ارشيف من : 2005-2008
الملفات العربية المفتوحة
"الخليج" الإماراتية/ د. محمد السعيد إدريس
يبدو أن زيارة كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية لعالمنا العربي هذه المرة هي زيارة تتعلق بملفات إقليمية وعربية كثيرة، تريد امريكا منها موقفاً محدداً لأنها في صلب أجندتها ومصالحها.
والملفات العربية مفتوحة على مصراعيها امام الوزيرة الامريكية تصول وتجول فيها كما تشاء بعد ان اسقط العرب بأنفسهم كل الخطوط الحمر، وبعد ان اصبحت كل ألوانهم باهتة بل ورمادية لا لون لها ولا معنى.
الذين شاهدوا مارتن انديك مبتكر سياسة “الاحتواء المزدوج للعراق وايران” ذلك الصهيوني المتنمر الذي خطط للدبلوماسية الامريكية في “الشرق الأدنى” وهو يدير معهد واشنطن الذي يحمل هذا الاسم، والذي ترأس الدبلوماسية الامريكية في الكيان الصهيوني وهو يتحدث من على منصة “منتدى أمريكا والعالم الاسلامي” في العاصمة القطرية “الدوحة” “كان في مقدورهم أن يدركوا ان انديك لم يتغير فهو قادم ليرسم الصورة التي تريدها واشنطن للعالم الإسلامي، والذي رصدت له الإدارة الامريكية مئات المليارات من الدولارات للحرب ضده وتحويله من عالم “إرهابي” الى عالم ليبرالي سهل الانقياد والطاعة، وفي مقدورهم أيضاً ان يدركوا ان المهمة واحدة، مهمة رايس ومهمة انديك وهي إملاء الشروط الامريكية ومن يرفض او يتحفظ سيجد نفسه في الخانة الأخرى، خانة العدو الذي يستحق العقاب كما هي حال ايران وسوريا، وحركة “حماس” وحزب الله.
الغريب والمحزن أن رايس وانديك حاولا معاً استخدام أداة الضغط والترهيب ذاتها وهي “الديمقراطية” في محاولة لتطويع إرادة الحكومة وإجبارها على الانصياع للأوامر والقبول بالمطالب، والأغرب ان الحكومات تقبل.
معادلة شديدة الغرابة، ما الذي يدفع الحكومات إلى الانصياع للشروط الأمريكية التي تمثل كسراً للإرادة الوطنية وتخريباً للمصالح القومية وتهديداً للاستقلال الوطني والقومي، وما الذي يجعل هذه الحكومات تحارب بعنف مطالب الشعوب في الحرية والديمقراطية؟
رغم كل فضائح أمريكا والغرب في بلاد العرب والمسلمين وبالذات في العراق ابتداء من البصرة وامتداداً الى كل مدن وقرى العراق، وفي فلسطين من قطاع غزة الى مدن الضفة، ومن تستر على إهانة اشرف الخلق اجمعين رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم ، رغم فضائح سجن ابو غريب، وتعذيب الصبية في شوارع البصرة والضفة جاءت رايس وجاء انديك يتحدثان عن الديمقراطية ليس حباً واحتراماً للديمقراطية ولكن للضغط على الحكومات للقبول بمطالب خطيرة ابتداء مما يدبر امريكياً في الملف الايراني وصولاً الى المطالب بوقف المساعدات العربية لحركة “حماس”، والأخطر هو مطالبة العرب بعدم الموافقة على انعقاد قمتهم القادمة في العاصمة السودانية (الخرطوم) بعد ان تقدم عدد من نواب الكونجرس الأمريكي بمشروع قرار يدين استضافة السودان لهذه القمة.
الشروط تتزايد يوماً بعد يوم، فمنذ عام ونصف العام رفض الامريكيون التوقيع على اتفاقية جماعية للتجارة الحرة مع مجلس التعاون الخليجي بهدف تفكيك رابطة التوحد الخليجية والتوقيع على اتفاقيات منفردة مع كل دولة على حدة، والآن يطالبون بوقف أي دعم لحركة “حماس”، ويعدون قوائم بمطالب لدعم أي حرب لهم مع ايران، لكن ان يصل الأمر الى تحديد مكان القمة العربية فهذا تحد خطير لن يجيب عنه غير القادة العرب فهو رسالتهم الخاصة وعليهم الرد.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018