميركية الراغبة في إضعاف النظام السوري وتطويقه لم تلاق تجاوبا سوى عند قلة قليلة من الأوروبيين الذين لا يريدون مغامرة غير محسوبة العواقب، ولكن تكرار الاغتيالات وعودة لغة السيارات المفخخة إلى لبنان تدفع إلى الاعتقاد بان المستفيدين منها قد تكون لهم صلات مباشرة او غير مباشرة مع دمشق، من دون أن يكون في ذلك إغفال للإطراف الأخرى، وقد تم إرسال عدد من الرسائل التنبيهية إلى المسؤولين في المنطقة حول ما يجري وذلك من خلال الأمم المتحدة".‏‏

ويتوقع المسؤول أن "تزداد وتيرة التفجيرات وعمليات التخريب في خلال الصيف الحالي في لبنان وذلك لان عددا من الملفات لن تكون من النوع الذي تقبل بعض الأطراف بفتحه، فهناك تبعات التحقيق باغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري واغتيال الصحافي سمير قصير، ثم اغتيال الامين العام السابق للحزب الشيوعي جورج حاوي وهناك مسائل لها علاقة بشبكات إرهابية، إضافة إلى ملف حزب الله، وهذه كلها قضايا من النوع التي قد تقابل بعدد من الخضات الأمنية بغية غض الطرف عنها او تجميدها او ترهيب العاملين بها".‏‏

وعلى غرار معظم التحليلات الأوروبية السابقة، فان المسؤول الأوروبي يفسر التصعيد في منطقة مزارع شبعا بانه "رغبة من حزب الله وداعميه في سوريا وإيران بجر إسرائيل إلى مواجهة تعيد خلط الأوراق في المنطقة، ولذلك فان ثمة نصائح أميركية عاجلة بلغت إلى الجانب الإسرائيلي لضبط النفس ذلك أن قيادات عسكرية إسرائيلية تعتبر ان الوقت مؤات جدا للرد بعمليات واسعة تطال حزب الله وبعض العمق السوري".‏‏

وأما باريس، فهي تنتظر تشكيل حكومة السنيورة والبرنامج الحكومي العتيد بغية المساهمة في مرافقة السنيورة في ورشته المقبلة، فعهد الرئيس جاك شيراك يعتبر ان السنيورة امتداد للحريري وان الوقوف الى جانبه ضرورة في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان.‏‏

وقد لوحظ في البيان الرسمي الصادر عن وزارة الخارجية الفرنسية أمس بشأن الحكومة العتيدة التأكيد على أن الاستعداد الفرنسي والأوروبي للوقوف إلى جانب السنيورة سينطلق من خلال مشروع الاصلاح السياسي والاقتصادي الذي ستطرحه حكومته، ما يعني ان المساعدة ستكون مرتبطة بتأكيد السنيورة على استكمال تطبيق القرار 1559.‏‏

وفي رده على أسئلة الصحافيين بهذا الشأن، أوضح متحدث باسم الخارجية الفرنسية أن "مسألة نزع سلاح الميليشيات ملحوظة في القرار 1559"، مشيرا إلى أن الأمر يجب أن يتم "في الإطار اللبناني آخذا بالاعتبار الواقع السياسي اللبناني بمعنى أن يحصل (نزع سلاح الميليشيات) في سياق مطابق لهذا الواقع وبطريقة تصاعدية".‏‏

ويبدو من خلال بعض المصادر الأوروبية أن استعجال استقدام فريق من الانتربول الدولي للمساهمة في التحقيقات الأمنية في لبنان من شانه رفع مستوى الضغوط على سوريا وعلى بعض الأجهزة اللبنانية السابقة، حيث ينتظر أن يكون هذا التحرك الأميركي المقبل مقدمة لمواقف أميركية قد تصل إلى مرحلة المطالبة بفرض عقوبات مباشرة على دمشق، ولكن مسؤولين أوروبيين يقولون إن تخصيص كل من غازي كنعان ورستم غزالة بالإجراء الأميركي الصادر عن وزارة الخزانة وليس الخارجية يعني أن في الأمر مجرد تحذير على الأقل في الوقت الراهن.‏‏

