ارشيف من : 2005-2008

النص الكامل للبيان الوزاري ...

النص الكامل للبيان الوزاري ...

نص البيان الوزاري لحكومة "الإصلاح والنهوض"‏

في ما يأتي النص الكامل للبيان الوزاري الذي أقره مجلس الوزراء أمس بصيغته النهائية تحت عنوان:‏

"البيان الوزاري لحكومة الاصلاح والنهوض":‏

دولة الرئيس، حضرة النواب الكرام،‏

بقدر ما هو موجه إليكم، حضرة النواب الكرام، فإن هذا البيان موجه الى شباب لبنان، والى كل اللبنانيين. إنه البيان الاول للحكومة الاولى بعد الانتخابات، الاولى في ظل استعادة لبنان نظامه الديموقراطي.‏

إنه البيان الموجه الى شباب لبنان وشعب لبنان الناهض الذي انتفض لكرامة الوطن وحرر جنوبه وبقاعه الغربي وعمل على تعزيز استقلاله وسيادته وبادر الى تجاوز محن الماضي، بعد استشهاد صانع الانجازات الكبرى التي تحققت على مدى السنوات الماضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري والذي كان هو من يجب ان يكون اليوم امامكم.‏

إنه بيان العفو والمصالحة والتسامح والحوار والوفاق، بيان الاعلام المرفوعة والحناجر المدوية. بيان تلاقي ساحات الديموقراطية، بكل مشاربها واندماجها اليوم في اطار حكومتنا.‏

انه بيان مراجعة الماضي من اجل استيعابه وتجاوزه، وبيان الدخول الى المستقبل باقتحامه. بيان الانفتاح على جميع اللبنانيين وعلى الاشقاء وعلى العالم اجمع ليستفيد لبنان من مقوماته الوطنية والقومية والحضارية.‏

لذلك، ستجدون في هذا البيان تمسكاً راسخاً بالمسلمات الوطنية وفي طليعتها العمل على تطبيق اتفاق الطائف، وتوجها قاطعا وملتزما بالعمل على تصحيح الاخطاء واطلاق الاصلاح واحياء المؤسسات وقهر الفساد والقضاء على الهدر، ووضع الأسس الثابتة للمستقبل الواعد والزاهر.‏

إنه بيان العودة الى الدستور، الى سيادة القانون، الى المصالحة الحقيقية، الى حياة مدنية، تضبط الاداء الحكومي والتصرف الامني ضمن الاصول الديموقراطية احتراما لكرامة المواطنين وحرياتهم، وحقهم في دولتهم ونظامهم، واحتراما لقيم العدالة وحقوق الانسان. وعلى هذه القواعد فهو بيان يدعو بكل اخلاص مجلسكم الكريم الى ممارسة المساءلة الدورية لنا والى متابعة ومحاسبة تصرفاتنا على الدوام.‏

إنه بيان الوفاء بالوعود التي قطعت من الجميع الى الجميع عشية وخلال الانتخابات والمتمثلة بوضع قانون عصري وعادل للانتخاب مع تطبيق اللامركزية الادارية في ضوء المتغيرات التكنولوجية في عصر ثورة الاتصالات. بيان الالتزام بالاصلاح الحقيقي واعادة الهيكلة واقتطاع الفساد من جذوره، هدراً او تجاوزاً، اهمالا او اختلاسا، مع اصلاح الاجهزة الامنية لتكون في حدود صلاحياتها المحددة في اتفاق الطائف اداة للحماية لا للوصاية.‏

انه بيان تأمين استقلالية حقيقية للقضاء سلطة وللقضاة افراداً.‏

إنه، كذلك، بيان يحمل آمالاً واسعة في تربية وتعليم اجيالنا الشابة العلم المتلائم مع تطلعاتهم، ومع حاجات اقتصادنا. وهو كذلك التزام حاسم بصحة المواطنين وبشأنهم الاجتماعي وبوضعهم المعيشي، في ضوء التوصل التدريجي للاستعمال الامثل للموارد المتاحة وتعهداً ببرنامج واضح لتحقيق النمو المستدام والتنمية المتوازنة.‏

إنه بيان معالجة الاوضاع الاقتصادية والمالية من خلال الاصلاحات الجذرية التي طال انتظارها وتأخر تنفيذها بسبب معوقات شتى. إنه بيان العمل على اطلاق عجلة الاقتصاد الانتاجي والخدماتي من خلال تشجيع مبادرات القطاع الخاص وتحسين أداء إدارات ومؤسسات القطاع العام في خدمة الاقتصاد والمواطنين مع الالتزام بترشيد الانفاق بغية زيادة معدلات النمو وضبط خدمة الدين وخفض العجز في الموازنة ومعالجة مشكلة تراكم الدين العام توطئة لتخفيضه واطفائه.‏

إنه بيان تطبيق القانون وإلغاء كل تصرف او تنصت غير مشروع مع العودة الى اصول المحاكمات الجزائية التي تضمن حقوق وكرامة المواطنين اللبنانيين.‏

إنه بيان النضال الذي روته دماء الشهداء رفيق الحريري وباسل فليحان ورفاقهما وسمير قصير وجورج حاوي ورفدته جراح مروان حمادة والياس المر، بيان الالتزام بالعمل الجاد لجلاء الحقيقة وكشف المرتكبين ومحاكمتهم اياً كانوا واينما وجدوا.‏

إنه بيان الحفاظ على مقاومتنا الباسلة، بيان الحوار الهادئ حول الخيارات المتاحة لنا جميعا في نطاق معادلة عربية نضالية تواجه اسرائيل واحتلالاتها واطماعها وتحصن لبنان، في الوقت ذاته. إنه بيان الالتزام بالتضامن العربي، والتأكيد على التمسك بمبادرة قمة بيروت للسلام العادل والشامل، وعلى الاحترام لقرارات الشرعية الدولية.‏

إنه بيان اعادة بناء علاقات لبنانية سورية مميزة حقا بقوتها وعمقها وشفافيتها ونديتها واخلاصها، مميزة بتغليب المصلحة المشتركة على كل اعتبار آخر، مميزة في تطبيق الاتفاقيات بدقة، مميزة في تكاملها من خلال مؤسسات فاعلة وأسس واضحة، ومجالس وهيئات ناشطة تمثل امال وطموحات البلدين الشقيقين اللذين يتوقان فعلا الى تعميق أواصر التعاون والى التفاعل والتبادل والتضامن، عبر تشاور توافقي وتعاون مخلص وبناء.‏

دولة الرئيس، حضرة النواب الكرام،‏

إن الحكومة الماثلة امامكم اليوم تحدد سياساتها وتقرر تعهداتها في كل مسألة متاحة في المجالات الآتية:‏

أولاً:‏

في إصلاح النظام الانتخابي‏

إن مسألة إصلاح النظام الانتخابي هي من المسائل الهامة التي يؤكد اللبنانيون على ضرورة المبادرة وبسرعة الى معالجتها. ولذا فإن من اولويات الحكومة العمل على اصلاح نظام الانتخابات بهدف ترسيخ الديموقراطية البرلمانية التي كرسها الدستور والتي تقتضي قيام احزاب سياسية عصرية يتمحور حولها الرأي العام ويتم التمثيل الشعبي على اساسها وتستكمل الممارسة الديموقراطية من خلالها.‏

والحكومة تؤمن ان قيام تشكيلات سياسية تضم في صفوفها مواطنين ينتمون الى طوائف مختلفة امر ممكن شرط اعتماد النظام الانتخابي الملائم، وهي مقتنعة ايضا ان التعددية الطائفية لا تحول دون نشوء احزاب عصرية تفسح المجال لتجاوز العصبيات الطائفية التقليدية التي افسدت ولا تزال تفسد حياتنا السياسية وتعيق تطورها.‏

لذا تعتبر الحكومة ان اصلاح نظام الانتخابات يتصل اتصالا وثيقا بما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني لجهة إلغاء الطائفية السياسية، وهي بالتالي، بعد تقديمها مشروع قانون جديد للانتخابات الى المجلس النيابي، سوف تستعجل تشكيل الهيئة الوطنية للبحث في كيفية إلغاء الطائفية المشار إليها في وثيقة الوفاق الوطني والدستور.‏

