ارشيف من : 2005-2008

يمكن توجيه أصابع الاتهام الى الكيان الصهيوني بالدرجة الاولى، أو الى قوى تعمل لمصلحته، أياً كانت هويتها.

يمكن توجيه أصابع الاتهام الى الكيان الصهيوني بالدرجة الاولى، أو الى قوى تعمل لمصلحته، أياً كانت هويتها.

افتتاحية ـ صيفة الخليج الإماراتية ـ 13/7/2005‏

تفتح محاولة اغتيال وزير الدفاع اللبناني الياس المر التي جرت أمس مجدداً سيل الاسئلة الذي لم ينقطع: لماذا؟ ولمصلحة من؟ ومن خطط ونفذ؟‏

هي نفسها الاسئلة التي طرحت في محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها الوزير السابق مروان حمادة، وتكررت بعد اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، ثم بعد اغتيال الصحافي سمير قصير، ثم الامين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي.. وبعد الانفجارات التي وقعت في عدد من المناطق اللبنانية.‏

رغم كل التحقيقات التي جرت في شأن هذه التفجيرات، ورغم ان التحقيق باغتيال الحريري يقوده فريق من المحققين الدوليين، إلا أن جواباً واحداً لم يتم العثور عليه حتى الآن للرد على أي من تلك الاسئلة.‏

علام يدل ذلك؟‏

إن لبنان مستهدف، من خلال ضرب السلم الاهلي الذي كرسه اتفاق الطائف، لاعادته مجدداً الى جحيم الحرب الاهلية التي اكتوى بنارها طوال 15 عاماً وناله الكثير من الدمار والخراب والخسائر المادية والبشرية.‏

ان لبنان مستهدف، بصيغته في التعايش بين طوائفه ومذاهبه وأحزابه لما يمثله ذلك من تفرد حضاري عربي يمثل النقيض الطبيعي للكيان الصهيوني العنصري.‏

ان لبنان مستهدف، لانه على الرغم من مظاهر الفوضى السياسية التي تبرز بين الحين والآخر تعبيراً عن تنافر أو عدم ائتلاف وتآلف مجتمعي، إلا أن حالة الديمقراطية التي يمثلها تبقى غير مألوفة وربما مرفوضة اقليمياً، مادام تم تكريس “اسرائيل” واحة وحيدة للديمقراطية في المنطقة، ولبنان يشكل التحدي الديمقراطي لها.‏

إن لبنان مستهدف، لأنه حالة عربية فريدة لم تتوافر أو تتحقق في أي بلد عربي، من خلال إبداعه نموذجاً جديداً في المقاومة الوطنية استطاعت ان تحقق نصراً حاسماً على الاحتلال الصهيوني وإجباره على الانكفاء من دون ان تدفع مقابلاً سياسياً أو أمنياً اضطرت دول عربية أخرى تملك جيوشاً ان تدفعه.‏

بل واكثر من ذلك، استطاعت هذه المقاومة التي كانت شعبية ورسمية في آن واحد، ان تشكل رادعاً مميزاً وميزان قوى جديداً لم يألفه الصراع العربي الصهيوني من قبل.‏

لهذا كله، فإن الذي يمارس لعبة الانفجارات والاغتيالات يعرف تماماً هذه “الميزات” اللبنانية التي تشكل تحدياً له، ويعرف أيضاً هشاشة الوضع الداخلي اللبناني الذي لم يخرج بعد من حالة النقاهة، لذلك فإنه يوظف قدراته وامكاناته وخبرته لتحقيق نواياه الشريرة، من دون القدرة على كشفه.‏

من هنا، يمكن توجيه أصابع الاتهام الى الكيان الصهيوني بالدرجة الاولى، أو الى قوى تعمل لمصلحته، أياً كانت هويتها.‏

وليس غير الكيان من يلعب على التناقضات وتقاطع المصالح ويوظفها لحسابه وحساب مخططاته الجهنمية.‏

2006-10-30