ارشيف من : 2005-2008
عدوان تموز: "الانتصار.. وقلب المعادلات" ـ الحلقة الأخيرة ـ
مع حلول اليوم السادس من عملية "تصفية الحسابات" لم توفر آلة الحرب الصهيونية لا صغير ولا كبير ولا امراة ولا رجل بل راحت تواصل ارتكاب الجرائم بحق المدنيين العزل حاصدة المزيد من الضحايا الابرياء ومشردة المزيد من السكان، وقد أحصت مصادر القوات الدولية العاملة في لبنان حصول 1224 غارة جوية وسقوط أكثر من 28 ألف قذيفة من مختلف العيارات.
وشن العدو الاسرائيلي غارات عنيفة على مواقع الجيش اللبناني في محلة رأس العين جنوب صور على الرغم من إعلان العدو منذ الايام الاولى للعدوان أن الجيش اللبناني هو بمنأى عن عملياته العسكرية.
وفيما كانت الوقائع تدل على بداية العد العكسي للعدوان الا أن الوضع ظل متفجراً مع تأجيل زيارة وزير الخارجية الاميركية آنذاك وارن كريستوفر لمدة 48 ساعة في مناورة اميركية لكسب الوقت في سياق المراهنة المستمرة على تطورات ميدانية تحسن موقع العدو في أي اتفاق محتمل.
في هذا الوقت توالت المواقف التي أراد العدو الصهيوني المراهنة عليها فجاء الموقف البريطاني متعاطف مع الموقفين الاميركي والاسرائيلي فنددت بريطانيا بما أسمته هجمات حزب الله على شمال فلسطين المحتلة الا انها قالت ان طبيعة الرد المستمر ولاسيما المحاولة المتعمدة لتشريد جزء كبير من السكان المدنيين لا يمكن تبريرها.
واستمرت المقاومة مع استمرار أيام العدوان فكانت العمليات المتواصلة ومنها مهاجمة مجموعة الشهيد سمير ملحم موقع تومات نيحا في البقاع الغربي مدمرة الدشم وتحصينات الموقع ومصيبة عدداً من العناصر الموجودة فيه كما هاجمت مجموعة أخرى موقع طلوسة في القطاع الأوسط وتمكنت من تحقيق اصابات مباشرة بين أفراد الموقع ودمرت دشمه.
وفي خطوة لافتة ومميزة توج قائد المقاومة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله جهوزية المقاومة بزيارة جبهة القتال والمواقع الأمامية في تأكيد على طمأنينة لافتة لدى المقاومة والاستعداد لصد أي هجوم بري في مقابل قلق اسرائيلي متزايد، وفي ذلك الحين أكد السيد نصر الله للمقاومين "أن المعادلة الحقيقة هي أن لبنان يعني المقاومة والمقاومة تعني مصير لبنان ومستقبله".
ورداً على مشاريع تسوية طرحت آنذاك تقضي بالتوصل الى اتفاق وقف اطلاق نار متبادل تعلنه الحكومة اللبنانية وحكومة العدو على أن ينتشر الجيش اللبناني في الجنوب شدد الامين العام لحزب الله "أن وقف اطلاق صواريخ الكاتيوشا على المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة لا يتحقق الا بالامتناع الكامل والدائم عن الاعتداءات على القرى والمدنيين في الجنوب والبقاع الغربي ووقف الهجمات الاسرائيلية الجوية والبحرية والبرية على الأراضي اللبنانية كافة".
في اليوم السابع أو الاخير من عدوان تموز/يوليو عام ثلاثة وتسعين كانت صورة الهزيمة والفشل الاسرائيلي واضحة لا غبار عليها فكان ذلك اليوم "يوم انقلاب الحسابات" و"تغيير معادلات القوى".
وما كانت زيارة وزير الخارجية الاميركي وارن كريستوفر الى المنطقة سوى لمحاولة ايجاد مخرج لائق للإسرائيليين من الورطة التي أوقعوا انفسهم بها.
وراح كريستوفر يلتقي المسؤولين في المنطقة من قادة العدو الى الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد الى المسؤولين في لبنان حيث لم تنجح مساعيه في بداية الامر مع محاولته فرض الشروط الاسرائيلية.
.... وبدأ العد العكسي وقبيل اعلان تفاهم تموز/ يوليو اشتعلت مستوطنات الجليل بصواريخ الكاتيوشا اشعاراً للعدو بأن المقاومة تحتفظ بكامل حقها في الدفاع عن أراضيها.
وفيما أعلن العدو بشكل مقتضب السادسة من مساء السبت في الحادي والثلاثين من تموز /يوليو موعد توقف الهجمات البرية والجوية والبحرية على أهداف في لبنان امتنع عن الكلام عن النتائج الميدانية التي انتهت اليها الحرب السابعة والتي لم تكن أبداً على مستوى ما كنوا يخططون لها. الأمر الذي أكده موقف الامين العام لحزب الله الذي صور النتائج التي أفرزها العدوان من جهة العدو الاسرائيلي وعلى صعيد المقاومة.
فأكد سماحته أن "اسرائيل" فشلت تماماً في تحقيق أهدافها، وان العدوان ادى الى تقوية المقاومة وحزب الله وهما مستمران في المقاومة حتى زوال الاحتلال، وأضاف ان "قصف الكاتيوشا أدى في الماضي الى معادلة جديدة قوامها التهجير المتبادل والدمار المتبادل وتوازن الرعب وقد تكرست هذه المعادلة في الاتفاق الاخير فتوقف اطلاق الصواريخ في مقابل توقف العدوان".
وبهذا انتهت الحرب السابعة لتكون، على الرغم مما خلفته من شهداء وتهجير وهدم بيوت، خطوة اولى في طريق السير نحو محطات أخرى مشرقة في كتاب المقاومة الذي لم تنته صفحاته بعد بانتظار صفحات أخرى تجسد تحرير ما تبقى من الأراضي اللبنانية المحتلة.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018