ارشيف من : 2005-2008
عدوان تموز : بدأ ظهور ملامح الهزيمة على العدو في اليوم الثالث (الحلقة الثانية)
... واستمر العدو الصهيوني في حربه لليوم الثالث مطلقاً العنان لآلته العسكرية قصفاً برياً وجوياً وبحرياً، فطال للمرة الأولى ضواحي صيدا وقال مصدر عسكري إسرائيلي "إن العملية العسكرية دخلت مرحلة جديدة تستهدف القرى التي تدعم المقاومة وخصوصاً الشيعية منها".
ونقلت صحيفة "الجيروزاليم بوست" أن حكومة اسحق رابين تنوي تدمير القرى المتاخمة للمنطقة الحدودية لمنع المقاومين من استخدامها. وأكد ضابط في سلاح المدفعية الصهيونية انه تلقى أوامر بتحويل ثلاثين قرية مواجهة للمنطقة المحتلة إلى.. أنقاض!
وشمل القصف الصهيوني 40 قرية في إقليم التفاح ومنطقة صور بمعدل عشرين قذيفة في الدقيقة، وسقطت إحدى القذائف على ملجأ كانت تحتمي فيه عائلات عدة مما أدى إلى استشهاد مواطن وإصابة 13 آخرين بجروح ليرتفع عدد الشهداء منذ اليوم الأول للعدوان إلى 61 شهيداً و218 جريحاً.
في هذه الأثناء كان حزب الله يرد على العدوان ميدانياً بواسطة مجاهديه وسياسياً على السنة قادته.
على الصعيد الميداني ردت المقاومة على العدو فأغار مجاهدوها على مواقعه على تخوم جبهة المواجهة وفي عمق المناطق المحتلة في بقعة طولها 160 كلم امتدت من الناقورة غرباً إلى البقاع الغربي شرقاً، واستهدفت الهجمات ثلاثة عشرة موقعاً لقوات الاحتلال وعملائه، ما أدى إلى سقوط ثلاثة جنود في موقعي برعشيت والشومرية وتحقيق إصابات دقيقة في تجمع لمركبات وآليات الاحتلال في ابل السقي والشريفة، وإصابة مقر قيادة الاحتلال والعملاء في ثكنة مرجعيون.
وبينما كان العدو يحصي خسائره في المواقع المستهدفة، تلقى ضربة استخبارية موجعة عندما وقع عشرات العملاء والجواسيس في المناطق المحررة في قبضة المقاومة ما أحدث بلبلة لدى أجهزة مخابراته، إذ قالت وسائل الإعلام في حينه "إن الاسرائيلين صعقوا من سرعة اكتشاف شبكاتهم الأمنية التي لعبت دوراً مهماً في عمليات القصف في الأيام الأولى من العدوان".
وعلى الرغم من صرخات المستوطنين نتيجة رد المقاومة فإن حكومة العدو قررت المضي في عدوانها بأكثرية 11 وزيراً في مقابل أربعة وزراء معارضين وثلاثة آخرين امتنعوا عن التصويت.
أما على صعيد السياسي، فبرز موقف لنائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي قال "نحن مستعدون لمعركة طويلة الأمد وفي جعبتنا الكثير من المفاجآت الموجعة للعدو" مضيفاً "عندما تسلب "إسرائيل" امن قرانا فمن الطبيعي أن لا يكون هناك امن لمستوطنات شمال فلسطين".
ومع اقتراب موعد زيارة وزير الخارجية الاميركية آنذاك وارن كريستوفر طالب الشيخ قاسم الحكومة اللبنانية وأجهزتها الرسمية بعدم استقباله لأن واشنطن ليست بريئة مما يحصل وهي شريكة "إسرائيل" في هذا المجال.
.. اليوم الرابع
وفي اليوم الرابع للعدوان 28 تموز/ يوليو 1993 أدى القصف الوحشي إلى سقوط 31 شهيداً و120 جريحاً فيما بدأت ملامح الهزيمة في صفوف العدو تظهر شيئاً فشيئاً حين أدرك صعوبة موقفه.
أما الواقع الميداني فكان يشهد المزيد من الضغط على المدنيين اللبنانيين إذ أعلن العدو للمرة الأولى منذ بدء العدوان في الخامس والعشرين من تموز (يوليو) عن وقف موقت لأعمال القصف مدته ثلاثة ساعات، وذلك إفساحا في المجال أمام المدنيين للنزوح باتجاه الشمال على وقع إنذارات متتالية للأهالي طالت مدينتي صيدا وصور. وأشارت الإحصاءات إلى أن الجيش الإسرائيلي أطلق منذ بداية عدوانه 24000 قذيفة من مختلف الأحجام والعيارات.
ومع استمرار رد المقاومة بدا أن التصعيد الإسرائيلي لن يحقق شيئاً سوى مزيد من القتلى والخوف والذعر في صفوف العدو وظهر ذلك واضحاً في مقابلة لمنسق عمليات العدو العسكرية في لبنان اوري لوبراني مع الإذاعة الإسرائيلية حيث قال "إننا نواجه مشكلة مستمرة في لبنان وحلها يتم فقط سياسياً، أي أن الحل الحاسم هو الحل السياسي، فالخيارات ليست سهلة والمسائل ليست مسائل حسابية".
وعلى وقع ضربات المقاومة المستمرة بدأت لهجة قادة العدو تخف تدريجياً من المطالبة بالقضاء على حزب الله إلى الاكتفاء بضرورة وقف إطلاق صواريخ الكاتيوشا على المستعمرات على حد تعبير رئيس هيئة الأركان إيهودا باراك.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018