وفي الشان الفلسطيني في صحيفة السفير أيضاً، كتب حلمي موسى تحت عنوان:‏‏

نفذ خطته جزئياً في حرب 67‏‏

رابين اقترح شن حرب ضد الأردن لطرد الفلسطينيين من الضفة‏‏

اقترح رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق اسحق رابين أثناء عضويته في هيئة الأركان العامة للجيش في العام 1956، شن حرب ضد الأردن لطرد الفلسطينيين من الضفة الغربية. وكشف كتاب رسمي جديد صدر هذا الأسبوع عن دائرة أرشيف الدولة العبرية بعنوان "اسحق رابين، شهادات مختارة عن فصول حياته"، أنه نفذ جزئيا هذه الفكرة في حرب العام 1967.‏‏

ونشرت "هآرتس" أمس، قراءة في الكتاب بقلم المعلق العسكري أمير أورن، أشارت إلى أن رابين طلب من رئيس الحكومة ووزير الدفاع ديفيد بن غوريون ورئيس أركان الجيش، قبيل العدوان الثلاثي على مصر في العام 56، استغلال الحرب ضد الأردن لطرد الفلسطينيين من الضفة.‏‏

وقال رابين وفق هذه الوثائق "أنني أعتقد أن بالإمكان إبعاد غالبيتهم". وشدد رابين أثناء عرض فكرته على "أنه لا ينبغي لنا القول اليوم بطردهم جميعا بشكل كلي, ولكن يمكن القول أنه على وجه العموم يمكن طرد غالبيتهم. ولو أن الأرقام كانت صغيرة لكان الأمر أسهل، ولكن المشكلة في أساسها قابلة للحل. أنها ليست خطوة إنسانية، ولكن الحرب عموما ليست عملا إنسانيا".‏‏

ومن المعروف أن إسرائيل لم تشن الحرب ضد الأردن في تشرين الأول 1956، عندما شنت الحرب على مصر في إطار خطة ثلاثية مع كل من بريطانيا وفرنسا عرفت بالعدوان الثلاثي. واستبقت الحرب بتنفيذ مجزرة كفر قاسم التي ذهب ضحيتها العشرات من القرويين الفلسطينيين العائدين من مزارعهم إلى بيوتهم. ولكن خطة طرد الفلسطينيين من الضفة الغربية تحققت جزئيا في حرب العام 67، عندما كان رابين نفسه رئيسا‏‏

لأركان الجيش الإسرائيلي.‏‏

ويتابع الكتاب، رابين في السنوات الخمس وأربعين الأولى من حياته، ابتداء من طفولته مرورا بخدمته في "القوات الضاربة" للهاغاناه (البلماخ) وحتى نهاية خدمته كرئيس لأركان الجيش بعد حرب العام 67. ومعروف أن رابين عمل في فترة حاسمة من العلاقات الأمنية والعسكرية مع فرنسا، ملحقا عسكريا في السفارة الإسرائيلية في باريس.‏‏

وخلال ثماني سنوات تنقل رابين بين مناصب رفيعة المستوى، من رئاسة شعبة الاستخبارات إلى قيادة الجبهة الشمالية إلى تولي منصب نائب ثم رئيس الأركان. ويتبين من الكتاب أن رابين سعي طوال الوقت للتوجه نحو الصدام العسكري مع سوريا، من اجل إرغام النظام في دمشق على التوقف عن دعمه للعمليات الفدائية الفلسطينية ضد إسرائيل.‏‏

