ارشيف من : 2005-2008

نصر الله طرح ما طلبه فريق الأكثرية... والملف الرئاسي ما يزال خارج الطاولة

نصر الله طرح ما طلبه فريق الأكثرية... والملف الرئاسي ما يزال خارج الطاولة

الحوار: نحو لجنة لبحث استراتيجية حماية لبنان؟‏

نبيل هيثم‏

عندما بدأ الترويج لمقابلة الرئيس إميل لحود التلفزيونية، توقع بعض المراقبين أن يقيم فريق 14 آذار القيامة على ما سيقوله "الرئيس"، الذي تدعو الاكثرية النيابية الى رحيله أو ترحيله، وهو يقول إنه باق في القصر... حتى آخر دقيقة.‏

صحّ التوقع، ورد رئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط بكلام عنيف ضد إميل لحود، وغمز في اتجاه مزارع شبعا، والمقاومة وحزب الله. ومن جهته لوّح سمير جعجع بالعودة الى التحرك الشعبي، لإسقاط لحود، وتواكب ذلك مع كلام انتقادي لنواب في اللقاء الديموقرطي وتيار المستقبل. وأعقبه بعد ساعات همس وكلام من قبل فريق "الأكثرية" إزاء ما قاله السيد حسن نصر الله حول المسألة الاقتصادية المعيشية، وإمكان تناولها في الحوار، ما اعتبره هذا الفريق محاولة لحرف الحوار عن المسألة الاساسية.‏

في هذا المجال تقول مصادر واسعة الاطلاع ان ما طرحه السيد نصر الله هو مجموعة من العناوين، استند فيها الى مطالبات طرحها فرقاء ضمن فريق الاكثرية، وليس أي فريق آخر. فالتكتل الطرابلسي، هو واحد من فصائل الاكثرية، وله وزير في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، وهو من اقترح طرح القانون الانتخابي على طاولة الحوار.‏

كما ان السيد نصر الله، وفي تناوله القضية الاقتصادية الاجتماعية، استند الى ورقة الهيئات الاقتصادية التي قدمتها الى الحوار وتعرض فيها حساسية الوضع الاقتصادي، وكذلك الى وزير المال جهاد ازعور الذي قام بزيارة خلال فترة الحوار الى الرئيس نبيه بري مطالبا بأن يولي المؤتمر الحواري الشأن الاقتصادي، التفاتة واهتماما... ويومها وعد الرئيس بري بأن يطرح الامر على المتحاورين...‏

وفي المجال ذاته، تشير المصادر ايضا الى الكلام الاخير لرئيس الحكومة في بروكسل عن ان مؤتمر "بيروت 1" ينتظر موضوع الإصلاح الذي سيتفق عليه اللبنانيون... أليس الحوار الجاري هو المكان المناسب لاتفاق اللبنانيين على هذا الموضوع؟‏

ولا ترى المصادر المطلعة على موقف "حزب الله" أي حرف للحوار عن أهدافه، بل العكس، هي ترى اشارة الى مجموعة قضايا طرح السيد نصر الله امكانية تناولها في الحوار، مع الالتزام بالعناوين الحوارية التي حددها الرئيس بري، وليس الحياد عنها. وفي رأيها ان كل هذه الاثارة مرتبطة بشكل خاص بالملف الرئاسي، وبالعنوان الوحيد الذي يريدونه، اي تغيير الرئيس. "ربما هم محشورون بوعود أطلقوها لجمهورهم ولذلك عاد البعض في فريق الاكثرية منذ أيام الى طرح النزول الى الشارع، فيما لو لم يتم الاتفاق على التغيير في الحوار الاربعاء، ما يعني وضع سقف محدد لنتائج الحوار، هذا علما ان النزول الى الشارع له تبعات، فضلا عن ان امكانية التغيير في الشارع معدومة ومستحيلة".‏

وسط هذا الجو، كيف سينطلق الحوار اليوم، وفي أي مناخ ستسير المباحثات، بعد التصعيد الكلامي من هنا وهناك، وهل سيؤثر ذلك على الحوار بشكل عام؟‏

