ارشيف من : 2005-2008
من اوراق الصحف البريطانية لهذا اليوم الجمعة 26 آب/أغسطس 2005
تنوعت مواضيع شؤون الساعة العربية في الصحف البريطانية من الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وتبعاته داخل الحلبة السياسية الإسرائيلية وآمال السلام وصولا إلى الجدل الدائر في العراق حول مسودة الدستور وحمام الدماء الذي لا يتوقف في هذا البلد.
كما ركزت بعض الصحف على قضايا دولية مثل مئات التعديلات التي يريد مندوب واشنطن الجديد لدى الأمم المتحدة "جون بولتون" إدخالها في طريقة عمل الأمم المتحدة. كما لا تخلو الصحف البريطانية من دق ناقوس الخطر للتنبيه إلى الوباء القادم من شرقي آسية على متن الطيور المصابة بانفلونزا الطيور. كما تعالج الصحف قضايا محلية ودولية أخرى كثيرة.
"العراق على شفا حرب أهلية"
نبدأ من العراق حيث يجمل مراسل "الديلي تليغراف" في بغداد "أوليفر بوول" تحت عنوان" العراق على شفا حرب أهلية" الوضع السياسي هناك في ضوء الخلاف القائم بين ممثلي السنة في االجمعية الوطنية العراقية ( البرلمان)، وممثلي الشيعة والأكراد حول مسودة الدستور.
ويتحدث المراسل عن التأجيل تلو التأجيل والمهلة تلو المهلة التي ما انفكت تمنح منذ نحو عشرة أيام. ويقول إن تفاقم الأزمة قد استفحل باشتعال جبهة جديدة مع قتال شيعي- شيعي كما حصل في الاشتباكات بين "جيش المهدي" ، وهم أنصار الزعيم "مقتدى الصدر"، و "فيلق بدر" ، الجناح العسكري ل "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق"، المدعوم من إيران.
ويتابع المراسل نقل صورة السباق الماراثوني لساسة العراق للتوصل إلى اتفاق يحول دون تحقق ما يخشاه كثيرون من وقوع حرب أهلية في العراق.
ومع إصرار ممثلي الشيعة في البرلمان على أن لا حاجة للبرلمان للتصويت على مسودة الدستور ووجوب طرحه على الاستفتاء في أكتوبر- تشرين الأول ، يرى ممثلو السنة ومنهم "كمال حمدون" أنهم ( أي الشيعة) " يتصرفون وفق قانون القوة بدلا من قوة القانون. " ويدعو ساسة السنة أنصارَهم إلى التصويت ب "لا" ضد الدستور.
متى يتوقف حمام الدماء في العراق؟
ويورد المراسل حادثة تبدو أنها محاولة لصب النار على الزيت لإذكاء لهيب نار تشعل حربا أهلية تلوح بالأفق. وتتمثل تلك الحادثة في العثور على 36 جثة مجهولة الهوية في نهر جنوبي بغداد وقد قتل كل من أصحابها برصاصة في الرأس. وهذه واحدة من عدة حوادث مماثلة في السابق.
ويرى المراسل أن النار ما تزال تضطرم تحت الرماد ويقول أن مليشيا مقتدى الصدر التي "لحقت بها الهزيمة" في النجف على يد القوات الأمريكية قبل فترة والتي سلمت معظم أسلحتها للحكومة ما تزال تحتفظ بترسانة مخيفة من الأسلحة ، كما أظهرت الإشتباكات الأخيرة مع "فيلق بدر"، والتي شملت النجف وامتدت حتى إلى العمارة والبصرة التي تقع تحت السيطرة العسكرية البريطانية.
يوم هادئ في المشرحة
إلى جانب صورة لمدني عراقي يبدو عليه الإحساس بآلام مبرحة بسبب جروح أصيب بها جراء انفجار سيارة ملغومة بينما بدت على وجهه وجبهته آثارٌ خـَطـّتـْها حروقٌ وبقعُ دماء ، ينقل مراسل "الغارديان" "روي كارول" في بغداد صورة قاتمة عن العنف في العراق انطلاقا من مشرحة مستشفى "اليرموك" التي لا تنفك تستقبل الجثث من الضحايا كل يوم.
ويصف المراسل تحت عنوان "يوم هادئ في المشرحة: فقط عشرون جثة"، كيف تكتظ الجثث في المشرحة حتى يضطر المسؤولون إلى وضع قسم منها على الأرض.
ويصف المراسل بصورة مقبضة الأجواء في الداخل وحال أهالي الضحايا الذين يأتون يوميا للتعرف على أحبائهم وأقاربهم بين الضحايا.