ويكشف الكتاب النقاب عن أنه في حرب العام 67، قال رابين أثناء عرضه تقريرا عما يجري في الضفة أمام اللجنة الوزارية لشؤون الأمن "لقد خلقنا إمكانية تسمح لكل من يريد الفرار أن يفر، من أجل منع وقع قتال ضار. كما لم نرغب في تدمير جسر اللنبي، للسماح بالفرار لمن يريد. وقد أبلغوني أن هناك حالة فرار. وبالإجمال هناك في المنطقة حوالى مليون عربي. ولنفترض أنه سوف يفر من هناك مئة ألف، فإن النزوح ليس شاملا".‏‏

ويتسم نشر هذه الأقوال وغيرها بأهمية خاصة لفهم البعد الترحيلي في العقل العسكري الإسرائيلي وفي الفكر الصهيوني. وليس من الغريب أن تنسب هذه الأقوال لرابين شخصيا، الذي قاد الحملة العسكرية لطرد سكان مدينتي اللد والرملة في حرب العام 48. ومن المؤكد أن رابين كان واحدا من بين قادة ألوية عديدين من الذين نالوا الإذن الشفهي من رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك ديفيد بن غوريون، بتنفيذ واحدة من أكبر عمليات التطهير العرقي. ونفذ قادة الألوية هذه في الشمال والجنوب والوسط عمليات عسكرية ومذابح ترمي لترويع الفلسطينيين ودفعهم إلى ترك منازلهم.‏‏

ولكن رابين الساعي لترحيل الفلسطينيين، كان أيضا بين أول من أيدوا إقامة دولة فلسطينية. ويشير الكتاب إلى أن رابين قال لرئيس الحكومة آنذاك ليفي أشكول أن "الفكرة المطروحة بخصوص إقامة دولة فلسطينية تنطوي على أفضلية إضافية وهي هامش المناورة الوحيد الذي نملكه". وفي هذا الإطار يقول الكتاب أن قضية الدولة الفلسطينية بحثت وأن أشكول قال لرابين أنه "يوما بعد يوم يزداد معارضة للفكرة". ورد رابين عليه قائلا أنه وبسبب عدم تأييده إعلان ضم الأراضي التي احتلت لإسرائيل، فإن هناك خياران: "إعادة هذه الأراضي للملك حسين بشروط معينة تضمن الأمن أو إقامة دولة فلسطينية". وأضاف "أعتقد أنه ليس لدينا من نعيد إليه هذه الأرض الآن".‏‏

تجدر الإشارة إلى أن عضو الكنيست العربي المقرب من حزب العمل سيف الدين الزعبي كان في حينه قد اقترح على أشكول إسقاط النظام الملكي الأردني في عمان وإقامة دولة فلسطينية في ضفتي النهر. ومن الجائز أن هذا النقاش وقع في إطار هذه الفكرة.‏‏

ويبين الكتاب أن رابين عارض بعد حرب العام 67 كل فكرة لإعادة هضبة الجولان إلى سوريا أو شبه جزيرة سيناء إلى مصر حتى لو كان ذلك في مقابل اتفاق سلام.‏‏

وفي احد الاجتماعات الأخيرة لقيادة أركان الجيش الإسرائيلي برئاسته، قال رابين وارييل شارون وغيرهما من قادة الجيش أن "السيطرة الكاملة على جميع المناطق يمكنها أن تضمن الأمن". وقال شارون في تلك الجلسة أن "إبقاء المناطق بانتظار اتفاق يعني أننا نفرض على أنفسنا كارثة".‏‏

ويبين الكتاب مع ذلك رفض رابين استمرار سيطرة إسرائيل على مليون فلسطيني، حيث أن في ذلك خطرا على إسرائيل ويمكن أن تقترب من وضع "شبيه بجنوب أفريقيا".‏‏

وفي صحيفة المستقبل:‏‏

تحت عنوان:أوساط سياسية تقرأ في تحوّل عون إلى المشاركة في الحكومة عوامل محلية وإشارات خارجية‏‏

