ارشيف من : 2005-2008

الحوار ينحصر بالبند الرئاسي.. ولا حسم حتى الآن لمبدأ تغيير لحود

الحوار ينحصر بالبند الرئاسي.. ولا حسم حتى الآن لمبدأ تغيير لحود

الأقلية: الأكثرية أوقعت نفسها بمأزق.. ولسنا جمعية خيرية رئاسية‏

كتب نبيل هيثم‏

ماذا في جولة الحوار اليوم؟‏

الاجواء المحيطة بالمؤتمر الحواري المتواصل في مجلس النواب، لا تعكس ما يوحي بإمكانية تحقيق اختراقات نوعية، بل هي تعكس "جدية بالغة" في الاستمرار في الحوار، والاستغراق في البند الرئاسي دون غيره من البنود، وحتى البت به والانتهاء منه.‏

فالمتحاورون كما تقول مصادر مطلعة على مجريات العملية الحوارية، لن ينتقلوا الى تناول البند المتعلق بسلاح المقاومة المبتوت مصيره اصلا بتأكيد لبنانية مزارع شبعا قبل الانتهاء بشكل كامل من البند الرئاسي، وفي حال لم يتمكن المتحاورون من حسم البند الرئاسي في جولة اليوم، فربما يصار الى عقد جلسة حوار ثانية الخميس المقبل.‏

وبحسب المصادر المذكورة ان لا حسم للبند الرئاسي اليوم، والمناقشات الجارية حول هذا الامر تتطلب مزيدا من الجلسات والمشاورات والكولسات، نظرا للتباين العميق في الموقف والاختلاف الجوهري في قراءة فريق الاكثرية وقراءة فريق الاقلية لمسار ومصير الرئاسة الاولى.‏

وهذا التباين في موقفي الفريقين يدفع الى السؤال عما تحقق من الحوار حتى الآن، وعن مصير الحوار وسط هذه المراوحة السائدة على الطاولة المستديرة.‏

تجيب المصادر انه بمعزل عما تحقق في البنود المتعلقة بالتحقيق الدولي والسلاح الفلسطيني والعلاقات بين لبنان وسوريا، فإن الامور في المسألة الرئاسية ما تزال عند نقطة الصفر، حتى لا يقال انها ما قبل نقطة الصفر، والنقاش الدائر حول هذا الموضوع ما يزال يدور حول "المبدأ". وحتى الآن لم يتم حسم الاتفاق على مبدأ تغيير رئيس الجمهورية، وكل كلام خلافا لهذه الحقيقة ليس في محله على الاطلاق.‏

ما الذي حال او يحول دون تحقيق اختراق او تقدم في الموضوع الرئاسي؟‏

تسود في اجواء فريق الاكثرية قناعة بأن هذا الفريق قدم اقصى ما لديه في الحوار ولانجاح الحوار، سواء في ما خص مزارع شبعا، او في ما خص السلاح الفلسطيني والعلاقات مع سوريا. ويشعر بخيبة امل من الفريق الآخر، الذي لم يعط في البند الرئاسي ما يفترض به ان يعطيه، لتحقيق الغاية المرجوة لجهة ازاحة رئيس الجمهورية وانطلاق عملية التغيير السياسية الحقيقية في البلاد.‏

والامر يختلف تماما لدى فريق الاقلية، الذي تؤكد مصادره ان فريق الاكثرية ألزم نفسه بمجموعة خطوات ووعد جمهوره بجملة انجازات اقلها الاطاحة برئيس الجمهورية، واصطدم بحقيقة تجاهلها منذ اللحظة الاولى لتحركاته المتعددة الوجهات، وهي ان هناك فرقاء آخرين في البلد، لهم موقعهم ودورهم وكلمتهم في الامور المصيرية.‏

وتضيف المصادر المذكورة ان فريق الاكثرية مستعجل الاطاحة باميل لحود، وهذا حقه، ولا يجادله في ذلك احد، وطبعا له اسبابه.. الا انه يتصرف في الحوار وكأن الفريق الآخر "جمعية خيرية رئاسية"، ويتعاطى مع فريق الاقلية على قاعدة "اقيلوا لنا اميل لحود، وشكرا لكم، والله يعطيكم العافية.. اقعدوا على جنب، ونحن نسمي لكم الرئيس...". يريدون الامور ان تتم بهذه البساطة، والاسوأ انهم يعتبون ويلومون الفريق الآخر ويتهمونه بعرقلة التغيير وبأنه يتلقى ايحاءات من هنا وهناك.. وقد سبق لفريق الاكثرية ان مارس ذات القاعدة حينما تحدث عن ان المقاومة قامت بالتحرير والآن انتهى دورها.. وصار لازم تقعد على جنب؟!.. تقول المصادر ان هذا المنطق مرفوض وغير مقبول.‏

وتشير المصادر الى ان فريق الاكثرية دخل في موضوع الاسماء المرشحة لرئاسة الجمهورية منذ ما قبل الحوار، وفي الكولسات الثنائية التي واكبت الجلسات الحوارية او تخللتها او سبقتها.. فهو يوحي في العلن انه ليس متفقا على مرشح واحد حتى الآن، على اعتبار ان من ضمن هذا الفريق اكثر من مرشح، من نواب وغير نواب. الا ان اللافت للانتباه هو ان الكولسات عكست بوضوح تركيز فريق الاكثرية على مرشح معين (نائب سابق)، ويريد للفريق الآخر ان يمشي بهذا المرشح. هذا مع الاشارة الى ملاحظة تم تسجيلها في الكولسات، وهي ان فريق الاكثرية وضع "فيتو" على مجموعة اسماء (ما عدا اسم النائب السابق)، بمجرد ان لمس لدى الفريق الآخر لا ممانعة بالنقاش حولها.‏

