ارشيف من : 2005-2008
انتصارات "حزب الله" في ميزان 14 آذار واطمئنان "الكتلة الشيعية" من داخل الحكم
كتبت هيام القصيفي
في المشهد السياسي بعين قوى مسيحية شاركت في انتصار 14 آذار، ان ثمة منتصراً اليوم يقطف ثمار 14 آذار وهو من صانعي 8 آذار. "حزب الله" لا يزال تحت المعاينة داخلياً قبل ان يكون تحتها خارجياً، وهو في هذا المعنى ينتقل من فوز الى آخر، ويسجل نقاطاً في مرمى الجميع من دون استثناء.
فاذا كانت الانتخابات النيابية حملت الى المجلس كتلة جديدة للحزب، وهو من باب الفوز الطبيعي، فان الانتصار الاول الذي سجله فيها، هو في انه أمسك بزمام معركة بعبدا – عاليه، ودفع بانتصار لائحة شريكه الانتخابي النائب وليد جنبلاط، واضعاً اياه لأربعة اعوام تحت سقف هذا الانتصار الذي اوصل جنبلاط الى المجلس بكتلة من 16 نائباً، مع ما يعني انعكاس مساهمة الحزب في هذه الكتلة من الزاوية السياسية.
اما الانتصار الثاني فهو في وضع عباءة الحزب على اكتاف رئيس المجلس النيابي نبيه بري والاتيان به رئيساً خلافاً للتوجه الذي كان مطروحاً في اوساط منظمي 14 آذار الاساسيين، قبل الانتخابات النيابية.
والانتصار الثالث في فرض المرشح الشيعي لوزارة الخارجية بعد مداولات وأخذ ورد ارجأ تشكيل الحكومة اياماً الى حين تلبية شرط ما بات يعرف باسم "الكتلة الشيعية" اي "حزب الله" وحركة "أمل"، اضافة الى دخول عاصف للحزب بوزيرين (اضافة الى الخارجية) الى الحكومة وتسلم وزارتين حساستين.
اما الانتصار الرابع فيتمثل ببيان وزاري مدروس مغفلاً القرار 1559 متغاضياً عن كل الزيارات والجولات الاميركية. بين الانتصارات الاربعة تأتي تفاصيل محلية كمثل عدم توقيع قانون العفو عن الدكتور سمير جعجع والعاصفة التي هبت ولم تتوقف في وجه كتلة "الاصلاح والتغيير" في موضوع افراد "جيش لبنان الجنوبي" الموجودين في اسرائيل، رغم ان اول من طرح الموضوع كان البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير. اما ختام الانتصارات فجاء من طهران بزيارة الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله للقيادة الجديدة المتشددة لايران الصاعدة بقوة في الملف النووي والفاتحة ابوابها للرئيس السوري بشار الاسد.
واذا اضيف تفرد الحزب في الموضوع الامني وقدرته سواء على صعيد المقاومة او حتى على الصعيد العسكري التنظيمي والامني الذي يتميز به عن كل القوى اللبنانية الاخرى، فتكون المحصلة النهائية للصورة انكفاء المنتصرين في 14 آذار، لصالح من قام بـ8 آذار. بعضهم انكفأ امنيا، من المختارة الى قريطم، وبعضهم انكفأ تحت وطأة الانتخابات النيابية التي افقدت المجلس النيابي وجوهاً من 14 آذار. وبعضهم ولو دخل الى الحكومة والمجلس النيابي بكتلة كبيرة فانه لا يزال محكوما بحلف رباعي لا يستطيع فكه ولو اراد. وهو ما ستثبته من الان وصاعدا كل الملفات التي ستطرح داخل مجلس الوزراء او مجلس النواب.
في المقابل ارتياح واضح للحزب المتنقل بين بيروت وطهران، والمنصرف الى خوض اكثر من تحد سياسي خارجيا وداخليا في اظهار نفسه طرفا قويا تحققت له بعد الخروج السوري كمية من الانتصارات لم تتحقق له اثناء وجود السوريين وهم حلفاؤه في لبنان. مما يسمح له بنسج حوارات وليس تحالفات مع منتصرين في 14 آذار، والامساك بالقرار المحلي كلاعب قوي، والابتعاد تاليا عن الحوار مع قوى مسيحية كان نسج معها علاقات في الماضي القريب، والبدء بنسج علاقات مع الطرف المسيحي الذي يراه قويا اي الجنرال عون.
"نحن من الاطراف الاقوياء في البلد" هذه حقيقة لا ينكرها الحزب، لكن الجديد هو ان "الاطراف الاخرين لم يعتادوا بعد على ممارستنا السياسة ونحن من داخل السلطة وليس من خارجها".
لم يحقق الحزب انتصارات جديدة برأيه في الانتخابات النيابية، اما بالنسبة الى عودة الرئيس بري" فنحن لم نتدخل الا في ما يتعلق بالرئاسة الثانية ولم نتدخل في اختيار الرئاسة الثالثة مثلا، وفي اعتقادنا ان الرئيس بري هو الاصلح حاليا لادارة الوضع والرجل المناسب للمرحلة ثم هل ان عودة بري عمل غير ديموقراطي وابعاده عملا ديموقراطيا؟ وفي شأن بقية البنود فكلها جاءت نتيجة المشاروات مع حلفائنا، وهذه الحوارات المعمقة هي التي تنتج هذا النوع من التفاهمات، ولا نتعاطى باسلوب الاملاءات مع احد".
