ارشيف من : 2005-2008
صحيفة الخليج الإماراتية/ ثقة الناخب المصري
كتب مجدي مصطفى
بقدر ما دفعت الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية في مصر من تفاؤل بالتحسن النسبي لسير العملية الانتخابية، بقدر ما أصيب الناخب المصري بالإحباط في الثانية. لم تخل الجولة الأولى من تجاوزات لكنها لا تقارن بما اعتاده الناخبون من قبل، وما تم التباهي به في الأولى سرعان ما تبخر في الثانية، وبدلا من تجنب تجاوزات الأولى عادت أحداث العنف الدامية، والبلطجة المنظمة وحديث اعتقال المئات من أنصار خصوم أو منافسي الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم قبل بدء التصويت في الثانية، حسب ما أكدت منظمات المجتمع المدني من واقع شهادات مراقبيها. والأخطر من ذلك ما جاء في بيان للجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات "من الواضح أن أحداث العنف المنظم قد تمت تحت بصر وسمع قوات الأمن، مما يلقي بظلال من عدم الثقة في نتائج العملية الانتخابية والانتخابات بكاملها، ويدفع للتساؤل عن الحياد الذي تعهدت به أجهزة الأمن، وأبدت قدرا من الالتزام به في الجولة الأولى".
عودة ميليشيات البلطجية المسلحة بالسيوف والعصي كانت مكثفة في جولة الأحد الماضي، ويبدو أن عناصرها كانوا مطمئنين في ما أقدموا عليه من عمليات ترهيب للناخبين، بل للمرشحين “الخصوم” في العديد من اللجان المنتشرة في المحافظات التسع التي جرت فيها الانتخابات خصوصا في الوجه البحري، فسقط قتيل وأصيب العشرات بينهم اثنان من المرشحين بـ"طعنات مجهولين" ولا يعتقد أحد أن المؤسسة الأمنية في مصر يخفى عليها هوية هؤلاء المجهولين
"المعلومين"، خصوصاً وأن المنظمات المدنية قالت انهم من أنصار الحزب الوطني الحاكم.
وأيا كانت الدوافع وراء مباركة هذا النوع من البلطجة فإن الضحية هو الناخب المصري من حزب "الأغلبية الصامتة" التي امتنعت عن الإدلاء بأصواتها لهذا المرشح أو ذاك، إذ لم تتعد نسبة المشاركة بعد الـ 20 في المائة ممن لهم حق التصويت، وكان من المفترض أن يشجعها التحسن النسبي في شروط اللعبة على الخروج من حالة السلبية تلك، لكن ما حدث من تجاوزات يجعلها راضية بقناعتها أو ما يعتبره البعض "سلبية"، ويكرس تلك الحالة لديها، فإذا كان ثمة أزمة داخلية لدى الحزب الحاكم خصوصاً مع المنشقين عنه، وما كشفت عنه نتائج الجولة الأولى من سقوط العديد من رموزه فإن معالجتها لا تتم باعتماد مثل هذه الأساليب، فالخطوة التي تم التحرك بها للأمام تبعتها عشر إلى الخلف... أدام الله الثقة بين الأنظمة وشعوبها.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018