ارشيف من : 2005-2008

«الديار» تنشر تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل تأجيل الحوار

«الديار» تنشر تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل تأجيل الحوار

نصرالله طلب من سعد الحريري موقفاً واضحاً فطلب الوقت ليتكلم مع جنبلاط في واشنطن‏

كتب المحرر النيابي‏

كاد كلام النائب وليد جنبلاط من واشنطن ان يفجر الحوار لكن الرئيس نبيه بري صاحب ‏المبادرة تمكّن في اللحظة الاخيرة من احتواء الموقف واللجوء الى خيار التأجيل الى يوم الاثنين ‏لالتقاط الانفاس، علّ اللقاءات والمحادثات الجانبية تنقذ الموقف وتعيد الجميع مطلع الاسبوع ‏الى الطاولة المستديرة للتوصل الى الحلول او نصف الحلول بدل ترك الامور على هذا الشكل من ‏المناخ الملبد الذي احدثته المواقف الجنبلاطية الآتية من الولايات المتحدة الاميركية.‏‏

اذن اخذ الحوار فرصة لالتقاط الانفاس قبل اتخاذ القرارات الحاسمة في شأن البنود الرئيسية ‏التي اصطدم بها النقاش، ورغم التكتم الشديد الذي احاط بما دار خلال الحوار في اليومين ‏الماضيين فان الاشارات التي التقطت بعد انفضاض جلسة الامس تدل على ان كلام جنبلاط رفع ‏مستوى النقاش وخلق اجواء ملبدة منذ ليل اول امس.‏‏

وكان من الطبيعي ان تطرح اسئلة حول ما قاله جنبلاط بشأن مزارع شبعا والمقاومة لمن يمثله ‏في الحوار الوزير غازي العريضي ولحلفائه في فريق الرابع عشر من آذار غير أن الجواب بقي ‏مؤجلاً ومبهماً، لا بل ان رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري لم يستطع ان يعطي اجوبة ‏واضحة حول هذه المسائل الحساسة طالبا مهلة لذلك.‏‏

وحسب ما تردد في وسائل الاعلام بعد ساعات من اعلان الرئيس بري تأجيل الحوار فقد طلب الامين ‏العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من الحريري والعريضي موقفا واضحا من كلام جنبلاط ومن ‏موضوع سلاح المقاومة وهل هي ميليشيا ام مقاومة، وكذلك من مزارع شبعا، وقيل انه اعطى ‏النائب محمد رعد ترؤس وفد الحزب منتظراً جواباً من فريق 14 اذار الذي بقي يدور حول ‏الموضوع من دون جواب نهائي. ولأن المواضيع كانت قد نوقشت على مدى ثلاثة ايام، ولأن هناك ‏حاجة للبت بها جرى النقاش في امكانية حسم الموقف من هذه النقاط من دون جدوى.‏‏

وقيل ايضا ان نصرالله قال انه طالما ان هناك طاولة للحوار في واشنطن فلماذا نتحاور هنا. ‏كما قيل ايضا ان بعض فريق 14 اذار حاول الرد باثارة تساؤلات حول مصير رئاسة الجمهورية ‏وخطاب الرئيس السوري بشار الاسد.‏‏

لماذا طارت الجلسة أمس؟‏

وفي المعلومات أيضاً أن كلام جنبلاط كان طرح في الجلسة المسائية يوم الاثنين وتحدثت هذه ‏المعلومات ان كلام جنبلاط احرج حلفاءه وخصوصاً النائب سعد الحريري والدكتور سمير جعجع وقد ‏بدا النائب الحريري بعد كلام جنبلاط منزعجاً ومحرجاً وقد اكتفى بالسكوت عندما قيل له وهو ‏يدخل قاعة الحوار: هل نسف جنبلاط الحوار؟ كما أن الدكتور جعجع ايضاً كان محرجا وقد اثار ‏امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في تلك الجلسة كلام جنبلاط وقال: هذا الكلام لا يجوز فأنا ‏لست وحدي فورائي شعب يسمع هذا الكلام (جنبلاط). ومخطىء من يظن انني اتخذ قراراً والجميع ‏يمشي به فهناك قيادة وهناك ناس ورائي ويجب أن يتم توضيح للكلام الذي سمعناه. وأضاف: ‏جئنا لنتحاور على أساس ان الجميع قيادات باب اول لكن النائب جنبلاط ذهب وسمعنا موقفه ‏من واشنطن لذلك اذا لم يحصل الحوار على اساس المعايير التي وضعت فأنا لن احضر غداً (أمس) ‏وسأكلف الحاج محمد رعد بتمثيلي.‏‏

