ارشيف من : 2005-2008
روسيا تستلم رئاسة مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى
بقلم : فلاديمير سيمونوف(*)
من المقرر أن تتكلل قمة مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى التي ستبدأ في السادس من هذا الشهر في منتجع جلينيجلز في اسكتلندا باستلام روسيا رئاسة المجموعة من بريطانيا. وبهذا الشكل فإن قمة المجموعة للعام المقبل ستعقد في ضواحي مدينة سانت بطرسبورغ.
إن روسيا الغنية بمواردها البشرية والطبيعية، والتي تعتبر قوة نووية جبارة مازالت تتخلف عن بقية الدول الأعضاء في المجموعة من حيث معدل دخل الفرد. إلا أن روسيا تستطيع أن تصبح عضوا مؤثرا وضروريا جدا في مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى إذا كان الهدف المركزي لهذه المجموعة يتركز على تعزيز استقرار التنمية الاقتصادية العالمية لكونها لاعبا بارزا في سوق موارد الطاقة العالمية.
وتسعى روسيا في المستقبل القريب إلى الوصول بإنتاجها من النفط إلى مؤشر نصف مليار طن متري سنويا. ومن الجدير بالذكر أن استقرار اقتصاد العديد من البلدان بما فيها جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق والدول الأوروبية والولايات المتحدة (ولو جزئيا) سيكون متعلقا بتوزيع هذه الكمية الكبيرة من النفط.
صحيح أن روسيا بلد يعيش قسم من سكانه تحت حد الفقر حسب الإحصائيات الرسمية على الرغم من تراجع عدد الفقراء من يوم إلى آخر. وربما يحدد هذا الوضع بالذات الدور الخاص الذي تلعبه روسيا في مجموعة الثمانية التي غالبا ما تسمى بنادي الأغنياء. ذلك أن حضور روسيا في هذه المجموعة يكتسب معنى إضافيا لأن من السهل على موسكو، كما عبر عن ذلك الرئيس فلاديمير بوتين، أن تفهم مشاكل الدول ذات الاقتصاد الانتقالي. وتحدد هذه الحقيقة مشاركة روسيا الفعالة في مناقشة أحد المواضيع الرئيسية في قمة جلينيجلز، والمتعلق بكيفية مساعدة أفريقيا، وتخفيف أعباء مديونيتها، وتبني قواعد تجارية أكثر عدلا.
وقد أعرب الرئيس فلاديمير بوتين في لقائه الأخير برئيس الوزراء البريطاني توني بلير عن تأييده لفكرة شطب ديون 18 بلدا أفريقيا. كما اتضح فيما بعد أن موسكو تستطيع أن تفتخر بكرمها الذي أبدته في هذا المجال حيث تحتل روسيا المرتبة الثالثة عالميا بعد اليابان وفرنسا من حيث التنازل عن الديون المستحقة على البلدان الأفريقية.
ومن الجدير بالذكر أن المواطنين الروس يتفهمون جمع روسيا بين دور متلقي المساعدات ودور المانح بالنسبة للقارة الأفريقية. وقد دلت الحفلة الخيرية الكبيرة "Live 8" التي أقيمت في الساحة الحمراء بموسكو في الثاني من الشهر الجاري بمشاركة فنانين مشهورين من روسيا ودول أخرى دعما لبلدان أفريقيا على تأييد المواطنين الروس لمبادرات شطب ديون تلك البلدان. بالطبع، هناك عدد من المواطنين الروس الذين يطرحون السؤال التالي أيضا: "لماذا يتعين علينا أن نتنازل عن ديوننا المستحقة على الدول الأفريقية في الوقت الذي نعاني فيه نحن أيضا من الفقر؟". ومع ذلك يتغلب الرأي الآخر الذي يؤكد على ضرورة مساعدة الشعوب الأفقر.
وقد استفاد الرئيس فلاديمير بوتين المفعم بهذا التأييد الكبير من مناسبة الاحتفال بذكرى مرور 750 عاما على تأسيس مدينة كالينينغراد لكي يقوم بتنسيق موقف مشترك مع نظيره الفرنسي جاك شيراك والمستشار الألماني غيرهارد شرودر اللذين دعيا للمشاركة في الاحتفال، في قمة مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى. وقد أكد الرئيس الروسي في المؤتمر الصحفي الذي عقد في ختام اللقاء الثلاثي مجددا على استعداد روسيا للمساهمة في برامج شطب ديون البلدان الأفريقية.
وهناك موضوع آخر من مواضع قمة جلينيجلز شغل موسكو وبرلين وباريس، وهو الموضوع المتعلق بضرورة مراقبة تنفيذ بروتوكول كيوتو الذي ينظم نفث الغازات المسببة للاحتباس الحراري إلى الجو. وكان الرئيس فلاديمير بوتين قد دعا مرارا إلى ضرورة العمل مع البلدان التي لم تنضم إلى بروتوكول كيوتو، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية. ومازالت واشنطن إلى حد الآن تتذرع في امتناعها عن التوقيع على البروتوكول المذكور بحجج فقدان ملايين فرص العمل، ومئات مليارات الدولارات. كما تشير إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى أن مسألة ارتفاع حرارة المناخ لم تثبت علميا بعد.
ويبدو أن الرئيس فلاديمير بوتين لن يفوت فرصة التحاور مع زعماء البلدان السبعة الآخرين في المجموعة من أجل ضمان مصالح روسيا التي تحتاج إلى الحصول على مساعدة من الدول المتقدمة في تنويع الاقتصاد، والتخلص من تبعيته لتصدير النفط.
ولا بد من القول إن حاجة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى إلى روسيا لا تقل عن حاجة موسكو إلى هذه المجموعة.
(*) معلق وكالة نوفوستي
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018