ارشيف من : 2005-2008
الدستور العراقي بين الـ"نعم" والـ"كلا" والعراقيون اليوم هم الحكم
بعد أن قالوا كلمتهم للمرة الأولى لدى انتخابهم أعضاء الجمعية الوطنية بعد عشرات السنين من القمع والتضييق جعلتهم مهمشين وغير معنيين بالحياة السياسية، ها هم العراقيون اليوم يقولون كلمتهم من جديد... واليوم كلمتان اثنتان يختار بينهما العراقي فإما الـ"نعم" وإما الـ"كلا" وفي كلتا الحالتين فإن العراقي هو الحكم وسط احتلال وهجمات وتفجيرات إرهابية تجعل حكمه بمثابة تحدي لكل تلك الظروف التي يعيشها العراق اليوم.
حوالى الساعة السابعة صباحاً بالتوقيت المحلي للعاصمة العراقية بغداد فتحت مراكز الاقتراع وفيما خلت الشوارع من المارة في تلك الساعة المبكرة من الصباح فإنها شهدت وجوداً أمنياً مكثفاً تحسباً لأي هجمات أو عمليات انتحارية تهدف إلى تقويض الاستفتاء على الدستور ومنع المواطنين من الوصول إلى مراكز الاستفتاء. وقد شهدت بعض المناطق قبيل فتح مراكز الاقتراع بعض الأحداث الأمنية إذ انفجرت قنبلة وضعت على أحد الطرق في السابعة صباحاً مما اسفر عن إصابة رجل شرطة كما وقعت اشتباكات في مدينة الرمادي بين مجموعة من المسلحين وقوات امريكية كانت تقوم بدوريات في شوارع المدينة فيما تعرضت ثلاثة مراكز انتخابية في بغداد لاطلاق نار من مسلحين يستقلون سيارات، ولم تقع اصابات نتيجة ذلك حسب ما اعلنت الشرطة. أما في أحداث الأمس فقد تعرضت ثلاث مقار للحزب الاسلامي ببغداد، وهو احد الاحزاب السنية لهجمات بعد أن أعلنت تراجعها عن معارضتها للدستور، وقالت الشرطة العراقية ان عبوة ناسفة وضعت خارج مكتب الحزب في بغداد قد انفجرت ولكنها لم تسفر عن حدوث اصابات. وفي هجوم آخر، اضرم مجهولون النار في مكتب الحزب في مدينة الفلوجة كما هوجم مقره في مدينة بيجي شمالي بغداد.
وكانت اتخذت تدابير أمنية مشددة من بينها إذ وضعت المتاريس حول مراكز الاقتراع في العاصمة بغداد وكبرى المدن العراقية الاخرى، كما اغلقت الحدود العراقية بشكل كامل امام حركة السيارات حيث لا يسمح إلا للسيارات التي تحمل اطعمة او ماء او وقود من المرور عبر الحدود.
وفي مقدمة من شاركوا في الاستفتاء صباح اليوم الرئيس العراقي جلال الطالباني ورئيس الوزراء إبراهيم الجعفري اللذين أدليا بصوتيهما في نفس مركز الاستفتاء في المنطقة الخضراء. وعقب إدلائه بصوته قال رئيس الوزراء العراقي إبراهيم الجعفري "إن اليوم يعد يوماً تاريخياً وبحلوله نكون قد وفينا بواجبنا، وأضاف أن الدستور يمثل حجماً كبيراً من الطموحات التي عمل من اجلها الشعب العراقي، وهو وليد رحم الشعب العراقي حيث يشارك الشعب بكامل حريته في اختيار دستوره. والشعب العراقي هو الذي سيراقب الدستور والسلطات ومدى جدارتها في تطبيق العملية الدستورية وهو أيضاً الذي سيقرر إذا ما دعت الضرورة لتطوير الدستور أو تعديله". وأضاف الجعفري قوله "نحن نتطلع ليحظى الدستور بموافقة الشعب وان تجرى انتخابات في نهاية هذا العام رغم وجود مراهنات كثيرة على محاولة تفتيت البلاد". واعتبر الجعفري أن ما يتعرض له العراق من إرهاب يهدف لإضعاف قبضة السلطة على الأوضاع الأمنية وإعاقة التطور، الذي يعد الدستور الجديد أهم خطواته.
وكان الرئيس العراقي جلال طالباني قد دعا السنة العرب للمشاركة في الاستفتاء على مسودة الدستور والتخلي عن خيار المواجهة المسلحة. وقال طالباني"يجب ان يعي الاخوة العرب السنة ان تطلعاتهم ستتحقق من خلال العمل السياسي وليس العنف والعمليات الارهابية والمقاطعة".
وإذ من المتوقع أن يضمن المسلمون الشيعة والاكراد الذين يمثلون نحو ثلاثة أرباع عدد الناخبين البالغ قرابة 15 مليوناً تحقيق الاغلبية المطلوبة لإقرار الدستور فإن رفض ثلثي الناخبين في ثلاث فقط من محافظات العراق الثماني عشرة سيعني سقوط الدستور.
الظروف التي يعيشها العراقي لا يحسد عليها، ولكن حدث الاستفتاء اليوم هو محطة مفصلية في حياته، محطة ترسخ حقه في صنع القرار السياسي من خلال المشاركة في وضع الأساس الذي سيبنى عليه العراق الجديد، عراق العراقيين الأصيلين، لا عراق صدام حسين ولا عراق الولايات المتحدة الاميركية.
ميساء شديد
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018