عندها قال النائب سعد الحريري: اعطوني ساعة او ساعتين لاحكي معه (جنبلاط) وأنا أعالج ما ‏حصل «وما بتكونوا الا مبسوطين» عندها وافق الجميع على المخرج الذي اقترحه الحريري وهكذا ‏انقضت الجلسة على هذا الاساس انتظارا لتصحيح او توضيح من النائب جنبلاط.‏‏

وقد اتصل الحريري بجنبلاط ليل اول امس واتفق معه على تعميم باسمه على صفحات الجرائد بأنه ‏يؤيد الحوار وهذا ما حصل.‏‏

وصبيحة جلسة الامس كان الجميع بانتظار معرفة ما توصل اليه النائب الحريري وخصوصاً السيد ‏نصرالله الذي كان ينتظر أمراً محدداً في موضوع لبنانية المزارع وتكلم النائب الحريري فتحدث ‏عن نتائج اتصاله بالنائب جنبلاط مبدياً استعداد الاخير للاستمرار بالحوار لكنه لم يعلن كما ‏كان متوقعاً باسم جنبلاط انه لا يقصد التشكيك بالواقع اللبناني لمزارع شبعا وانه ينتظر ‏الاثبات القانوني لملكيتها.‏‏

وبعد ذلك طلب امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الكلام وقال «لقد جئنا الى الحوار ‏لنتحاور ولكي نكاشف بعضنا ونطرح الامور كما هي ونجد طرقا لحلها لكن ما حصل اننا بتنا ‏نسمع لغتين لغة على طاولة الحوار ولغة ثانية من وراء البحار والقصف الذي تعرض له ‏الحوار من واشنطن هو امر خطير ونحن نريد ان نعرف الموقف الحقيقي من جانب كل الفرقاء من ‏المقاومة فأمس سمعنا اجماعا على ضرورة دعم المقاومة ولكن الكلام مختلف من واشنطن حيث سمعنا ‏النائب جنبلاط يقول بأنها ميليشيا ويجب تجريدها من السلاح فأيهما هو الموقف الحقيقي.‏‏

نحن نريد موقفا واضحا وهذه مسألة تتطلب الحسم. وطلب من الوزير العريضي الاجابة الذي ‏قال «هذا الموقف عبر عنه وليد بك جنبلاط بنفسه واذا هنالك من ايضاحات فهو المصدر الصالح ‏لأن تصدر عنه الإيضاحات» عندها اخذ الكلام نصرالله وقال موجها كلامه الى الرئيس بري: كنت ‏قلت يا دولة الرئيس بأن الحضور يجب ان يكون على مستوى الصف الاول ولهذا لبينا كلنا من ‏اجل ان يحل الحوار في هذه القاعة واجد نفسي اليوم على طاولة ليست مكتملة من مسؤولي الصف ‏الاول ولذلك انا لن اجلس على هذه الطاولة وسأكلف الاخ محمد رعد ليحل مكاني وقام نصرالله ‏من مكانه وتوجه الى الخارج ولحقه على الفور العماد ميشال عون ثم النائب سعد الحريري ‏وحاولا ثنيه عن قراره بالعودة الى الطاولة الا ان السيد نصرالله لم يقبل بالرجوع وفي هذا ‏الوقت وفي داخل القاعة حصل «هرج ومرج» وجدد بعض المشاركين الطلب من العريضي ايجاد ‏الايضاحات المطلوبة الا ان وزير الاعلام اصر على موقفه عندها سأله الرئيس بري ومتى سيعود ‏وليد جنبلاط من سفرته فأجاب العريضي حسب ما اعرف قبل نهاية الاسبوع وتحديدا يوم الجمعة ‏عنده طرحت فكرة التأجيل بعدها اشار الحاضرون انهم لن يستطيعوا استكمال لقاءاتهم من دون ‏وجود السيد نصرالله فكان اول تأجيل الى يوم السبت ثم سرعان ما جرى العدول عنه الى يوم ‏الاثنين بسبب الاعياد ولضمان حضور جنبلاط.‏‏

على ان المشاركين في الجلسة اشاروا كل من زاويته ووفق تقويمه الى ان مواقف جنبلاط هي التي ‏ساهمت في الوصول الى خيار التأجيل.‏‏