وينقل الصحفي عن مدير القسم المسؤول في اليوم الذي زار فيه المشرحة "ناجي شيهان" قوله:" اليوم هناك عشرون قتيلا: ستة ماتوا في حوادث سيارات، والبقية قتلوا بإطلاق الرصاص أو انفجارات. هذا أقل قليلا من المعدل . أعتقد أنه يوم غير عادي".
ولا ينسى المراسل أن يذكرنا بأن مهمة زعماء العراق الذين اجتمعوا من أجل الاتفاق على مسودة الدستور تتمثل في خلق مستقبل تكون فيه هذه الحصيلة من القتلى "على غير العادة".
"بعد غزة شارون لن يفعل شيئا"
هذا هو الرأي الذي توصل إليه كاتب المقالة "كريس ماك غيل" في صحيفة "الغارديان". وهو يرى أن الجدل حول ماذا يجب فعله بعد الانسحاب من قطاع غزة قد يبدأ في إسرائيل قبل بدء العملية ذاتها, وكاتب المقال يرى أنه لو سئل أي سياسي إسرائيلي سواء من اليسار أو اليمين و من دعاة الحرب أو السلام, فإن الإجابة واحدة: "لا شيء".
ويتابع كاتب المقالة بأن موقف شارون الرسمي هو أن الانسحاب من قطاع غزة وبعض مستوطنات الضفة يمهد السبيل لتطبيق "خريطة الطريق" وبالتالي يفضي إلى الحل القائم على وجود دولتين إذا أنهى الفلسطينيون أولا "الإرهاب".
غير أن نية شارون الحقيقية ليست كذلك حسب ما قال "دوف ويسغلاس - أقرب مساعدي شارون- العام الماضي . نية شارون من وراء الإنسحاب كما قال ويسغلاس" هي وضع عملية السلام داخل غاز لا لون له ، لكن ذو رائحة نفاذة".
أما " يوسي بيلين" وهو الوزير اليساري السابق فيؤمن بشكل قاطع أن شارون لن يفعل شيئا بعد الانسحاب . ويقول بيلين إنه يعرف أن شارون لن يفعل شيئا طالما بقي في السلطة لأن شارون نفسه أخبره أنه " لا يؤمن بالسلام ولا يؤمن بأنه بالإمكان صنع السلام..بالتأكيد ليس في المستقبل المنظور.."..لذا فإنني سأتابع ببطء شديد جدا" حسبما ينقل بيلين عن شارون.
وهذا الرأي لا يقتصر على اليسار بل يشمل شخصيات في اليمين فـ"جدعون سار " ممثل الليكود اليميني في الكنيسيت والمعارض الصارخ للإنسحاب من غزة يقول إن "شارون لن يقوم بشي لأنه لا يستطيع أن يتحمل القيام بشيء إذا كان له أن يستعيد السيطرة على الحزب ويبقى في السلطة" ..ويضيف جدعون: " أي شخص يعتقد أن غزة هي أولا فهو مخطئ. إن الأمر يقتصر على غزة فقط".
ويتابع كاتب المقال القول إن عدم القيام بشيء لا يعني أن لا شي يحدث الآن. فبناء الجدار الفاصل متواصل وهو يضع الحدود بين إسرائيل والفلسطينيين كأمر واقع وهذا يجسد ما يدور بِخَـلَد شارون: إبقاء أكبرعدد ممكن من الفلسطينيين في الجانب الآخر وأخذ أكبر مساحة ممكنة من الأرض وضمها إلى إسرائيل.
وهذا ما يخشاه الفلسطينيون الذين يرون أن الإنسحاب وفق خطة شارون لفك الارتباط ما هو إلا غطاء يريد شارون من ورائه تعزيز مواقع مستوطنات الضفة التي تؤوي نحو 400 ألف مستوطن وفرض حدود الدولة الفلسطينية على ما يتبقى من أرض.
ويرى كاتب المقال أنه سواء قام شارون بشيء بعد غزة أو لم يقم بأي شيء فإن عليه أن يناضل من أجل البقاء في السلطة لاسيما مع بروز نجم معارضه في الليكود "بينامين نتنياهو" والذي تعطيه استطلاعات الرأي داخل الليكود أفضلية على شارون قبل الانتخابات العامة المقررة العام المقبل.
وهذا يدفع بعض الساسة الإسرائيليين البارزين مثل حاييم رامون إلى الترويج لنظرية " البيغ بانغ" والتي يفوز فيها نتنياهو بقيادة الليكود بينما يشكل شارون حزبا جديدا من يمين الوسط يضم إليه مؤيدين من الليكود وربما من يمين حزب العمل اليساري الذي يتزعمه شمعون بيريز.
