ارشيف من : 2005-2008
الاتحاد الأوروبي وإيران: ما مدى جدية الإنذارات الأخيرة المتبادلة؟
بقلم بيوتر غونتشاروف (*)
ما مدى جدية الإنذارات التي تبادلها الاتحاد الأوروبي والجانب الإيراني في الأيام الأخيرة بشأن تنفيذ الاتفاقات التي توصلا إليها في مسألة البرنامج النووي لإيران؟
لقد حذرت ترويكا الاتحاد الأوروبي التي تضم بريطانيا وفرنسا وألمانيا، إيران من أنها ستوقف المحادثات وتحيل مسألة البرنامج النووي الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي، إذا استأنفت طهران برنامج تخصيب اليورانيوم.
أما طهران فقد ردت على ذلك بقولها إن التهديدات لا تحل المشكلة، وأصرت على الاحتفاظ بحقها في تطوير دورة الوقود النووي. وأكدت طهران أنها لن تعدل عن قرارها المتعلق باستئناف الأبحاث في مجال تخصيب اليورانيوم.
فهل سيؤدي تطور الأحداث هذا إلى تحويل "الملف النووي" الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي، الأمر الذي يهدد بفرض عقوبات اقتصادية وعزلة على إيران؟
لقد بدا في الجولة الأخيرة من المحادثات التي جرت في لندن أن الجانبين أوشكا أخيرا على التوصل إلى حل وسط. كما وعدت ترويكا الاتحاد الأوروبي بتقديم مقترحات اقتصادية وسياسية وتكنولوجية إلى الجانب الإيراني في أواخر يوليو- أوائل أغسطس 2005.
وتشير المعلومات المتسربة إلى وسائل الإعلام إلى أن تلك المقترحات تتضمن أدنى حد من المطالب الموجهة إلى إيران، والكثير من النقاط الإيجابية، ومنها بناء محطات كهروذرية بمشاركة شركات غربية، وتامين الوقود النووي للمحطات الكهروذرية بشكل متواصل على المدى البعيد، وتقديم ضمانات أمنية، وتحسين التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدان الغربية وإيران يصل إلى حد جعل هذا البلد المصدر الرئيسي للنفط والغاز بالنسبة لأوروبا. إن كل هذه الامتيازات تقدم إلى إيران مقابل استمرارها بتطبيق قرار وقف برامج تخصيب اليورانيوم.
غير أن طهران التي وصفت مجموعة الاقتراحات التي من المقرر أن تقدمها ترويكا الاتحاد الأوروبي بأنها مقبولة وإيجابية، أقدمت على تغيير لهجتها بشكل مفاجئ وحاد، وذكرت أن يوم السادس من شهر آب/أغسطس الذي حددته بريطانيا وفرنسا وألمانيا موعدا لتقديم المقترحات بأنه مماطلة مجحفة. وصرحت طهران بأنه لم يتبق أمامها لموازنة الوضع سوى استئناف برنامج تخصيب اليورانيوم.
لقد دفع هذا التصريح الإيراني ترويكا الاتحاد الأوروبي والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا إلى توجيه تحذير إلى إيران. وينص التحذير على أن الاتحاد الأوروبي سيسعى إلى عقد اجتماع خاص لمجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية لحل المسألة المتعلقة بالبرامج النووية لإيران. ولكن يبدو أن مسألة عقد اجتماع خاص لمجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية لن تحل قبل شهر سبتمبر القادم.
ويرى الخبراء أن هذه الفترة بالذات ستشهد اتضاح الخط السياسي الذي سينتهجه الرئيس الإيراني الجديد محمود أحمدي نجاد في مجال العلاقات الدولية، بما في ذلك في قضية البرنامج النووي لإيران. ويذكر أن نجاد وصف بعد انتخابه رئيسا لإيران البرنامج النووي لبلاده بأنه من الأولويات. ومازال الرئيس الجديد لإيران عازما بشكل قاطع على الدفاع عن حق إيران في تطوير دورة الوقود النووي مضحيا بذلك بأية مقترحات ستصدر عن الاتحاد الأوروبي، ودون أن يعير أي اهتمام للعقوبات التي قد تتعرض إليها إيران.
ويبدو أن موقف الرئيس الإيراني الجديد الذي أعلن عنه في أثناء حملته الانتخابية أصبح السبب الأساسي في تغيير لهجة إيران في الحوار مع الاتحاد الأوروبي. كما يتضح أن الوفد الإيراني الذي يجري المحادثات مع ترويكا الاتحاد الأوروبي ينتظر الموقف الذي سيتخذه الرئيس الإيراني الجديد من هذه المسألة بعد توليه مهام منصبه رسميا. وهناك مسألة أخرى تتعلق بإمكانية عودة إيران إلى الاتفاقات التي تم التوصل إليها مع ترويكا الاتحاد الأوروبي سابقا، وما مدى شدة الموقف الذي ستتخذه الولايات المتحدة تجاه طهران.
ومن المثير أن موقف واشنطن التي أثارت مشكلة "الملف النووي الإيراني" وأصرت على تحويله إلى مجلس الأمن الدولي قد لان في الفترة الأخيرة.
وقد علق المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية توم كيسي على الموقف الإيراني الأخير قائلا إن طهران لم تخالف الاتفاق المعقود مع الاتحاد الأوروبي بإعلانها عن استئناف العمل على تخصيب اليورانيوم.
فما هي أسباب ودوافع الموقف الأمريكي الجديد؟ وهل يرغب البيت الأبيض بمنح الرئيس الإيراني الجديد فرصة للإعلان عن نفسه؟ ومع ذلك لا يعني هذا الموقف أن واشنطن ستغير سياستها تجاه طهران.
ويبدو أن طهران لن تفوت، كما جرى في السابق أكثر من مرة، إمكانية استغلال هذا التوقف لتزن جميع السلبيات والإيجابيات المتعلقة ببرنامجها النووي. ومن المرجح أن تلقى الدعوة التي وجهتها ترويكا الاتحاد الأوروبي إلى إيران "عدم استئناف النشاط في مجال البرامج النووية، والامتناع عن القيام بخطوات أحادية الجانب" تفهما إيجابيا من جانب طهران.
(*)المعلق السياسي لوكالة نوفوستي
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018