ارشيف من : 2005-2008
ماذا في أرشيف الدساتير العراقية؟؟؟
إذا ما تمت الموافقة على الدستور العراقي الذي يخضع اليوم لاستفتاء العراقيين، فإنه سيكون دستور العام 2005، ودستور العام 2005 هذا كانت سبقته دساتير أخرى، اولها دستور العام 1925 أو ما عرف بالقانون الأساسي العراقي أيام كان العراق لا يزال مملكة على رأسها الملك فيصل بن الحسين، وكانت الحكومة ملكية وراثية، وتضمن هذا القانون مقدمة و10 أبواب شملت 123 مادة. أما الأبواب فتمحورت حول حقوق الشعب، الملك وحقوقه، السلطة التشريعية، الوزارة، السلطة القضائية، الأمور المالية، إدارة الإقليم، تأييد القوانين والأحكام، تبديل الأحكام، وبالإضافة إلى مواد عمومية. وعدا الأمور الأساسية التي تشتمل عليها الدساتير حول احترام الحريات وصونها والتي بقيت في العراق لمدة طويلة حبراً على ورق، فإن أبرز ما جاء في بنود دستور 1925 الصلاحيات الممنوحة للملك إذ هو رأس الدولة الأعلى، وهو الذي يصدق القوانين ويأمر بنشرها، ويراقب تنفيذها، وبأمره توضع الأنظمة لأجل تطبيق أحكام القوانين ضمن ما هو مصرح به فيها. كذلك فإن الملك هو الذي يصدر الأوامر بإجراء الانتخاب العام لمجلس النواب، وباجتماع مجلس الأمة، وهو يفتتح هذا المجلس، ويؤجله، ويفضه، ويحله، وفقاً لأحكام هذا القانون. كما أنه يعقد المعاهدات، بشرط أن لا يصدقها إلا بعد موافقة مجلس الأمة عليها. ويختار رئيس الوزراء، ويعين الوزراء، ويقبل استقالتهم من مناصبهم، كما يعين أعضاء مجلس الأعيان، ويقبل استقالتهم من مناصبهم.
وقد أجري على هذا القانون تعديل أيام رئيس الوزراء نوري السعيد في تشرين الثاني عام 1943، وعرف بما يسمى قانون التعديل الثاني للقانون الأساسي لسنة 1925م وتألف من 50 مادة.
عام 1958، ومع سقوط النظام الملكي في العراق، أعلن عن سقوط القانون الأساسي العراقي وتعديلاته وأعلن الدستور الموقت في 14 تموز/ يوليو عام 1958 ومن أبرز الأمور التي نص عليها الدستور إعلان الجمهورية العراقية وقد جاء في 30 مادة توزعت على 4 أبواب هي الجمهورية العراقية، مصدر السلطات والحقوق والواجبات العامة، نظام الحكم، وأحكام انتقالية.
عام 1963 ومع الثورة على حكم عبد الكريم قاسم صدر قانون المجلس الوطني لقيادة الثورة رقم 25 لسنة 1963 في 4 نيسان 1963، وتولى المجلس الوطني لقيادة الثورة السلطة التشريعية، فكان له حق وضع القوانين والأنظمة وتعديلها وإلغائها، وإقرار المعاهدات والاتفاقيات والمصادقة عليها، 3 ـ إعلان الحرب وقبول الصلح، القيادة العامة للقوات المسلحة والشرطة والحرس القومي، وهو يمارس صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة أينما وردت الإشارة إليه في القوانين والأنظمة والتعليمات والأوامر وغيرها.
كما كان من صلاحياته الإشراف على رئاسة أركان الجيش وشؤون الدفاع وأجهزة الاستخبارات العسكرية والأمن العام، وتأليف الوزارة وقبول استقالتها وإقالتها كل ذلك بالنسبة للوزارة كلها أو بعضها والمصادقة على قرارات مجلس الوزراء، وتعيين الموظفين من مدنيين وعسكريين من درجة معينة وأعلى منها تعين بقرار يصدره المجلس. وله أن يقرر نقل وفصل الموظفين من مدنيين وعسكريين وإحالتهم على التقاعد. وفي عام 1964 تحول قانون المجلس الوطني لقيادة الثورة إلى دستور موقت تألف من 106 مواد ألغي بموجبه دستور عام 1958. وفي 21 أيلول 1968 أعلن دستور مؤقت تألف من 95 مادة عقب ثورة 17 تموز 1968 ألغي بموجبه دستور 1964.
وجاء دستور العام 1970 الذي استمر حتى الإطاحة بنظام صدام حسين، وتألف الدستور من 70 مادة مقتضبة وأبرزها الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها رئيس الجمهورية والتي جاءت كالتالي:
أ - المحافظة على استقلال البلاد ووحدة اراضيها وحماية امنها الداخلي والخارجي ورعاية حقوق المواطنين وحرياتهم.
ب - الاشراف على حسن تطبيق الدستور والقوانين والقرارات واحكام القضاء ومشاريع التنمية في جميع انحاء الجمهورية العراقية.
ج - تعيين نواب رئيس الجمهورية واعفاؤهم من مناصبهم.
د - تعيين الوزراء واعفاؤهم من مناصبهم.
هـ - تعيين القضاة وموظفي الدولة المدنيين والعسكريين وانهاء خدماتهم وفقا للقانون، ولرئيس الجمهورية تخويل من يراه هذه الصلاحية .
و - تعيين واعتماد الممثلين الدبلوماسيين العراقيين لدى البلدان العربية والاجنبية وفي المؤتمرات والمنظمات الدولية.
ز - منح الرتب العسكرية والاوسمة وفقا للقانون.
ح - اجراء المفاوضات وعقد الاتفاقات والمعاهدات الدولية.
ط - قبول الممثلين الدبلوماسيين والدوليين وطلب سحبهم.
ي - المصادقة على احكام الاعدام واصدار العفو الخاص.
ك - توجيه مراقبة اعمال الوزارات والمؤسسات العامة والتنسيق بينها.
ولقد تضمن دستور عام 1970 حشداً من الحقوق والحريات العامة البراقة التي تسر الناظرين، ولكن لم يذق أي من العراقيين حلاوتها أو استمتع بها؟ فكل ما تضمنه دستور 1970 أشبه بالكتابة على ماء، وبدت يومها صلاحيات رئيس الجمهورية أوسع بكثير من المذكورة في الدستور فأعطى صدام حسين لنفسه حق الإبادة وارتكاب المجازر بحق الأبرياء إرضاء لشهوة القتل لديه.
اليوم العراقيون يشاركون في الاستفتاء العام على الدستور، ليس فقط لانه يتربع على قمة الهرم القانوني ودونه التشريعات الأخرى مرتبةً، ولكونه مستودع للأحكام القانونية الكبرى التي تحدد شكل الدولة ونظام الحكم فيها، والسلطات العامة واختصاصاتها وعلاقة بعضها بالبعض الأخر والحقوق والحريات العامة، وليس فقط لأنه عماد لبناء الدولة، بل لأنهم يريدون أن يختبروا كيف يكون الدستور قولاً وفعلاً.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018