ارشيف من : 2005-2008

العملاء الوافدون إلى المنطقة المحتلة: تصفية المقاومين بدم بارد ومكافآت "لبطولاتهم"!(3)

العملاء الوافدون إلى المنطقة المحتلة: تصفية المقاومين بدم بارد ومكافآت "لبطولاتهم"!(3)

الانتقاد/ ملفات ـ العدد 1123 ـ 19 آب/أغسطس 2005‏‏

ثمة حجة يطرحها البعض لتبرير العمالة أو لتقديم عذر هو بالحقيقة عذر أقبح من ذنب، ويتمحور هذا العذر بأن الدافع للتعامل كان نتيجة واقع وجود الاحتلال و"تخلي الدولة عن أبناء المنطقة"، وأن الصعوبات الاقتصادية ساهمت في تعزيز العمالة.‏‏

وبغض النظر عما إذا كان هذا الأمر يصح مع أبناء ما كان يسمى بالشريط الحدودي أم لا، فما هو عذر العملاء الوافدين من خارج المنطقة المحتلة الذين قطعوا المسافات ومن مناطق لبنانية مختلفة ليلتحقوا بقافلة العمالة بإرادتهم، وعن وعي وتصميم، وربما تنفيذاً لمشاريع مشبوهة إبان الحرب الأهلية.‏‏

في هذه الحلقة تتابع "الانتقاد" نشر ملفات العملاء، وهذه المرة تركز على العملاء الوافدين من "خارج الشريط المحتل".‏‏

هؤلاء العملاء الوافدون إلى المنطقة المحتلة لعبوا أدواراً متنوّعة ومتقدّمة في خدمة المشاريع الإسرائيلية، سواء في تسلّم قيادتها والطاعة العمياء للأوامر المعطاة لهم وتنفيذها فوراً، وهم لم يترددوا في إعدام الشهداء الذين أصيبوا بجروح يمكن مداواتها، ولكنّهم آثروا الإجهاز عليهم خلافاً للمواثيق الدولية والأعراف المتداولة في الحروب، أو القضاء على مقومات الصمود في القرى التي كانت محتلة عبر اتباع سياسة الأرض المحروقة بشرياً ومادياً.‏‏

وهؤلاء العملاء القتلة الوافدون لم يكونوا مرغمين ومُكْرهين على الإطلاق، على الانتماء إلى الميليشيا والتعامل مع العدو، فهم بكلّ بساطة كانوا نتاج أحزاب تعاملت خلال الحرب الأهلية مع العدو الإسرائيلي، وحاولت مراراً إسعاف ميليشيا سعد حداد ومن ثم أنطوان لحد وإبقاءها على قيد الحياة، وتزويدها بالعناصر والأعتدة والخبرات والمدربين والمقاتلين المتمرسين بالخبرة العسكرية،‏‏

وانتقل بعض عناصر هذه الأحزاب من وراء المتاريس المزروعة على خطوط التماس خلال الحرب إلى المواقع والثكنات المنتشرة على طول وعمق ما سمي يوماً بـ"الشريط المحتل".‏‏

لحد و"علوش"‏‏

وليس أدلّ على وجود نخبة من العملاء من خارج الجنوب سوى ذكر أسمائهم، ومنهم على سبيل المثال، كبيرهم أنطوان لحد الذي وفد من بلدة كفرقطرة في قضاء الشوف (والدته جميلة من مواليد العام 1927 رقم سجل نفوسه 59 كفرقطرة)، وقائد فوج العشرين الذي كان منتشراً في جزين والمحرّك في "الجهاز 504" العميل جوزيف جورج كرم الملقب بـ"علوش" الذي أتى من بلدة شكا في قضاء البترون (والدته ماريا من مواليد شكا في العام 1963 رقم السجل 194) وهو كان من عداد ميليشيا "القوات اللبنانية" وفُصل للعمل مع ميليشيا لحد في مدينة جزين، إلى أنْ تمكنّت المقاومة الإسلامية من إصابته بجروح بليغة شلّته عن الحياة ومنعته من القيام بأيّ عمل مجدٍ ونافع، بعد تفجير عبوة ناسفة بسيّارته خلال مروره على طريق ضهر الرملة ـ جزين، وذلك يوم الجمعة الواقع فيه 23 نيسان/أبريل من العام 1999.‏‏

وكان هذا العميل جاثماً كالموت على صدور أهالي جزين وقراها يعتدي على حرمة منازلهم ويحول أفراحهم إلى أتراح، حتّى أنّه لم يتورّع مرّة عن الاعتداء على مخفر الدرك بسبب توجّه عناصر مخفر درك شكا إلى منزل ذويه من أجل الحصول على بطاقة هويته الكاملة وبياناته الشخصية، بناءً لطلب القضاء.‏‏

ومن "القواتيين" البارزين نذكر بيار إبراهيم رزق (والدته مارتا مواليد العام 1963) الغارق في تأليف شبكات التجسّس.‏‏

