ارشيف من : 2005-2008
صحيفة السفير/ مزارع شبعا وجزيرة غرينلاند في محكمة العدل الدولية
بقلم وسيم حسن وهبة
يعترف الجميع بأن بلدة شبعا هي لبنانية، لكن بعض النواب يريد التأكد من ان مزارع هذه البلدة هي لبنانية ايضا، وذلك من خلال جلسة نيابية مخصصة لذلك! لن نتطرق الى هذه البديهية التي تكلم عنها الرئيس نبيه بري اثناء جلسة مناقشة البيان الوزاري الاسبوع الفائت للتأكيد أن مزارع شبعا هي لبنانية، انما سنبحث القضية من زاوية القانون الدولي.
فقد ورد في تقرير الامين العام للامم المتحدة كوفي انان المؤرخ بتاريخ 22/5/2000 في الفقرة رقم 16 ما يلي: "في حديث هاتفي معي جرى في 16/5/2000، ذكر وزير الخارجية السورية (فاروق) الشرع، ان الجمهورية العربية السورية تؤيد المطالبة اللبنانية المتعلقة بأن مزارع شبعا هي لبنانية".
فهل هذا التصريح من قبل وزير الخارجية الذي يؤكده الامين العام كوفي انان هو ملزم ويجب التقيد به؟ وهل يجوز بعد هذا القول ان المسألة بحاجة لتصريح خطي او وثيقة خطية موقعة من المعني بالتصريح؟
والى اي درجة يلزم وزير الخارجية دولته ويقيدها بأعماله وتصريحاته؟
يقول الدكتور علي حسين الشامي في مؤلفه (الدبلوماسية: نشأتها وتطورها وقواعدها ونظام الحصانات والامتيازات الدبلوماسية دار العلم للملايين، الطبعة الثانية، بيروت 1994، صفحة 142): "إن وزير الخارجية اثناء ممارسته لوظائفه ومباشرته العمل الدبلوماسي، يعتبر، كرئيس الدولة ورئيس الحكومة، مسؤولا عن اعماله وتصرفاته، وذلك بموجب صلاحياته وسلطاته التي يخوله اياها الدستور. وفي هذه الحالة، فإن اي تصرف واي تصريح يلزم ويقيد الدولة". فإذا لم يكن يوجد على هذا الصعيد سوابق تتعلق بتصريحات رئيس الدولة او رئيس الحكومة تؤكد إلزام الدولة، فهناك سابقة واحدة حصلت على هذا الصعيد تتعلق بالدانمرك عندما حاولت الحصول من مختلف الدول على الاعتراف بسيادتها على جزيرة غرينلاند. ففي 22/7/1919 عندما كان وزير خارجية الدانمرك في النروج، صرح وزير خارجية هذه الاخيرة لوزير خارجية الدانمرك بأن "حكومة النروج لا تقيم الصعوبات لتسوية هذه القضية". ولكن منذ 1920، حاولت النروج العدول عن هذا التصريح الموقف، وذلك بتقديمها بعض المطالب الاقليمية المتعلقة بالجزء الشرقي من غرينلاند. وعندما تمسكت الدانمرك بتصريح وزير الخارجية، وتفاقمت القضية، اضطرت لرفع القضية امام محكمة العدل الدولية الدائمة في سنة 1931. وفي 5 نيسان 1933، صدر قرار المحكمة على الشكل الآتي: "ان تصريحات وزير الخارجية المهيمن على السياسة الخارجية في الدولة، (والذي) هو صلة الوصل بين دولته والعالم الخارجي، تقيد دولته".
وعلى هذا الاساس لا تستطيع النروج العدول عن تصريحات وزير خارجيتها الملزمة لها. وهذا ما يؤيده فقهاء القانون الدولي عندما يعتبرون ان وزير الخارجية بوصفه يمثل هيئة العلاقات الخارجية، يلزم دولته في العديد من الميادين، حتى تلك التي تتعلق بمفاوضات دولية والتوقيع على الاتفاقيات ذات الشكل البسيط التي لا تتطلب بالضرورة تصديقا.
بالاستناد الى هذا الاجتهاد الصادر عن محكمة العدل الدولية يمكن القول ان ما نقل عن الوزير الشرع هو ملزم للدولة السورية لناحية اعتبار ان مزارع شبعا هي لبنانية، لان تصريح وزير الخارجية يلزم الدولة ويقيدها ولا ضرورة لجلسات نيابية لتوضيح هذه القضية بحيث يكون الكلام السياسي في هذه الجلسات اكثر من الكلام القانوني.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018