تقول مصادر سياسية في فريق الأقلية، إن لحود في مقابلته مع "الجزيرة" لم يقل شيئا قياسا على الحملة المتواصلة عليه، وآخرها "الدق على الطناجر" من قبل فريق الاكثرية.. فقد قال لحود ما قدر عليه، ولا شك أن ما قاله كهربهم.. إلا ان المسألة الاساس، والكلام للمصادر المذكورة، هي انهم محقونون لعدم نجاح "المبادلة" أو "المقايضة" على رأس لحود.. علما انهم، من حيث المبدأ، رافضون تماما لما حققه الحوار.. ربما يكونون قد وصلوا من خلال جولات الحوار، الى قناعة انهم لن يستطيعوا ان يحققوا ما يريدون على طاولة الحوار، وربما وصلوا الى أن تواريخ جعجع لاسقاط لحود غير دقيقة وخاضعة يوميا للتقديم والتأخير، وربما وصلوا ايضا الى قناعة ان الموضوع الرئاسي "فلت" من ايديهم، وأن الحل الطبيعي والموضوعي لرئاسة الجمهورية له آلية معينة، ودورة معينة او الزامية يفترض ان تدورها المشاورات (للقيادة الروحية المارونية كلمتها الفصل فيها) تدور انطلاقا من لبنان الى خارج لبنان.. اي مشاورات محلية، عربية، دولية.. تصب في نهاية المطاف في سوريا التي لها رأيها في الموضوع الرئاسي وليس في الامكان تجاوزه. وثمة قناعة عربية بهذه المسألة".‏

ربما تكون هذه القناعة، بحسب رأي مصادر الاقلية، سببا لأن يتخذ فريق الاكثرية، مما ورد في مقابلة لحود جسرا للتصعيد، ولتغطية خطوة ما، "يمكن ان يقدموا عليها اليوم الاربعاء، ان لم تكن "الخروج من الحوار" ربما تكون "الخروج على الحوار"؟‏

(ما يجدر ذكره في مجال الكلام عن سوريا، تؤكد مصادر واسعة الاطلاع ان الموضوع اللبناني السوري، وخصوصا من زاوية السعي لترتيب والعلاقات اللبنانية السورية، وبالتأكيد الموضوع الرئاسي، سيكون محورا اساسيا في المباحثات التي ستجري خلال القمة العربية في الخرطوم).‏

وبحسب تقدير المصادر السياسية في فريق الاقلية، فإن محور الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصر الله، ينأى بنفسه عن التصعيد، ويسود فيه تصميم على الحوار كونه السبيل الوحيد المتاح امام الجميع، وبالتالي مهما كان الامر سيقابل أي تصعيد برفع راية الحوار. وتذكر المصادر بأن التصعيد بلغ ذروته على مدى الاشهر الماضية، وتسأل ماذا أنتج؟ انه لم ينتج شيئا، بل على العكس، أنتج ضررا على البلد وعلى المصعّدين، ووجدوا انفسهم في النهاية امام الحقيقة التي لا مهرب منها، وهي الجلوس إلى طاولة الحوار، ولذلك لا جدوى على الاطلاق من العودة الى الحلقة المفرغة ذاتها من التصعيد، ثم نعود في النهاية الى نقطة الحوار، التي نحن فيها اليوم.‏

ماذا في الحوار اليوم؟‏

حسب ما هو معلن، ومقرر سيتابع المؤتمر الحواري البندين المتبقيين في جدول الاعمال، اي سلاح المقاومة والموضوع الرئاسي.‏

بالنسبة الى البند الاول، تقول مصادر متابعة، إن المؤتمر الحواري أكد لبنانية مزارع شبعا، وما تزال المزارع تحت الاحتلال. ما يعني أن سلاح المقاومة، وحتى تحرير المزارع خارج نطاق البحث. وثمة صيغ واقتراحات حلول ستطرح حول هذا الموضوع وبينها "طرح قد يرضي الجميع"، سيطرح امام فريق 14 آذار في الجلسة. وفي هذا المجال تستبعد المصادر أن يصار الى التخلي عن حق مقاومة الاحتلال الاسرائيلي حتى تحرير المزارع.‏

