ارشيف من : 2005-2008

البرادعي : السلطات الإيرانية تتعاون بشكل جيد مع مفتشي الوكالة

البرادعي : السلطات الإيرانية تتعاون بشكل جيد مع مفتشي الوكالة

تعكف الأجهزة المختصة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية حالياً على دراسة مبادرة إيرانية تقدمت به طهران مؤخراً إلى الأمانة العامة تتضمن سلسلة مقترحات لتقديم كافة التسهيلات المطلوبة لانجاح مهمة مفتشي الوكالة وكسر الجمود في المفاوضات مع دول الترويكا الأوروبية، وذلك قبل موعد انعقاد الاجتماع القادم لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المقرر في النصف الثاني من شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. واستناداً إلى مصادر دبلوماسية بمقر الوكالة الذرية فان فريق مفتشي الوكالة برئاسة أولي هاينوني رئيس قسم الضمانات بالوكالة أنهوا جولة جديدة من التفتيش في إيران تركزت على بعض المواقع العسكرية الحساسة في ايران، ولا سيما تلك التي لها علاقة بالبرنامج النووي الإيراني، من بينها موقع بارشين العسكري الذي زاروه في وقت سابق من هذا العام، وإجراء مقابلات مع بعض العلماء والمسؤولين العسكريين وعدد من رجال الأعمال والمواطنين الإيرانيين الذين قد يكون لهم علاقة بهذا البرنامج والحصول على وثائق ومعلومات تتصل بانشطة اثراء اليورانيوم، والعمل على تسوية المسائل التي ما تزال عالقة.‏

وحسب المدير العام للوكالة الدكتور محمد البرادعي أن أعضاء فريق التفتيش عادوا إلى فيينا حيث باشرت الأجهزة المختصة دراسة نتائج الجولة الأخيرة من عملية التفتيش.‏

وبهذه المناسبة أعرب البرادعي عن أمله باستئناف المفاوضات بين دول الترويكا وإيران في اطار محاولة جديدة لتسوية النزاع حول طبيعة البرنامج النووي الإيراني.‏

وقال البرادعي في مؤتمر صحافي عقده في قصر الهوفبورغ بعد انتهاء اجتماعه مع الرئيس النمساوي هاينز فيشر إن السلطات الإيرانية تتعاون بشكل جيد مع مفتشي الوكالة، وأشار إلى أن أطراف ثالثة دخلت على خط الجهود المبذولة لدفع دول التروكا وإيران إلى استئناف المفاوضات في أقرب وقت.‏

وتوقع البرادعي أن تتضح الأمور أكثر خلال الأسابيع القليلة المقبلة، ولا سيما بعدما تقدمت جنوب أفريقيا بمبادرة كحل وسط لتشجيع استئناف المفاوضات الأوروبية الإيرانية.‏

ورأى البرادعي أن مهمة الوكالة ومهمته تلقتا دفعة قوية بحصولهما مناصفة على جائزة نوبل للسلام لعام 2005. من جهته، أشاد الرئيس فيشر بمباحثاته مع الدكتور البرادعي، وقال إنها تناولت الملف النووي الإيراني، والتطورات الأخيرة في كوريا الشمالية، والزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيث إلى النمسا يوم الجمعة المقبل.‏

وأعرب الرئيس النمساوي عن اعتقاده بأن جائزة نوبل للسلام أعطت دفعة قوية لمهمة الوكالة ومديرها العام ولا سيما على صعيد تعزيز جهودها المبذولة لتسوية النزاعات وتكريس الاستخدام السلمي للطاقة الذرية، ومنع استخدامها للأغراض للأغراض المحظورة.‏