وعلى هذا الاساس ستقوم الحكومة بعد نيلها الثقة في مجلسكم الكريم بتأليف هيئة وطنية خاصة لوضع قانون الانتخاب الذي يؤمن ضمن الاسس والمعايير التي نصت عليها وثيقة الوفاق الوطني التمثيل الصحيح للشعب اللبناني في الاطار الديموقراطي البرلماني وبما يؤمن مشاركة الشباب بفعالية من خلال تخفيض سن الاقتراع.‏

وستضم الهيئة القوى السياسية كافة بمن فيهم ممثلو الاحزاب والتيارات غير المنضوية في الحكومة لدراسة مشاريع القوانين وعرض خلاصة عملها في مهلة لا تتعدى الخمسة اشهر. وتتعهد الحكومة بدورها بتحويل المشروع المناسب خلال شهر واحد بعد ذلك الى مجلسكم الكريم ليأخذ مجراه القانوني عبر اللجان ولدى الهيئة العامة.‏

ولتعزيز الديموقراطية ومفهوم المشاركة الشعبية من خلال تفعيل البلديات، تريد الحكومة في هذا الصدد التأكيد على العمل من اجل تمكين البلديات من إدارة شؤونها في خدمة المجتمع المحلي بمشاركة الاهالي في رعاية مصالحهم، وتحمل المسؤولية في الشأن العام. كما تؤكد الحكومة على ان للبلديات دوراً مهماً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ينبغي احتضانه وتطويره في اطار برنامج الدولة الانمائي الشامل.‏

ثانياً:‏

في العلاقات العربية والدولية‏

انطلاقاً من انتماء لبنان العربي ودوره الفاعل في الدفاع عن القضايا العربية تؤكد الحكومة ايمانها بأهمية العمل العربي المشترك والتزامها بأعلى درجات التضامن العربي في اطار جامعة الدول العربية. كما تؤكد الحكومة ايضا سعيها لان يساهم لبنان في تعزيز اطر التعاون بين البلدان العربية في مختلف المجالات وعلى المستويات الرسمية والاهلية على حد سواء.‏

كما تعتبر الحكومة ان اساس عدم الاستقرار في المنطقة يعود الى استمرار الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية واغتصاب حقوق الشعب الفلسطيني ومنعه من اقامة دولته المستقلة على ارضه. وهي تعتقد ان السلام لا يمكن ان يتحقق مع استمرار الاحتلال للارض وعدم اعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية الكاملة والمشروعة، بما فيها حق العودة المنصوص عليه في قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 194.‏

وانطلاقا مما نص عليه اتفاق الطائف تؤكد الحكومة حرصها على اقامة علاقات صحية وجدية ومميزة وراسخة مع سوريا مرتكزة في ذلك على روابط الاخوة والتاريخ والجغرافيا والمصالح المشتركة.‏

وتؤكد الحكومة التزامها بأن لبنان لن يكون ممراً او مستقراً لاي تنظيم او قوة او دولة تستهدف المساس بأمنه او أمن سوريا تأكيداً لمبدأ ان أمن لبنان من أمن سوريا وبالعكس.‏

كما تجدد الحكومة تأكيدها على التضامن والتعاون مع الشقيقة سوريا وعلى اهمية تنسيق الموقف من الصراع العربي الاسرآئيلي. وستبادر الحكومة فور نيلها الثقة الى معالجة ازمة الحدود الطارئة بما يعيد الاوضاع الى مسارها الطبيعي والى ما ينبغي ان تكون عليه العلاقات بين بلدين جارين وشقيقين وان تعمد الى معالجة السلبيات الاخرى التي تضر بمصالح البلدين، والتطلع الى مستقبل مشرق وتعاون كامل في مختلف المجالات، وذلك في اطار السيادة والاستقلال لكل منهما لدرء المخاطر والتحديات الناجمة عن الضغوطات والتحولات الاقليمية والدولية.‏

وتؤكد الحكومة على التزامها بمتابعة قضية المفقودين والمعتقلين في السجون السورية وذلك من خلال اللجنة المشتركة اللبنانية السورية التي تم الاتفاق عليها بين البلدين.‏

وستعمل الحكومة، في السياسة الدولية، على توفير افضل علاقات التعاون مع جميع الدول الصديقة ومع المؤسسات الدولية وذلك في اطار ميثاق الامم المتحدة، واتفاق الشراكة الاوروبية، وتفعيل دور المؤسسات الدولية بما يخدم قضية السلم والأمن الدوليين، ويسهم في حل النزاعات في المنطقة في ضوء القوانين والمواثيق الدولية التي تنص على عدم جواز الاستيلاء على أراضي الاخرين بالقوة، وضرورة احترام سيادة الدول الاعضاء واحترام العلاقات والمعاهدات الدولية.‏

وتؤكد الحكومة حرصها على التمسك باحترام القانون الدولي وحسن العلاقة مع الشرعية الدولية واحترام قراراتها وذلك في اطار السيادة والتضامن والوحدة الوطنية. كذلك وفي اطار اطلاق حوار داخلي لبناني بهدف الوصول الى توافق وطني يقوم على تعزيز الوحدة الوطنية والتأكيد على مصالح البلاد العليا، والعمل على تعزيز موقع لبنان وصدقيته ضمن الأسرة الدولية.‏

وتعتبر الحكومة ان المقاومة اللبنانية هي تعبير صادق وطبيعي عن الحق الوطني للشعب اللبناني في تحرير ارضه والدفاع عن كرامته في مواجهة الاعتداءات والتهديدات والاطماع الاسرائيلية، والعمل على استكمال تحرير الارض اللبنانية، والاستمرار في رفض التوطين الذي يخل بالحق العربي الفلسطيني، ويتناقض مع وثيقة الوفاق الوطني.‏

وتعلن الحكومة عن اهتمامها بمتابعة قضية الاسرى والمعتقلين في السجون الاسرائيلية ومطالبة المجتمع الدولي بالضغط على اسرائيل للافراج عنهم.‏

كذلك ستولي الحكومة اهتماما بالغا بقضية تغييب الإمام الصدر ورفيقيه.‏

ثالثاً: في إعادة‏

بناء المؤسسات الأمنية‏

إن الاحداث الأمنية التي عانى منها لبنان وما يزال توجب على الحكومة ان تتخذ كل ما تتطلبه مسألة حماية أمن الوطن والمواطنين في يومهم وغدهم ومواجهة الاعتداءات المتتالية عليهم من خلال الاغتيالات والتفجيرات الارهابية، وهي لذلك تتعهد بدعم الجيش وتعزيز قوى الأمن الداخلي وتوفير كل الامكانيات التي تمكنها من القيام بمهامها الوطنية. وستكون من اولويات هذه الحكومة اعادة بناء المؤسسات والاجهزة الأمنية وتحديد مهامها وصلاحياتها ومسؤولياتها ومتطلباتها وكذلك اخضاعها للمبادئ التي نص عليها اتفاق الطائف بالنسبة الى صلاحيات الأمن العسكري وحدوده من جهة وحماية الحياة المدنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبنانيين من اية وصاية من جهة اخرى. وانطلاقا من هذا التوجه الاصلاحي ستستكمل الحكومة المناقلات والتعيينات اللازمة على كل المستويات القيادية.‏

رابعاً: في استقلال القضاء‏

تعتبر الحكومة ان مسألة فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ركن اساسي من اركان الدستور اللبناني والنظام الديموقراطي البرلماني الذي يلتزم به لبنان. والحكومة اذ تتمسك باستقلال القضاء تمسكا مطلقا تؤكد تصميمها على اجراء الاصلاحات اللازمة واعطاء هذا الامر، كل ابعاده الضرورية لاستقامة عمل المؤسسات وفعاليتها.‏

