ارشيف من : 2005-2008
رسالتا الخميني إلى غورباتشوف ونجاد إلى بوش: السلام على من اتبع الهدى
المصدر/ صحيفة "السفير"
مرت 17 سنة على الرسالة "التاريخية" من الإمام آية الله الخميني، إلى زعيم الاتحاد السوفياتي الأخير ميخائيل غورباتشوف. وعلى الرغم من أن الظروف مختلفة كل الاختلاف، وموازين القوى العالمية بعيدة كل البعد عما كانت عليه في تلك الفترة، إلا ان رسالة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الى الرئيس الأميركي جورج بوش، تعيد تسليط الضوء على مبادئ الثورة الإسلامية في إيران، من ناحية انتقادها للرأسمالية الغربية، وتبنيها لفكرة ان الدين "ليس أفيون الشعوب".
وفي حين أن الرسالتين أبصرتا النور في زمنين متباينين، حيث ان ايران في العام 1989 لم تكن في مواجهة مباشرة مع الاتحاد السوفياتي، وهي تعد اليوم "العدو الأول" لأميركا، فإن هناك نقاط تشابه الى حد بعيد بين الرسالتين، تبدو جديرة بالملاحظة: المرسل والمرسل إليه، الدعوة للعودة الى الدين، مواجهة كبت طاقات الشعوب، فشل النظام الليبرالي والتحذير من الرأسمالية.
المرسل الى غورباتشوف هو الخميني، الذي قاد ثورة أطاحت أحد معاقل التبعية للاميركيين في المنطقة، وأسس لقيام الجمهورية الاسلامية التي حلمت بانتشار مبادئها في كل العالم الاسلامي، وربما في العالم اجمع. والمرسل الى بوش، هو نجاد الذي يعتبر نفسه من تلامذة الخميني والمجدد لطريق ثورته، وانما من دون طموحات الانتشار الواسع للثورة. وما زال نجاد يعتبر ان الاميركيين في حالة مواجهة مع ايران.
المرسل إليه في الرسالة الأولى، "إمبراطور" تربع على عرش موسكو وأوروبا الشرقية كلها، في وقت كان الاتحاد السوفياتي يستعد لانهيار كامل، على الرغم من السلطة السياسية والعسكرية الهائلة التي كان يتمتع بها. والمرسل إليه في الرسالة الثانية، هو بوش ، او "السيد خطر" بحسب التوصيف الذي يستخدمه هوغو تشافيز. وهو "إمبراطور" متربع على عرش العالم كله، شخص يقود اليوم أهم قوة عسكرية، لم يعهدها التاريخ، ويتحكم بسياسة أحادية تكاد "تطحن" غالبية شعوب الأرض.
وفيما يركز الخميني في رسالته الى غورباتوشف على الدعوة الى العودة لله، معتبرا ان المشكلة في الاتحاد السوفياتي تتمثل في نكران وجود الله النابع من الفكر المادي والقائم على اساس المذهب التجريبي، فإن نجاد، بدوره، يدعو بوش إلى العودة لتعاليم الأنبياء "الطريق الوحيد الى الخلاص"، معتبرا انه "بالإيمان بالله وتعاليم أنبيائه، فإن الناس سيتغلبون على مصاعبهم".
ويؤكد الخميني ان "الشيوعية لم تعد تلبي اي حاجة من الحاجات الواقعية للإنسان، لأنها مذهب مادي، ولا يمكن للمادية ان تنقذ البشرية من أزمة عدم الاعتقاد بالمعنويات.. ان مشكلتكم الأساسية هي التورط في صراع لا طائل تحته مع الله، مبدأ الوجود والخلق". ويقول نجاد من جهته، "نرى على نحو متزايد أن الناس في أنحاء العالم يتجهون نحو نقطة محورية رئيسية، وهي الله القدير. سؤالي لك (الى بوش) هو: هل ترغب في الانضمام إليهم؟".
وبينما يحذر الخميني من الانقياد الى النظام الرأسمالي الغربي، داعيا الى الحذر من الخدعة الاميركية، يعتبر نجاد ان "الليبرالية والأسلوب الغربي للديموقراطية لم ينجحا". ويوضح "اليوم فشل هذان المفهومان", مضيفا ان التاريخ يظهر كيف ان
"الحكومات القمعية والوحشية لا تستمر".
ويعتبر الخميني أن "القطبين الشرق والغرب أبقيا الشعوب المظلومة المستعبدة متخلفة في جميع الأمور، وجعلا بلدانها استهلاكية وأوجدا في أنفسنا حالة عميقة من الرهبة تجاه مظاهر تقدمهما وقواهما الشيطانية، حتى لم تعد لنا جرأة على المبادرة إلى أي ابداع". ويضيف "راح الكتاب والخطباء المتغربون والمتشرقون الجهلة ينتقدون هازئين بثقافتنا وتقاليدنا وحتى صناعاتنا وما قد نبدعه، وسعوا لكبت طاقاتنا الذاتية وبعث اليأس فيها".
وفي موازاة ذلك، يسأل نجاد "لماذا يفسر ويصور اي انجاز تكنولوجي او علمي في منطقة الشرق الاوسط على انه تهديد للنظام الصهيوني؟ اليس البحث والتطوير احد الحقوق الاساسية للامم؟". ويتابع "هل ان احتمال استخدام الانجازات العلمية لاغراض عسكرية، هو سبب كاف لمعارضة العلم والتكنولوجيا تماما؟ .. هل ننوي إقامة العدل أم أننا فقط نؤيد مصالح جماعات خاصة... ونجعل قلة من الشعب غنية وقوية بإرغام كثر من الناس على العيش في فقر وصعوبات؟".
لقد "تنبأ" الخميني في رسالته بنهاية مريرة للاتحاد السوفياتي. ويقول الكاتب الروسي نيكولاي مشين ان "رسالة الإمام درس يلقنه أستاذ غني التجربة لطفل لم يعرف بعد ألف باء القراءة والكتابة!".
فهل ان "الكراهية العالمية المتزايدة للحكومة الاميركية" التي تحدث عنها نجاد في رسالته الى بوش، تستهدف طرق باب الحوار، ام التنبؤ... بنهاية مماثلة؟.
محمد علي حريصي
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018