ويقول نائب من خارج الاكثرية كان حاضرا في الجلسة ان وجهة نظر برزت ومفادها اننا تخطينا ‏كل الحواجز والعوائق والمحاذير وجئنا الى ساحة النجمة من دون شروط مسبقة وخاطرنا أمنيا ‏على المستوى الشخصي ومضى علينا نحو اسبوع في الحوار كي لا يطلع وليد جنبلاط ويقول ماقاله ‏وكأنه غير معني بالحوار ووجهة النظر هذه عبّر عنها الرئيس بري والسيد حسن نصرالله واخرون ‏وتفهمها العماد ميشال عون ما دفع بالجميع الى الالتقاء على ضرورة اخذ استراحة لبعض ‏الوقت لمراجعة كل الامور واعادة تقويمها بأكبر قدر ممكن من الايجابية.‏‏

وعلى خط مقابل يقول نائب في الاكثرية كان حاضرا الجلسة ان النقاش وصل الى نقاط بالغة ‏الاهمية تقتضي مقاربتها بروية وعمق ولا يمكن بتها من خلال الجلسة فكان التوافق شاملا على ‏ضرورة عودة كل فريق الى مشاوراته الذاتية. ويخرج النائب نفسه بأن لا أحد يمكنه تحمل ضرب ‏الحوار وإفشاله مهما بلغت الخلافات والإشكالات، ففي نهاية المطاف لا بد من الوصول الى خلاصات ‏نوعية.‏‏

وقد عقد الرئيس بري بعد ان انفضت الجلسة قبل اوانها باكثر من ساعتين سلسلة اجتماعات ‏ولقاءات جانبية، وتكثفت الحركة والمداولات خشية انفراط عقد الحوار ومن اجل خلق مناخ ‏ملائم يساعد على استئناف الحوار يوم الاثنين في اجواء ايجابية تساعد على المجيء باجوبة على ‏الاسئلة التي طرحت حول البنود الرئيسة للحوار.‏‏

بعد ذلك عقد الرئيس بري مؤتمرا صحفيا اعلن فيه قرار المتحاورين تأجيل الحوار الى يوم ‏الاثنين المقبل، وقال «لقد وصلنا تقريبا على مشارف النهاية، وبالتالي كان لا بد من البدء ‏بأخذ القرارات في ما يتعلق بالبندين الثاني والثالث، فطلب بعض الاخوة العودة الى ‏قيادتهم، وان شاء الله سيكون معهم الاجوبة يوم الاثنين».‏‏

وقال ردا على سؤال انه يمكن ان تعلن قرارات يوم الاثنين، وقد يأخذ الحوار يوماً او يومين ‏اكثر.‏‏

وتحدث النائب سعد الحريري لدى خروجه من مجلس النواب فقال «ان النقاش شجاع وثمة امور لم ‏نكن نفكر بطرحها على الطاولة طرحت بكل جدية وشجاعة.‏‏

نحن طرحنا امورا حولها خلافات جذرية وهناك امور لا يمكن ان تلتقي كل ساعة او كل يوم لحلها ‏والان نحن مصممون على حلها او التوصل الى تفاهم حولها».‏‏

وقال «ان الحوار ايجابي وسينجح وسنعود يوم الاثنين لاتخاذ القرارات التي تنجح الحوار».‏‏

اما جعجع فقال ردا على سؤال «ان هناك تناقضا في المواقف بين قوى 14 آذار، فنحن لسنا ‏شخصا واحدا ولا حزبا واحدا نحن مجموعة من الفرقاء»، وقال «اصبح لدينا عدة مواضيع طرحت ‏علينا من غير زوايا واقتربنا من مواضيع كثيرة لم تكن بالحسبان، نحن نريد ان نعيد النظر في ‏بعض الامور ويمكن ان نكون بحاجة الى الاجتماع برفاقنا للتداول معهم في بعض النقاط الي طرحت ‏علينا قبل اتخاذ القرار النهائي بشأنها..»‏‏

وحسب المعلومات المتوافرة فان الايام القليلة المقبلة ستشهد تحركات واتصالات حثيثة لاحتواء ‏الموقف تمهيدا لخلق مناخ ملائم من اجل استئناف الحوار يوم الاثنين المقبل، ولم تستبعد مصادر ‏مطلعة من ان تجري اتصالات عربية لتعزيز هذه المساعي او ان يأتي وزير الخارجية السعودي ‏سعود الفيصل شخصيا الى بيروت لهذه الغاية.‏‏

وذكرت المؤسسة اللبنانية للارسال مساء امس نقلا عن معلومات صحفية ان وزير الخارجية ‏السعودي سعود الفيصل قد يزور بيروت نهاية الاسبوع للمساهمة في حلحلة العقد التي تمنع تقدم ‏الحوار.‏‏

المصدر: صحيفة الديار اللبنانية ـ 8 آذار/مارس 2006‏

2006-10-30