ارشيف من : 2005-2008

ألمانيا تطوي ملف التعاون الأمني مع الأميركيين خوفاً من الفضائح :معلومات خطيرة حول هوية رئيس المحققين في اغتيال الحريري

ألمانيا تطوي ملف التعاون الأمني مع الأميركيين خوفاً من الفضائح :معلومات خطيرة حول هوية رئيس المحققين في اغتيال الحريري

كتب غسان أبو حمد‏

دفعت "الروائح النتنة" والفضائح السياسية التي فاحت في أول جلسة عقدتها لجنة الرقابة البرلمانية للنظر في ملف التعاون الأمني بين الاستخبارات الألمانية (بي.أن.دي) والاستخبارات الأميركية (سي.آي.إي) إلى طيّ الملف فورا وفرض الصمت ومنع أعضاء اللجنة من الإدلاء بتصريحات، فيما اكتفت رئاسة اللجنة بتأكيد "حسن التصرّف وعدم مخالفة القوانين في قضايا التعاون المشترك مع الأميركيين"...‏

إلا أن رغبة نواب التحالف الحزبي الحاكم (الديموقراطي الاشتراكي والمسيحي الديموقراطي) في طيّ الملف وتأكيد "شرعية التعاون" اصطدمت برغبة نواب المعارضة (الليبرالي والخضر)، الذين طالبوا بتحويل لجنة المراقبة إلى لجنة تحقيق برلمانية لكشف "القطب المخفية" في هذا التعاون الذي يطال مصداقية الحكم والتوجهات السياسية الألمانية والذي يعرض مصالح وحياة المواطنين الألمان إلى الخطر.‏

ليمان الألماني أم "سام" الأميركي؟‏

وكان أبرز ما انكشف أمس أمام لجنة الرقابة البرلمانية الألمانية وطالت تداعياته لبنان ولجنة التحقيق الدولية التي تنظر في خفايا عملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، هو أن رئيس جهاز المحققين الدوليين، الألماني غيرهارد ليمان، وهو الثاني بعد القاضي ديتلف ميليس، هو ضابط في جهاز الاستخبارات الألمانية وسبق له أن تعاون مع الاستخبارات الأميركية في أفغانستان، تحت اسم مستعار هو "سام"، وأشرف على التحقيق مع السجين الألماني خالد المصري (من أصل لبناني) في معتقل أميركي في أفغانستان؟!.‏

وكانت الصحف الألمانية أشارت أمس إلى الدور الذي لعبه ضابط الاستخبارات الألماني غيرهارد ليمان، ونشرت صحيفة "يونغي فيلت" صورته على صدر صفحتها الأولى مودعا رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة مع التعليق بأن "الحكومة الألمانية سحبته بسرعة من حقل الفضيحة"!.‏

وتبيّن أمام لجنة الرقابة البرلمانية أن المواطن خالد المصري كان دائما تحت رقابة الأمن الألماني وهو اختفى فجأة من ألمانيا ووجد مسجونا في أفغانستان في عهدة الاستخبارات الأميركية.. ولا تزال تفاصيل عملية القبض عليه من قبل الأميركيين ونقله إلى أفغانستان غامضة ولا يستبعد أحد أعضاء لجنة الرقابة البرلمانية ان تكون عملية تسليمه إلى الأميركيين قد تمت من دون معرفة الحكومة الألمانية!.‏

ويتضمن الملف الخاص الذي رفعته الحكومة الألمانية إلى لجنة الرقابة البرلمانية (300 صفحة) أسئلة بحاجة إلى توضيح، وأبرزها الأسئلة التالية: "ما هي المعلومات التي تملكها الحكومة الالمانية حول عدد طلعات الطيران التي نفذّتها الاستخبارات الأميركية فوق ألمانيا وعدد معتقلات التعذيب الأميركية في أوروبا الشرقية؟". ومنها أيضا: "ماذا كانت مهمة ضباط الاستخبارات الألمانية في العراق إبان الاجتياح الأميركي في ربيع العام 2003 وما هي حدود تعاونهم مع الأميركيين؟". هذا إلى جانب أسئلة أخرى سرية بحاجة إلى توضيح..‏

ويؤكد محامي خالد المصري، مانفرد غنيجيك لصحيفة "يونغي فيلت" أن موكله واثق بنسبة 90% من أن الشخص الذي كان في عضوية فريق الأمن الأميركي الذي حقق معه أثناء اعتقاله في أفغانستان نهاية العام 2003، وادعى أنه أميركي الجنسية واسمه "سام".. ليس سوى الضابط الألماني غيرهارد ليمان الذي يشارك في التحقيقات الدولية الجارية في لبنان لكشف ملابسات اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري..‏

