ارشيف من : 2005-2008

مهزلة ومؤامرة على حساب ما بقي للبنان من كرامة

مهزلة ومؤامرة على حساب ما بقي للبنان من كرامة

الديار/ كتب جورج بشير‏

الذي حصل بالامس في مجلسي النواب قبل الظهر، والوزراء بعد الظهر، ما هو سوى امتداد لما ‏حصل من «جرصة» في اجتماع نيويورك وفي لقاء القمة العربية في الخرطوم .. فالذين حرضوا ‏الرئيس السنيورة الى اتباع سياسة النكاية والحقد والعزل، وشرشحة لبنان في المحافل ‏اللبنانية والعربية والدولية. وما حصل البارحة في مجلس الوزراء كان صورة طبق الاصل ‏ايضا من تصرفات تلامذة المدرسة التي زرع دروسها وبذورها السيد عبد الحليم خدام ابان ‏‏«حكمه» للبنان من وراء الستار وايام الحركة الوطنية بعد ذلك وفي خلال تسلمه الملف ‏اللبناني حيث زرع لبنان فتنة وتفرقة وحقدا من ضمن سياسة فرق تسد.‏‏

الذين حرضوا الرئيس السنيورة رجل الدولة الهادىء والمتزن والتوحيدي ليس للذهاب الى ‏القمة العربية في الخرطوم، لانه كان من الضروري ان يكون رئيس حكومة لبنان من ضمن الوفد ‏اللبناني الى جانب رئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود لان اللبنانيين يتطلعون دوما الى ‏ان يكون لبنان برأس واحد لا برأسين، وبرئيس واحد وليس برئيسين.. لكن الذين حاولوا ‏اقناع الرئيس السنيورة بعدم المشاركة في القمة في الخرطوم، او الجلوس الى جانب رئيس ‏الجمهورية اللبنانية وضمن الوفد اللبناني الرسمي، سلموا بالنتيجة بأن يذهب الرئيس ‏السنيورة الى قمة الخرطوم لكنهم اشترطوا «عليه» ان يقاطع الرئيس لحود، ولا يجتمع به،ولا ‏يجلس الى جانبه، وهؤلاء الذين حرضوا الرئيس السنيورة على هذا الموقف غير المشرف لوحدة ‏لبنان وطنا وشعبا برغم كل المآسي التي تواجه اللبنانيين، يعرفهم الوزراء ويعرفهم ‏النواب، هم الذين جلبوا للبنان هذه الجرصة على الصعيد العربي واثاروا الاستياء العارم ‏في صفوف المواطنين المنكوبين بمثل هؤلاء في الطبقة السياسية فكان ما كان في قمة الخرطوم، وعلى ‏هامشها حيث تسلى الصحافيون والمراسلون والمسؤولون والديبلوماسيون الذين واكبوا القمة ‏العربية في الخرطوم بلبنان وبالمسؤولين اللبنانين اركان الحكم والحكومة ...‏‏

لقد كانت قمة الفشل، لا بل التفشيل التي لحقت بهؤلاء، عندما وقفت القمة العربية الى جانب ‏رئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود، والحقت بقرارها الاجماعي الهزيمة بهم، وبخريجي المدرسة ‏التي كان سيدها عبد الحليم خدام الذي كون ثروته المالية مع شركائه في المافيا المعروفة من ‏ثروة اللبنانيين وعرق جباههم، وبنى رصيده السياسي من التجاوزات والمؤامرات التي قادها ‏وخاض غمارها وشارك في حياكتها خدام على الساحة اللبنانية ...‏‏

لقد نال لبنان ما ناله في قمة الخرطوم وعلى هامشها، من اهانة ومن تشويه صورته ولم يكن ‏في حاجة لان يواصل تلامذة مدرسة، خدام الى ساحة مجلس الوزراء، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ‏الذين انفجروا غاضبين مما لحق مدرستهم في الخرطوم، كما في مجلس النواب، في بداية جلسة مجلس ‏الوزراء وخلال وجود مصوّري وسائل الاعلام التلفزيونية اللبنانية والعربية والاجنبية، ولم ‏يستجب هؤلاء للتمنيات التي ارسلها في اتجاههم بضرورة الانتظار لتفريج كربتهم حتى خروج ‏وسائل الاعلام والمصورين من قاعة مجلس الوزراء.. لكن هؤلاء اصرّوا على ان يواصلوا تشويه ‏صورة لبنان واللبنانيين حتى من خلال جلسة مجلس الوزراء، وكأنهم لم يكفيهم ما فعلوا على ‏هذا الصعيد وفي هذا المجال في الخرطوم على هامش اجتماعات القمة العربية، مصّرين على ان ‏يستمروا في نشر الغسيل اللبناني الوسخ في بيروت، كما فعلوا في قمة الخرطوم.‏‏

يا عيب الشوم.. ويا جرصة اللبنانيين من هذه التصرفات المعيبة والمخالفة لكل التقاليد ‏اللبنانية التي يقوم بها الذين ينشرون سموم الحقد والفتنة حيثما حلّوا، لانها المرّة الاولى ‏التي تمثل فيها وعبرها مثل هذه التمثيلية والمسرحية، على حساب لبنان وصورته البهية ‏النقية التي يساهم في رسمها قادة لبنان وحكامه الاوائل على مرّ التاريخ منذ الانتداب وما ‏بعده ابان المراحل الاولى لعهد لبنان مع الاستقلال، والنظارة لهذه المسرحية كان اللبنانيين ‏والعرب والاجانب..‏‏

جلسة مجلس النواب، والموقف الصلب المسؤول الذي قاده رئيسه نبيه برّي في وجه الذين حاكوا ‏مؤامرة الخرطوم، اصاب بعض الوزراء في الصميم فأنفجر بعضهم في بداية جلسة مجلس الوزراء ‏وقبل ان تفتتح هذه الجلسة وامام عدسات المصّورين والتلفزيونيين وكأنهم كانوا مصمّمين على ‏تفجير الموقف استمراراً في نشر الغسيل اللبناني الوسخ من خلال جلسة مجلس الوزراء، تماماً ‏كما حصل من نشر غسيل لبناني وسخ من على سطوح قمة الخرطوم العربية.‏‏

لا شك بأن ما حصل في الخرطوم كان عيباً كبيراً، وما حصل في مجلس الوزراء اللبناني في بيروت ‏كان عيباً اكبر، ستكون له انعكاساته البالغة السوء على صعيد الرأي العام اللبناني ‏والعربي والدولي، ويشكل في اي حال نقطة سوداء كبيرة في تاريخ لبنان في القرن الواحد ‏والعشرين، وقد اصاب اللبنانيين بخيبة امل تدعوهم الى الخوف مما يخبئه المستقبل في ظل هذه ‏المؤامرة، القذرة التي يتعرّض اليها لبنان.‏‏

2006-10-30