ارشيف من : 2005-2008

مرحلة ما بعد نيسان: دراسة سيناريوهات ومراجعة حسابات، الأكثرية تعيد التموضع وتسعى لتحقيق إنجاز "في أي مجال"

مرحلة ما بعد نيسان: دراسة سيناريوهات ومراجعة حسابات، الأكثرية تعيد التموضع وتسعى لتحقيق إنجاز "في أي مجال"

صحيفة "السفير"/ نبيل هيثم‏

ماذا بعد الثامن والعشرين من نيسان رئاسياً، الموعد النهائي لطي الملف الرئاسي، والنطق بالاتفاق أو الاختلاف حوله، وإعلان الإنتقال الى البند الثاني المتعلق بسلاح المقاومة، الخارج عملياً من إطار البحث، والمرتبط مصيره بالاستراتيجية الدفاعية، بعد البحث "المطول" حولها؟‏

في الثامن والعشرين من نيسان، وكما هو مفترض، لن يكون أمام الحوار في الموعد المذكور، سوى النطق بالاختلاف. فالفرقاء جميعهم، ومن دون استثناء، يسلّمون بهذه النتيجة، وفريق الأكثرية اقتنع بما لا يقبل الشك، بأن لا مفر من المساكنة مع اميل لحود، أقله في المدى المنظور، إلا اذا خلق الله امرا لم يكن في حسبان احد، وأعاد خلط الأوراق.‏

تقول مصادر سياسية إن الاختلاف المحسوم بين فريقي الأكثرية والأقلية، فتح المجال امام تحضيرات من الجانبين، لكيفية مواكبة المرحلة التالية لإعلان الاختلاف. وتعكف جهات اساسية في الحوار على دراسة جملة سيناريوهات لما بعد الثامن والعشرين من نيسان (دراسة معطوفة على الواقع الإقليمي والدولي والتطورات المتسارعة والمتصلة تحديداً بإيران وسوريا وصولاً الى الوضع في العراق ومأزق الاحتلال فيه). ومن جملة ما تبحثه هذه الجهات، زيارة الرئيس فؤاد السنيورة المرتقبة الى واشنطن، وجدواها السياسية، الاقتصادية، والمتوقع منها. وماذا سيحمل رئيس الحكومة معه الى الولايات المتحدة الاميركية... وكذلك الى اللقاء الذي يجري الحديث عنه مع الرئيس الاميركي جورج بوش؟‏

مصادر وزارية اكدت ان رئيس الحكومة، وفي الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء، وفي معرض كلامه عن الخطة الاقتصادية اشار الى زيارة سيقوم بها الى الولايات المتحدة للقاء مسؤولين في البنك الدولي في سبيل توفير دعم هذه الخطة، ولم يشر السنيورة الى لقاء مع الرئيس بوش.‏

والأهم في ما تقوله المصادر ان السيناريوهات المذكورة لا تتحدث عن شيء استثنائي، كما لا تستحدث جديداً، انما هي استعراض لاحتمالات، وخطوات سبق استعراضها ودراستها بالعمق في فترة احتدام الأزمة والقصف الإعلامي قبل اسابيع، وتجري مقاربتها اليوم من زاوية احتمال ان يلجأ اليها مجدداً بعض المتضررين في فريق الأكثرية، او الرافضين التسليم ببقاء اميل لحود في رئاسة الجمهورية. من هذه السيناريوهات التحرك الشعبي لإسقاط او ضرب البنية التحتية لرئيس الجمهورية... وقد ثبت عدم جدواه نظراً لوجود شارع آخر في المقابل، ومنها ايضاً التحرك على المستوى البرلماني، وقد ثبت ايضاً عدم جدوى هذا التحرك في ظل التحصين الدستوري لرئيس الجمهورية، وكذلك التحرك الدولي الذي ثبت ايضاً عدم قدرته لا المباشرة ولا غير المباشرة على انتزاع الرئاسة من اميل لحود. وغير ذلك من امور وتحركات واعتصامات وعرائض لم تأت بنتيجة.‏

وإذ تشير المصادر الى ان البحث يتم بعيداً عن الإعلام، تؤكد ان الخلاصات النهائية للبحث، ستنتهي او تلتقي كلها عند نقطة معاكسة لرغبات وتمنيات وأهداف فريق الأكثرية، وهي أن مسار الأحداث من إيران الى سوريا الى العراق الى فلسطين شد الاهتمام الدولي، وتقدم مسافات بعيدة عن الواقع اللبناني، وبالتالي فإن إمكان العودة الى احتلال الوضع اللبناني موقع الصدارة في ساحة الاهتمام الدولي على غرار ما كان سائداً قبل اشهر، تبدو منعدمة.‏

في رأي المصادر السياسية ان فريق الأكثرية، وحتى لو تم الإعلان عن نعي إمكان الإطاحة بلحود، سيعمل على إبقاء الموضوع الرئاسي حياً، للعودة الى الانطلاق مجدداً في الظرف المناسب، لتحقيق ما تبين أنه مستحيل حالياً، أي الإطاحة بإميل لحود.‏