وتضيف صحيفة "يونغي فيلت" في عددها الصادر أمس بأن معلومات خطيرة كانت تملكها صحيفة "نيويورك تايمز" حول الدور الذي لعبه ضابط الاستخبارات الألماني غيرهارد ليمان في التعاون مع الاستخبارات الأميركية، وكانت هذه المعلومات معدّة للنشر، إلا أنها تمنعت عن نشرها بناء على طلب خاص من الاستخبارات الألمانية.. "حرصا على سلامة الضابط ليمان رئيس بعثة التحقيق الدولية في قضية إغتيال الرئيس الحريري..".‏

"جيمس بوند الألماني"‏

وتعطي صحيفة "يونغي فيلت" لمحة عن تاريخ الضابط غيرهارد ليمان الذي بدأ عمله في جهاز الاستخبارات الألماني منذ العام 1979 في دائرة "المهمات الخاصة"... وتحوي رفوف المكتبات الألمانية كتابا بعنوان "جيمس بوند الألماني: مهمات خاصة" من تأليف الكاتب أوليفر شروم، الذي ينقل السيرة المهنية لحياة الضابط غيرهارد ليمان الذي يحمل في الكتاب لقب الشرطي "ريتشارد بوتشر"...‏

ويستمد المؤلف أوليفر شروم مضمون كتابه من سلسلة حوارات شخصية أجراها مع الضابط ليمان ومن متابعات قام بها أثناء عمله الصحفي حول قضايا الإرهاب الدولي، فكتب عن "الألوية الألمانية الحمراء" ومجموعة "بادر ماينهوف" و"كارلوس" ليخلص إلى التعريف بالضابط غيرهارد ليمان بالقول: "لا يوجد في العالم رجل تحر مماثل لغيرهارد ليمان.. لقد تمكن في الربع الأخير من القرن الماضي من الكشف عن هذا العدد الكبير من الجرائم الإرهابية ومن وضع إرهابيين معروفين ومن هم وراءهم خلف قضبان السجن.."..‏

وفي تعريفها لمزايا الضابط غيرهارد ليمان الملقب بالعميل ريتشارد بوتشر تصف دار نشر "شيرز" كتابها "رجل المهمات الصعبة" بالقول: ".. لاحق الإرهابي الشهير كارلوس وكشف خلايا الجيل الثالث من الألوية الألمانية الحمراء" وأفشل العديد من مخططات بعض المنظمات الفلسطينية ضد المصالح الألمانية..".‏

وتمضي صحيفة "يونغي فيلت" في شرح مسرح نشاط الضابط غيرهارد ليمان لتشير الى أن "مسرح عمله يمتد من قبرص إلى سوريا ويشمل بناء شبكات تجسس ضد "حزب الله" وحركة "أمل" والمنظمات الفلسطينية..". والكثير من هذا القبيل المتعلق بشخصية ضابط الأمن غيرهارد ليمان سبق أن أشارت إليه مجلة "درشبيغل" أثناء متابعتها لخفايا ضرب "البيت الفرنسي" في برلين العام 1994 والدور البارز الذي قام به الضابط غيرهارد ليمان والمدعي العام البرليني ديتلف ميليس في حينه في فضح أحد موظفي السفارة السورية في برلين الشرقية وكشف عملية نقل المتفجرات إلى مساعد كارلوس، يوهانس فاينريش، لتنفيذ عملية التفجير.."!. وتلفت الصحيفة الألمانية إلى العلاقة التاريخية الطويلة التي تربط بين غيرهارد ليمان وديتليف ميليس وإصرار هذا الأخير على ضمّه إلى فريق عمله "الدولي" لكشف خفايا اغتيال الرئيس الحريري.‏

غموض الملفات والوقائع‏

ويبقى أن في مجالات التعاون الأمني بين الاستخبارات الألمانية والاستخبارات الأميركية العديد من الوقائع التي لا يمكن لمس تفاصيل خفاياها إلا عبر لجنة تحقيق برلمانية وليس لجنة رقابة، تشمل صلاحياتها التحقيق مع مسؤولين سياسيين وأمنيين سابقين وحاليين، وعلى سبيل المثال لا الحصر.. توضيح القضايا التالية:‏

دور الاستخبارات الألمانية في عملية إلقاء الأميركيين القبض على خالد المصري ونقله إلى أفغانستان والتحقيق معه بحضور ضابط ألماني هو غيرهارد ليمان حمل لقب "سام" للتضليل..‏

دور الاستخبارات الألمانية في عملية إلقاء الاميركيين القبض على التركي المولود في مدينة بريمن مراد كورناز وعملية نقله إلى معتقل "غوانتانامو"..‏

دور الاستخبارات الألمانية في عملية إلقاء الأميركيين القبض على المصري "أبو عمر" في ميلانو بإيطاليا ونقله جوا من القاعدة الاميركية في رامشتاين ألمانيا..‏

مساهمة الاستخبارات الألمانية في التحقيقات التي أجريت في سوريا مع المواطن الألماني محمد حيدر زمار (من اصل سوري) ومراقبتها لعملية تعذيبه أثناء التحقيق معه..‏

المصدر: صحافة لبنانية ـ صحيفة السفير‏

2006-10-30