ارشيف من : 2005-2008

60 عاما لصناعة الصواريخ الروسية

60 عاما لصناعة الصواريخ الروسية

بقلم: أندريه كيسلياكوف (*)‏

في الأيام الأخيرة من ربيع عام 1946 أصدرت القيادة السوفيتية قرارا أذن بميلاد صناعة الصواريخ الوطنية. وكان عنوانه واضحا بجلاء: "قضايا السلاح النفاث".‏

غير أن ليست الأنظمة القتالية هي التي أكسبت روسيا شهرة إحدى القوى القضائية الرائدة في القرنين الـ20 والـ21 بل الصواريخ الحاملة التي نقلت أول قمر صناعي وأول رجل فضاء إلى المدار حول الأرض. وعلى الرغم من الصعوبات المعروفة لا تزال صواريخ "بروتون" و"سويوز" الروسية تعتبر اليوم بعد مرور عشرات السنين أكثر الصواريخ أمانا وإقبالا في العالم.‏

نقدم فيما أدناه أبرز المحطات على الطريق الذي اجتازته الملاحة الفضائية الروسية:‏

- عام 1946: أول صاروخ يتجاوز حدود الغلاف الجوي للأرض – هو الصاروخ الأمريكي الذي بلغ ارتفاع 80 كم. وفي ضوء ذلك يصدر في الاتحاد السوفيتي قرار بتطوير السلاح الصاروخي الوطني. بداية صناعة الصواريخ الفضائية في الاتحاد السوفيتي.‏

- عام 1949: يطلق الاتحاد السوفيتي أول صاروخ جيوفيزيائي ويباشر الدراسة العلمية للاستراتوسفير.‏

- عام 1955: يبدأ إنشاء قاعدة "بايكونور" الفضائية.‏

- عام 1956: تجري في الاتحاد السوفيتي تجربة ناجحة لأول صاروخ بالستي موجه يعمل على الوقود السائل من طراز "ر-5م".‏

- عام 1957: يقوم الاتحاد السوفيتي بإطلاق أول صاروخ بالستي متعدد المراحل عابر للقارات ("ر – 7") وأول قمر صناعي للأرض.‏

- عام 1958: يطلق الاتحاد السوفيتي الى المدار أول مختبر فضائي لدراسة الفضاء الكوني دراسة شاملة.‏

- عام 1959: تبلغ الصواريخ الروسية السرعة الكونية الثانية مما يتيح إيصال المسبر السوفيتي الى سطح القمر والتحليق حول القمر وإطلاق أول قمر صناعي للشمس.‏

- عام 1960: يطلق الاتحاد السوفيتي أول مركبة كونية بدون طيار.‏

- عام 1961: في 12 أبريل يصبح يوري غاغارين أول إنسان يطير الى الفضاء الكوني.‏

- عام 1962: إطلاق أول جهاز قضائي من قاعدة "كابوستين يار" الفضائية. يجري الاتحاد السوفيتي أول تصوير تلفزيوني للغطاء السحبي للأرض والتحليق المتزامن لمركبتين فضائيتين.‏

- عام 1963: يطلق الاتحاد السوفيتي الى المدار أول جهاز قضائي قادر على المناورة وأول مركبة فضائية ذات طاقم متعدد الأفراد.‏

- عام 1965: يخرج رجل الفضاء السوفيتي أليكسي ليونوف لأول مرة إلى الفضاء المكشوف ويطلق الاتحاد السوفيتي أول قمر صناعي للاتصال.‏

- عام 1967: يلتقط الاتحاد السوفيتي أول صورة فضائية ملونة للأرض ويجري أول عملية التحام بين القمرين الصناعيين.‏

- عام 1978: ينجح الاتحاد السوفيتي في صنع واستخدام مركبة كونية شاحنة.‏

- عام 1988: يقوم الاتحاد السوفيتي بالعملية الأولى والأخيرة لإطلاق مركبة "بوران" المتعددة الاستعمال التي نقلها الى الفضاء صاروخ "أنيرجيا" والتي هبطت على الأرض بصورة آلية.‏

هذا وتتلخص المهمات الأساسية الماثلة أمام صناعة الصواريخ الحاملة الروسية في الوقت الراهن في الآتي: تحديث الصواريخ الحاملة الأساسية من طرازي "سويوز" و"بروتون" التي تنفذ حوالي 80 بالمائة من عمليات الإطلاق سنويا وصنع جيل جديد من وسائل الإطلاق الأحادية الاستعمال بالاعتماد على التنميط المدروس للوحدات والمجموعات والمعجلات الصاروخية وإعداد قاعدة تكنولوجية متقدمة لصناعة وسائل النقل المستقبلية بما فيها الأنظمة المتعددة الاستعمال.‏

وتتمثل المتطلبات التي تفرض اليوم على الصواريخ الحاملة المعاصرة في القدرة على التنافس في السوق العالمية لخدمات الإطلاق والمتانة والأمان والنظافة البيئية. ويتطلب الأمر، بالتالي، التحديث الجذري لكامل أسطول الصواريخ الحاملة الوطنية.‏

وخلال فترة أعوام 2000 – 2005 تم إنجاز القسم الأساسي من أعمال تحديث الصواريخ الحاملة الأساسية بهدف زيادة فعالية محركاتها ورفع دقة إيصال الأجهزة الفضائية الى مواقعها المدارية وتخفيض نسبة التأثير الضار في البيئة الطبيعية. وأجريت عمليات إطلاق ناجحة ضمن برنامج تجارب التحليق للصواريخ الحاملة المطورة من طرازات "سويوز – ف.غ." و"سويوز – 2-1" و"بروتون – م" ووحدات التعجيل الجديدة من نوعي "فريغات" و"بريز – م."‏

