ارشيف من : 2005-2008

من أوراق الجرائد اللبنانية الاحد 17 تموز/ يوليو 2005

من أوراق الجرائد اللبنانية الاحد 17 تموز/ يوليو 2005

صحيفة النهار وتحت عنوان:‏‏‏

إذا أصر عون على عدم المشاركة تذهب حقيبة العدل الى وزير للحود‏‏‏

رئيس الجمهورية بين خيارين: "الحصة العادلة" أو الانسحاب من الحكومة‏‏‏

كتب نقولا ناصيف‏‏‏

لم يتخذ الرئيس اميل لحود بعد قراراً من صيغة حكومة الـ24 التي اقترحها عليه الجمعة الفائت رئيس الوزراء المكلف فؤاد السنيورة، الا ان سلسلة اتصالات برئيس الجمهورية عكست اتجاهاً لديه الى توقيع مرسوم تأليف الحكومة الجديدة اقتناعاً منه بضرورة انهاء الأزمة الحكومية ووضع حد للاتهامات التي تساق ضده بأنه يتعمد العرقلة ودفع الوضع الداخلي الى فراغ دستوري.‏‏‏

على ان موقف لحود من حكومة الـ24 لا يقتصر على هذا الجانب، اذ استناداً الى اوساط قصر بعبدا، فانه يقارب الموضوع تبعاً لمعطيات جديدة ابرزها الآتي:‏‏‏

ان توقيع مرسوم تأليف الحكومة الجديدة التي يمتلك غالبية ثلثي المقاعد الحكومية فريق واحد يترأسه ظاهراً الرئيس المكلف ويقوده ضمناً رئيس الغالبية النيابية النائب سعد الحريري، يفقد رئيس الجمهورية والقوى الاخرى المشاركة في الحكومة من خارج الغالبية النيابية الثلث المعطّل، اي تسعة نواب، اذ استقرت تركيبة الحكومة الجديدة على قوتين رئيسيتين: 16 وزيراً للغالبية النيابية (الحريري وحلفاؤه النائب وليد جنبلاط و"لقاء قرنة شهوان" و"القوات اللبنانية")، و5 وزراء للزعامة الشيعية (الرئيس نبيه بري و"حزب الله")، الى ثلاثة وزراء محتملين لرئيس الجمهورية. مما يشير الى سيطرة فريق غالبية الثلثين على قرارات السلطة التنفيذية من غير ان تصطدم بالضرورة بوزراء الزعامة الشيعية.‏‏‏

2 – يعتقد لحود، في ضوء ما حمله اليه السنيورة، ان حصته والرئيس ميشال عون هي ثلاثة وزراء فقط. واذا عدل عون عن رفض المشاركة في الحكومة فيقتطع من هذه الحصة وزيرين. لكن لحود في ضوء قرار عون عدم المشاركة في الحكومة، يتجه الى عدم الاكتفاء بثلاثة وزراء انما سيطالب ايضاً بالحقيبة الرئيسية التي كانت ستعطى لوزير عون، وهي العدل، وفق الاتفاق السابق بين عون والسنيورة والحريري. وهو ما عناه رئيس الجمهورية البارحة في حديثه عن "العدالة" في توزيع الحقائب الوزارية التي لا تجعل السنيورة "يورث" الغالبية النيابية حقيبة وُعد بها عون.‏‏‏

مغزى ذلك ان رئيس الجمهورية سيسعى في المرحلة القصيرة السابقة لتوقيع مرسوم تأليف حكومة الـ24 الى الحصول على ثلاثة وزراء بالحقائب الآتية: الياس المر نائباً لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للدفاع، شارل رزق وزيراً للاعلام (وكانت صيغة السنيورة اقترحته وزيراً للثقافة)، وزير ثالث يسميه لحود لحقيبة العدل.‏‏‏

3 - على ان البديل من الحصة الرئاسية العادلة هو احتمال اقدام لحود على خطوة غير مسبوقة هي رفضه "توزير" قريبين منه وترك التركيبة الحكومية بكاملها للسنيورة والحريري والغالبية النيابية من دون ان يتمثل فيها. واذذاك يصبح خارج السلطة التنفيذية على نحو كامل، من غير ان يفقده ذلك حقه الدستوري في ترؤس جلسات مجلس الوزراء عندما يريد. فيلقي تبعة الحكم برمته على رئيس الحكومة وفريق عمله.‏‏‏

