ارشيف من : 2005-2008

من أوراق الصحف البريطانية/ صحيفة "الغارديان": "ليس العراق فقط هو الخاضع للاحتلال، بل أمريكا أيضا"

من أوراق الصحف البريطانية/ صحيفة "الغارديان": "ليس العراق فقط هو الخاضع للاحتلال، بل أمريكا أيضا"

تناولت الصحف البريطانية الصادرة صباح اليوم الجمعة الشؤون العربية بالتحليل والرأي وتطرقت إلى الشأنين العراقي والفلسطيني وأحوال المسلمين في بريطانيا. ومن ضمن مقالات الصحف البريطانية مقالان في صحيفة "الغارديان" أضاءات من خلالهما على سياسة الغرب في التعاطي مع القضايا العربية وقضايا المسلمين.‏‏

صحيفة "الغارديان"/ الولايات "المحتلة" الاميركية‏‏

نشرت صحيفة "الغارديان" صفحة التحليل والرأي موضوعاً في الشأن العراقي بعنوان "ليس العراق فقط هو الخاضع للاحتلال، بل أمريكا أيضا"، وفيه يقول الكاتب الأمريكي هوارد زين "لقد وقعت بلادي في قبضة رئيس يحيط به سفاحون يرتدون سترات".‏‏

ويبدأ زين مقاله بالقول إنه أصبح واضحاً أن العراق ليس بلداً محرراً بل واقعاً تحت الاحتلال، "والآن نحن المحتلون، لقد حررنا العراق من صدام حسين، لكن لم نحرره منّا".‏‏

ويقارن الكاتب بين النهج الأمريكي في كل من كوبا والعراق. يقول زين: "في عام 1898 حررنا كوبا من إسبانيا، لكن ليس منّا. لقد أطحنا بالطغيان الإسباني، لكن الولايات المتحدة أنشأت قاعدة عسكرية في كوبا، كما نفعل الآن في العراق".‏‏

"لقد انتقلت المؤسسات الأمريكية إلى كوبا، كما تنتقل مؤسسات بيكتال وهاليبورن وشركات النفط إلى العراق. لقد شكلت الولايات المتحدة وفرضت، بمساعدة متواطئين من السكان، الدستور الذي ستحكم به كوبا، كما شكلت، بمساعدة جماعات سياسية محلية، الدستور العراقي." ويرى زين "إن هذا ليس تحريراً بل احتلال... احتلال بغيض. لكن ربما كان الأسوأ منه هو احتلال الولايات المتحدة ذاتها. إنني أستيقظ كل صباح وأقرأ الصحف، وأشعر أننا بلد واقع تحت الاحتلال، وأن جماعة من الغرباء قد استولت على السلطة".‏‏

"لقد وقعت الولايات المتحدة في قبضة رئيس يحيط به سفاحون يرتدون سترات لكنهم لا يعيرون أدنى اهتمام لحياة البشر في خارج أمريكا أو داخلها، وهم لا يهتمون بالحرية سواء خارج أمريكا أو داخلها، وهم لا يعيرون بالاً لما يحدث للأرض أو للماء أو للهواء، أو لنوع العالم الذي سنورثه أبناءنا وأحفادنا."‏‏

ويضيف الكاتب: "لقد بدأ عدد أكبر من الأمريكيين يشعرون، مثلما يشعر الجنود في العراق، بأن هناك خطأ ما، وبدأ الكذب يتكشف يوماً بعد يوم. وبدأت تتضح الكذبة الكبرى، وهي أن جميع ما تفعله الولايات المتحدة يمكن التغاضي عنه لأننا منخرطون في "حرب على الإرهاب"، متجاهلين حقيقة أن الحرب في ذاتها إرهاب، وأن مداهمة المنازل وانتزاع الاشخاص وتعذيبهم إرهاب، وأن غزو وقصف الدول الأخرى لا يوفر لنا مزيداً من الأمان بل يحد منه".‏‏