قتلة مقاومين‏‏

وأيضاً هنالك جوزف رشيد يوسف الجميّل الذي جاء من بلدة جعيتا في قضاء كسروان (والدته ألين من مواليد العام 1969 رقم سجل نفوسه 39 جعيتا)، وميلاد جورج بشارة رومية من بلدة حوش حالا في قضاء زحلة (والدته ألماظة من مواليد العام 1966 رقم سجل نفوسه 50 حوش حالا)، وجان جرجس صفير من مدينة جبيل (والدته ميليا من مواليد العام 1964 رقم سجل نفوسه 211 جبيل)، وهؤلاء الثلاثة كانوا يخدمون في موقع سجد، واشتركوا في قتل خمسة من خيرة رجال المقاومة الإسلامية هم: علي سلمان الخطيب، والمصوّر في الإعلام الحربي سعيد فوزي فران، وجهاد علي حجازي، وأحمد فياض سبيتي، وعلي يوسف زهري، الذين كانوا متوجّهين لتنفيذ عمل جهادي ضدّ هذا الموقع يوم 12 تشرين الثاني/نوفمبر من العام 1999 فانكشف أمرهم وتعرّضوا لقصف مدفعي ووابل من رصاص العملاء من الموقع المذكور ومن مواقع أخرى ما أدّى إلى استشهادهم، وعلى الفور وجّه قائد الفوج العاشر العميل إلياس نصر كتاباً إلى لحد طلب فيه مكافأة عناصر موقع سجد على إظهارهم "بطولة وشجاعة تامة إبّان هذا الهجوم" حيث نال كلّ واحد منهم مبلغ مئتي دولار أميركي. وأصدر القضاء اللبناني ممثلاً بمحكمة جنايات لبنان الجنوبي برئاسة القاضي أكرم بعاصيري وعضوية المستشارين ناهدة خداج وحارس إلياس بتاريخ 14 أيار/ مايو من العام 2003 حكماً قضى بوضع هؤلاء العملاء الثلاثة الفارين من وجه العدالة مع قائدهم أنطوان لحد في الأشغال الشاقة المؤبدة وتجريدهم من حقوقهم المدنية وتعيين رئيس قلم المحكمة قيّماً لإدارة أموالهم المنقولة وغير المنقولة، وحفظ حقّ ذوي الشهداء الخمسة بمراجعة القضاء المدني بخصوص حقوقهم الشخصية.‏‏

وضمن اللائحة الطويلة، هنالك العميل جورج بغداسار طاشجيان (والدته لوسين من مواليد بيروت في العام 1970) وملقب بـ"طاجو"، وقد أقدم على قتل المقاوم حسن جواد نصرالله عمداً، ففي 3 آذا/ مارس من العام 1993 كان نصرالله ضمن مجموعة من المقاومة موجودة على جبل أبو ركاب ـ عرمتى في منطقة جزين حيث انهالت القذائف والنيران عليهم، فاستغل العميلان طاشجيان وفؤاد أبو زيد الذي قتل لاحقاً، الأمر وخرجا من جحريهما المختبئين فيهما، وعثرا على الشهيد نصرالله مصاباً، وقبل أن يصوّب سلاحه نحوهما أطلق "طاجو" النار عليه من مسافة قريبة جداً في ما يشبه الإعدام، ما أدّى إلى استشهاده على الفور.‏‏

..وأسماء أخرى‏‏

وهنالك أيضاً غازي إبراهيم شمعون (والدته إيلندا من مواليد بلدة سرعين التحتا في قضاء بعلبك في العام 1942) الذي تحوّل من الجيش اللبناني إلى صفوف الميليشيا فور نشوئها، وولداه المدرّب في الميليشيا ريمون، والمحقّق في معتقل الخيام بيار شمعون الذي كانت مهمّته انتزاع المعلومات من الأسرى والمعتقلين وتعذيبهم بالكهرباء من طريق وضع أسلاكها في أصابع يدي ورجلي الأسير وضربه بصدمات كهربائية متقطّعة ومؤلمة للغاية بهدف إفقاده وعيه.‏‏

وأيضاً هنالك مسؤول الوحدات الخاصة في الميليشيا العميل فكتور إلياس نادر (والدته زهية من مواليد بلدة بيت لهيا في البقاع الغربي في العام 1962 رقم سجل نفوسه 8)، ومعن فرفور المسؤول عن قتل عدد من الشهداء والمواطنين، ومساعد المحرّك الأمني في الجهاز 504 يوسف إبراهيم هاشم العميل بيار أنطونيان، وفادي حمية، والأسماء كثيرة ولا يمكن حصرها في مقالة واحدة.‏‏

وهؤلاء جميعاً مطلوبون للقضاء العسكري والعدلي بموجب أحكام صادرة في حقهم بصورة غيابية، تسقط بمجرد مثولهم أمام العدالة التي درجت لأسباب محض سياسية وطائفية على انتهاج أسلوب الحسومات والتنزيلات المخفّضة كثيراً، بغية استدراج هؤلاء "المستهلكين" الذين كانوا يَضْربون بهذه الأحكام بعرض الحائط، ويرفضون الامتثال لإرادة القضاء مفضّلين قَدَر العمالة والخيانة عليها طوال العمر وأبد دهرهم في الحياة.‏‏

علي الموسوي‏‏

2006-10-30