وعلى ذلك فإن الحكومة تؤمن بأن السلطة القضائية هي الضمانة الاساسية لحقوق المواطنين وحرياتهم، ومن هنا ضرورة التركيز على الامان القضائي انطلاقا من حرص الحكومة على استقلال القضاء وتوفير كل الضمانات الدستورية والقانونية للقضاة والمتقاضين بحيث يصبح القضاء محل ثقة اللبنانيين واحترامهم. فالقضاء العادل والمستقل لا يشكل فقط عامل استقرار اساسي للمجتمع ولكنه يشكل ايضا عاملا اساسيا في تعزيز ثقة الاشقاء والاصدقاء بلبنان وبالتالي في تشجيع الاستثمارات الخارجية التي تدفع بالاقتصاد الى الامام وتعزز النمو والتنمية وتحسن مستوى معيشة اللبنانيين وتضمن أمنهم الاجتماعي.‏

من جهة اخرى وتعزيزاً لانتظام عمل المؤسسات ستعمل الحكومة وفي اقرب وقت على اجراء التعيينات اللازمة لاستكمال هيئة المجلس الدستوري واعادة تفعيله.‏

إن الحكومة لن تألو جهدا في سعيها الدؤوب وبالتنسيق المستمر مع لجنة التحقيق الدولية لكشف حقيقة جرائم اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والنائب باسل فليحان، كما ستلاحق بقوة اعمال التحقيق بالجرائم في اكثر من منطقة التي ذهب ضحيتها الكاتب والصحافي سمير قصير والمناضل جورج حاوي ومحاولة اغتيال نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الوطني الياس المر، وقبل ذلك محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة. وتؤكد الحكومة اصرارها وفوق ذلك اصرار اللبنانيين جميعا بأن يحاسب جميع المسؤولين عن تلك الجرائم امام القضاء محاسبة كاملة.‏

خامساً: في التنصت وأصول المحاكمات الجزائية‏

وفي سياق اعادة فرض سلطة القانون ستوعز الحكومة لوزارة الاتصالات مع وزارات العدل والدفاع والداخلية للتحقق فورا من حسن تطبيق قانون صون الحق بسرية المخابرات التي تجرى بواسطة اية وسيلة من وسائل الاتصال.‏

كما ستقترح الحكومة على المجلس الكريم التعديلات الضرورية على قانوني التنصت واصول المحاكمات الجزائية بما يعيد للمواطن اللبناني حرمة حقوقه البديهية وحرياته الاساسية.‏

سادساً: في الاعلام‏

مع تأكيد الحكومة حرصها على حماية الحريات العامة والفردية، وحقوق المواطنين في التعبير عن آرائهم، وعلى حرية الاعلام وحماية تنوعه وتعدده، تعلن الحكومة التزامها بتطبيق القوانين دون استنساب، وسعيها الى تطويرها لتتلاءم مع التطورات التقنية واستنادا الى التجربة التي عاشها لبنان في ظل قانون البث الاذاعي والتلفزيوني. كذلك تؤكد الحكومة على اعطاء المجلس الوطني للاعلام دورا فاعلا بعد اعادة النظر في صلاحياته وطريقة تشكيله على أسس تتيح اختيار اهل الخبرة والاختصاص لتحمل المسؤولية فيه.‏

كما تؤكد الحكومة، ايمانا منها بدور الاعلام الفاعل في مختلف مجالات حياتنا الوطنية والذي هو في الوقت ذاته احد اهم القطاعات المنتجة في البلاد، انها ستتعاطى بانفتاح وتعاون مع كل المؤسسات الاعلامية والاعلاميين لما فيه مصلحة لبنان وحماية الحرية والديموقراطية والتنوع. انطلاقا من كل ذلك تؤكد الحكومة عزمها على تأييد اقتراح القانون الرامي الى اعادة فتح محطة الMTV.‏

كما ان الحكومة ستسعى الى اعادة النظر في النصوص المتعلقة بقطاع الاعلان الذي يعتبر قطاعا منتجا يستقطب عددا كبيرا من اللبنانيين‏

الذين يديرون مؤسسات كبرى في العالم ويمكن من خلالهم ومع التسهيلات التي يمكن ان تقدم الى هذا القطاع جذب استثمارات كبيرة الى لبنان بما يؤدي الى ايجاد فرص عمل كثيرة ومجدية امام اللبنانيين.‏

اما في ما يتعلق بمؤسسات الدولة الاعلامية، فتلتزم الحكومة وضع حد لحالة التراجع والفوضى والنزف المالي فيها من خلال المبادرة الى تخصيص التلفزيون والاذاعة على قاعدة تحفظ للدولة حقها في تأمين تغطية اعلامية شاملة لكل اللبنانيين ومناطقهم، على ان يكون للحكومة في الشركة الجديدة السهم الذهبي فقط الذي يكفل للحكومة تأمين ووضع الضوابط التي ترعى حقوق المواطنين والمصلحة الوطنية اللبنانية العليا. وستعمد الحكومة الى تفعيل الوكالة الوطنية للاعلام. والى ان تنجز هذه الخطوات تؤكد الحكومة عزمها على استكمال ما اتخذ من خطوات سابقة لمعالجة مشكلة الفائض في وزارة الاعلام بالتعاون بين الوزارة واجهزة الدولة المعنية بذلك.‏

سابعاً: في الاغتراب والمغتربين والقرية اللبنانية الكونية‏

شكل اللبنانيون في دنيا الاغتراب وعلى مدى عقود طويلة مجالا رحبا لحضور لبنان سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وحضاريا. ان الحكومة اذ تدرك اهمية ودور اللبنانيين في دنيا الاغتراب، ستسعى الى تمتين صلات لبنان المقيم مع لبنان المغترب بالتواصل الحميم المستمر بينهما عبر هيئات لبنان السياسية في الخارج، والمنظمات الاغترابية الفاعلة بغية تفعيل دور الانتشار اللبناني في العالم من اجل الدفاع عن القضايا الوطنية والعربية، واجتذاب الرساميل اللبنانية المهاجرة للتثمير في الوطن الأم، والاستفادة من هذه الثروة اللبنانية العلمية والفكرية والاقتصادية والسياسية.‏

كذلك تنطلق الحكومة من إدراكها العميق بأن أهمية ثورة الاتصالات في عصر العولمة لا تكمن بالنسبة للبنان في البُعد الاقتصادي فقط، إذ إنها تتيح أيضا تغيرا جذريا في درجة ونوعية التواصل بين لبنان المقيم ولبنان المغترب حيث ينتشر ما يزيد على ال15 مليونا من اللبنانيين يكوّنون القرية اللبنانية الكونية. ومن هنا فإن لتطوير هذا القطاع والسماح له بمواكبة التقنية المتاحة والمستجدة يسمح بتعميق ذلك التواصل في كافة المجالات الاقتصادية والثقافية والوطنية مع اللبنانيين في المغتربات.‏

ثامناً: في السياسة الاقتصادية والمالية والاجتماعية:‏

إن الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية وتطورها وكذلك الثقة بمستقبلها، تتأثر الى حد بعيد بتطور وتحسن الأوضاع السياسية والأمنية والقضائية.‏

ولقد عبّر الشعب اللبناني عن رغبة ملحة لدى اللبنانيين وخاصة الشباب منهم بإعادة بناء دولتهم وإصلاح مؤسساتها وإرساء أسس اقتصاد حديث ومنتج يتماشى مع قدراتهم وتطلعاتهم.‏

وعلى هذا ستعمل الحكومة على السير في تنفيذ رؤيتها الاقتصادية في بناء مستقبل اقتصادي منتج وكفء وتنافسي للبنان، مؤكدة عزمها على إعادة إطلاق وتبني الإصلاحات الأساسية بما يمكن لبنان من استعمال كامل طاقاته وموارده البشرية والمادية والزمنية وبما يضعه على المسار المحفز للاستثمار والنمو وزيادة فرص العمل وبما يسهم في تحسين الأوضاع المعيشية ويحافظ على الاستقرار النقدي.‏

وهكذا تقوم السياسة الاقتصادية للحكومة على المبادئ العامة التالية:‏

1ـ استعادة الثقة في الداخل والخارج بمستقبل الاقتصاد اللبناني من خلال التأكيد على صدقية الدولة وتصميمها على تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية والاجتماعية المطلوبة. ومن هنا فإن إعادة إطلاق تلك الإصلاحات، التي، وُعِدَ بها اللبنانيون منذ سنوات والتي وُضعت أسسها في مؤتمر باريس 2 وفي المشاريع الإصلاحية الأخرى والتي كان آخرها مشروع موازنة العام 2005 تشكل مدخلا أساسيا لعملية استعادة الثقة.‏