وماذا بعد التحرير؟‏

تجيب المصادر السياسية المذكورة، ان المطروح في مقابل موضوع سلاح المقاومة برنامج حماية لبنان. وعندما يتم الاتفاق على استراتيجية الحماية للبنان، او الاستراتيجية الدفاعية، ساعتئذ يتقرر مصير السلاح، مع الاشارة الى مسألة بالغة الدقة في هذا السياق وهي المشهد الاخير في اريحا، والذي يجب ان يكون بندا اساسيا خلال مناقشة الاستراتيجية الدفاعية في مواجهة اسرائيل... وليس ما يمنع ابدا الاتفاق على هذه الاستراتيجية الدفاعية قبل التحرير او بعد التحرير، وليس ما يمنع ابدا ان تشكل لجنة في الوقت الحاضر لبحث استراتيجية حماية لبنان بعد التحرير، لجنة على مستوى الخبراء، والفنيين والسياسيين.‏

وأما في ما خص البند المتعلق برئاسة الجمهورية، فتكرر المصادر ما سبق للرئيس نبيه بري ان أكده، بأن طاولة الحوار ليست المكان الصحيح لايجاد حل نهائي للموضوع الرئاسي. مشيرة الى أن على طاولة الحوار مثلا مرشحَين لرئاسة الجمهورية، فهل في إمكان هذين المرشحين ان يتفقا على مرشح منهما؟!...‏

وحسب المصادر فإنه قد يصار في حوار الاربعاء الى متابعة النقاش الرئاسي الذي دار على مدى كل جلسات الحوار السابقة، وسيتم استعراض سبل معالجة "أزمة الحكم"، وستنتهي الجلسة الى النهاية الموضوعية بأن يرفع الحوار الى مزيد من التشاور، وحتى ما بعد قمة الخرطوم. يعني في الخلاصة ان الامور لن تحسم اليوم، بل لا يمكن ان تحسم اليوم، وقد يحتاج الامر الى جلسة او اثنتين او ثلاث.. وحتى عشر جلسات.‏

وفي الموضوع الرئاسي تؤكد المصادر السياسية، ان لا حسم لهذا الموضوع إلا بمبادرة ذاتية من قبل رئيس الجمهورية، أي ان يبادر هو الى الاستقالة، وطبعا بعد ان تدور الاتصالات والمشاورات دورتها اللبنانية والعربية والسورية تحديدا، وكل كلام غير هذا الامر، لا قيمة له. فلا تنفع عرائض ولا ضرب طناجر ولا اقتراحات لتعديل الدستور، فلا باب دستوريا للخلاص منه، ولغة الشارع صعبة ومكلفة وبالتالي فاشلة... وبناء على كل ذلك رئيس الجمهورية مستمر في ولايته حتى إشعار آخر. وقد نقل عنه بعض زواره في الآونة الاخيرة انه لن يغادر بعبدا قبل نهاية ولايته مهما كلف الامر، ومهما كان الثمن.. وعلى ذمة هؤلاء انه "سيستميت في الدفاع عن موقعه، ولن يخرج الا جثة هامدة".‏

تقول المصادر السياسية إن ما جرى إعداده من عرائض سواء عريضة "التوبة" عن التمديد للرئيس لحود، او طرح التعديل الدستوري لتقصير ولاية الرئيس، وغير ذلك من طروحات من ذات العيار، هو اشبه ما يكون ب"ديك مصيلح". الذي لا يأتي سوى بصياح لا يثير إلا إزعاج وإقلاق راحة من يسمعه.‏

"ديك مصيلح"، هو بطل واقعة طريفة رواها الرئيس نبيه بري أمام زواره.‏

يروي بري:"... كلنا نعرف أن الديك يصيح في الصباح، إلا عندي في المصيلح، فهناك بالقرب من بيتي ديك لا يحب أن يصيح إلا الظهر. فالديك بصياحه في الصباح يعلن طلوع النهار، ولكن هذا الديك ما كان فيّي أعرف ليش عم يصيح الظهر. أسأل حالي يا عمي شو بدو وشو الحكمة من أنو ما بيصيح الا الظهر.. ولمين عم يصيح، والمصيبة الكبيرة إنو بعدو عم يصيح... وما بيخليك ترتاح".‏

المصدر: صحيفة السفير اللبنانية 22 /3/3006‏

2006-10-30