ارشيف من : 2005-2008
الإعلام المقاوم والإرهاب الأميركي
كتب انطوان غريّب
مرة جديدة تواجه فضائية "المنار" قرصنة الإرهاب الأميركي، فيقرر أمير الحروب المتنقلة عبر العالم جورج بوش، الحجز على كل ما يمكن أن تمتلكه المجموعة داخل الولايات المتحدة الأميركية، بحجة سخيفة وخبيثة "انها فضائية إرهابية".
يقول المثل: "إن مذمة الناقص هي شهادة بالكمال"، وأميركا جورج بوش بإدارتها المهووسة بجنون العظمة هي بالتأكيد، ورغم كل جبروتها الطاغي، ناقصة، مفترية، ظالمة وإرهابية بكل ما لهذه التوصيفات من معانٍ، لذلك من الطبيعي أن يشكل تدبيرها التعسفي شهادة إقرار ثبوتي بأن فضائية "المنار" نجحت في أن تكون إعلاماً مؤثراً في قناعات الرأي العام الأميركي، وهذا إنجاز لهذا الإعلام المقاوم يستحق عليه التهنئة، كما يحق له أن يكون مثار اعتزازنا، وهو بالفعل كذلك.
نحن على يقين بأن الفكر المقاوم الخلاّق، الذي حقق النصر على إرهاب الإحتلال الصهيوني للبنان، سيتمكن، وإن بمزيد من العناء، من الانتصار إعلامياً على هذا الإرهاب الفكري الأميركي المتجدد، فنحن لا نخاف على الكلمة المقاومة من عسف الصهاينة الجدد القابضين على الإدارة الأميركية، يغزون شعوب العالم للقبض على مقدرات دولها بإرهاب الحديد والنار وسلب ثرواتها ومصادرة قرارها.
ولكن قصر نظر هذه الإدارة المعاقة، وعلى الرغم من الدروس القاسية، لا تريد أن تستوعب أن إرادة الشعوب المقاومة هي الغالبة والمنتصرة، هكذا كان الأمر سابقاً في فيتنام وكوريا الشمالية، وهكذا هو الآن في أفغانستان والعراق، كما في فلسطين ولبنان.
فبقدر ما يبهجنا هذا الإقرار الأميركي الصريح بالنجاح الذي حققته فضائية "المنار" في توعية الشعب الأميركي على مباذل وإخفاقات إدارته القاصرة في حروبها الإرهابية على شعوب العالم، فإننا نشعر بغصة، بل وبغضب مُبرّر، تجاه المواقف المتخاذلة لمؤسساتنا الإعلامية، ليس فقط في لبنان، بل في مختلف أرجاء عالمنا العربي المترامي الأطراف.
بصراحة، ومن باب تضامن الزمالة على الأقل، ليس مقبولاً أن يمر خبر هذه التدابير الأميركية الإرهابية بحق فضائية "المنار" كخبر عادي، من دون أن يثير ردات فعل شاجبة. إننا نسأل: أين حملات التضامن من قبل الفضائيات العربية التي أصبح بعضها مؤثراً، بشكل أو بآخر، في الرأي العام العالمي؟ ألا تشعر بأن موسى الإرهاب الأميركية واصلة حتماً إلى ذقونها، وقد نال بعضها منه ما يمكن اعتباره نذيراً محذراً؟.
أين صوت ومواقف الإعلام اللبناني المرأي والمسموع والمكتوب بكل مؤسساته؟ أين تحرك نقابتي الصحافة والمحررين ودعواتهم إلى التحرك في مواقف تضامنية فاعلة تحرّك الرأي العام الإعلامي العالمي، من مثل مقاطعة أخبار المسؤولين الأميركيين، وخصوصاً تحركاتهم المشبوهة عندنا في لبنان؟ أين موقف وزارة الإعلام ترفع الصوت ملوحة بالتعامل بالمثل، من باب أن البادىء أظلم؟ هل جميع هؤلاء يغطون في سبات أهل الكهف الدهري؟ أم ان مذلة الخنوع تحولت إلى وباء استشرى في النفوس، تماماً كوباء انفلونزا الطيور، والله أعلم.
المصدر: صحيفة الشرق اللبنانية / 28 آذار/مارس 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018