ويرى زين أن "الحرب على الإرهاب" ليست فقط حرباً على أناس أبرياء في دول أخرى، بل هي أيضا حرب على الشعب الأمريكي، "حرب على حرياتنا وعلى معاييرنا في الحياة". ويختم الكاتب مقاله بالقول "إن حرب العراق ستحصد دون شك أرواح المزيد من الضحايا، ليس فقط خارج الولايات المتحدة، بل داخلها أيضا".‏‏

موجة عدم التسامح‏‏

وفي صفحة الرأي توقفت "الغارديان" عند التعاطي مع المسلمين في بريطانيا وفي تحليل للكاتب روي هاترسلي يحمل عنوان "لننه هذه الموجة من عدم التسامح" قال هاترسلي إن "مطالبة المسلمين بالتخلي عن طريقة حياتهم أمر يتسم بعدم التحضر".‏‏

ويقول هاترسلي في البداية إن أفضل شئ يمكن أن يقال عن منتقدي التعددية الثقافية هو أنهم في حالة من التخبط، وأن "ما يفسر هذا التخبط هو الجهل والافتقار إلى القدرة على التمييز بين التكامل والتماثل". ويضيف الكاتب أن التفسير البديل أكثر سوءاً ومدعاة للتشاؤم، وهو أن "المسلمين مقبولون في بريطانيا، فقط إذا توقفوا عن التصرف مثل المسلمين".‏‏

ويرى هاترسلي إن مطالبة المسلمين بالتخلي عن طريقة حياتهم تعد "هجوماً مباشراً على عقيدتهم، الإسلام دين شامل. والناس الذين يذهبون إلى الكنيسة عشية عيد الميلاد ويعتقدون أن هذا يجعلهم مسيحيين قد لا يدركون أن المسلمين المتدينين يرون في القرآن دليلاً مرشداً لحياتهم بأسرها". ويقول الكاتب "حقيقة أن أغلبنا لا نشاركهم في معتقداتهم وبعضنا ليس له معتقدات على الإطلاق ليس لها علاقة بذلك، الناس البدائيين فقط هم الذين يريدون تدمير كل شيء يتعذر عليهم فهمه أو قبوله."‏‏

ويضيف هاترسلي أن الحجة في المطالبة بتخلي المسلمين عن ثقافتهم تتمثل في الخوف من شئ يطلق عليه من يجهلون به اسم الأصولية. لكنه في حقيقة الأمر هجوم على الإسلام، ثقافة وفكراً، أدى إلى عزل بعض الشباب المسلم إلى درجة لن يدينوا معها أي شخص يتعصب لدينهم. ويرى أيضاً أن ارتفاع مستوى البطالة وسوء مستوى المعيشة إضافة إلى الهجمات على القضايا التي يناصرونها - يتعين احترام قرارات الأمم المتحدة في العراق لكن ليس في "إسرائيل" أو كشمير - يجعلهم يشعرون أنهم مرفوضون. والهجوم على عاداتهم ومعتقداتهم سيزيدهم من انعزالهم. ويروي هاترسلي ما قاله له رجل مسلم في بداية الجدل حول كتاب "آيات شيطانية" للكاتب البريطاني سلمان رشدي: "قد لا تهتم بشأن دينك، لكن هذا ليس سبباً يدعونا لكي لا نهتم بديننا".‏‏

ويختم الكاتب مقاله بالقول إن الشباب المسلم درسوا في المدرسة أن الناس الأحرار يمكنهم أن يعيشوا كما يريدون ما دامت عاداتهم لا تشكل خطراً على سلام الأمة. "وإذا حاولنا حرمانهم هذا الحق، أو حتى إثناءهم عن احترام تاريخهم وثقافتهم، فإنهم سينقلبون بعد الصداقة أعداء. ونحن بحاجة إليهم في جانبنا في ظل الأيام الصعبة التي تنتظرنا."‏‏

2006-10-30