ارشيف من : 2005-2008
مؤتمر بيروت الاقتصادي رهن ببرنامج إصلاحي توافقي لم تظهر معالمه بعد
مصادر ديبلوماسية أميركية: مشروع لتدخل عسكري في لبنان
والخارجية الفرنسية تنفي
مصادر الاكثرية: آلية إقالة لحود بدأت ومقايضة حزب الله .. السلاح مقابل الرئيس
تقول مصادر دبلوماسية في العاصمة الاميركية ان الوضع الراهن في لبنان يشبه الهدوء
الذي يسبق العاصفة ,لان “المجتمع الدولي” لن يرضى ابدا باستمرار هذا الواقع، حيث
تبدو الصورة مشابهة للوضع الذي ساد غداة تظاهرة 14 اذار من العام الماضي , اي ان
الرموز السيادية لا تزال في المعارضة وكأن الحكم لا يزال في يد الطرف الآخر من جهة,
و استمرار استهداف رموز ثورة الارز من جهة اخرى. وتقول المصادر المتعاونة الى ابعد
الحدود مع اللوبي اللبناني في العاصمة الاميركية ان خيارات عديدة متاحة, ابرزها
استعمال الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة حيث لبنان موضوع اليوم تحت هذا الفصل,
لا سيما ان المجتمع الدولي يشخص الوضع الحالي بالحرب الارهابية المنظمة التي تشن ضد
لبنان وان تعريف الحكومة اللبنانية لما يجري يطابق هذا التشخيص. وتضيف ان تنسيقا
اميركيا – فرنسيا تحول اوروبيا، افضى الى طرح خيار انزال قوات عسكرية دولية الى
لبنان مهمتها الفصل بين الحدود اللبنانية-السورية في رد على “فلتان” الحدود ولقلب
صورة الحكومة المحاصرة ليصبح حزب الله هو المحاصر, كذلك لتنتشر هذه القوى الدولية
في جميع المناطق بما فيها الجنوب, وان الحكومة اللبنانية مدعوة لطلب ذلك، وفي حال
تمنعها بعد استنفاذ فترة السماح التي اعطيت للحوار بشأن تطبيق القرار الدولي ،
1559فان المجتمع الدولي سيبادر من تلقاء نفسه ووفق اليات الامم المتحدة لاخذ
المبادرة في هذا الشان. وتسخر المصادر من الحديث عن تخفيف عديد القوات الاميركية في
العراق وارتباط هذا الامر بلبنان، لترى ان الاهتمام الاميركي ببلد الارز سيزداد
ويتضاعف خاصة ان هذه الساحة هي ساحة الانتصارات الغربية لمثل الديمقراطية, وقد تشكل
التعويض عن الانتكاسات الشكلية التي قد تصيب المشروع الاميركي. مصدر معني في وزارة
الخارجية الفرنسية اكد ل”الاعمار والاقتصاد”ان الموضوع الانزال العسكري لم يطرح او
يناقش مع الجانب الفرنسي ابدا وان هذا الامر هو ضرب من التوهم, ولكن المصدر يشير
الى اهمية حماية وتحصين تجربة ثورة الارز بالنسبة لفرنسا, كذلك ضرورة حماية
الشخصيات التي قامت بهذه الانتفاضة الاستقلالية. مصدر اوروبي واسع الاطلاع في باريس
يشير الى ان فكرة التدخل هذه طرحت في فترة العمليات الارهابية التي استهدفت شخصيات
وصحافيين لبنانيين لا سيما مع ظهور الحكومة اللبنانية في مظهر العاجز، ولكنها طويت
خوفا من الانعكاسات المحتملة على الوضع الداخلي وسط انقسام المجتمع اللبناني الحاد.
ويقول المصدر ان الفكرة استعيدت من قبل شخصيات لبنانية مستهدفة، وقد طرحتها على
الاوساط الاميركية والاوروبية مرات عدة، مدعمة موقفها بعدم تسلحها في وقت يملك
الفريق الاخر سلاحا وان كان باسم المقاومة، وقد أُبلغت هذه الشخصيات ان امكانية
اعادة طرح قضية التدخل هو امرهون بحجم الثقل الشعبي الممكن ترجمته على الارض. وجاءت
تظاهرة 14 شباط لتعطي دفعا كبيرا في هذا الاتجاه دون ان يعني ذلك الحسم او الاقرار.