ثنائية عون ـ "القوات" تدخل الحكم بتأخير 15 عاماً وتخوض أول تجربة "عملية" مع السلم؟‏‏

كتب نصير الأسعد‏‏

في قراءة أولية للتحول في موقف العماد ميشال عون نحو المشاركة في الحكومة بعد أن كان أعلن غداة الانتخابات انه سيمثل المعارضة الجديدة للسلطة التي تشكلها المعارضة السابقة، تعرب أوساط سياسية متابعة عن اعتقادها ان مجموعة عوامل محلية وخارجية فعلت فعلها تأثيراً في هذا التحوّل، وتسجل في هذا الإطار المعطيات الآتية:‏‏

أولاً ـ ترى الأوساط المتابعة ان عون أجرى على الأرجح تقويماً للنتائج بعد أن هدأت "الفورة" الانتخابية، وتبيّن له ان الحجم الذي حققه في الانتخابات، لا سيما على الساحة المسيحية، لن يعني شيئاً كثيراً ما لم تتم ترجمته عملياً وسياسياً، على قاعدة ان من يربح الانتخابات بهذه النسبة لا يمكنه الانكفاء من بعدها ويترك شأن التمثيل المسيحي في السلطة لسواه، لا سيما ان المرحلة الراهنة ـ المقبلة تكتسب طابعاً تأسيسياً بكل معنى الكلمة.‏‏

ثانياً ـ وترى الأوساط ان ثمة عاملاً آخر، هو ان عون الذي حقق بالانتخابات موقعاً مرجعياً في البيئة المسيحية، يحتاج كي يكرّسه الى اعتراف "الآخر" بهذه المرجعية، وهو لا يستطيع أن ينتزع هذا الاعتراف بالانكفاء الى المعارضة، لان الظرف الراهن باتجاه إعادة تشكيل السلطة هو الظرف المناسب لتأكيد الشراكة أو نفيها، وإلا يكون عون كمن يفرّط بما أنجزه.‏‏

عين عون على "القوات"‏‏

ثالثاً ـ وتُبدي الأوساط نفسها اعتقادها ان عين عون خلال الفترة السابقة كانت شاخصة باتجاه المنافس اللدود أي "القوات اللبنانية". صحيح ان "القوات" لم تحصد حجماً تمثيلياً موازياً لحجم التيار العوني، لكن أداءها السياسي الذي تميّز بـ"الهدوء" وبخطاب سياسي ميثاقي، أعطاها موقع الأفضلية عند الشركاء المسلمين، ومن شأن تكريس المسلمين لهذه الأفضلية أن يكرّس "القوات" في موقع وطني ـ أي لبناني عام ـ فيرى عون نفسه عندئذٍ وقد انتقل من الخطاب اللبناني اللاطائفي في مفرداته الى موقع طائفي لا تثمير له لبنانياً، فيما "القوات" تحقق انتقالاً معاكساً.‏‏

إشارة دولية أوحت بالتحوّل؟‏‏

رابعاً ـ بيد ان هذه العوامل ـ المحلية ـ على أهميتها، لا تشكل برأي الأوساط أسباباً كافية لوحدها في هذا التحوّل العوني نحو المشاركة في حكومة ما بعد الانتخابات.‏‏

وترجّح في هذا السياق أن تكون إشارة دولية ما، أميركية أو فرنسية أو أميركية ـ فرنسية، صدرت عزّزت لدى عون خيار التحوّل المشار اليه. وتقول الأوساط ان الإشارة الدولية هي فرضية مبنية على أساس ان للمواقف الدولية تأثيراً كبيراً في المواقف الداخلية، وعلى أساس أن لا تحوّل يمكن أن يحصل في فترة أيام قليلة ما لم يكن وراءه عامل "كبير". وفي هذه الحالة، أي إذا كان ثمة "إيحاء" دولي بالتحوّل المذكور، والذي على الرغم من كونه فرضية، فإن بعض المعطيات والمعلومات تدعمه، يكون السؤال: لماذا هذه الإشارة الدولية؟ وفي الجواب عن هذا السؤال، تطرح الأوساط المتابعة أسئلة في المقابل، وليس تأكيدات جازمة.‏‏