هل تملي مصالح شارون الحزبية عليه ما يجب أو لا يجب فعله في عملية السلام؟
ويختم كاتب المقالة كلامه باقتباس لـ "يوسي بيلين" يرى فيه أن عدم التحرك سياسيا يحمل في طياته أخطارا تتهدد هذا التحرك ذاته.
ويقول بيلين: "إذا لم يكن هناك أفق سياسي فسيندلع العنف في الضفة الغربية، انطلاقا من الضفة الغربية: رسالة( الفلسطينيين) ستكون كالتالي: لقد غادرتم غزة بسبب الإرهاب. لا تريدون التحادث معنا، حسنا سوف نعمل على إرهابكم الآن مرة أخرى ، من الضفة الغربية. إنهم يقولون ذلك. . هذه ليست نبوءة".
القاعدة ستهاجم مدينة آسيوية
على صفحتها الأولى تبرز "الفاينانشيال تايمز" هذا العنوان (أعلاه) بقلم "مارتني أرنولد" عن "جان لويس بروغيير" - أبرز محققي الإرهاب في فرنسا - من باريس.
وفي الخبر أن تنظيم القاعدة يعد العدة لشن هجوم على إحدى المدن التي تشكل مركزا اقتصاديا كبيرا في قارة آسية مثل طوكيو أو سيدني أو سنغافورة. أما الهدف من ذلك فهو إضعاف ثقة المستثمرين بالمنطقة المستهدفة.
ويقول" بروغيير" إن جنوبي شرقي آسية أقل استعدادا للتصدي للهجمات الإرهابية عما هو الحال في الولايات المتحدة وأوربة.
ويردف هذا القاضي ذو السجل النظيف -كما تصف الصحيفة- والذي كان المسؤول عن إلقاء القبض على المئات من المشتبه بعلاقتهم بالإرهاب خلال الـ20 عاما الماضية "إننا نتجاهل بقدر ما قدرة أو رغبة تنظيم القاعدة على زعزعة منطقة جنوبي شرقي آسية".
ويضيف" لدينا بعض المعلومات التي تدفعنا للإعتقاد أن بلدان المنطقة ولاسيما اليابان يمكن أن تكون مستهدفة". كما يقول الخبير الفرنسي أن خطر التعرض لهجمات لا يقتصر على اليابان بل يشمل أيضا سنغافورة وأستراليا.
ويؤكد السياسي الياباني "كاتسو أوكادا" الذي يتزعم "الحزب الديموقراطي المعارض" توقعات الخبير الفرنسي ويقول :" إنها ليست مسألة ما إذا كانت اليابان ستتعرض لهجوم إرهابي أم لا ، بل متى".
الولايات المتحدة في وجه الأمم المتحدة؟
"الإندبندنت" صدرت صفحتها الأولى بعنوان عريض " الولايات المتحدة في وجه الأمم المتحدة". وهناك مقالتان مطولتان تظهران تفاصيل ما يحمله سفير الولايات المتحدة الجديد لدى الأمم المتحدة "جون بولتون" من مقترحات لإدخال تعديلات جذرية في الأمم المتحدة تشمل 750 تعديلا وذلك بعد أقل من ثلاثة أسابيع من تسلمه لمنصبه في الأمم المتحدة.
بولتون يسعى إلى مئات التعديلات في الأمم المتحدة بعد 3 أسابيع فقط من تعيينه
وتعطي "الإنديبندينت" خلفية حول التعيين المثير للجدل لبولتون في منصبه الجديد نزولا عند إصرار الرئيس الأمريكي جورج بوش رغم المعارضة في مجلس الشيوخ الأمريكي، والتي تعود لمواقف بولتون السابقة المعلنة التي تتسم بالعداء للمنظمة الدولية، فضلا عن موقف بولتون من الحرب على العراق، مع ما يمكن لذلك أن يحمله من إلحاق للضرر بصورة الولايات المتحدة أمام العالم ودورها في ساحة الدبلوماسية الدولية.
وفي رأيها التحريري تقول "الإنديبندينت "إن بعض التعديلات التي سيطرحها بولتون قد يكون لها ما يبررها في ضوء الضربات التي تلقتها المنظمة الدولية بسبب قضية الفساد التي طالت برنامج النفط مقابل الغذاء الخاصة بالعراق سابقا، وما تكشف عن انتهاكات جنسية قام بها بعض أفراد قوات حفظ السلام الدولية في إفريقية، فضلا عن وجوب بذل المزيد من الجهود في محاربة الإرهاب.