2ـ ان أي إصلاحات تبقى منقوصة وغير فعالة وغير مقنعة إذا لم تكن مقرونة بالتزام حاسم بمحاربة الفساد ومكافحة الهدر وتعزيز الإنتاجية ومكافأتها، واعتماد وسائل الإفصاح والمساءلة على قدر الصلاحية والمسؤولية.‏

3ـ ان الأداء الاقتصادي لا يمكن فصله عن الشأن الاجتماعي لذلك فإن هناك ضرورة لرسم سياسات فاعلة للتنمية المتوازنة والمستدامة، تهدف الى حماية الفئات المهمشة اجتماعيا، كما العمل على مكافحة الفقر والجهل والمرض. كذلك ستسعى الحكومة الى إطلاق حوار وطني يسهم في التوصل الى ميثاق اجتماعي واقتصادي جديد بين فرقاء الإنتاج من أجل زيادة الحركية وتعزيز الانتاجية بما فيه مصلحة الاقتصاد الوطني ومصلحة اللبنانيين.‏

4ـ إن بناء اقتصاد عصري يكون محوره الأساسي قطاعا خاصا وديناميكيا وقادرا على التكيف مع المتغيرات التكنولوجية العالمية، وبالتالي يكون قادرا على المنافسة وبما يؤمن نسبا عالية من النمو المستدام ويساهم في خلق فرص عمل جديدة للشباب ويحسن من مستويات ونوعية عيش اللبنانيين.‏

5 ـ إن عملية النهوض والإصلاح لا تقتصر على جهد تقوم به الحكومة أو مؤسسات الدولة بل تتطلب إشراك جميع القوى السياسية والهيئات الاقتصادية ومنظمات المجتمع المدني بما فيها المنظمات الشبابية، مع استمرار الحوار البناء مع المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية والدول الصديقة.‏

6 ـ التأكيد على أهمية إعادة انخراط لبنان في الاقتصادين العربي والعالمي من خلال التزام الحكومة بسياسة مقدامة تهدف لتعميق وتعزيز الروابط الاقتصادية مع الدول العربية والاندماج الاقتصادي معها. كما تلتزم الحكومة أيضا بتمتين تعاون لبنان مع الاتحاد الأوروبي والعمل على تعميق الاندماج الاقتصادي وتعزيز العلاقات السياسية والثقافية معه، في إطار مسار برشلونة، واتفاق الشراكة الموقع بين الطرفين والعمل على الإسراع في الانخراط في سياسة الجوار مع الاتحاد الأوروبي وتسريع عملية انضمام لبنان الى منظمة التجارة العالمية وتطبيق القوانين المتعلقة بحماية الملكية الفكرية ومكافحة القرصنة.‏

7 ـ إن نجاح الحكومة في تنفيذ برنامجها الاقتصادي والمالي يشترط تطبيق كافة البنود الواردة فيه دون انتقاص أو اجتزاء أو انتقائية أو إبطاء، مما يزيد من فعالية هذا البرنامج ويمكّن الحكومة بالتالي من إحداث الصدمة الإيجابية المطلوبة لإجراء المعالجات للمسائل الاقتصادية والمالية الداهمة.‏

المحاور الاقتصادية والمالية والاجتماعية الرئيسية في برنامج الحكومة الاقتصادي والمالي والاجتماعي:‏

1 ـ في الاقتصاد والنمو وتشجيع القطاعات الإنتاجية:‏

أ ـ تؤمن الحكومة بتحقيق نمو يطال بشكل شبه متواز جميع المناطق ومختلف القطاعات الاقتصادية. وسوف تولي الحكومة اهتماما خاصا بالقطاعات الإنتاجية التقليدية لا سيما الصناعة والزراعة، من خلال التشجيع والتركيز على الأنشطة والسلع ذات القيمة المضافة العالية. كما ستعمد الى الآليات التي تحفز على رفع مستوى الإنتاجية والقدرة التنافسية للمؤسسات الإنتاجية والتحفيز على اعتماد المعايير والمواصفات الدولية، وكذلك تأمين المناخات الملائمة لتشجيع المبادرات الاقتصادية وزيادة معدلات النمو.‏

كما ستولي الحكومة القطاع الزراعي اهتماما خاصا لمعالجة المشاكل الهيكلية التي يعاني منها على شتى الأصعدة، توصلا، ومن خلال تعزيز الإرشاد الزراعي وغيره من الآليات التي تسهم في التحول، الى المنتجات القادرة على المنافسة في أسواق التصدير والمتلائمة بنوعيتها وأساليب تسويقها مع المعايير الدولية وتكون قادرة على المنافسة.‏

ب ـ سوف تعمل الحكومة من أجل تنمية قطاع الخدمات القادر على خلق فرص العمل الجديدة، وبالأخص القطاع السياحي، ومساندة القطاعات الإنتاجية في عملية التحول الاقتصادي نحو اقتصاد القرن ال21، المبني على المعرفة (Knowledge economy). وستركز الحكومة على ضرورة الاهتمام بقطاعات الاقتصاد الجديد اNew Economyب التي من شأنها أن تحقق نسبا مرتفعة من النمو والعمالة الجديدة وبما يؤدي الى اعتماد الإنتاج الفكري مصدرا للدخل والثروة الوطنية.‏

ج ـ سوف تولي الحكومة المؤسسات المتوسطة والصغيرة الحجم اSMEsب اهتماما خاصا وكذلك المؤسسات الناشئة اStart-upsب التي تسمح للشباب بالانخراط في القطاعات الإنتاجية وترسخ بقاءهم في الوطن. كما ستعمد الحكومة الى تشجيع المبادرات الاقتصادية الجديدة من خلال تسهيل عملية الانخراط في العمليات الإنتاجية وكذلك في سهولة الانسحاب منها.‏

د ـ سوف تسعى الحكومة الى أن تكون في خلفية جميع سياساتها ومبادراتها مسألة تنمية الطاقات البشرية، والشابة منها خاصة، والتي تعتبر الثروة الحقيقية للبنان، وعلى أساسها سوف يبني لبنان اقتصادا عصريا.‏

هـ ـ سوف تشجع الحكومة على إشراك أكبر للشباب وللمرأة اللبنانية في بناء الاقتصاد من خلال إعطائهم فرصا أكبر في قيادة المؤسسات العامة.‏

2 ـ في المالية العامة والدين العام:‏

تؤمن الحكومة بأن من الضروري العمل بجد وإقدام على تصحيح الخلل في المالية العامة وتحقيق تخفيض مستمر في مستويات العجز ومعالجة مشكلة الدين العام. لذا سوف تتركز جهود الحكومة على المحاور الأساسية التالية:‏

1 ـ ترشيد وتقليص الإنفاق العام من خلال إقرار وتنفيذ ورش الإصلاحات والتعديلات القانونية المقترحة التي تضمنها مشروع موازنة 2005 والتي تم وضعها في تشرين الأول 2004 بما فيها تلك التي تتعلق بالمؤسسات العامة.‏

2 ـ تعزيز الإيرادات وتحديث النظام الضريبي وتفعيل الإدارة الضريبية، بما يؤدي الى تحسين الجباية للضرائب والرسوم.‏

3 ـ تحديث إدارة الدين العام وذلك عبر تطبيق سياسات تمكن من إدارة مخاطره بشكل أفضل وتخفض من عبء كلفته على الاقتصاد.‏

4 ـ تنفيذ برنامج التخصيص لتحرير القطاعات الحيوية في الاقتصاد ولا سيما قطاع الاتصالات والكهرباء والطاقة من احتكار الدولة، استنادا الى القوانين المرعية، على أن يصار الى استعمال كامل حصيلة عمليات التخصيص في إطفاء جزء من أصل الدين العام. وستسعى الحكومة، بموازاة عمليات التخصيص هذه، الى تطوير الأسواق المالية من خلال تفعيل عمل البورصة عن طريق عرض جزء من أسهم الشركات المعنية والناتجة عن عمليات التخصيص هذه على الجمهور بما يحصن العملية ويزيد من فرص نجاحاتها.‏