أسئلة افتراضية كثيرة‏‏

1 ـ هل ان لهذا الأمر، أي مشاركة التيار العوني في الحكومة علاقة بالتوجه الى مشاركة "حزب الله" فيها، وبهدف خلق توازن سياسي معيّن؟‏‏

2ـ هل ترغب الجهات الدولية المعنية في أن تحولَ، بوجود التيار العوني في الحكومة، دون التزامها بموقف سلبي من القرار 1559، في ضوء إعلان أطراف المعارضة السابقة والسلطة الجديدة بشكل متكرر ان موضوع المقاومة وسلاحها هو مسألة لبنانية تعالج بالحوار اللبناني الداخلي؟‏‏

3 ـ هل ان الجهات الدولية موافقة ضمناً على أن تكون هذه القضية مرهونة بنتائج الحوار اللبناني وتريد تشكيل توازن هذا الحوار مسبقاً؟ أم ان في الأمر محاولة لنوع من "إقلاق الراحة" في هذه المرحلة؟.‏‏

4 ـ هل ثمة ابتعاد دولي ـ أميركي ـ عن بعض شركاء 14 آذار لا سيما وليد جنبلاط وموارنة الشراكة الوطنية؟.‏‏

5 ـ هل ثمة قناعة دولية في المقابل بالاقتراحات الإصلاحية للعماد عون، تشكل أساساً لدعم مشاركة "التيار" في الحكومة؟.‏‏

عون على تقاطع دولي ـ إقليمي ما؟‏‏

وتؤكد الأوساط ان هذه الأسئلة وغيرها الكثير يمكن طرحه، لكنها تقول انها تنطلق في هذه الأسئلة الافتراضية من ملاحظة ان أي "تدخل" دولي لدى الجنرال عون لم يحصل خلال فترة الانتخابات لـ"ثنيه" عن تحالفاته فيها، على الأقل في الظاهر، لا بل على العكس من ذلك بدا العماد عون بالنسبة إلى الكثيرين "متعاوناً" مع رموز سوريين في لبنان مما يدفع الى سؤال افتراضي آخر: هل ثمة تقاطعٌ ما يمثله عون؟ وهذا السؤال الافتراضي الأخير ينطلق من ملاحظة ان الجنرال كان، رداً على الاتهامات التي وجّهت اليه بالتحالف مع سوريا عبر رموزها في لبنان، يسخر من هذه الاتهامات ولسان حاله يقول "غداً سترون".. أم ان السؤال الافتراضي الكبير يجب أن يكون: هل لانضمام عون الى الحكومة علاقة بمصير رئاسة الجمهورية؟‏‏

15 عاماً من التأخير:‏‏

طرفا الحرب يدخلان السلم‏‏

على أي حال، ان هذه المقدمات ـ الأسئلة تحتاج الى بعض الوقت كي تنجلي الأجوبة عنها. بيد ان "الواقع" القائم الآن والذي يفيد ان "التيار الوطني الحر" سائر نحو المشاركة في الحكومة، إن "لم تَفرط" هذه الواقعة في اللحظة الأخيرة وهذا احتمال يبقى قائماً حتى اللحظة الأخيرة ايضاً، والذي يفيد ان "القوات" ستشارك في الحكومة كذلك... ان هذا الواقع يفرض طرح عدد من الملاحظات الرئيسية:‏‏

أ ـ في رأي الأوساط ان العودة بالتمثيل المسيحي الى ثنائية عون ـ "القوات"، تعني ان المشاركة المعلقة منذ خمسة عشر عاماً لهذين التيارين تتحقق الآن.‏‏

