ارشيف من : 2005-2008
الملف النووي الإيراني يمنح فترة راحة
كتب بيوتر غونتشاروف (*)
لقد تم تأجيل اجتماع مجلس الأمن الدولي الذي كان مقررا عقده في يوم الثلاثاء الماضي إلى موعد آخر. وكان من المقرر أن يشهد هذا الاجتماع إصدار بيان للمجلس بشأن البرنامج النووي لإيران.
وإذا انطلقنا من أن النسخة الأولية لهذا البيان تضمنت شروطا مشددة لتعاون الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع إيران مما يعني بدوره تحويل النظر في الملف النووي الإيراني من الوكالة إلى مجلس الأمن (مع احتمال فرض عقوبات على الجانب الإيراني) فإن حقيقة تأجيل الجلسة إلى وقت آخر دون تحديد موعد لها أصبح بمثابة الهدية بالنسبة لإيران بمناسبة عيد نوروز (عيد رأس السنة بالفارسية). ومع ذلك لم يأت هذا القرار مفاجأة بالمرة لأن الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي الذين يملكون حق النقض (الفيتو) اختلفوا في آرائهم حول مصير الملف النووي الإيراني.
لقد تضمنت مسودة بيان مجلس الأمن الدولي حول البرنامج النووي الإيراني والذي أعدته فرنسا وبريطانيا في إطار "ترويكا" الاتحاد الأوروبي موعد أسبوعين لعودة إيران إلى نظام التجميد الكامل لأعمال تخصيب اليورانيوم. وقد توقع الجميع أن تمنح مسودة البيان إيران فترة 30 يوما. وقد أعلنت الولايات المتحدة عن دعمها الكامل لمسودة البيان (إذا لم يكن أصلا قد أعد بضغوط من واشنطن) في حين عارضتها روسيا والصين بطيعة الحال. ولم يتفق مؤيدو الموقف المتشدد من إيران (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا) ومعارضوه (روسيا والصين) في الرأي حول الفترة التي تمنح لإيران لاتخاذ قرار متعلق بتخصيب اليورانيوم، وحول مسألة إخطار مجلس الأمن الدولي.
وقد انطلقت روسيا والصين من منطلق أنه إذا تمت العودة للنظر في الملف النووي الإيراني في إطار مجلس الأمن الدولي فقط فإن ذلك لن يحدث قبل 4 - 6 أسابيع، والأفضل أن يكون بعد الاجتماع القادم لمجلس مديري الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأعلنت روسيا والصين بذلك عن تأييدهما للخطة المعتادة التي يقدم فيها المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريره إلى مجلس الأمن الدولي. وليس من الصعب علينا أن نخمن أن الصيغة الروسية الصينية إذا اتخذت كأساس فإنها تعيد المسألة النووية الإيرانية إلى المجرى الاعتيادي – أي إلى دائرة اختصاص الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالكامل، الأمر الذي تعارضه واشنطن بشدة.
ويبدو أن الوضع الحالي لا مخرج منه كما كان قبل عام ونصف من الآن على الرغم من أن واشنطن تسعى للتظاهر بالتفاؤل. وقد صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس بأن إدارة الرئيس بوش لا تشك في استصدار بيان لرئيس مجلس الأمن الدولي حول المشكلة النووية الإيرانية في نهاية المطاف على الرغم من التعقيدات التي ظهرت في أثناء صياغته. أما مساعدها للشؤون السياسية نيكولاس بيرنز فقد أعرب عن قناعته بأن مهمة استصدار بيان لرئيس مجلس الأمن الدولي حول الملف النووي الإيراني تتطلب أسبوعين. ويبدو أن موقف روسيا والصين الذي يستبعد احتمال تأييدهما للبيان بشكله الحالي لا يعكر عليه صفو أفكاره.
ويتوقع بيرنز أن توافق روسيا والصين على النسخة التي ستكتمل صياغتها للبيان لأن بنوده الرئيسية التي تجري مناقشتها في نيويورك "متطابقة تماما" مع مضمون بيان مجلس مديري الوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر في الرابع من شهر شباط/فبراير 2006 والذي أتخذ بتأييد من موسكو وبكين. أما مندوب الولايات المتحدة الدائم لدى هيئة الأمم المتحدة جون بولتون فقد حاول أن يفهم الآخرين في كلمته التي ألقاها في ختام مشاورات مجموعة "5+1" (الأعضاء الدائمون الخمسة في مجلس الأمن الدولي وألمانيا) حول المشكلة النووية الإيرانية أن واشنطن تستطيع الموافقة على منح طهران مدة شهر للتفكير.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار النبرة القاطعة لتقييم موسكو وبكين لمسودة البيان المذكور والتي لا تقل وضوحا عن عزم واشنطن على استصدار البيان فينبغي علينا أن نفترض أن الملف النووي الإيراني قد منح فترة راحة. وتمتد هذه الفترة لشهر واحد في الوقت الراهن.
(*) المعلق السياسي لوكالة نوفوستي
المصدر: وكالات ـ وكالة "نوفوستي"
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018