5 ـ العمل على تفعيل مصادر الدعم من أصدقاء لبنان: من خلال التبني الكامل للسياسات والإجراءات التي كان قد التزم بها لبنان في مؤتمر باريس 2 والالتزام ببرنامج إصلاح مالي وإداري قابل للتنفيذ ويحظى بدعم سياسي داخلي يشكل أساسا لحصول لبنان على مساعدات مالية من أشقائه وأصدقائه تدعم جهود اللبنانيين في الإصلاح وتحقيق النهوض الاقتصادي والاجتماعي وتسهل معالجة مشكلة الدين معالجة جذرية ودائمة.‏

3 ـ في دور الدولة وعمل المؤسسات:‏

إن تحقيق الأهداف الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي يطمح إليها اللبنانيون يعتمد بصورة أساسية على نجاح الدولة من خلال أنظمتها ومؤسساتها وممارساتها في إفساح المجال أمام المبادرات الفردية للإنتاج والاستثمار وتحفيز العجلة الاقتصادية من جهة، ومن خلال تخفيف عبء التكاليف المترتبة على المواطنين والمؤسسات الإنتاجية من جهة أخرى. إن فهم الحكومة لهذا الواقع يدفعها الى العمل على إعادة صياغة دور الدولة من خلال:‏

1 ـ رفع كفاءة الإدارات العامة والمؤسسات الحكومية وتطوير قدراتها البشرية واعتماد سياسة ديموقراطية الجدارة والكفاءة ومكافأتها، وليس على أساس الولاء والانتماء.‏

2 ـ تحسين نوعية الخدمات للمواطنين واحترام حقوقهم وكرامتهم بغية نيل ثقتهم بوصفهم يشكلون الهدف الأساس لعمل ودور مؤسسات الدولة وإداراتها وذلك من خلال اعتماد أساليب عمل حديثة وبسيطة وسريعة وشفافة كذلك في تطوير مجالات الحكومة الألكترونية وسيلة حديثة لخدمة المواطنين.‏

3 ـ محاربة الفساد والرشوة والعمل على إيجاد أسس حديثة للمساءلة والمحاسبة والمراقبة، ومتابعة عمل المسؤولين في إدارات الدولة ومؤسساتها ومحاسبتهم على أساس الأداء، مما يستدعي اعتماد الأساليب الحديثة وصولا الى تجديد دور وعمل أجهزة الرقابة.‏

4 ـ إزالة العراقيل الإدارية من أمام المبادرات الإنتاجية لا سيما تلك التي تقوم بها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والعمل على مساعدتها في تخفيض تكاليف مدخلاتها الأساسية وكلفة تمويلها.‏

5 ـ استكمال وصيانة البنى التحتية الرئيسية على مستوى الوطن ككل والنظر بالبرنامج الاستثماري للحكومة لتتلاءم مع الحاجات والإمكانات مع التأكيد على وجوب إفساح المجال للقطاع الخاص للمشاركة في الاستثمار التنموي حيث أمكن.‏

6 ـ إجراء إصلاح جذري للمؤسسات العامة وإعادة النظر بدور البعض منها.‏

7 ـ تعميق مجالات التعاون بين إدارات الدولة ومؤسساتها ومؤسسات المجتمع الأهلي والقطاع الخاص في نطاق التنمية المناطقية بما يتضمن تفعيل دور البلديات في هذا المضمار.‏

4 ـ في الشأن الاجتماعي:‏

سوف تسعى الحكومة الى مقاربة جديدة للنهوض بالشأن الاجتماعي بهدف إيجاد برنامج اجتماعي متكامل هادف وفعال يرتكز على ما يلي:‏

1 ـ الحد من ظاهرة الفقر المدقع وصولا الى القضاء عليها وفقا لأهداف الألفية للتنمية بحسب دراسة الأمم المتحدة للتنمية الخاصة بلبنان.‏

2 ـ إيجاد شبكات الأمان الاجتماعي اSocial Safety Netsب في مجالات الصحة والتعليم وضمان الشيخوخة ووضع تحديد دقيق لمعايير الإفادة من هذه الشبكات بالإضافة الى العمل على إيلاء الفئات المهمشة اجتماعيا اهتماما خاصا لا سيما الفئات ذات الحاجات الخاصة (المعوقون، الأيتام، العجزة، الأطفال العاملون...).‏

3 ـ اتخاذ خطوات عملية لإصلاح أجهزة التغطية الاجتماعية، لا سيما في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ووزارة الصحة بما يضمن الوصول الى شمولية أكبر في التغطية ومعايير أدق في الاستفادة في تحقيق زيادة في المردودية والصحة الاجتماعية والاقتصادية للإنفاق.‏

4 ـ تحسين المردود الاجتماعي للإنفاق الحكومي على الخدمات الاجتماعية الرئيسية (صحة وتعليم وشؤون اجتماعية) بهدف الوصول الى تغطية أشمل ومساواة أكبر بين الشرائح المستفيدة.‏

تاسعاً: في التربية والتعليم:‏

إن مسائل التوافر والنوعية والملاءمة في قطاع التربية والتعليم، هي من أهم القضايا التي تشغل بال اللبنانيين وتذهب بعيدا في ضمائرهم وهمومهم بكونها حقا من حقوقهم الوطنية الأساسية. ذلك أن مستقبل لبنان تصنعه أجيال ذلك المستقبل. فبقدر ما نحسن إعداد هذه الأجيال، يمكن لنا أن نبني الآمال والطموحات على لبنان الغد. ولذلك تأتي مهام التربية والتعليم في أعلى مراتب الأولويات في برنامج عمل الحكومة. وترى الحكومة أن عليها أن تراعي في سياستها التربوية تحقيق التناسق والتكامل بين الأبعاد الثلاثة التي تتجسّد فيها هذه السياسة وهي: حرية التعليم التي كفلها الدستور، والصالح العام وهو الحد الذي وضعه الدستور لممارسة هذه الحرية من جهة أولى، وربط التعليم في مختلف مستوياته باحتياجات سوق العمل كماً ونوعاً من جهة ثانية، والمشاركة في حضارة العالم وتقدمه، بالمعارف الجديدة والمتجددة، وبالإفادة من ميزات لبنان التفاضلية، ومن انفتاحه الثقافي والاقتصادي من جهة ثالثة.‏

إن الوحدة الوطنية التي ما زلنا نجاهد في سبيلها منذ إنشاء هذا الوطن الصغير بجغرافيته، العظيم برسالته، تبدأ ببناء وحدة المواطنية في نفوس النشء الجديد التي يكتمل تكوينها أو يكاد في مرحلة التعليم الأساسي. ولذلك ستعمل الحكومة على استكمال تجديد مناهج التعليم، والتأسيس للبدء بتنفيذ قانون إلزامية التعليم في المراحل التأسيسية. ومن الطبيعي أن يترافق ذلك مع بذل الجهد الممكن والمستمر لتأمين البناء المدرسي الصالح والمجهز تجهيزا كافيا على امتداد مساحة الوطن، ومعالجة التخمة وسوء التوزيع في المدارس وفي ملاك التعليم الرسمي وإعطاء مجال أكبر للمشاركة الأهلية في إدارة المدارس الرسمية. كذلك وفي ممارسة رقابة جادة وواعية على مستوى ونوعية التعليم في المدارس الخاصة والمجانية وعلى الأقساط المدرسية ولا سيما من خلال إشراك البلديات والجمعيات الأهلية.‏

أما في ما خص التعليم الثانوي فترى الحكومة أن حاجة لبنان باتت واضحة منذ عدة عقود لتشجيع التعليم المهني والتقني من أجل مد سوق العمل في داخل الوطن وكذلك مجالات عمل شبابنا في الخارج بحملة الشهادات المهنية الملائمة بمختلف فروعها. ولذلك ستعمل الحكومة على تعزيز التعليم المهني والتقني الرسمي وتحسين مستوياته ونوعيته وتلاؤمه، وتعزيز الرقابة على المدارس المهنية الخاصة لتأمين مستوى من التعليم يضمن لمتخرجي هذه المدارس التلاؤم مع حاجات سوق العمل وبالتالي الإفادة من فرص العمل المتاحة.‏

