ارشيف من : 2005-2008

خلف القضبان : المجاهدة لينا جربوني .. من بنات الشقاقي

خلف القضبان : المجاهدة لينا جربوني .. من بنات الشقاقي

من الجليل الأعلى تشع الوان الحرية.. من عرابة البطوف تتفجر براكين العطاء .. من فلسطيننا ذات الشواطيء الجميلة تنحدر اسرة عريقة بتاريخها الحافل بالتضحيات.. حياتها مرهونة بالفداء.. افرادها جنود اشداء ..بناتها شقائق الرجال.. في هكذا أجواء ولدت بذرة الإباء وتمثلت بشخصك يا لينا جربوني .. تتطلع من برجها العاجي الموسوم بالشجاعة الى حطام الدنيا وغبار الالتصاق بالمصالح.تتسلح بسيف الجهاد الإسلامي وتخط به مجدا براقا قل ان يجود الزمان بمثله .‏

النشأة‏

ولدت لينا احمد صالح جربوني في عرابة البطوف في العام 1974 لاسرة تضم شقيقا واحدا وشقيقة واحدة .عرفت بحبها للصلاة واداء الفرائض في وقتها .درست في احد المعاهد سكرتارية طبية ولكنها لم توفق في العثور على عمل يجند خبرتها بمؤهلها العلمي الذي تفوقت فيه فاتجهت للعمل في مخيطة لتصبح وفي وقت قصير المراقبة العامة عن العاملات فيها بمهارتها وقدرتها على ادارة الامور .‏

تقول لميس الاخت الكبرى للينا :" تحملت لينا مسؤولية الانفاق على البيت .. كانت تدخل ويدها مثقلة بحاجيات ومتطلبات الأسرة .. رغم انها ليس الكبرى بيننا لكنها ضحت كثيرا من اجلنا" وتضيف:" كأي بنت اخرى تعمل في البلدة تغادرنا صباحا الى عملها الذي ينتهي دوامها منه عصرا لم يكن يظهر عليها اي شيء يثير شبهة انغماسها مع مقاومين من الضفة الغربية".‏

الاعتقال‏

كانت القلوب تعصف بالمرارة وكانت العيون تغرق بالدموع وهي مسمرة اما شاشات التلفزة لتشاهد ذبح اهالي مخيم جنين على مسمع ومرأى العالم اجمع.. وكانت لينا تنفث الغضب بركانا وتعد العدة لرحلة الثأر القادم من جنين وعلى يد استشهاديين من حركة الجهاد الاسلامي .. وسط تكتم وسرية تامة عملت لينا على تهريب هويات اسرائيلية الى جنين ليتم تزوير مثيلاتها لاحكام خطة الاستشهاديين . ولكن امرها قد انكشف بعد اعتقال احد افراد الخلية والعاملين معها .‏

عائلة لينا تصف اعتقالها بقولها :" قنبلة من الحيرة تفجرت في البلدة عندما اقتحمت قوة صهيونية خاصة مع الكلاب البوليسية بيتنا يوم 18/4/2002 في الثانية صباحا وقامت بتفتيش كل ركن فيه وقلب محتوياته وتحطيم أثاثه بحجة البحث عن "حشيش" كما اخبرونا ".‏

تم اعتقال لينا في تلك الليلة وتابع اثنين من أخوالها وهما محاميين قضيتها ليكشفوا ان لينا اعتقلت على خلفية "امنية" بحسب تعبير المخابرات التي احتجزت لينا وحققت مع أهلها فردا فردا من الام المريضة والأب حتى اصغر اخوتها .‏

وعن هذا تتحدث لميس قائلة:" قضت لينا 40 يوما في الزنازين وكان التحقيق معها وحشيا ومنعنا من رؤيتها وحتى جلسات المحاكمة الأولى كنا ممنوعين من متابعتها".‏

بعد اسابيع ثلاثة تم اعتقال لميس واقتيادها الى جهة غير معلومة ورفض الافصاح عن مكان احتجازها والتحقيق معها بوحشية بعد ان نسبت لها نفس التهم المنسوبة لشقيقتها لينا . ثم لم تلبث ان افرج عنها .‏

الام والمصابة بفشل كلوي واجريت لها عدة عمليات جراحية تقول:" اعتقال لينا زاد حالتي سوءا وبت اعاني من عدة امراض من حزني عليها ولكني ورغم ذلك لا الومها بل انا فخورة بها " وتضيف:" حسرتي على فراقها وابتعادها عني يحول حياتي الى كابوس ولكني واثقة ان لينا لا تخطيء بما اختارته لنفسها فهي ذكية واعية وقادرة على التمييز بين الخطأ والصواب"‏