وتشير المصادر الى ان وزارات الدفاع في اوروبا ليست محبذة ابدا الى اي تدخل ميداني
وسط تفتيش الاميركيين على سبل تخفيف الوجود العسكري في العراق, كذلك التجارب
السابقة وخاصة في لبنان ,اضافة الى الاجواء العامة بعد ازمة الرسوم الكاريكاتورية
التي استهدفت الرسول العربي. وتلفت المصادر الى ان تحركا دوليا سيجري تحت عنوانين
اثنين: 1)قضية ادخال سلاح الى المقاومة عبر الحدود او من خلال الجيش اللبناني 2)
قضية شرعية رئيس الجمهورية وهذا يعني ان القرار 1559 لم ينفذ بعد وينبغي اطلاق حملة
جديدة للتذكير بضرورة التنفيذ.
مصادر سياسية تنتمي لفريق الاكثرية النيابية تؤكد ان صفارة الانطلاق دوت لعملية
تحرير قصر بعبدا من “محتليه “ وان تظاهرة 14 شباط ستحقق بالحد الادنى اقالة الرئيس
اميل لحود وانتخاب رئيس جديد من فريق الاكثرية وربما اهم رمز ماروني فيه حتى يثبت
المسلمون في الفريق عينه حرصهم على مقام الرئاسة المارونية وعدم احتكارهم لهذا
الموقع ,علما ان الهم لدى هذا الفريق الان تعديل ميزان القوى الداخلي في قلب
الطائفة المسيحية بعد ان اثبت العماد ميشال عون قوته الطاغية داخلها. وتضيف المصادر
ان الية اقالة الرئيس لحود قد صارت جاهزة وستبدأ فورا وقد استندت الى فتوى قانونية
تبيح امكانية طرح اقتراح قانون معجل مكرر لالغاء قانون التمديد للرئيس اميل لحود
كونه قد حصل تحت الاكراه ويتضمن اعلانا من عشرات النواب الذين سبق لهم ان صوتوا مع
التمديد على كيفية اجبارهم وتهديدهم لاجل ذلك. وتقول المصادر انه بموازاة هذا
التحرك الذي سيكون سريعا اي في اول جلسة عامة في مجلس النواب سيطرح على الكتلة
الشيعية او على احد مكوناتها امكانية الانضمام الى هذا العمل مقابل ضمانا من كتلة
المستقبل باستمرار تحييد مسألة سلاح حزب الله وهو الامر الذي حصل عليه فعلا رئيس
كتلة المستقبل النيابية سعد الحريري خلال لقائه مع الرئيس جورج بوش حيث جرى الاعلان
عن تمديد مهلة الحوار الداخلي لاجل تطبيق القرار 1559 وهو ايضا ما اعلنته وزيرة
الخارجية الاميركية كونداليزا رايس حين اعلنت ان لا مدة زمنية محددة لتطبيق القرار
الدولي. وترى المصادر ان نجاح اي صفقة بين فريق الاكثرية وحزب الله سيكون ضمن تسوية
ان سلاحه مقابل الرئيس اميل لحود وليس مقابل اسم الرئيس الجديد او مواصفاته وهنا لا
بد من العودة بالذاكرة الى تصريحين اساسيين الفارق الزمني بينهما نحو 10 اشهر واحد
لوليد جنبلاط يحدد فيه ان الاكثرية ويومها استثنى العماد عون تختار رئيس الجمهورية
والاخير لسمير جعجع في ساحة الشهداء حين قال ان الرئاسة لنا.
اين المبادرة العربية من كل هذا؟ يقول ديبلوماسي عربي في بيروت ان التحرك العربي
الاخير لم يكن مدعوما او مباركا بما فيه الكفاية من الثنائية الدولية المهتمة
بلبنان حاليا، وانه بموازاة الطرح العربي كانت تبرز اشارات دولية تعيد فتح ملف سلاح
المقاومة او التحقيق الدولي عبر تسريبات معينة او قضية رئيس الجمهورية، مما يعني ان
لعبة الالغاء السلبي حاضرة، فمع سحب الاشارات الدولية يخف التحرك العربي لتعود
الامور الى الملعب الداخلي في محاولة جديدة لاستعراض القوى. ومن هنا يضيف
الديبلوماسي العربي ان تظاهرة 14 شباط هي اعادة اثبات اين هي الاكثرية بعد اتفاق
التيار الوطني الحر وحزب الله للقول ان المسيحيين لا يزالون في صف الاكثرية او معهم
تتشكل هذه الاكثرية وان نظرية العماد ميشال عون حول الثلثين من الثلاثة قد سقطت،
ولهذا يمكن الاستثمار السياسي المباشر على الغاء الفيتو الذي كان العماد عون قد
وضعه على قضية اقالة الرئيس اميل لحود. ويرى الديبلوماسي العربي ان المشكلة تكمن في
ان استعراض القوى مفيد جدا لتحديد الاحجام قبل الحوار ولكنه يتحول الى كارثة في حال
تكريس الانقسام وعودة التوتر وصولا الى قطيعة بين مختلف الاطراف.