أما في مجال التعليم الجامعي فإن الحكومة ستعمل على إيلاء الجامعة اللبنانية كل الاهتمام الذي تستحقه بوصفها بوتقة للانصهار الوطني، ومجالا رحبا لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص في التعليم العالي وإمكانية تأمين التعليم الجامعي على مستوى عال من الكفاءة والتلاؤم مع المستويات المتميزة التي يتطلبها اقتصادنا ودورنا في المنطقة العربية والعالم. وتعتقد الحكومة أن الأمر أصبح أقرب الى المنال لا سيما أن المرحلة الأولى من البناء الجامعي الموحد في الحدث قد شارفت على الانتهاء.‏

من جهة تحرص الحكومة على توكيد استقلال الجامعة الأكاديمي وضرورة مدها بكل أشكال الدعم الممكن ماديا ومعنويا وتنظيميا على أن تجري متابعة مستمرة للنتائج المحققة على صعيد المتخرجين لجهة الكفاءات والمهارات التي اكتسبوها خلال دراساتهم الجامعية بالمقارنة مع الجامعات الأخرى في لبنان والعالم. ولذلك فإن الحكومة ستعمل على وضع قانون جديد يضمن هذا الاستقلال ويضمن تأمين المستوى الأكاديمي الرفيع بأفضل المعايير المعتمدة لهيئتها التعليمية، كما يضمن معالجة الشوائب الأكاديمية والتنظيمية التي تعتري عمل الجامعة اللبنانية.‏

من جهة أخرى ترى الحكومة ان التوسع الذي شهدته البلاد في السنوات الأخيرة في التعليم الجامعي الخاص، والذي تتخلله شوائب عديدة على المستويين الأكاديمي والتنظيمي، يفرض العمل على وضع قانون جديد للتعليم العالي يضمن حرية التعليم مع ممارسة الدولة رقابتها على هذه الحرية وكذلك لتأمين المستوى الأكاديمي اللائق واحترام القوانين والأنظمة التي تهدف الى تحقيق الصالح العام على المستوى التنظيمي وتجديد المناهج وتأمين الأبنية الجامعية الملائمة.‏

إن الحكومة تدرك أن وضعنا في لبنان نتاج أمرين اثنين: الحرية والنوعية، وفي جميع المجالات، وخاصة في التربية والثقافة. ولذلك لا بد من العمل للوصول الى مستويات عالية من الجودة والنوعية في جميع مراحل التعليم، وفي جميع مؤسساته.‏

عاشراً: في الثقافة:‏

ترى الحكومة أن لقضايا الثقافة مكانها في مشروع بناء لبنان الجديد الذي تدعو إليه وتلتزم بالعمل على تحقيقه.‏

ان نهضة لبنان تعني أيضا نهضة الثقافة على نحو يظهر وجه لبنان الحضاري وغنى تراثه وإسهامات أبنائه. فالثقافة في لبنان أساس لوجوده ولهويته.. ولا تنهض‏

الثقافة من دون الحرية. لقد أسهم لبنان بثقافته وحريته في بناء النهضة العربية وهو مدعو اليوم لأن يؤدي دورا فاعلا ورياديا في إطلاق نهضة عربية جديدة.‏

ويستدعي ذلك عودة بيروت عاصمة للكتاب والفنون وسائر صنوف الابداع العربي وجسرا بين الثقافة العربية وثقافات العالم.‏

إن الثقافة ليست بحاجة الى رعاية ولا هي تقبل الوصاية بل تستحق الدعم في شتى الحقول، وفي مقدمها الحفاظ على ثروة لبنان الأثرية.‏

إن مهمة الحكومة ليست توجيه الثقافة وبالتالي تكبيلها. لكن على الحكومة التأكيد على أهمية الإبداع ودعم المبدعين.‏

إن الحكومة لا تعتبر الثقافة في لبنان ترفا او مادة استهلاكية بل إنتاج وطني أساسي وبالتالي ستسعى لاستقطاب الطاقات وتوظيفها في مختلف حقول النشاط الثقافي.‏

كذلك ستعمل الحكومة على إصدار التشريعات الخاصة بتنظيم عمل وزارة الثقافة ولا سيما تلك المتعلقة بالمبدعين، من كتاب وفنانين، ومساعدتهم وضمان حقوقهم.‏

حادي عشر: في الاتصالات‏

ستبادر الحكومة في حقل الاتصالات وبالتنسيق في ما بين وزارة الاتصالات ووزارة المالية الى التدقيق في المداخيل المحققة لدى قطاع الاتصالات من الشبكة الثابتة وشبكتي الخلوي وغيرها من المداخيل المتأتية من هذا القطاع الحيوي لضبطها وتحويلها مباشرة الى حساب الخزينة الموحد. من جهة أخرى ستبادر الحكومة الى اجراء الاصلاحات الادارية والمالية اللازمة ووضع حد للتجاوزات والاعتداءات على التخابر، وستتشدد في تنفيذ عقود الإدارة الحالية في قطاع الهاتف الخلوي ومعالجة الدعاوى والملفات العالقة. كما ستعمد الى إعداد الترتيبات والاجراءات في ما خص الشبكة الثابتة تمهيدا لإنشاء "شركة اتصالات لبنان" وإنشاء الهيئة الناظمة. ومن ناحية أخرى، ستعمل الحكومة لتطوير وتحرير قطاع الاتصالات وتعزيز التواصل السريع والانترنت مع تخفيض التعرفات، كي يشكل ذلك رافعة ومحفزا للاقتصاد الوطني للاستفادة من المجالات الواسعة التي يتيحها اقتصاد المعرفة، ومن ذلك الإعداد للتعامل مع متطلبات المرحلة المقبلة في مجال تخصيص هذا القطاع الحيوي.‏

ثاني عشر: في الطاقة والمياه‏

1 في معضلة الكهرباء:‏

شكل قطاع الكهرباء وإدارته في السنوات الماضية مصدر مشاكل مستعصية في الجوانب التجهيزية والتشغيلية والإدارية. كما شكل هذا القطاع أيضا مصدر عبء متزايد على كاهل المواطنين وأضرّ بحياتهم ومصالحهم، كما أرهق مالية الدولة، ونال من صدقيتها. وما زاد الأمر تعقيدا وأعباء في الآونة الأخيرة تلك الزيادة الكبيرة الحاصلة والمستمرة في أسعار النفط العالمية ما زاد من حجم الأعباء التي تتحملها الخزينة والاقتصاد، وبالتالي زيادة حجم العجز في الموازنة وزيادة حجم الدين العام.‏

ولذلك، فإن الحكومة سوف تعمل على اعتماد معالجات تدريجية ومبرمجة لمشكلة الكهرباء على المديات القصيرة والمتوسطة والطويلة:‏

1 ـ حل مشكلة نقل الطاقة الكهربائية حلا نهائيا عن طريق استكمال اقامة الأعمدة لانجاز شبكات النقل بما يؤمن استعمال الطاقة الإنتاجية المتاحة، ويخفّض نسبة الهدر الفني.‏

2 ـ اعتماد سياسة مبرمجة وصحيحة لاستيراد المشتقات النفطية اللازمة لتشغيل معامل الإنتاج وفقا لاتفاقيات مباشرة بين الدولة اللبنانية والدول النفطية الشقيقة، من أجل تخفيض كلفة استيراد تلك المشتقات.‏

3 ـ العمل على الإسراع في تنفيذ الاتفاق المعقود مع الشقيقة سوريا من أجل استيراد الغاز الطبيعي بما يخفض من كلفة الإنتاج للطاقة المنتجة في معامل البداوي في شمال لبنان.‏

4 ـ التشدد في عملية فوترة الطاقة المسلّمة للمستهلكين وكذلك التشدد في تحصيل الفواتير من الجميع دون استثناء.‏

5 ـ المبادرة الى البحث الجدي بوضع اتفاقيات مع مؤسسات ودول منتجة للغاز الطبيعي بالتعاون مع مؤسسات القطاع الخاص وبتمويل منها.‏

6 ـ المبادرة فورا الى القيام بتشركة (Corporitization) معامل الطاقة وشبكات التوزيع وصولا الى اشراك القطاع الخاص وبتمويل منه في ما خص عمليتي الإنتاج والتوزيع.‏