ب ـ ان هذه المشاركة بالتالي تأتي متأخرة خمسة عشر عاماً، أي ان الطرفين اللذين شكلا في مرحلة سابقة ثنائية الحرب عند المسيحيين، يشاركان الآن متأخرين خمسة عشر عاماً عن أطراف الحرب عند المسلمين. وبكلام آخر، ان "زعماء الحرب" عند المسيحيين يبدأون عملياً الآن تجربتهم مع السلم. ذلك ان الطرفين خلال الخمس عشرة سنة الماضية أجبرا على سلوك ممرات قاسية بفعل الإقصاء، مع ان كلاً منهما ولو بتفاوت ـ لمصلحة "القوات" ­ أظهر تعاملاً ايجابياً مع هذا السلم، وبالتالي فإن تجربتهما الأولى مع السلم ومن ضمن السلطة ستكون موضع متابعة مجمل الوسط السياسي واهتمامه.‏‏

مسيحيو "القرنة": تهميش ظرفي واحتياطي دائم‏‏

ج ـ ان العودة الى هذه الثنائية عون ـ "القوات" التي قرّرت فيها الانتخابات من جهة وقرّر فيها المسلمون من جهة ثانية، وساهم فيها العامل الخارجي بمعنى من المعاني من جهة ثالثة، أدت في ما أدت اليه إلى نوع من "التهميش" لجهد عدد كبير من المسيحيين خلال السنوات التي تلت الطائف، لكن بشكل أساسي خلال السنوات الخمس الماضية بعد الانسحاب الإسرائيلي في العام 2005، هذا الجهد الذي تركز على محاولة التعبير بصدق عن توجهات البيئة المسيحية أولاً في ظل الحرص على التواصل الوطني ثانياً واعتبار ان الشراكة المسيحية الإسلامية هي الضمانة ثالثاً وأساساً.‏‏

هذا الجهد الذي بذلته فئة كانت في أساس تشكيل "لقاء قرنة شهوان" حول البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير، هو في العمق جهد لتأسيس شبكة أمان لبنانية، ولا يمكن برأي الأوساط المتابعة أن يذهب هدراً حتى لو هُمّش تمثيل أصحابه. ولذلك فقد تكون أمام هذا الفريق فرصة لـ"التفرّج" على ما يحصل، لا سيما انه سيبقى احتياطياً آمناً فيما لو لم يكتب للتجربة الجارية النجاح.‏‏

التيار العوني يخرج من الشارع‏‏

د ـ وتثير الأوساط نقطة تراها مهمة: ان انتقال التيار العوني الى المشاركة في السلطة يؤدي الى إفقاد العديدين ممن تحلقوا حوله بعد عودة العماد عون الى بيروت القدرة على التلويح بالمعارضة والاعتراض طالما ان "التيار" هو العمود الفقري لمثل هذا المشروع، ويؤدي الى "ابتعاد" التيار عن الشارع لعدم قدرته على "المزاوجة" بين العضوية في الحكومة وبين تحريك الشارع، ويؤدي الى "تناقص" هذه الميزة التفاضلية لديه.‏‏

في ضوء ما تقدم، وأياً تكن العوامل المرجحة في هذا الخيار أو ذاك، تختم الأوساط السياسية المتابعة باعتبار ان هذه التطورات جميعاً مهمة، وان التجربة الجديدة التي تدخلها الحياة السياسية في شقيها الدستوري و"الشعبي" لا بدّ أن تكون موضع متابعة كاملة، ذلك ان ما يحصل اليوم ليس في وجهه الرئيسي سوى "ثمن" لتأخير تطبيق اتفاق الطائف لمدة خمسة عشر عاماً، ولـ"قمع" الحيويات السياسية طوال هذه المدة، إذ أدى كل ذلك الى إعادة الوضع اللبناني الى نقطة البداية.‏‏

وفي صحيفة "صدى البلد" و تحت عنوان : تكليف السنيورة إطاحة للتسوية أو إستعجال مراحل‏‏