وأتاحت التجربة التي تكدست لدى خبراء صناعة الصواريخ الفضائية في مجال تحويل الصواريخ القتالية الى حاملات مدنية بالاقتران مع توفر كميات كبيرة من الصواريخ القتالية التي يتم سحبها من الخدمة إمكانية زيادة عدد الصواريخ الحاملة الخفيفة خلال فترة قصيرة من الزمن وبأدنى قدر من التكاليف. ويجرى منذ الآن الاستخدام التجاري لحاملات "دنيبر" المصنوعة على أساس صاروخ "ر.س. – 20" القتالي و"ستريلا" المصنوعة على أساس صاروخ "ر.س. – 19" و"روكوت" المصنوعة على أساس "ر.س. – 18".‏

وتكونت في البلاد حتى أواخر عام 2005 منظومة لوسائل الإطلاق تتكون من 10 طرازات من الصواريخ الحاملة و3 طرازات من وحدات التعجيل. ويتم بواسطتها إطلاق الأجهزة الفضائية إلى المدارات المنخفضة والمتوسطة والعالية الدائرية والإهليلجية الشكل ذات مختلف زوايا الانحناء بالإضافة إلى المدار الثابت بالنسبة للأرض ومدارات الانطلاق نحو أجرام المنظومة الشمسية الأخرى.‏

تتصف الصواريخ الحاملة الروسية بدرجة عالية من الأمان والاقتصادية مما يضمن لها إقبالا ثابتا في السوق العالمية لخدمات الإطلاق. ففي عام 2005 استخدمت الصواريخ الحاملة الروسية في 45 بالمائة (9 عمليات) من مجموع عمليات الإطلاق التجارية الناجحة (20 عملية) في العالم.‏

ويجرى حاليا تطوير وسائل الإطلاق الأحادية الاستعمال من الجيل الجديد في إطار مشروع "أنغارا" وهو مشروع بناء مجمع إطلاق للصواريخ الثقيلة في قاعدة "بليسيتسك" الفضائية الروسية الواقعة في شمال غرب البلاد. وسوف يكفل تشغيل هذا المجمع لروسيا منفذا مستقلا مضمونا الى الفضاء الكوني أثناء تنفيذ المهمات المتعلقة بحماية الأمن القومي. ويعتمد مجمع "أنغارا" على دورة إنتاجية متكاملة باستخدام المكونات الوطنية حصرا ويضم الصواريخ الحاملة من كل الأصناف – الخفيفة والمتوسطة والثقيلة.‏

وبموجب الاتفاقية بين روسيا الاتحادية وجمهورية كازاخستان يجري في قاعدة "بايكونور" الفضائية إنشاء مجمع صاروخي فضائي يسمى "بايتيريك". ومن المفترض أن يستخدم في هذا المجمع صاروخ حامل من نوع "أنغارا – 5" بعد تكييفه مع ظروف "بايكونور". وسوف يحل هذا الصاروخ محل الحاملات الثقيلة من نوع "بروتون". ومن شأن هذا المجمع أن يوسع رقعة التعاون المتكافئ والمتبادل النفع بين روسيا وكازاخستان في مجال البحوث الكونية.‏

ومما يؤكد رغبة روسيا في التعاون مع البلدان الأخرى في هذا المجال انطلاقة مشروع إنشاء مجمع إطلاق صواريخ من طراز "سويوز" في المركز الفضائي في غويانا. ويعد هذا المشروع واحدا من عناصر التعاون الطويل الأمد بين روسيا وأوروبا في مجال الملاحة الكونية.‏

واكتسبت روسيا أيضا خبرة غنية في مجال تطوير أنظمة النقل الفضائي المتعددة الاستعمال. وقد تم في فترة أعوام 1970 – 1988 صنع نظام "أنيرجيا – بوران". ونعيد إلى الأذهان أن تطوير هذا النظام وصل الى مرحلة التحليقات التجريبية التي تضمنت الهبوط الآلي للمركبة الكونية المتعددة الاستعمال على سطح الأرض.‏

ويتمثل أحد الاتجاهات المحورية لإتقان وسائل الإطلاق في اعتماد مبدأ تعدد الاستعمال الذي يتيح تخفيض قيمة نقل الشحنات المفيدة الى الفضاء الكوني بدرجة ملموسة وتوسيع نطاق عمليات النقل وزيادة أمانها كما يضمن النظافة البيئية لعمليات الإطلاق بما في ذلك تقليص أو حتى إزالة المناطق المحظورة الممتدة بمحاذاة خطوط تحليق الصواريخ.‏

ومن المتوقع أن تتخذ وكالة الفضاء الروسية في منتصف العام الجاري القرار النهائي بشأن مشروع بناء نظام النقل الفضائي المتعدد الاستعمال المستقبلي. ومن المرجح أن يقع الخيار على مشروع "كليبر" الذي أعدته مؤسسة "أنيرجيا" لصناعة الصواريخ الفضائية.‏

وقد تم أيضا اختيار الصاروخ الحامل لهذه المركبة هو صاروخ جديد يجري تصميمه في مركز سامارا الفضائي ويطلق عليه "سويوز – 2-3".‏

بعبارة أخرى، العمل مستمر...‏

(*) معلق نوفوستي السياسي‏

2006-10-30