ارشيف من : 2005-2008
"حزب الله" في طور إعداد رؤية شاملة للوضع الداخلي تعلن قريبا:تمييز بين الثابت والمتحرك وأساس للنقاش والحوار مع الآخر
كتب داود رمال في صدى البلد اللبنانية- اليوم الاحد 7/8/2005
تطور الأحداث المتلاحقة التي يشهدها لبنان على غير صعيد، والتي تحتاج الى اجراءات سياسية ـــ وطنية لمواكبتها ومواجهتها يبدو أنها لن تتوقف أو تخفت، إنما هي مرشحة لمزيد من التصاعد والتصعيد عبر الضغوط الدولية المتسلحة بالشرعية الدولية وبقرارات مجلس الأمن والتي كان آخرها إعادة بعث الروح في القرار الدولي 1614 ليضاف الى الضغوط الممارسة عبر القرار 1559 والذي هو موضع انقسام داخلي بين مؤيد ومعارض.
ويبدو أيضاً أنه لن تكون هناك فترة سماح دولية لحكومة السنيورة في ما يتعلق بموجبات هذين القرارين، حتى أنه إذا لزم الأمر، حسبما أشارت مصادر ديبلوماسية فإن الإدارة الأميركية جاهزة لإصدار قرارات أخرى ضاغطة على لبنان، تضعه بين "فكي كماشة" بما يسهل تنفيذ الأجندة الأميركية لبنانياً بالتوازي مع الانسحاب الاسرائيلي المزمع من قطاع غزة بحيث يكون الثمن لبنانياً ثلاثة أمور وهي، سلاح المقاومة، سلاح المخيمات، نشر الجيش على طول الخط الأزرق. وبالتالي يفترض بالدولة اللبنانية الاستعداد لمواجهة هذه الضغوط عبر وسيلتين، الأولى وطنية تفترض تحصين الوحدة الداخلية، والثانية ديبلوماسية عبر الاستفادة من صداقات لبنان وتفعيل الديبلوماسية اللبنانية لشرح الموقف اللبناني وعدم الاكتفاء باطلاق المواقف على طريقة "وكفى المؤمنين شر القتال".
وفي هذا الإطار تتجه الأنظار نحو مسألتين وهما موقف حزب الله، وموقف الدولة اللبنانية مجتمعة، وتقول مصادر واسعة الاطلاع أن بإمكان الدولة وبالتنسيق مع المقاومة، التي هي جزء أساسي منها، أن تبادر الى القيام بخطوة ايجابية، ربما تكون "أهون الشرور" مرتبطة بموجبات القرار 1614 والمطالبات بنشر الجيش على الحدود، وذلك انطلاقاً من الصيغة الأمنية القائمة حالياً في الجنوب ولكن عبر تمظهرها بشكل أكبر، من شأنها سحب ورقة الضغط هذه من يد أعداء لبنان وتحفظ التفاهم القائم حول موضوع المقاومة لجهة الجهوزية والأداء والفاعلية. لا بل ان هذه الخطوة ربما تتم وفق المعطى القائم حالياً في الجنوب.
أما حول ما يتصل بموقف حزب الله، فتقول مصادر مطلعة أن قيادة حزب الله وعبر الأطر التنظيمية القائمة، تعمل على إعداد تصور كامل بمثابة رؤية للوضع الداخلي اللبناني بكل تفرعاته وتشعباته، سيعلن عنها قريباً.
وكشفت المصادر أن حزب الله منكب على دراسة الوضع الداخلي اللبناني بتعمق وبالتفصيل، والتطورات الجديدة والمستجدات الراهنة والتي أعقبت الأحداث المتسارعة التي شهدها لبنان منذ أشهر، والتي كانت بوادرها سابقة لصدور القرار 1559، لا بل سابقة لهزيمة الاحتلال الاسرائيلي في لبنان، وذلك في إطار إعداد مشروع داخلي متكامل يتناول كل جوانب الوضع الداخلي، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً (...) ولا سيما أهمية عمل المقاومة ودورها والأسباب التي تدفع للتمسك بسلاحها.
وقالت المصادر ان هذه الدراسة ـــ الرؤية ستكون شاملة ونوعية من حيث جديتها وفرادتها واشتمالها على كل الأمور، ومقاربتها لكل الوقائع والتفاصيل والحيثيات، وستطرح للعلن كمشروع متكامل يتم على أساسه النقاش مع الأفرقاء الآخرين في لبنان لا سيما وأن البعض يتذرع كلما طرحت مسألة الحوار بالقول "ان على حزب الله أن يحدد ماذا يريد والى اين من أمور عدة لا سيما موضوع المقاومة".
ولفتت المصادر الى ان هذه الرؤية المتكاملة والتي أصبحت في طور الجهوزية النهائية وتخضع للمراجعة والتدقيق والتمحيص تشتمل على أساسيتين:
الأولى: أنها تتضمن ثوابت حزب الله من الأمور الوطنية الكبرى، لا سيما ما يتصل بهوية وانتماء لبنان وتحالفاته العربية والاسلامية، الصراع مع اسرائيل وكيفية مواجهة العدوان الاسرائيلي المستمر، الوحدة الوطنية والعلاقة المميزة مع الشقيقة سورية، رفض التوطين والتقسيم والتجزئة، رفض الوصاية الأجنبية والتدخلات في الشؤون الداخلية اللبنانية، الى موضوع التمسك بلبنان كنموذج فريد الى غيرها من أمور أساسية خاضعة للحوار ولكن لا يمكن التنازل عنها.
الثانية: انها تتضمن أموراً متحركة أي عناوين قابلة للنقاش والأخذ والرد والتسويات ضمن المصلحة الوطنية العليا، لا سيما ما يتصل منها بمواضيع السياسة الداخلية وفي مقدمها قانون الانتخاب، المعالجات الاقتصادية والاجتماعية مواجهة المديونية العامة، معالجة الفساد على أنواعه والأسلوب الأنجع في ذلك، وغيرها من أمور سيكون للحزب تصور واضح بشأنها لكنه لن يتمسك به وإنما قد يكون عند الآخرين حلول أفضل وأدوات للمعالجة فعالة، وبالتالي فإن ذلك سيكون النقاش حوله هادفاً وبناءً لما فيه مصلحة المواطنين وتأمين حقوقهم وتخفيف الأعباء عنهم.
وختمت المصادر بالقول إن رؤية حزب الله هذه ستضع النقاط على الحروف وستحدد كل توجهات الحزب من كل المواضيع المطروحة ونظرته للمستقبل كفريق سياسي شعبي واسع وأساسي في المعادلة اللبنانية وهي معنية مباشرة بمستقبل الوضع في لبنان على الصعد كافة، مضيفة أن ما ستتضمنه هذه الرؤية ربما ستفاجئ الكثيرين لأنها ستظهر لهم أن لبنان الذي هزم اسرائيل بوحدته يستطيع أن يكون دولة سيدة مستقلة من دون أي وصايات أو استقواء بالخارج ومن دون أي تحريض أو نزعات عنصرية ضد الأشقاء.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018