7 ـ العمل بشكل جدي وسريع على إعادة تجهيز معامل قائمة او إنشاء معامل جديدة وذلك بالتعاون مع القطاع الخاص وبتمويل منه لمواجهة الحاجات المتزايدة للكهرباء في السنوات القادمة.‏

8 ـ العمل بشكل جدي وسريع على استطلاع مجالات زيادة استفادة لبنان من مصادر الطاقة المائية.‏

9 ـ الاستمرار في درس وسائل معالجات العجوزات الهائلة التي تتحملها الخزينة اللبنانية بما يأخذ في عين الاعتبار التحسن في كفاءة عمليات الإنتاج والتوزيع ومعدلات الفوترة والجباية. كذلك وبالتوازي مع مدى تحمل الاقتصاد اللبناني ومختلف الشرائح الاقتصادية للمواطنين وبما يمكن، من جهة أخرى، الخزينة اللبنانية ان تتحمله من عجز وزيادة في الدين العام.‏

2 ـ في المياه:‏

أصبحت مسألة المياه في لبنان ذات أهمية كبرى ولا سيما ان المتساقطات المائية تنحصر في فترة قصيرة، وهناك مسارب كثيرة للهدر وسوء الاستعمال.‏

لذلك فإن الحكومة ستعمل وفق مخطط توجيهي يهدف الى حفظ الثروة المائية من الضياع والهدر ووفق معايير اقتصادية واجتماعية، ويؤدي الى:‏

أ تأمين مصادر مياه الشفة والري بحسب حاجات المناطق والأهالي والنمو الاقتصادي، خاصة بعد تنفيذ العديد من الشبكات دون ربطها او تأمين مصدر تغذية لها.‏

ب استكمال دراسة وتنفيذ مشروع الليطاني بمراحله المختلفة كونه حاجة إنمائية وحقا وطنيا وضرورة لتلبية بعض حاجاتنا المقدرة في السنين القادمة.‏

ج متابعة إنشاء وتنفيذ السدود (شبروح العاصي القيسماني وغيرها) والبحيرات وفقا للخطة العشرية والاتفاقيات الموقعة وضمان حقوق لبنان في الأنهر المشتركة (العاصي الكبير الجنوبي الحاصباني).‏

د التأكيد على ضرورة التصرف بالمياه بمفهوم الإدارة المتكاملة وتفعيل عمل مصالح المياه في ضوء هذا المفهوم الجديد.‏

هـ العمل على ترشيد استهلاك المياه واستبدال استخدام المياه الجوفية من خلال مصادر مياه سطحية، وزيادة نسبة تغذية المياه الجوفية من مياه السيلان السطحي.‏

ثالث عشر: في الصحة العامة‏

تلتزم الحكومة السير قدما في عملية شاملة لإصلاحات جذرية في النظام الصحي، وصولا الى طبابة عادلة وشاملة ترتكز على أسس علمية وموضوعية تراعى فيها الخدمات المتطورة بالكلفة المعقولة ومكافحة الهدر والمحاباة وسوء التنظيم بما يؤمن استعمالا ومردودا أفضل للموارد المالية التي يجري انفاقها في هذا المجال. وهي لذلك ستعمد الى تنفيذ الخريطة الصحية بمختلف جوانبها من وقاية ورعاية واستشفاء ودواء، والسير بتحديث إدارة القطاع الصحي من خلال كوادر بشرية ذات كفاءة عالية واعتماد أنظمة المعلوماتية الصحية، وإجراء مكننة شاملة لهذا القطاع والالتزام بإطلاق العمل في مختلف مستشفيات الدولة في بيروت والمناطق بالإضافة الى تفعيل أجهزة الرقابة والتقييم مع التأكيد على الدور الهام الذي يمكن ان يلعبه القطاع الخاص وكذلك على الدور الذي تلعبه المؤسسات الأهلية في هذا الصدد.‏

ووصولا الى هذا المبتغى، سوف تعمل الوزارة من ضمن مبدأ الشراكة والمسؤولية، مع الجهات المعنية من مؤسسات تشريعية ونقابات والمراكز الأكاديمية والهيئات الدولية، بالإضافة الى الصناديق الضامنة والائتمانية لانجاز مشروع الاصلاح الصحي الذي يؤمن طبابة كريمة وعادلة للمواطن اللبناني من خلال تحسين استعمالات ومردودية الامكانات المادية المتوافرة والمخصصة لهذه الأغراض. كذلك ستعمل الحكومة على ان يبقى لبنان ويتعزز دوره في المنطقة باعتباره مركزا متميزا ومقصودا وقادرا على تقديم خدمات طبية مميزة، وموطنا لتدريب وتخريج الكوادر البشرية في مختلف مجالات الصحة التي تتوافق مع متطلبات العصر وحاجات أبنائه وقاصديه على حد سواء.‏

رابع عشر: في المرأة والشباب والرياضة‏

إن استنهاض طاقة الشباب اللبناني بالإضافة الى المشاركة السياسية يستدعيان معالجة مشتركة لمفاصل عدة، تربوية وثقافية واقتصادية، خاصة العمل على تشجيع المبادرات الاقتصادية والصناعية والتجارية الشبابية بتشريعات مؤاتية عبر القروض الميسرة والائتمانية لمشاريعهم. هذا بالإضافة الى إعادة التوجه التربوي والتعليمي بما يلائم سوق العمل ويوفر فرص عمل جديدة وملائمة.‏

ويأتي الدور الرسمي في إعادة الحياة الى الرياضة اللبنانية بعيدا عن التجاذبات السياسية والمناطقية والطائفية وبدعم البنى التحتية في مختلف المناطق، يأتي هذا الدور متمما لتفعيل دور الشباب والمجتمع الأهلي في بناء لبنان الجديد.‏

من جهة أخرى، ستعمل الحكومة على التركيز على قضايا المرأة كشريك اساسي وفاعل في الحياة العامة عبر استحضار المناخ القانوني المؤاتي لتعزيز دورها في مختلف القطاعات وستؤسس لدمج مفهوم الجندرة في كل السياسات المالية والاقتصادية والاجتماعية بما يتلاءم والمفاهيم العالمية الجديدة على هذا الصعيد.‏

كما ستضع الحكومة موضع التنفيذ كافة التعهدات التي التزم بها لبنان بموجب التوصيات الصادرة عن المؤتمر العالمي في بيجين حول قضايا المرأة.‏

خامس عشر: في البيئة‏

تعتقد الحكومة اعتقادا راسخا ان حماية البيئة هي حماية للبنان وللّبنانيين ولمستقبلهم. فهي جزء من ثروتهم وهي الحاضنة لصحتهم، كما انها الحافز لاقتصادهم والمعزز لمجالات نموه.‏

ولذلك، فإن حمايتها مسؤولية جماعية تقع على كاهل مؤسسات القطاعين العام والخاص وعلى كاهل المؤسسات التربوية والإعلامية. وهي تتعدى النطاق الوطني الى شراكة مع الدول العربية الشقيقة والدول الأوروبية الصديقة. ولذا تعي الحكومة مسؤولية وزاراتها المختلفة، وفي طليعتها وزارة البيئة، في العمل من أجل وضع حد للتدهور البيئي الذي يدفع لبنان واللبنانيون كلفته الغالية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والجمالية. ولذا، ستعمل الحكومة على وضع إطار عملي للتعاون بين الوزارات المعنية، ومن ضمنها وزارة البيئة من جهة والمنظمات الأهلية والجمعيات البيئية من جهة أخرى. وستعطي الحكومة أهمية خاصة لإعادة تحريج لبنان ووقف التصحر في أجزاء من ربوعه والحفاظ على مياهه الجوفية.‏

كذلك ستعمل الحكومة من جهة أولى على وضع خطة وطنية لمعالجة مشكلة النفايات الصلبة بجوانبها كافة، وعلى المباشرة بتنفيذها على قاعدة التنسيق الفعّال بين الوزارات المعنية وبالشراكة بينها وبين البلديات، فضلا عن العمل على معالجة مسألة الصرف الصحي من خلال مخطط شامل انطلاقا مما جرى تنفيذه وما يستوجب القيام به لربط الشبكات ومحطات التكرير مستفيدة من المساعدات الاقليمية والقروض الميسرة وعلى أساس المعايير العلمية والدولية المعتمدة في هذا الخصوص.‏