رغم تبرم عائلة لينا من الإجابة على استفسارات تتعلق بانجاز هذا التقرير الا ان كلمات انفلتت رغما عنهم أشارت بوضوح إلى ان الأسرة تلم بتهمة لينا والتي تمحورت في مساعدة الأسير ثابت مرداوي القيادي في حركة الجهاد الإسلامي من جنين بتزوير بطاقات هوية "إسرائيلية" لتسهيل وصول الاستشهاديين الى هدفهم في العمق الصهيوني والبحث عن شقق للايجار ليتحصن فيها الاستشهاديين قبل انطلاقهم نحو اهدافهم ووشت بعض العبارات من اسرة لينا بقدر كبير من الفخر .‏

مجاهدة بالوارثة‏

لينا ليست أول من يعتقل من أسرتها على خلفية المساس بأمن "دولة الكيان العبري" "اسرائيل" فوالدها أسير" امني" سابق وجدها قضى حكما في السجن كأسير سياسي وخالها كان مع المقاومة في لبنان وقد حكم عليه بالسجن لأربعة عشر عاما .. أسرة عريقة ببذلها وعطائها .. فليس عجيبا ان تكون لينا شبلا من ذاك الاسد وقد اخذت الخلفية السياسية للاسرة بعين الاعتبار عن صدور الحكم على لينا ففي جلسة الحكم صدر حكما بسجن لينا جربوني لسبعة عشر عاما ..يقع الخبر على اهلها كالصاعقة ولكنها تقابل الحكم بحمد الله وشكره وتثبت قلب ذويها وتطلب منهم الثبات والصبر بمعنويات محلقة في السماء تتسامى فوق كل الآلام لتطفو شخصية قوية مفعمة بالحيوية والشجاعة على ملامح لينا التي ارتدت الحجاب والتزمت به. وتصبح بأخلاقها وقوة شخصيتها ممثلة أسيرات حركة الجهاد الإسلامي " بنات الشقاقي"‏

في الأسر بعد الأسيرة قاهرة السعدي والمتحدثة بلسانهن.‏

حياة جديدة‏

القضبان الصهيونية لم تنل من عزيمة لينا شيئا بل جندت مواهبها وقدراتها لتحول الاسر الى مدرسة تنهل منه العلم والثقافة . لينا لم تضع وقتها هدرا بل جددت حياتها بانتسابها الى جامعة تل ابيب المفتوحة لتدرس "علم الاجتماع" وتقول لميس شقيقتها:" عندما أزورها تطل من عيونها قوة عجيبة وتبدأ بمواساتي وتبديد حزني عليها بروح مرحة مؤمنه وتباشر بسؤالي عن أدق التفاصيل عن أهلنا وإخوتنا البالغ عددهم 16 أخا وأخت من الأشقاء وغير الأشقاء وأجدني في كثير من الأحيان أتوقف عن الحديث وقد ملأتني الحيرة من معنوياتها فاقول لها:" لينا أتواسينني ؟ من هي الأسيرة انا ام انت؟؟! ."فترد علي بضحكة صافية وتقول انا وقتي مليء بعدة أنشطة حية أطور نفسي ومحنة الأسر تزيدني قوة وليس ضعفا وتعاسة".‏

لينا لم تر والدها منذ اعتقالها فهو ممنوع من زيارتها لأنه أسير سياسي سابق .. وتقوم إدارة سجن تلموند بالتضييق عليها في كثير من الأحيان لانها بنظر الاحتلال الصهيوني مواطنة "اسرائيلية " وقد "خالفت " قانون الدولة المزعومة وتستحق عقابا اقسى ليردع غيرها عن تكرار محاولتها ومشاركتها لفاعلة في مقاومة الاحتلال الصهيوني .‏

عاصفة من الاحتجاج وقعت في الأوساط الصهيونية بعد تسرب قصة لينا جربوني الى وسائل الإعلام وظلت عبارة تتردد على السنة الصهاينة تهاجم فيها رئيس الوزراء السابق الإرهابي شارون وتكيل له اتهامات عديدة بتقصيره في وقف "الزحف" الى العمق الصهيوني من قبل حركة الجهاد الاسلامي وهي:" لقد وصل الجهاد الإسلامي الى بيوتنا وقرانا وتمكن من تجنيد مواطنين عرب يعيشون معنا وزرع خلية ضاربة وعلى أهبة الاستعداد للانقضاض علينا ".‏

في الختام‏

لينا يا من زرعت الرعب لمساحات واسعة في نفوس أعداءنا من الصهاينة.. يا من سطرت بشجاعتك وجهادك ملاحم البطولة .. يا من كنت رأس الحربة في مواجهة بني صهيون .. في وقت عز فيه المساندون وفي وقت ملحمة جنين برزت من لتشقي غبار كيد أعداء الإسلام ونتخري عظام جبروتهم الأجوف وترددي عاليا لا لن ينالوا مرادهم .. وسيزولون قريبا..‏

المصدر: المكتب الاعلامي لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين المحتلة‏

2006-10-28