مسيحييون على الهامش‏‏‏

وعكست هذا المنحى اوساط قصر بعبدا التي اعتبرت ان رفض لحود المشاركة في الحكومة الجديدة سيكون واحداً من الخيارات المتاحة امامه والتي تم تداولها في الساعات المنصرمة. على ان من شأن ذلك ان يقود بدوره الى ازمة سياسية لا تقل تعقيداً، ومفادها ان الفريقين المسيحيين الرئيسيين، وهما رئيس الجمهورية والعماد عون، قد دُفعا الى ان يكونا خارج المشاركة في السلطة التنفيذية. الأمر الذي يُدخل البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير على خط التحفظ عن حكومة الـ24. وقد نُسب اليه امس مطالبته بتمثيل مسيحي حقيقي في الحكومة. على ان اخراج لحود وعون يؤول الى الملاحظات الآتية:‏‏‏

- خلل تمثيلي في حكومة لا يحظى وزراؤها المسيحيون بتغطية المرجعيات المسيحية المعنية، وأكثر ما يصح ذلك في المرجعيات المارونية. وخلل كهذا يستهدف اولاً وزراء "لقاء قرنة شهوان" مجردين اذذاك من غطاء بكركي بعد الازمة التي عصفت بـ"اللقاء" في ضوء نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة ولم تبعثه حياً حتى اللحظة.‏‏‏

- ان البطريرك الماروني الذي لا يزال يشكّل مصدر حماية لاستمرار رئيس الجمهورية في منصبه، سبق له ان منح عون بعد انتخابات جبل لبنان "درع تثبيت" زعامته المسيحية، معتبراً انها نتجت من اختيار حر لناخبيه، في تشكيك غير مباشر في النواب المسيحيين الذين فازوا باصوات ناخبين من غير طوائفهم في دوائرهم الانتخابية.‏‏‏

- ان خروج لحود وعون من الحكومة الجديدة يستعيد المآخذ التي غالباً ما وجهها المعارضون المسيحيون، ولا سيما منهم المنضوون في "لقاء قرنة شهوان"، عندما كانوا ينتقدون "توزير" مسيحيين تختارهم سوريا من غير تمتعهم بصفة تمثيلية مسيحية سياسية وشعبية. وكانت هذه حال معظم الوزراء المسيحيين في الحكومات المتعاقبة منذ عام 1992 اذ كان "يفتى بتوزيرهم" في دمشق. فاذا بالسابقة تكتسب وجهاً جديداً لا مكان للسوريين فيه هذه المرة.‏‏‏

وفي انتظار ان يوقّع رئيس الجمهورية مرسوم تأليف حكومة لا قرار له فيها، يبدو مؤكداً انه لن يوقّع "على زغل".‏‏‏

وفي صحيفو الانوار، وتحت عنوان:‏‏

علّة العللّ‏‏

كتب المحلل السياسي‏‏

نقترب من مُضيِّ شهر على انتهاء الإنتخابات النيابية (في التاسع عشر من حزيران)، ونقترب من مضيِّ شهر على مماحكات تأليف الحكومة لينتهي بنا الأمر الى سقوط كل (الطبخات):‏‏

من حكومة اتحاد وطني الى حكومة تكنوقراط.‏‏

على هذه الوتيرة يستحيل تأليف حكومة، فالإجماع في الديموقراطيات مستحيل اذ يكفي أن يكون لجهة واحدة حق الفيتو على أي مشروع أو تشكيلة حتى يطير المشروع من أساسه.‏‏

في الحالة اللبنانية التي نحن فيها، ماذا بمقدور الرئيس المكلَّف فؤاد السنيورة أن يفعل?‏‏

السنيورة آت من موافقة اكثريتَين:‏‏

الأكثرية التي رشحته وهي مؤلفة من كتلة نيابية قوامها 72 نائباً، والأكثرية التي سمّته وهي مؤلفة من 126 نائباً، ان جمع هاتين الاكثريتين يُفتَرَض أن يُطلق يَدَي الرئيس المكلَّف في عملية التشكيل، فلا هو الرئيس نجيب ميقاتي الذي جاء من دون أي تغطية نيابية بل بتوافق موقت، والسرعة التي شكَّل فيها حكومته مردّها الى أن وظيفته كانت اجراء الإنتخابات.‏‏

