ارشيف من : 2005-2008

لعبة مفضوحة

لعبة مفضوحة

كتبت نجوى مارون‏

غزلٌ من واشنطن للمقاومة وسيّدها، وشتمٌ في بيروت للوطني الحرّ وجنراله. والغريب في هذا ‏المشهد المشكَّك في أهدافه وخلفياته، أنّ المصدر الذي يقوم بهذا الدور المحيِّر هو «تيار ‏المستقبل».‏‏

رأفةَ بالقلوب «اللي على نيّاتها»، ورحمة بالعقول التي لا تلتقط إشارات «الحلفاء ‏الاستراتيجيين» لفريق 14 شباط، ليتفضّل أحد «جهابذة» هذا الفريق باعطاء تفسير لما يدور في ‏كواليس هؤلاء الحلفاء بأسلوبه المقنع والمشوّق كالعادة. من وزع الأدوار عليهم، وكيف تمّت ‏العملية وعلى أيّ أساس، وما الهدف من هذه اللعبة الملتوية التي لن ترحم من يعتبرون ‏أنفسهم «أبطال ثورة الأرز».. وأيّ ثورة هذه التي أسقطت الأقنعة عن وجوههم.‏‏

ولأن اللعبة ليست بريئة، ولأن اللاعبين تمرّسوا على الشتم وعلى ألاعيب من هذا النوع، لا بدّ ‏من طمأنة هؤلاء الحلفاء أن اوراقهم باتت مكشوفة أمام الرأي العام اللبناني والعربي ‏والعالمي وإن حاولوا التذاكي، فطريقة تعرّيهم من لباسهم اللبناني باتت مزعجة للعين ‏والأذن.. يا ليتهم يشعرون ببعض الخجل.‏‏

شخصية رئيس الحكومة فؤاد السنيورة مركبة وفريدة من نوعها ومزاجية، بالأمس القريب ‏اعتدى في الخرطوم على المقاومة وعاد اليوم ليحضنها من الولايات المتحدة الأميركية. الا ‏تستأهل هذه القضية التوقف عندها ولو لبرهة لنسأل: ما الذي تغيّر حتى انقلب السنيورة من ‏حفّار لقبر المقاومة الى مهلل ومطبّلٍ لدورها وتضحياتها؟‏

‏«على مين هالحكي؟» ربما أُفهم السنيورة من البعض الذين جلسوا مع السيد نصرالله لساعات ‏وساعات انه يصدق الكلام المعسول. حرامٌ على السنيورة وعلى من يعتقد نفسه أنه أستاذ في ‏علم النفس يحلّل الشخصيات، يبرمجها كيفما يريد ويستطيع شراءها وبيعها ساعة يشاء، من ‏واشنطن الى بيروت، انقلبت اللهجة، تغيّرت الوجوه والمصدر واحد، والهدف الذي «نيشن» عليه ‏‏«تيار المستقبل» هو العماد النائب ميشال عون، والأسئلة المطروحة والمشروعة: لماذا تمّ ‏توقيت الحملة في هذه الفترة؟ ما الذي حصل ليفقد «تيار المستقبل» اعصابه تجاه من يحاول ‏استيعاب ومحاورة الجميع؟ ما الذي طرأ حتى «يجنّ جنون المستقبليين» على من تجرأ ورشّح نفسه ‏علناً لرئاسة الجمهورية؟‏

من همس في آذان هؤلاء «المستقبليين» حتى استنفروا وردّوا على من ‏يُعتبر الأقوى والأبرز للرئاسة الأولى على الساحة الوطنية بكلّ أحزابها وأطيافها وطوائفها ‏ومذاهبها؟ من هو هذا الأستاذ اللغوي الذي يُلقّن أعضاء «تيار المستقبل» الفاظاً نابية ‏وخارجة عن اللياقات الأدبية والأخلاقية.‏‏

أخذوا على الجنرال قوله إن النائب سعد الحريري ليس ناضجاً، لِيثبتْ الحريري عكس ذلك وليعطِ ‏أوامره لوقف المهاترات والهجوم على عون، ولْيكن على قدر المسؤولية والارث السياسي الذي ‏تركه له والده.‏‏

وثيقة التفاهم التي وُقّعت بين الجنرال عون والسيّد نصرالله لم يتمّ بلعها حتى الساعة، ولم يجدْ ‏من يُعارضها سوى «الحرتقة» على الطرفين، كيف يُمكن جمع مقاومتين شيعية ومارونية على أسس ‏متينة؟‏

رحمة بالذين يملكون موهبة فكفكة الألغاز السياسية، وفضح بعض الأساليب الملتوية، رحمةَ بهؤلاء ‏الذين يشكلّون ثلثي الشعب اللبناني، كفى استغباءّهم، احترموا ذكاءهم ونضالهم وكفّهم ‏النظيف، كفى محاولات لاستدراجهم وكفى اخضاعهم لامتحانات في الوطنية والعمالة، فقد ظهرت ‏نتائج الامتحانات الرسمية وأُعلنت أسماء الناجحين بتفوّق والراسبين بامتياز في كلّ المناطق ‏اللبنانية. لكن هناك من يُصرّ على التزوير وعلى تصديق الكذبة التي أطلقها منذ اغتيال ‏الحريري.. ولكن إلى متى؟‏

المصدر: الديار 23 نيسان/أبريل 2006‏

2006-10-30