لكن الصحيفة ترى أن معظم مطالب "بولتون" "يثير الكآبة في النفس إلى حد عميق و يظهر إلى أي مدى أصبحت فيه إدارة الرئيس جورج بوش عقبة في وجه أي عمل دولي فعـّال".
وتسوق الصحيفة مثالا على ذلك رغبة واشنطن في إلغاء أي إشارة إلى "محكمة الجرائم الدوليـة " ، رغم حقيقة أنه لن يكون هناك ما يغني عنها في مقاضاة المستبدين ومرتكبي جرائم القتل الجماعي.
كما تورد الصحيفة معارضة بولتون لصياغة مسودة تقرير يحث الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي على عدم التصويت ضد قرارات تتعلق بجرائم التطهير العرقي أو جرائم الحرب.
وتبرز الصحيفة أيضا معارضة إدارة الرئيس بوش للبنود الخاصة بمسودة اتفاق يؤيد قرارا بتعليق الاختبارات النووية ويدعم "معاهدة الحظر الكامل لإجراء التجارب النووية" كما يعارض بولتون أي شيء في مسودة اتفاق الأمم المتحدة يشير إلى ضرورة القيام بعمل لوقف ظاهرة الاحتباس الحراري.
ولكن الصحيفة تقول إن" أكثر ما يستحق الشجب في اعتراضات السيد بولتون هي تلك المتعلقة بالفقر في العالم. فهو يريد أن تتخلى الدول الغنية عن التعهد الذي قطعته على نفسها بتخصيص 0.7 بالمائة من مجمل دخل المنتوج السنوي لكل منها للإعانات الدولية.
وتختم الصحيفة رأيها التحريري بالقول" إذا كانت الولايات المتحدة جادة في جعل الأمم المتحدة منظمة أكثر كفاءة وأكثر قابلية للمحاسبة ، فحريٌّ أن يكون ذلك على رأس أولويات السيد بولتون. لكن بدلا من العمل الحثيث والحقيقي من أجل الإصلاح نرى تهديدات صبيانية بوقف تمويل الأمم المتحدة ما لم يتم تمرير ما تريده الولايات المتحدة."
انفلونزا الطيور ستصل إلى أوروبا
الخوف من انتشار انفلونزا الطيور ووصولها إلى أوربة من شرقي آسية كان له نصيب في صفحات الصحف البريطانية ولاسيما " الديلي تيليغراف" و"الإنديبيندينت".
فهذه الأخيرة تظهر في إحدى صفحاتها صورة كاريكاتورية لرئيس الوزراء البريطاني "طوني بلير" وهو يجلس على شاطئ جزيرة تظهر فيها بعض أشجار النخيل في الخلفية وهو يعزف على غيتار صغير ويغني أغنية تقول:" أُوو سيد "وو".. هذا كلُّ ما سأفعلُ.. بينما يصاب هناك( في الوطن ) القوم كّلـّهُـمُ.. بانفلونزا الطيور الصينية", وفوق بلير المغني في الصورة ظهر طير وهو يتقيأ فوق رأسه!.
وفي صفحة الأخبار تخصص "الغارديان" نصف صفحة داخلية تبرز سير فيروس انفلونزا الطيور القاتل من شرقي آسية وصولا إلى روسية وكازاخستان عبر الصين ومنغولية وتدق ناقوس الخطر الداهم الذي يتهدد أوربة بما فيها بريطانية.
وتنقل الصحيفة عن رئيس رابطة البيطريين البريطانية قوله "إن انفلونزا الطيور قادمة لا محالة إلى بريطانية ، ورغم أن خطر نقل الطيور البرية لسلالة الفيروس الخطيرة إلى بريطانية خطر محدود لكنه حقيقي."
ويرى" ماك راكين" من رابطة البيطريين البريطانية أن أفضل أمل حاليا -وهو ما تعززه الأدلة -أنه إذا كانت سلالة الفيروس القاتلة (التي يمكن أن تنتقل للبشر )تفتك بالطيور الحاملة له 100% فإن " الفيروس لن ينتقل , بل سينحسر انتشاره لأنه لن تتبقى طيور لتحمله".
وتأتي هذه التصريحات عشية اتفاق خبراء علم البيطرة في الاإتحاد الأوربي على اتخاذ سلسلة من الإجراءات الاحترازية من خطر اانفلونزا الطيور لكنهم لم يصلوا إلى حد دعوة المزارعين ومربي الطيور إلى إبقاء الطيور داخل المنازل كما دعت السلطات في هولندة.
المصدر: موقع BBC العربي من اعداد : توفيـق محمد السـهلي
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018