تؤكد المصادر ان المسألة الرئاسية شائكة ومعقدة، وتريد الاكثرية من الاقلية حسم موقفها وموافقتها على الاطاحة بالرئيس وبالتالي على من تطرحه لخلافته. وتسأل لقد سبق للرئيس نبيه بري ان قال انه يقف خلف البطريرك الماروني في الموضوع الرئاسي، ومن المعروف لا بل من المؤكد ان للبطريرك الماروني الكلمة الفصل في هذا المجال، فإذا كان البطريرك صفير لم يحسم موقفه في الشأن الرئاسي. او بالاحرى، لم يعلن موقفه الفعلي بشكل واضح وصريح، فكيف والحال هذه ان يطلب الحسم من فريق الاقلية.‏

وبحسب المصادر ان الازمة الكبرى التي ادخل فريق الاكثرية نفسه بها ويتخبط فيها تأتت من جراء السياسة التي اتبعها من البداية وصولا الى تحديد تواريخ متعددة ومتقلبة لاسقاط لحود، يمكن ان يخرج منها بمجرد اقتناعه:‏

بأن فريق الاكثرية ليس كل البلد بل هو جزء من هذا البلد.‏

بالدور الاساسي للشريك الآخر في البلد، وان من يسمون بالاقلية يمتدون على اكبر مساحة شعبية في البلد، اسلامية ومسيحية.‏

بأن فريق الاكثرية لا يملك الاكثرية التعديلية او التغييرية او الانتخابية في مجلس النواب (خصوصا انتخاب رئيس الجمهورية)، وبالتالي ليس في امكانه الاقدام على اية خطوة مجلسية من دون الطرف الآخر، وبموافقة الطرف الآخر، وتحديدا حركة امل وحزب الله والتيار الوطني الحر. يعني ان الامور مهما دارت ، فلا بد في النهاية من التفاهم مع هذا المثلث.‏

بأن الشراكة لا بد منها في مسألة رسم صورة الرئيس الجديد. وأي بحث في الموضوع الرئاسي سواء تم هذا البحث حاليا، او بعد سنة ونصف، يفترض التوافق مع الطرف على المواصفات الرئاسية والخيارات. فما تحتاجه الاكثرية اليوم في هذا المجال.. ستحتاجه غدا وبعد غد وبعد شهر .. وبعد سنة ونصف.. والخلاصة: ليس في الامكان ابدا تجاوز الاقلية.‏

بأن اكثرية ثلثي اعضاء المجلس النيابي التي يجب توفرها لانعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية (86 نائبا) ، لا يمكن ان تتوفر من دون الفريق الآخر. (الاكثرية لا تملك الثلثين: 71 نائبا).‏

بأن لا سبيل دستوريا، ولا شعبيا ، لاقالة رئيس الجمهورية، وبالتالي يفترض ان تأتي المبادرة من خلال استقالة طوعية يقدم عليها الرئيس لحود، ما يوجب الوصول الى تفاهم او توافق مقنع بين الاكثرية والاقلية، يمكن البناء عليه لمحاولة اقناع الرئيس لحود بترك منصبه. وطبعا لا يمكن البناء على اي توافق مستفز، او اي برنامج او خيار او شخص بديل مستفز... ان المواصفات الرئاسية اساسية.‏

بأن اي تغيير لرئيس الجمهورية لن يكون بمعزل عن رأي او دور سوريا.‏

بأنه لا يمكن ابدا تجاهل ميشال عون ودوره في الاستحقاق الرئاسي.‏

في موازاة ذلك، يطرح سؤال: هل يمكن ان يقبل فريق الاقلية رئيسا للجمهورية من فريق الاكثرية، كما هل يمكن لفريق الاكثرية ان يقبل برئيس للجمهورية من فريق الاقلية؟‏

تجيب مصادر معنية قائلة: ان ما يجب ان يتم الاجماع عليه هو رئيس يقبله اللبنانيون، ثم وهنا الاهم، ان الحوار انطلق تحت عنوان "صنع في لبنان" وبالتالي ان اي رئيس للجمهورية يجب ان يكون "صنع في لبنان"..‏

تقول مصادر واسعة الاطلاع: ان الاحداث والتطورات العربية والدولية تؤشر الى ان الموضوع اللبناني ليس اولوية (اقله حاليا).. وليس ما يشير الى استعجال عربي، او رغبة عربية بالدخول على الخط، من باب العلاقات اللبنانية السورية، ما خلا ابداء تمنيات ونصائح بعدم الذهاب الى التصعيد، والحفاظ على الاستقرار الداخلي. ثم ان الموضوع العراقي يطغى على اي ملف آخر، والاولوية لهذا الملف، وبالتالي الوضع اللبناني ذاهب في اتجاه المراوحة. وبناء على ذلك ترى ان لحود باق في موقعه حتى نهاية الولاية (طبعا ما لم تحدث مفاجآت).‏

المصدر: صحافة لبنانية ـ صحيفة السفير 27/3/2006‏

2006-10-30