يعرف الحزب تماما بحسب ما يرشح من اوساطه ان ثمة اسئلة تطرح حول دوره الحالي لكن بالنسبة اليه هذه الاسئلة مدعاة استغراب، وخصصوا اذا صدرت عن قوى مسيحية يفترض انها "شريكة في قرار حلفائنا من كتلة المستقبل الى الحزب التقدمي الاشتراكي. اما من هم خارج هذا التحالف كالعماد ميشال عون فنحن واياه على اتصال مستمر.
واذا كان لهذه القوى من اسئلة وشكوك فعليها مراجعة شركائها في الانتخابات وفي 14 اذار "يبدو الحزب اكثر من مرتاح الى وضعه وسط تخبط القوى الشريكة وحتى تلك الموجودة على تماس معه، وهو في هذا المعنى يعمل على اكثر من خط، القرار 1559 من جهة، والوضع الداخلي من جهة اخرى، وهو يتعاطى مع هذا الملف وكأن لا خطر داهما يلوح في الافق في ما يتعلق بحيثيات القرار الدولي، ولهذه الغاية يدخل في تفاصيل الحياة السياسية من بابها العريض" نعتقد ان لدينا فرصة تاريخية في البلد لتجاوز الغام كثيرة، واغتنام فرصة ذهبية، تحكم الطوق على الفساد في البلاد. ولهذا السبب نعمل على معالجة كثير من القضايا من زاوية تسلمنا المسؤولية وهو امر يضعنا تحت المعاينة والمراقبة حتى لا تطاولنا شبهات طاولت غيرنا في مسائل الحكم.
اذاكان موقف الحزب من القرار 1559 ونشر الجيش وتسليم سلاحه صار معروفا، فان الحزب منصرف الى متابعة يومية للشؤون الداخلية "لان البلد سيعود عاجلا ام آجلا الى المسار اليومي للحياة السياسية" يُعد الحزب بدقة لملفات وزارتيه على ما يبدو، ويولي موضوع الكهرباء والنفط اهمية قصوى، وهو الذي تلقى نصائح بعدم دخول هذه "المغامرة" وتعريض سمعته للاسئلة، لكن على ما يبدو فانه مصمم على خوض هذا التحدي والا الجهر باسماء المعرقلين لخططه للاصلاح.
ويبدو ان خروج السوريين من لبنان اعطى الحزب هامش حرية حركة سياسية اكثر بكثير مما كان يفرضه هذا الوجود، من مراعاة لحساسيات وتوازنات داخلية، مما يعني ان الحزب صار قادرا وهو الداخل حديثا الى جنة الحكم من التفلت من مساومات كان يمكن ان يكون عرضة لها لو دخل الحكم ايام الوجود السوري.
وهو هنا مع تسلمه وزارتين حساستين كالعمل والطاقة، محكوم بجملة معطيات تضعه على محك ضبط كثير من الملفات الحساسة فيهما، مع ما يمكن ان يشكله هذا الضبط من تماس مع قوى حليفة. ويضعه ايضا على خط التقاء مع العماد ميشال عون الساعي الى محاربة الفساد.
في الحزب اجواء مؤيدة للحوار مع عون، رغم ان الاختلافات من القرار 1559 الى موضوع "العملاء" فالحوار يكون عادة بين مختلفين، ونحن مع التيار الوطني على اتصال ولقاءات مستمرة، والسجال لا يوقف حوارا في رأينا لا بل ان الاتصالات في شأن اللقاء بين الامين العام والعماد قطعت شوطا مهما. وما حصل اخيرا في موضوع العملاء كان يجب ان يكون بعيدا عن الاعلام، كي يعالج بهدوء، وخصوصا ان كلام الجنرال كان دقيقا، سواء اتفقنا ام لم نتفق.
ولا ننسى اننا في الانتخابات الاخيرة، اتخذ الحزب قرارا بدعم المرشح سليم عون في زحلة وتركنا الخيار حرا للناخب الشيعي في كسروان جبيل، مما سمح بفوز مرشحي عون".
لم يصوت الحزب ضد اطلاق جعجع لكنه لم يصوت معه وهنا يحرص على ابداء الملاحظة، "فنحن تحالفنا مع القوات في بعبدا عاليه، لكننا لا نستطيع ان نوافق على مسألة تمس بحليف لنا هو الرئيس عمر كرامي. لذا كان خيارنا الافضل عدم التصويت، كي لا نطعن كرامي في الظهر. اما في مسألة الحوار مع القوات، فمتروك الى ما بعد بلورة الخطاب الذي سيتقدم به جعجع من اللبنانيين بعد عودته".
اما في ما يتعلق بمسيحيي 14 آذار، فحكاية اخرى "فمنهم من هم شركاء الحلف الرباعي، وبالتالي فان اعتراضاتهم يجب ان تكون لدى حلفائهم، ومنهم من خسر معركته السياسية نتيجة عدم معرفته بادارة معركته الانتخابية، وهنا لا ناقة لنا ولا جمل".
المصدر: صحيفة النهار اللبنانية ـ 11آب/أغسطس 2005
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018