كتب طارق ترشيشي‏‏

تثمين الرئيس المكلف تشكيل الحكومة فؤاد السنيورة "الجهد الذي بذله رئيس مجلس الوزراء الاستاذ نجيب ميقاتي وحكومته في انجاز الاستحقاق الانتخابي" فقط من دون الالتفات الى بقية ما انجزته الحكومة الميقاتية, كشف ذلك المستور في "هجمة" المعارضة الى تسمية ميقاتي لتشكيل حكومته قبل ثلاثة أشهر على أثر إعتذار الرئيس عمر كرامي عن تشكيل الحكومة يومذاك أيضاً.‏‏

وهذه "الهجمة" أدت يومها الى فوز الرئيس نجيب ميقاتي على منافسه النائب والوزير السابق عبد الرحيم مراد في الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة، بعدما شعر المعارضون ان وصول مراد الى رئاسة الحكومة قد يغير من قواعد اللعبة او قد يفوت عليهم خططاً وضعوها لخوض انتخابات وتحقيق فوز كاسح فيها يمكنهم من الاستيلاء على السلطة.‏‏

غير ان هذه "الهجمة" أيضاً لم تكن تعني ان تأييد المعارضين لميقاتي ناجم من ايديولوجيا معينة او لأنه ينتمي الى خيارات المعارضة واتجاهاتها, وانما جاءت في ضوء نصيحة دولية لهم بأن ييسروا أمر تشكيل حكومة تجري الانتخابات في مواعيدها من دون ابطاء بما يمكنهم من الفوز بأكثرية المقاعد النيابية وبالتالي الاستيلاء على السلطة. ولذا فإن المستور في "هجمة" المعارضة هذه لم تكن خياراً سياسياً او لأن ميقاتي "يؤيد" خياراتها وتوجهاتها, وانما كانت مناورة للوصول الى إجراء الانتخابات, وقطع الطريق على أي محاولة لتأجيلها لأن المعارضين شعروا يومها ان عامل الوقت بدأ يعمل لغير مصلحتهم فيما هم يريدون الاستفادة من التعاطف الشعبي مع آل الحريري نتيجة جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري لتصفية الحسابات السياسية مع خصومهم "المتورطين" في نظرهم بهذه الجريمة "تدبيراً" او "تقصيراً".‏‏

والواقع ان تولي ميقاتي رئاسة الحكومة كان يومها نتاج ما سمي "التسوية الإقليمية ــ الدولية" التي كان أطرافها الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية وسورية إذ ان هذه الدول اتفقت على أن إجراء الانتخابات النيابية من شأنه ان يوفر قيام حكومة جديدة تنقل لبنان الى مرحلة هادئة ومستقرة.‏‏

وقيل يومذاك ان هذه التسوية الإقليمية ــ الدولية تقضي بأن يبقى ميقاتي في رئاسة الحكومة, بحيث يؤلف حكومة ما بعد الانتخابات على قاعدة ان رئيس كتلة "المستقبل" النائب سعد الدين الحريري الوريث السياسي لوالده لن يرشح نفسه لتولي رئاسة الحكومة إلا بعد كشف الحقيقة في جريمة اغتياله, وان ميقاتي هو الشخصية الأنسب لرئاسة الحكومة في هذه المرحلة الانتقالية كونه على علاقات جيدة مع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية. ولذلك حرص ميقاتي على تشكيل حكومة حيادية لم يترشح هو ولا أي من وزرائها للانتخابات ترجمة لهذه الحيادية وتأكيداً للوقوف على مسافة واحدة من جميع القوى التي تنافست في الاستحقاق الانتخابي.‏‏

ولكن ما ان انتهت الانتخابات, حتى تغيرت وجهة المعارضة التي قبضت على أكثرية المقاعد النيابية طامحة إلى تشكيل حكومة تقبض فيها على ثلثي المقاعد الوزارية, وأول خطوة لها في هذا المجال كانت استبعاد الرئيس ميقاتي عن رئاسة هذه الحكومة, والاتيان بالسنيورة ليتولى تعبيد الطريق أمام النائب الحريري للوصول الى رئاسة الحكومة بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية العماد اميل لحود او بعد كشف الحقيقة في جريمة اغتيال الحريري.‏‏