كما أن بعض هذا الفريق، والكلام للمصادر، دخل في ما يشبه حال إعادة تموضع، وسيسعى جاهداً خلال فترة ما بعد الثامن والعشرين من نيسان، الى إخراج نفسه من المأزق الذي غرق فيه جراء أداء المرحلة السابقة، وصار بالتالي أمام ضرورة تحقيق إنجاز ما، وفي أي مجال لإعادة التقاط النفس، وتجميع ما فرقته رئاسة الجمهورية، مع الإشارة هنا الى امرين:‏

الأمر الأول هو ان بعض الأكثرية، ومنهم مرشحون للرئاسة وغير مرشحين، دخلوا في الآونة الأخيرة في فترة "مراجعة حسابات" بعدما تكشفت لهم بعض الأمور خلال الفترة الحوارية التي شهدها البلد منذ الثاني من اذار الماضي... منها ما يتصل بتبني مرشح معين دون غيره، ومنها ايضاً ما يتصل بالمستقبل الانتخابي لطرف اساسي في الحوار.‏

وأما الأمر الثاني، فهو متصل بالاجتماع الأخير للأكثرية في دارة سعد الحريري، الذي اعقب الاشتباك بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في الخرطوم... ما جرى في هذا الاجتماع عبر عن بعض ارتباك وتسرّع، حيث وجه بعض الحضور كلاماً قاسياً بحق مسؤول كبير، فعبر هذا المسؤول عن استياء بالغ، ولوّح بالاستقالة، وليكلف غيره. وحسب المطلعين على أجواء الاجتماع، إنه تلا هذا الموقف محاولات تطييب خاطر المسؤول الكبير الذي كان جديا في كلامه، وتبع ذلك ايضاً صدور البيان التضامني من المجتمعين مع رئيس الحكومة.‏

يقول ركن أساسي في الحوار إن فترة ما بعد الثامن والعشرين من نيسان، ستكون مناسبة لكي يبحث كل طرف في فريق 14 اذار، في كيفية تثبيت مواقعه من الآن وحتى انتهاء الملف الرئاسي. ويشير إلى أن بعض الصالونات السياسية والروحية آخذة في الكلام المعمق والجدي حول الانتخابات النيابية المبكرة. مع طرح ان تتواكب مع انتخابات رئاسية، أو يليها فوراً انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وثمة موافقة (روحية) ومن حيث المبدأ على الانتخابات المبكرة، ولكن من خلال قانون انتخابي يتيح للناخب المسيحي اختيار ممثليه الحقيقيين، لا ان يختارهم او يفرضهم الآخرون.‏

وعلى خط متصل، إن الملف الفلسطيني، الذي كان بنداً أساسياً في الحوار، وأمكن التوصل الى صيغة تفاهمية حوله، ولا سيما في شأن السلاح خارج وداخل المخيمات، كان اشبه بثغرة حاول فريق الأكثرية النفاذ منها لتحقيق إنجاز ما، استناداً الى ما تحقق في الحوار في الملف الفلسطيني. واللافت للانتباه أنه بعد اللقاءات مع احمد جبريل في قريطم وغيرها، ليس ما يشير الى تحقيق اختراق في هذا الموضوع، خصوصا أن الجانب اللبناني في الحوار تبلغ ما مفاده: "إن موضوع السلاح (داخل وخارج المخيمات) معقد وحساس، ولا يمكن ان يحل في جلسة من هذا النوع".‏

وكانت لافتة للانتباه، في هذا المجال، البراءة الممنوحة لسلطان أبو العينين بسرعة قياسية وفي جلسة للمحكمة العسكرية يمكن اعتبارها استثنائية وخاصة.‏

حسب المصادر إن ما أحاط بهذه القضية، استفز المرجعية المارونية، وجرى التعبير عن ذلك في البيان الأخير لمجلس المطارنة الموارنة. وقد تردد أن الاندفاعة في اتجاه الملف الفلسطيني جاءت بناء لـ"نصيحة مهمة". وهي تسبق خطوة، او مبادرة سعودية في اتجاه سوريا، تتناول ترتيب العلاقات بين بيروت ودمشق، وأموراً أخرى، لم تذكر المصادر ما اذا كان الموضوع الرئاسي من ضمنها.‏

ولا تستبعد المصادر أن تشهد الفترة التالية للثامن والعشرين من نيسان حرباً اقتصادية، او حرب ملفات بين رئيس الجمهورية وخصومه، خصوصاً ان الطرفين قررا الالتفات الى الشأن الاقتصادي والمعيشي. وبحسب المعلومات إن بعض فريق الأكثرية قرر تحضير ملفاته، وكذلك الأمر بالنسبة الى رئيس الجمهورية، الذي يتردد انه بصدد تحضير ملفات اقتصادية وبالأرقام عن مسائل مختلفة، ولا يستبعد ان يعلنها مباشرة عبر وسائل الإعلام..‏

2006-10-30