ارشيف من : 2005-2008

هل سيبحث برنامج إيران النووي في مجلس الأمن الدولي؟

هل سيبحث برنامج إيران النووي في مجلس الأمن الدولي؟

بقلم: فلاديمير سيمونوف(*)‏

يبدو للوهلة الأولى أن القرار الجديد للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول إيران هو خطوة أخرى باتجاه إحالة قضية برامج إيران النووية الى مجلس الأمن الدولي لبحثها. ولكن موسكو تأمل في ألا يحدث ذلك.‏

جاء في قرار وكالة الطاقة الذرية الأخير أن على إيران أن توقف أعمال تحويل اليورانيوم (المرحلة التحضيرية قبل التخصيب) قبل الثالث من أيلول/سبتمبر، إلا فمن الممكن أن يحال النزاع بعد الدورة الجديدة لوكالة الطاقة الذرية الى مجلس الأمن الدولي للنظر فيه. ويحق للمجلس أن يفرض عقوبات اقتصادية على البلد الذي يعكر الهدوء.‏

وتبحث واشنطن باستمرار عن أدلة جديدة ما وكأن إيران تصنع قنبلتها تحت ستار برنامج الطاقة النووي. وقبل أيام وجه اتهامات مماثلة جديدة لإيران المنشق الإيراني على رضا جعفر زاده الذي تنفذ شركته“Strategic Policy Consulting” في واشنطن بخضوع طلبات الإدارة الأمريكية الإيديولوجية. وحاول إحداث مفاجأة مدعيا بأن إيران صنعت 4000 جهاز طرد مركزي بإمكانها أن تنتج اليورانيوم للأغراض العسكرية. ولكن ظهور مثل هذا العدد الضخم للآلات المعقدة العالية السرعة لم يكن بالإمكان بالطبع ألا يلاحظها مراقبو الوكالة الدولية للطاقة الذرية. واحتاجوا إلى هذه الوشاية الكاذبة من أجل رفع درجة الخطر المزعوم النابع من برنامج إيران النووي في فترة المباحثات المتأزمة.‏

وسهل هذا مهمة الرئيس الأمريكي جورج بوش كي يحاول من جديد تخويف طهران ليس باحتمال إحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي وحسب بل والتدخل العسكري المباشر على شاكلة الحرب في العراق. وحذر بوش من أن كل السيناريوهات واردة وأضاف قائلا "كما تعرفون استخدمنا القوة في الماضي القريب!!".‏

ولكن واشنطن على ما يبدو لا تتصور جيدا إمكانيات إيران الجوابية "الأكثر تعددا من إمكانيات الولايات المتحدة" كما أعلن ناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية.‏

وليس هذا بتبجح وتظاهر بالشجاعة. فبين إمكانيات إيران النفط. وتبلغ أرباح إيران المتوقعة من تصدير النفط في العام الحالي 43 مليار دولار (35 مليار يورو) وهي أكبر أرباح منذ أن بدأت البلاد بتصدير النفط قبل 98 سنة. وتستخرج إيران يوميا أربعة ملايين برميل شاغلة بذلك المرتبة الثانية بين بلدان الأوبك بعد العربية السعودية. ويتفق العديد من محللي سوق النفط في الرأي حول أن إيران من الممكن أن يغويها استخدام النفط كسلاح ضد الغرب وخاصة ضد الولايات المتحدة. ومن الواضح أن حدوث أزمة خلال المناقشة المحتملة لبرنامج إيران النووي في مجلس الأمن الدولي يمكن أن يدفعها الى اتخاذ مثل هذا الإجراء. ويرى الخبراء أن سعر البرميل الواحد للنفط من الممكن أن يصل آنذاك الى مائة دولار.‏

على أية حال إن تكتيك الضغط على إيران بوقاحة والتهديد بإيصال الأمر الى فتح ميدان جديد للعمليات الحربية هيهات أن يدفعا إيران الى إبداء مرونة. لاسيما أن قوام القيادة الإيرانية الجديدة قد تجدد يوم الأحد الماضي بسياسيين من المتعارف عليه اعتبارهم محامين عن النهج المتشدد المناوئ للغرب.‏

وقدم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للبرلمان تشكيلة حكومته الجديدة لمناقشتها وقد عين أنصاره في الرأي من المحافظين في المناصب الوزارية الرئيسية. فمثلا عين الحقوقي منوتشهر متكي المعروف بانتقاده الشديد لمباحثات إيران مع ترويكا الاتحاد الأوروبي في منصب وزير الخارجية.‏

لم يقر البرلمان بعد الحكومة الجديدة ولكن مواقف إيران أصبحت أكثر تشددا. وأعلن محمد سعيدي الشخص الثاني في قيادة منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن "قضية أصفهان مغلقة. ولن يتوقف العمل في أصفهان من جديد من أجل تعزيز الثقة".‏

وكان سعيدي يقصد الحظر الذي فرضته إيران في العام الماضي على الأبحاث النووية من أجل أن تجري المباحثات مع الأوروبيين في جو أكثر ملاءمة.‏

وتعبر موسكو عن أسفها على أعمال إيران من جانب واحد. ويرى الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية ميخائيل كامينين أنه كان بإمكان إيران أن تواصل الموراتوريوم بدون إلحاق أي ضرر ببرنامجها في مجال الطاقة النووية.‏

وأضاف أن وحدة الطاقة الوحيدة للمحطة الكهروذرية التي يجري بناؤها في بوشهر مضمونة كليا بالوقود من روسيا.‏

ومع ذلك لا يعني الفشل في مباحثات إيران مع الترويكا الأوروبية بعد أن من الممكن طرح القضية الإيرانية على بساط بحث مجلس الأمن الدولي. ولا يستبعد محمد سعيدي نفسه مواصلة المباحثات مع الأوروبيين. ويبدو أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين لا يميلون بعد أيضا الى إيصال النزاع الى مجلس الأمن الدولي حيث من الممكن أن تستخدم الصين حق الفيتو على القرار الذي سيصدر حول إيران مربكة بذلك واضعيه.‏

كيف سيكون موقف روسيا من هذه الأزمة؟ أوضح ألكسندر بيكايف نائب رئيس لجنة الأمن العالمي التابعة لأكاديمية العلوم الروسية ردا على هذا السؤال أن مسألة تطور الأحداث بهذا الشكل غير المرغوب فيه ما زالت بعيدة جدا. وقال إنه على يقين من أن مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية لن يتخذ مثل هذه الخطوة الخطرة بعد الثالث من سبتمبر. وحتى إذا حدث ذلك بشكل مفاجئ لظروف ما غير متوقعة فإن القرار المتشدد لن يحصل على أغلبية الأصوات. وقال بيكايف إن العديد من البلدان النامية تؤيد إيران وترى أن إيران تنفذ التزاماتها الخاصة بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وبالتالي لا يمكن أن يدور الكلام عن فرض عقوبات ما عليها.‏

ولا ترى روسيا الآن أسبابا للبحث عن حل لمشكلة إيران النووية خارج المجال القانوني للوكالة الدولية للطاقة الذرية. ولكنها تريد أن يبدي مرونة في المباحثات ليس الأمريكيون والأوروبيون وحسب بل وإيران نفسها.‏

(*) المعلق السياسي في وكالة "نوفوستي"‏

2006-10-30