ارشيف من : 2005-2008

كيف يصوت الناخب الألماني؟

كيف يصوت الناخب الألماني؟

يتوجه الناخبون الألمان اليوم إلى صناديق الإقتراع للإدلاء بأصواتهم من أجل انتخاب برلمان ألماني جديد قبل عام من موعدها المحدد. التحليل التالي يلقي الضوء على آليات عملية الانتخابات وخصوصيتها.‏

تجري الانتخابات الاتحادية للبرلمان الألماني (البوندستاغ) في العادة كل أربع سنوات، ووفقاً للفترة النيابية الحالية كان ينبغي إجراء الانتخابات البرلمانية القادمة في نهاية عام 2006. ولكن الهزيمة التاريخية الساحقة التي مني بها الحزب الإشتراكي الديموقراطي الحاكم في شهر مايو/ايار السابق في انتخابات ولاية شمال الراين ووستفاليا، أكبر الولايات الألمانية والتي تعد معقله الأول، فاجأ المستشار غيرهارد شرودر الناخبين الألمان والمراقبين السياسيين بإعلانه عن نيته إسقاط الثقة عن حكومته من أجل تمهيد الطريق لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة في 18 سبتمبر/ايلول. وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي العام لا تصب في مصلحة الحزب الإشتراكي الحاكم، إلا أن المستشار شرودر، الذي لا يرى بديلا واقعيا لسياسته الإصلاحية، يسعى بذلك إلى تحويل انتخابات اليوم إلى تصويت شعبي على برنامجه الإصلاحي.‏

كيف يصوت الناخب الألماني‏

يخص الدستور الأحزاب السياسية بدور محوري في رسم الخريطة السياسية الألمانية، حيث تنص مادته رقم 21 على "مشاركة الأحزاب الأساسية في تشكيل الإرادة السياسية للشعب". ومن هذا المنطلق يملك كل ناخب ألماني وصل إلى سن الثامنة عشرة صوتين: بواسطة الصوت الأول يختار الناخب مرشحه المباشر في دائرته الإنتخابية، وعلى هذا النحو يتم إنتخاب نصف أعضاء البرلمان، وهنا يكفي حصول كل مرشح على أغلبية نسبية (بسيطة) من أجل الفوز بمقعد في البرلمان القادم. أما الصوت الثاني فهو الأكثر أهمية لأن بواسطته لا يتم إنتخاب النصف الثاني لأعضاء البرلمان فقط، بل إنه يحدد توزيع المقاعد البرلمانية على الأحزاب السياسية وبالتالي قوتها الحقيقية في عملية صناعة القرار السياسي.‏

الصوت الثاني هو الأهم‏

وعلى وجه الدقة يمكن وصف آلية الإنتخابات على النحو التالي: في كل ولاية ألمانية يضع كل حزب سياسي لائحة لمرشحيه الذين يتم إرسال عدد منهم كأعضاء في البرلمان الجديد وفقاً لنسبة الأصوات الثانية التي حصل عليها، وهنا "تذوب" الأصوات الأولى مع الثانية وهذا يعني في النهاية أن الصوت الثاني يحدد عدد المقاعد البرلمانية التي يحظى بها كل حزب سياسي في البرلمان القادم.‏

المقاعد البرلمانية "العالقة"‏

وفي حالات استثنائية يمكن أن يفوز أحد الأحزاب في إحدى الولايات الألمانية عن طريق الصوت الأول بعدد من المقاعد البرلمانية أكبر من نسبة الأصوات الثانية التي فاز بها. ويرى قانون الإنتخابات الألماني في هذا الإطار أن تحتفظ الأحزاب السياسية بهذه المقاعد البرلمانية التي يطلق عليها المقاعد "العالقة"، مما يرفع من عدد المقاعد البرلمانية للأحزاب التي تفوز بها. ويذكر أن هذه المقاعد البرلمانية العالقة ساعدت المسشار شرودر وحليفه حزب الخضر على الحصول على أغلبية برلمانية أهلته للفوز بإنتخابات 2002.‏

حاجز الـ 5% وأولوية الإستقرار السياسي‏

يضع الدستور الألماني عوائق صعبة أمام إجراء انتخابات مبكرة بهدف تحقيق أكبر درجة ممكنة من الاستقرار السياسي والحفاظ على هيبة المستشار الألماني وثبات الركائز الأساسية لآلية صناعة القرار السياسي. وفي هذا الإطار كان وصول النازيين إلى سدة الحكم في عام 1933 بعد استغلالهم لنقاط ضعف نظام جمهورية فايمار، التي كانت أول دولة ديمقراطية في التاريخ الألماني، كان الدافع الذي حدا بواضعي القانون الأساسي إلى سن تشريع يهدف إلى تجنب تكرار أخطاء دستور جمهورية فايمار. هذا التشريع يمنع قوى المعارضة من إسقاط الحكومة الاتحادية، دون أن تكون قادرة على تشكيل إئتلاف حكومي بديل لها ويعطي أولوية خاصة للإستقرار السياسي. وفي هذه الخانة يصب حاجز الـ 5% الذي يقضي بأن يفوز كل حزب سياسي بـ5% من أصوات الناخبين حتى يحصل على حق التمثيل والمشاركة الفاعلة في البرلمان الألماني. ويهدف هذا التشريع إلى الحيلولة دون عرقلة الأحزاب الصغيرة لعملية إتخاذ القرار وتهديد إستقرار النظام السياسي.‏

2006-10-28