ارشيف من : 2005-2008
إيران قبل الثورة الإسلامية
ولدت الثورة الاسلامية من رحم معاناة واستضعاف ملايين المواطنين الذين كانوا يعيشون الأوضاع الاقتصادية المتردية بينما كان "الشاه" يغرق في البذخ والإسراف من أموال الشعب الجائع.
يوم ثار الإيرانيون على "الشاهنشهية" المرتبطة بالاستعمار الغربي والولايات المتحدة الأمريكية كانوا قد خبروا ظروفاً راحت تتفاعل شيئاً فشيئاً مولدة الكثير من الظلم والقهر، حتى تفجرت ثورة جماهيرية على طريق التغيير الشامل وفق قاعدة لا غنى عنها وأساس واحد هو "الإسلام".
تعلّق الايرانيين بالدين الاسلامي وتمسكهم بتعاليمه جعلا الشاه عاجزاً عن اعلان حرب علنية على الاسلام فما كان منه الا ان استخدمه مطية لتحقيق اهداف النظام من خلال تحريف مبادئه الرئيسية وتزييفها وافراغ الاسلام من محتواه وقيمته الرسالية. فكان الشاه يستخدم مجموعة مما كانوا يسمون بـ"وعاظ السلاطين" الذين كانوا يفسرون الاسلام وفق رغبات النظام.
في هذا الوقت كانت المحاولات جاهدة للقضاء تدريجياً على الإسلام من خلال تقليص الحصص الدينية في المدارس، تغيير المناهج التربوية الدينية لمناهج اكثر سطحية، منع حلقات القرآن في البيوت والمساجد. وأتت هذه التدابير القمعية استناداً الى مبدأ فصل الدين عن السياسة وعزل رجال الدين والعلماء ومنعهم من التدخل في الشؤون السياسية إضافة إلى تكفير كل عالم اسلامي ثوري مخلص لدينه وروح الإسلام الحقيقية.
أما الوضع الاقتصادي للإيرانيين أيام الشاه فقاموس من المعاناة والظلم حيث كانت خيرات الشعب من الثروات الطبيعية وخصوصاً النفط تذهب الى أيدي الرأسمالية والإمبريالية العالمية فيما كانت إيران سوقاً استهلاكية للمنتجات الغربية. هذا الواقع أدى الى تدمير الزراعة بشكل كامل ما أدى الى انخفاض في نسبة المحاصيل الزراعية وبالتالي نزوح الكثيرين من أبناء القرى الى المدن الكبرى ما خلق ازمات جديدة من زيادة سكان وبطالة .... إلخ
تفاقم المشكلة الاقتصادية انسحب على الحياة الاجتماعية التي تأثرت بشكل مباشر فقد كانت المناهج التربوية للنظام الشاهنشاهي فاسدة وأبعد ما تكون عن قيم وتعاليم الإسلام.
ماذا في السياسة؟
صورة المشهد السياسي لم تختلف كثيراً لجهة ما اعتراها من انحراف وفساد اذ كانت العلاقة بين النظام السلطة والشعب علاقة استبدادية قائمة على القمع والإرهاب فكان محرم على الشعب ممارسة أبسط حقوقه من خلال حرية الرأي والتعبير، فكان الشعب الإيراني أيام الشاه يعيش في عزلة تامة عن الحياة السياسية وبناء سياسة الدولة واتخاذ القرارات المصيرية بشأن قضايا ومشاكل الأمة.
هذه العوامل مجتمعة والتي أراد الشاه من خلالها دفع المجتمع الإيراني وإيران نحو الخطوط الأمامية لحماية الاستعمار العالمي والصهيونية في المنطقة، جاءت لتحقق الهدف المعاكس حيث اشعلت الوجدان الإيماني المترسخ في قلوب وعقول الجماهير الإيرانية الذي سرعان ما انفجر على مراحل من خلال انتفاضات عدة مهدت للانتفاضة والثورة الأكبر في 11 شباط/ فبراير 1979.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018