والجدير بالذكر أن الجهود المبذولة لكسر الجمود حول طبيعة النووي الايراني والتوصل الى تسوية سياسية للمسائل العالقة بين الوكالة الذرية وإيران من جهة، وبين إيران ودول الترويكا الأوروبية من جهة ثانية، عبر الحوار، لا تقتصر على جهود الوكالة فحسب، بل انضمت إليها دول اخرى بينها روسيا والصين ودول عدم الانحياز ودول أوروبية، في محاولة للحيلولة دون تسييس الملف النووي الإيراني، والعمل على ابقائه في عهدة الوكالة الذرية، ولا سيما بعد أن اخفقت كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا المدعومة من قبل الولايات المتحدة وكندا وأستراليا واليابان في التوصل إلى حل توافقي في مجلس المحافظين بشان البنود التي تتهم ايران بانتهاك التزاماتها الواردة في معاهدة حظر الانتشار النووي، أو يفضي إلى تمرير مشروع قرار الاتحاد الاوروبي يتضمن في نصه توصية علنية تقضي برفع البرنامج النووي الإيراني إلى مجلس الأمن، وذلك بسبب المعارضة الشديدة من روسيا والصين وحركة عدم الانحياز ومجموعة الـ 77. ولكن مجلس المحافظين تبنى في 12 أيلول/ سبتمبر الماضي مشروع قرار أوروبي قدمته بريطانيا وفرنسا وألمانيا بالنيابة عن الاتحاد الأوروبي اتهم إيران بخرق تعهداتها الواردة في اتفاق الضمانات الموقع بينها وبين الوكالة بموجب معاهدة عدم الانتشار، ولاسيما فيما يتعلق بالابلاغ عن المواد النووية ومعالجتها واستخدامها وعدم تسوية المسائل العالقة .‏

وأكدت الترويكا الاوروبية ان سياسات الاخفاء التي اتبعتها ايران ادت الى انتهاكات كثيرة تشكك في مدى التزام طهران بالامتثال لاتفاق الضمانات الخاص بها .وأشارت إلى أن المدير العام للوكالة الذرية أكد في تقريره الذي رفعه إلى مجلس المحافظين ان الوكالة ليست بعد في وضع يسمح لها بتوضيح القضايا العالقة بشان البرنامج النووي الايراني بعد سنتين ونصف السنة من عمليات التفتيش والتحقق المكثفة، وان الشفافية الكاملة من جانب ايران لا غنى عنها وقد تأخرت.‏

وجاء في القرار أنه نظراً لعدم تيقن المدير العام للوكالة من طبيعة الدوافع التي جعلت إيران تخفق في تقديم إعلانات هامة طوال فترة زمنية مديدة وجعلتها تمارس سياسات الاخفاء حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2003، فانه يعرب عن قلقه البالغ ازاء الثغرات التي مازالت تشوب فهم الوكالة الذرية لجوانب حساسة من البرنامج النووي الايراني. وطلبت دول الترويكا من المدير العام للوكالة مواصلة جهوده الرامية الى تنفيذ اتفاق الضمانات التي عقدته الوكالة مع ايران والبروتوكول الاضافي الملحق بهذا الاتفاق ومتابعة تدابير الشافية الاضافية اللازمة للوكالة حتى يكون بمقدورها ان تستعيد سجل وطبيعة جميع جوانب انشطة ايران النووية السابقة، وأن تتدارك نقص معايير الثقة الذي نشأ. كما طلبت من المدير العام للوكالة رفع تقرير بذلك خلال اجتماعات مجلس محافظي الوكالة المقرر عقده في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.‏

ويعتقد المراقبون هنا ان الاجتماع المقبل لمجلس المحافظين سيكون اجتماعاً حاسماً، حيث من المتوقع في حال عدم حصول تطورات إيجابية في المفاوضات الجارية على مسارين، الأول بين الوكالة الذرية وإيران بشأن احراز التقدم المطلوب في تسوية عدد من المسائل العالقة في البرنامج النووي الإيراني، ومن بينها تمديد تعليق كافة أنشطة تخصيب اليورانيوم في جميع المرافق النووية الإيرانية، والثاني بين دول الترويكا وإيران لتسوية الخلافات التي أدت إلى تجميد المباحثات بين الجانبين نظراً لتضارب المواقف، وتمسك إيران بحقها غير القابل للتصرف في الاستخدام السلمي للطاقة الذرية.‏

وكانت وزارة الخارجية الإيرانية أصدرت في 13 الجاري بياناً رحبت فيه باستئناف المفاوضات مع دول الترويكا، واعتبرته أمراً إيجابياً من أجل الخروج من المأزق الحالي وضمان حقوق إيران في امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية. كما أكد البيان استعداد إيران لاجراء مفاوضات مع جميع الدول الأعضاء في الوكالة الذرية وخصوصاً بريطانيا وفرنسا وألمانيا بدون شروط مسبقة من أجل الدفاع عن حقها بامتلاك دورة الوقود النووي.‏

المصدر: وكالات ـ وكالة آكي الايطالية للأنباء‏

2006-10-30