وعلى هذا الأساس ترى الحكومة ان العناية بالبيئة والحفاظ عليها، يتطلبان تخطيطا وتشريعا وبرمجة وتنفيذا بهدف ادماج السياسات البيئية في سياسات القطاعات الإنمائية كافة. كما تتطلب هذه العناية التشدد في تطبيق القوانين وتنفيذ القرارات، ورفع الوصايات وتفكيك شبكات المصالح التي لم تعبأ بالبيئة ولا بمصالح الوطن ومستقبل المواطنين.‏

سادس عشر: في العلاقة مع المجلس النيابي‏

تعتبر الحكومة ان هذه الحقبة هي مرحلة جديدة في تاريخ لبنان، انها حقبة تطبيق اتفاق الطائف، وحقبة احترام الدور الذي أنيط بالمؤسسات الدستورية وبخاصة مؤسسة مجلس النواب ومؤسسة مجلس الوزراء، بالإضافة الى التأكيد على أهمية فصل السلطات من ضمن صيغة التعاون بينهما.‏

لذا تصرّ الحكومة على تفعيل العلاقة الجيدة بين هاتين المؤسستين الدستوريتين، وإرساء جو التضامن الديموقراطي من خلال الافصاح والشفافية في العمل، والمساءلة، والشرح، والتواصل المستمر، والمحاسبة في إطار مؤسساتي، بما يتيح لوزارة الدولة لشؤون مجلس النواب لعب دور جديد وفاعل في هذا المجال.‏

وفي هذا الخصوص، ترحب الحكومة بالمبادرة الى اطلاق فكرة الجلسات الدورية للمساءلة، جريا على ما هو معمول به في العديد من الدول الديموقراطية وبما يؤكد على الفصل بين السلطتين التشريعية من جهة، والتنفيذية من جهة أخرى، وبما يعزز الممارسة الديموقراطية والدستورية ويرفع مستويات الافصاح والمحاسبة وحسن الأداء.‏

الخاتمة‏

دولة الرئيس،‏

السادة النواب،‏

كانت الشهور القليلة الماضية شهورا صعبة وقاسية على اللبنانيين، وعلى الأشقاء والأصدقاء الذين أحبوا لبنان، وهالهم مصابه، إلا ان آمالهم بلبنان جددتها عزائم شبابه، ورفضهم للفرقة والفتنة والانقسام. لقد خسرنا الكبير والكثير، لكننا ربحنا الوحدة والوطن، والتحدي الآن ان نصمد في الحاضر، كي نربح المستقبل.‏

ما عاد ممكنا ان نخسر، بل ما عاد ذلك مقبولا او محمولا. ولا أتحدث هنا عن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية فحسب، على صعوبتها وقسوتها، بل أتحدث عن الوجود الوطني، وعن السلامة الوطنية.‏

نقع اليوم في حاضر حافل بالتحديات، وفي منطقة ومرحلة مليئة بالمخاطر. وصمام الأمان الوحيد الذي نملكه وحدة شعبنا، والثقة التي يوليها اللبنانيون لوطنهم ودولتهم وارادتهم في الاصلاح والنهوض.‏

ما عاد مقبولا ان يعيش اللبنانيون في ظل دستور نضعه ولا نطبقه او نلتزم به، ومؤسسات أكثرها لا يعمل، وقوانين لا تنفذ.‏

وما عاد مقبولا ان يظل أمن المواطن عرضة للاهتزاز، وعيش المواطن عرضة للضياع، ومشكلات المواطن الكبيرة والصغيرة لا يعالج معظمها إلا في وسائل الاعلام، ومن ضمن الإثارة المعهودة.‏

إذا كنا نريد لوطننا البقاء والاستمرار والنهوض، فلا بد من التغيير والتجديد والاصلاح. والاصلاح مؤلم، والتغيير أكثر ايلاما. وهما مؤلمان لأنهما اصطدما دائما بمصالح مستقرة نجح أهلها في تصويرها باعتبارها مصالح طائفة ما، او منطقة ما، او زعامة ما.‏

دولة الرئيس، النواب الكرام،‏

نحن والعرب والعالم أمام شعب خرجت ملايينه طلبا للوفاق والتوافق، وطلبا للحرية، وطلبا للدولة القوية القادرة، وطلبا للديموقراطية، والعيش الكريم. ولا عيش ولا كرامة ولا حرية إلا بالتغيير الذي يجدد النظام، وإلا بالإصلاح الذي يصوب مسار عمل المؤسسات، ويضع الدستور والقوانين موضع الاحترام والتنفيذ، ويحقق النهوض للوطن والدولة والنظام.‏

لقد فوّتنا وفاتتنا فرص كثيرة. والمسؤولية مشتركة. والوطن واحد. والدولة واحدة. وينبغي تطوير النظام بما يسمح بمواجهة المشكلات والتحديات، او يستمر اللبنانيون في البحث عن نظام يصون وجودهم وحرياتهم وعيشهم المشترك، ومستقبلهم الواعد. فالأوطان لا تتغير ولا تستبدل. والدول لا تتغير ولا تستبدل، وإنما تتغير الأنظمة وتتجدد او تسقط. ولأننا نريد ان ننجح ولا نسقط يكون علينا العمل بكل قوانا على تجديد النظام وإصلاحه.‏

في وجه الأخطار المحدقة، والتحديات الكبيرة، تتقدم هذه الحكومة ببرنامجها للتغيير والإصلاح والنهوض والإعداد للمستقبل. وتربط استمرارها في تحمل المسؤولية والتكليف بقدرتها في السير قدما على هذا الدرب الطويل الذي لا بد من التحرك على مساراته مهما طال الزمن او قصر باتجاه جلاء الغمامة عن جبين الوطن والدولة، ومواطني الوطن والدولة.‏

الحاجات كثيرة، والامكانات ضئيلة، ومتى تم التوحد من حول هذه الأهداف ومتى توافرت العزيمة والإرادة أمكن اقناع الآخرين بجديتنا وبمساعدتنا، وبالتالي أمكن تحسين المردود وأمكن تحقيق الأهداف. لا بد من ان نبدأ هذا البرنامج الطموح، هذا المسار، ونتقدم فيه على أساس الإنجاز، وعلى أساس ذهنية التجديد والتطوير ومكافحة اليأس واللاجدوى، فالمطلوب إذن أمران اثنان: ذهنية التطوير والتجديد، وبدء المسار الوطني النهضوي الجديد.‏

نعم، سنعمل من أجل التغيير، ومن أجل التجديد، ومن أجل المستقبل. ونراهن عن طريق ذلك على استجلاب ثقة المواطنين واستنهاض هممهم، وعلى ثقة هذا المجلس ومراقبته ومحاسبته. لا أقول ان العالم يتطلع الينا، بل أقول ان اللبنانيين يضعوننا موضع الاختبار، واليوم بالذات، وسط المعاناة، والاضطراب الأمني المستمر، وتفاقم المشكلات.‏

كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري يقول: إذا بدأت الديموقراطية الحقيقية انتهت المكابرة وانتهى التذاكي. لا مكابرة أمام المراجعة والمحاسبة على الانجاز والتقصير. ولا تذاكي في تغطية المصالح او رمي التبعة على الآخرين. نحن هنا لنبدأ مسارا هو كما سبق القول اصلاح ونهوض وتجديد، نعتمد فيه على التعاون معكم، وعلى السعي الدؤوب لنيل ثقة الشعب اللبناني، ثقته بنفسه وبدولته وبالمستقبل، ومرة أخرى مع رفيق الحريري، رحمه الله، الذي قال مرارا: قد يختلف اللبنانيون على الماضي لكنهم يُجمعون على المستقبل.‏

دولة الرئيس، السادة النواب،‏

إن حكومتنا، حكومة الإصلاح والنهوض، تتطلع الى التعاون مع مجلسكم الكريم وهي على اساس هذا البيان تتقدم منكم طالبة الثقة.‏

شكرا لكم دولة الرئيس وشكرا للسادة النواب.‏

عشتم وعاش لبنان.‏

2006-10-30