اليوم يأتي الرئيس السنيورة ليمتحن الإجماع الذي تكوَّن حوله، حتى الآن بدا أن هذا الإجماع ظرفيٌّ أو مفتعل وإلا لكانت الأمور سارت بأسهل مما كان متوقعاً وبأسرع مما هو متوقَّع.‏‏

لقد بات من باب ما هو معروف أن التأخير في تشكيل الحكومة سيؤثر سلباً على كل القطاعات، فهل أحتسب أحدٌ هذا الشلل في البلاد?‏‏

مَن قادر على القول أن كلفة شهر من هذا الجمود ستضاعف من العجز المستشري في البلاد?‏‏

أربع تشكيلات قدَّمها حتى الآن الرئيس المكلَّف، ولم تحظَ أي واحدة منها بالموافقة، فهل هذا معقول?‏‏

وان لم تحظ أربع تشكيلات بالرضى فأيُّ تشكيلة يمكن أن تُبصر النور?‏‏

* * *‏‏

ان ما يجري من وضع العصي في الدواليب يدل على ان (جهات داخلية فاعلة) تريد خياراً من اثنين:‏‏

إما العودة الى الرئيس نجيب ميقاتي.‏‏

وإما الوقوع في الفراغ العملي.‏‏

لكن يبدو ان الرئيس فؤاد السنيورة مدرك لأبعاد هذا المخطط الرهيب الذي يُحاك ضدّه، فإذا كان مصمماً على إكمال نهج الرئيس الحريري فكيف سيسهلون له الطريق لإكمال هذا النهج?‏‏

* * *‏‏

مع ذلك، فلقد اقترب الجميع من خط النهاية ولم يعد مجال المناورة واسعاً، فالملفات الضاغطة لم تعد تسمح بالمزيد من المناورة والمزيد من شد الحبال، وسيصل الجميع قريباً الى قناعة بإلزامية تسهيل مهمة الرئيس المكلف ولو بعد حين، وإلا فان الهيكل سيسقط على رؤوس الجميع.‏‏

ومن صحيفة صدى البلد، وتحت عنوان:‏

ماذا كان سيحصل بالأكثرية لو تحالف "حزب الله" مع عون؟‏

كتب حسين قطيش‏

ماذا كان يمكن ان يحصل لو تحالف حزب الله انتخابياً مع العماد ميشال عون في دائرة بعبدا ــ عاليه؟‏

كان هذا التحالف على قاب قوسين أو أدنى لو لم تتدخل قوى إقليمية مع هذا الطرف وقوى خارجية مع الطرف الآخر لتمنع حصوله من أجل ان يحصل التحالف بين "حزب الله" ورئيس "اللقاء الديمقراطي" وليد جنبلاط في الشكل الذي حصل.‏

فالنتائج التي أسفر عنها تحالف الحزب مع جنبلاط في بعبدا ــ عاليه أعطت ما سمي "لقاء البريستول" عشرة مقاعد نيابية ما مكنه من السيطرة على الأكثرية النيابية في مجلس النواب الجديد من دون ان يكون "حزب الله" شريكاً في هذه الأكثرية, أي ان تكتل الحريري ــ جنبلاط ــ أحزاب قرنة شهوان أصبح لديه 72 نائباً (الأكثرية) بفضل النواب العشرة الذين حقق حزب الله فوزهم في دائرة بعبدا ــ عاليه.‏

ولو اقدم "حزب الله" على التحالف مع العماد عون لكان تحقق فوز لائحة عون وبالتالي كان عشرة نواب أصبحوا في كتلة عون وأصبح تحالف عون ــ حزب الله ــ حركة "أمل" يملك الأكثرية النيابية في مجلس النواب الجديد بحيث يصبح عدد نواب هذا التحالف 66 نائباً مقابل 62 نائباً لتحالف الحريري ــ جنبلاط ــ القرنة.‏

نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم قال بعد انتهاء المعركة ان الحزب أعطى حلفاءه في لائحة بعبدا ــ عاليه ما يزيد عن 14 ألف صوت, وكان الفارق بين الفائزين والخاسرين يتراوح بين ألفين وثلاثة آلاف صوت فقط, وهذا يعني ان "حزب الله" وباعتراف الجميع هو الذي حقق فوز ستة نواب لجنبلاط ونائبين للحريري ونائبين للحركة الإصلاحية الكتائبية و"القوات اللبنانية" مقابل نائب واحد لــ"حزب الله" فقط هو النائب علي عمار, وبهذا الفوز الذي انعكس بشكل مباشر على معارك دائرتي الشمال أصبحت الأكثرية النيابية مع "لقاء البريستول" وتحديداً مع الحريري وجنبلاط وأحزاب قرنة شهوان, والأقلية مع "حزب الله" وحركة "أمل" وعون وذلك بفضل الطريق التي سكلها "حزب الله" في بعبدا ــ عاليه وهي طريق التحالف مع جنبلاط وحلفائه من دون عون وحلفائه.‏

وخلال مشاورات تأليف حكومة السنيورة جرى التعامل مع "حزب الله" وشريكه حركة "أمل" على أساس التمثيل الشيعي ووجوب "اعطاء" الحزب والحركة حصتيهما بالحد الأدنى من دون أي اعتبار او احترام او تعامل مع الدور الذي لعبه "حزب الله" في تأمين الأكثرية النيابية الى جانب التحالف الذي يقود عملية تأليف الحكومة.‏

وبإسم هذه "الأكثرية" منح تكتل "لقاء البريستول" نفسه 20 مقعداً وزارياً (في حكومة الثلاثين) توزعت بنسبة 12 مقعداً لكتلة الحريري التي تضم 37 نائباً و4 مقاعد لكتلة جنبلاط التي تضم 15 نائباً و4 مقاعد لأحزاب قرنة شهوان و"التكتل الطرابلسي".‏

و"منح" حزب الله وحركة "أمل" التي تتألف كتلتهما مع الحلفاء من 34 نائباً أربعة مقاعد وزارية "شيعية" فقط مع مقعد شيعي مستقل وان كان صاحبه مقبولاً من الحزب والحركة!.‏

ولو انعكس الدور, وتحالف "حزب الله" مع عون في بعبدا ــ عاليه, وأصبحت الأكثرية النيابية معهما ابتداء من 66 نائباً وما فوق ماذا كان يمكن ان يحصل؟‏

من الطبيعي ان تطلب هذه الأكثرية تكليف شخصية سنية تنتمي الى الكتلة التي فازت بأكثرية مقاعد السنة وهي بالطبع كتلة تيار "المستقبل".‏

ولكن هل كان الرئيس المكلف (السنيورة او غيره) سيتعامل مع الأكثرية التي تتألف من "حزب الله" وعون وحركة "أمل" وحلفائهم, كما حصل ويحصل الآن؟..‏

وهل كانت حصة هذه "الأكثرية" تسعة او عشرة وزراء فقط من أصل الثلاثين وزيراً؟‏

بالطبع لا.. لأن الأكثرية كانت ستفرض رأيها في العدد والأسماء والحقائب, وهو ما تفعله أكثرية "لقاء البريستول" الآن مع "حزب الله" وحركة "أمل" والعماد عون, وذلك بعد ان حجب "حزب الله" هذه الأكثرية عن نفسه أولاً ليعطيها عن قصد او عن سوء تقدير لمن "يمننونه" الآن بالحد الأدنى من المقاعد والحقائب, من دون ان يديروا رؤوسهم قليلاً الى الوراء ليتبينوا بأنهم ما كانوا ليحصلوا على الأكثرية وعلى هذه السلطة لو لم يتحالف معهم "حزب الله" في بعبدا ــ عاليه ويعطيهم عشرة مقاعد نظيفة وواضحة بفضلها وحدها أصبحوا أكثرية, وأصبحت السلطة في يدهم.. وأصبحوا يوزعون المقاعد الوزارية على انصارهم والمستشارين ويعترضون ويعارضون ويشطبون أسماء وحقائب من كانت الأكثرية في متناولهم لو تحالفوا, او سمح لهم بهذا التحالف!...‏

2006-10-30