وثمة من يقول ان استبعاد ميقاتي عن رئاسة الحكومة يكشف أمرين: إما ان مفاعيل التسوية الإقليمية الدولية التي جاءت به الى رئاسة الحكومة المستقيلة قد انتهت، واما ان كتلة المستقبل وحلفاءها قرروا الاتيان برئيس للحكومة من صفوفهم كونهم فازوا بأكثرية المقاعد النيابية ولم يعد لديهم من مصلحة في ان يكون رئيس الحكومة نقطة تلاق بينهم وبين الآخرين. وغالب الظن ان الخيار الأخير هو الذي حتم عليهم تسمية السنيورة لتشكيل الحكومة كونه كان أقرب المقربين للرئيس الراحل وشريكه في تخطيط وتنفيذ كل المشاريع والسياسات التي انتهجتها الحكومات الحريرية الخمس التي شغل في إحداها منصب وزير دولة للشؤون المالية ثم وزير أصيل للمال في البقية.‏‏

لكن أما وقد خرج الرئيس ميقاتي من رئاسة الحكومة فإنه يسجل له انه من القلائل الذين خرجوا من هذا الموقع الرئاسي تاركين بصمات ستكون لها ايجابياتها على المستقبل فهو في خلال العمر القصير جداً لحكومته استطاع ان يرسي بعض المفاهيم السياسية الوطنية التي تقوم على الاعتدال الذي لا قيامة للبنان من دونه بعدما جرّب اللبنانيون التطرف وما خلفه من سلبيات خرّبت كثيراً من نواحي حياتهم السياسية.‏‏

ففي خلال الأشهر الثلاثة التي أمضاها ميقاتي في السلطة, حمل كرة النار وتمكن من احتواء لهيبها ومنعه من الانتشار رغم المخاطر الكبيرة التي تحيق بالبلاد وتجعلها أشبه ببرميل بارود معرض للاشتعال والانفجار في أي لحظة وعند أي هزة.‏‏

وقد كانت تجربته في التعاون مع رئيس الجمهورية العماد اميل لحود "بناءة" باعترافهما اذ حكمها التزام القوانين والأنظمة وحدود الصلاحيات التي ينيطها الدستور بموقعي رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء. اما علاقة ميقاتي بأطراف اللعبة السياسية داخل مجلس الوزراء وخارجه فلم تشوبها أي شائبة, بدليل ان أياً من الأفرقاء لم يبد أي تذمر او انتقاد منه ومن أداء حكومته التي نفذت كل ما التزمته في بيانها الوزاري, بدءاً من إجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها بعيداً عن أي تدخل, رغم ان البعض قد أخذ على وزارة الداخلية تلكؤاً هنا وسوء أداء هناك في ما يتعلق بالشؤون اللوجستية للعمليات الانتخابية. وهذا الأمر يتحمل مسؤوليته الوزير حسن السبع الذي اتهمه البعض بأنه تصرف أحياناً بشيء من الكيدية التي ليست من طبع رئيس حكومته, متأثراً بالبيئة السياسية التي ينتمي اليها والتي فرضت توزيره لدى تشكيل الحكومة ولم يناقشها المعنيون يومها في مشيئتها اذ راعوا شعورها إزاء هول الجريمة الكبرى التي ذهب ضحيتها الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وكانت تعليمات ميقاتي الى وزارة الداخلية وكل المعنيين الرسميين بالانتخابات هي السهر على ان إجراء الانتخابات في أجواء أمنية مستقرة وفي مناخات ديمقراطية يؤمن تكافؤ الفرص في التنافس أمام الجميع.‏‏

2006-10-28