اين موقع الازمة الاقتصادية في كل هذا ؟ عام كامل وضعت خلاله القضية الاقتصادية
الاجتماعية في ثلاجة الانتظار ولولا الدعم السياسي الدولي غير المسبوق لواجه لبنان
ظروفا اقتصادية ومالية غير مسبوقة ايضا. وقد اتاح هذا الدعم لمصرف لبنان اتخاذ
اجراءات وتدابير بعضها للمرة الاولى في تاريخه لتفادي انعكاس الزلزال السياسي
والامني على الوضع. مصدر اقتصادي معني بورقة بيروت يؤكد ان الاقتصاد لم يصل الى
درجة الاهتمام المطلوبة بعد وان الضغوط التي تواجه البلد من جهة والعقل الذي يدير
الحكم من جهة اخرى يجعل القضية السياسية بمعناها التقني المباشر وحدها ذات اولوية
واهتمام واكبر دليل على ذلك ان مشروع موازنة الـ 2006 لم يطرح على الوزراء بعد كما
ان ورقة بيروت والتي وضعت من فريق مصغر من الوزراء لم تعرض على الحكومة بعد، فيما
بدأ نقاشها مع جهات دولية، سواء كمؤسسات او كدول وسط استمرار انكار وجودها حتى.
ويقول المصدر المعني ان بنود هذه الورقة (الاعمار والاقتصاد نشرتها بنصها الكامل
قبل عددين) تتبدل بين حين وآخر حسب الجهة الخارجية التي يجري نقاشها معها، فيما
تبقى البنود الضرائبية التي تتضمنها ثابتة علما ان التوافق السياسي المطلوب عليها
هو توافق داخلي قبل ان يكون مع الخارج. ويلفت المصدر الى تصريح وزيرة الخارجية
الاميركية كونداليزا رايس حول ضرورة تقديم الحكومة اللبنانية لبرنامج اقتصادي كامل
مناقشا ومقرا في الهيئات الدستورية لنقاشه مع الخارج. مصادر مصرفية رفيعة تشير الى
استسهال التعاطي الرسمي بالملف الاقتصادي ولا سيما منه الجانب المالي وذاك المتعلق
بعملية تمويل العجز حيث الرهان الدائم هو على استمرار تمويل القطاع المصرفي لعملية
الاستدانة في اجراء الي بل روتيني. وتؤكد المصادر ان الظروف قد تبدلت بشكل كبير بين
مؤتمر باريس 2 والاوضاع اليوم وعلى الكثير من المستويات، سواء بالنسبة للمخاطر او
للربحية او بالنسبة حتى للتوظيف في وقت لا يزال العقل الرسمي يتصرف وكأن شيئا لم
يتبدل. وتعلق المصادر على التخبط الذي يقع فيه اكثر من مسؤول معني بالتحضير لمؤتمر
بيروت ليس فقط في الاجراءات والتدابير بل حتى في الروحية، ويذكر هنا بكلام لاحد
المعنيين الرسميين حول ان غاية مؤتمر بيروت 1 هي الوصول الى شيء يشبه مؤتمر باريس 2
فيما المطلوب يتجاوز ذلك بكثير لا بل يناقض فكرة تمديد المهل ليصل الى جوهر
الاصلاح. وتؤكد المصادر على دور القطاع المصرفي كشريك وفاعل في اي عملية اصلاح ولكن
دون اوهام حول امكانية تحوله الى مؤسسة خيرية لرفد مشروع هو اشبه بهدنة مؤقتة، او
لتدفيعه ثمن ارباحا حققها يصفها البعض بالخيالية. بين الرهانات الدولية والمبادرات
العربية.. وبين الانقسام الداخلي الذي يزداد حدة ..ووسط الاجازة المفتوحة من الهم
الاقتصادي والاجتماعي تفتتح البلاد عامها الثاني دون الرئيس رفيق الحريري ليثبت
اغتياله انه كان زلزالا كبيرا تداعياته لم تنته بعد.
المصدر: مجلة الإعمار والإقتصاد العدد 144
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018