ارشيف من : 2005-2008
لبنان والتظاهرات: 8 آذار، 14 آذار... وعوكر
شهر آذار عام 2005، كان شهر التظاهرات بامتياز، إذ استضاف الشارع اللبناني في النصف الأول من شهر آذار الشعب اللبناني بكافة أطيافه.
وإذا كان آذار ضم أكبر تظاهرتين في لبنان في الثامن والرابع عشر منه فإن التظاهرات والاعتصامات بدأت مع اغتيال الرئيس رفيق الحريري إذ نصبت الخيم واقيمت الاعتصامات في ساحة الشهداء، حيث بدأت التظاهرات تحت شعار الحقيقة لتصل الى دعوات "إطلاق الحكيم" و"خروج سوريا ومناهضتها" والإمعان في اتهامها.
إزاء هذا المشهد في ساحة الشهداء كان لا بد من إيضاح الصورة أكثر للرأي العام من خلال تظاهرة 8 آذار. ففي هذا التاريخ وفي ساحة رياض الصلح، اجتمع اكثر من مليون لبناني تحت عنوان "رفض القرار 1559، الوفاء لسوريا، رفض الضغوطات الأجنبية، الحقيقة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وحماية المقاومة"، وجاءت تظاهرة الثامن من آذار بعد لقاء للأحزاب عقد في 7 آذار بحضور الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي أكد على عناوين التظاهرة في وقت كان يشهد لبنان حملات عنيفة ضد سوريا التي كانت اعلنت بلسان رئيسها بشار الأسد عن عزمها الخروج من لبنان.
الأعلام اللبنانية وحدها التي رفرفت يومها في ساحة رياض الصلح التي لم تتسع للجماهير الشعبية التي غصت بها بيروت. وإذ توالت على المنبر شخصيات كثيرة دعت الى الوقوف في وجه الضغوطات الخارجية وحماية المقاومة، إلا أن المفاجأة كانت بإطلالة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله من أحد المباني ليلقي خطاباً في إحدى أكثر المراحل دقة في لبنان ومما جاء في خطاب سماحته يوم 8 آذار "اجتمعنا اليوم لتوجيه الشكر لسوريا الاسد، لسوريا حافظ الاسد، لسوريا بشار الاسد، لسوريا الشعب الابي الصامد، والجيش العربي المقاوم الذي كان معنا ولا يزال في كل اعوام الدفاع والمقاومة، نحتشد اليوم لنذكر العالم، ولنذكر ايضاً شركاءنا في الوطن بأن هذه الساحة التي تجمعنا او تلك الساحة التي تجمعكم في ساحة الشهداء دمرتها "اسرائيل" والحروب الداخلية، ووحدتها وحفظتها وأمنتها سوريا بدماء ضباطها وجنودها. بيروت دمرها شارون وحماها حافظ الاسد، ونحن شعب لا ينكر الجميل، اذا كان البعض منا انكر جميلا فهو خلاف اخلاق اللبنانيين". لسوريا نقول كما قال رئيسها بشار الاسد، انت في لبنان لست موجودة وجودا ماديا عسكريا، انت موجودة في الارواح، في القلب والعقول، في الحاضر والماضي، في المستقبل. واعلن امامكم، انه لا يستطيع احد ان يخرج سوريا من لبنان، ولا من عقله ولا من قلبه ولا من مستقبله"... "نؤكد ان اتفاق الطائف فقط هو الذي يجب ان يحكم مسألة الوجود العسكري السوري وارادة الحكومتين اللبنانية والسورية ومصالح البلدين، وليس الضغوط الدولية ولا الاملاءات الدولية، ولا تقديم مكافآت لـ"اسرائيل".
في 8 آذار لبى لبنان كله، بعاصمته وجبله وجنوبه وبقاعه وشماله، الدعوة إلى "تظاهرة الوفاء لسوريا ورفض التدخل الأجنبي المنذر "باتفاق 17 أيار" جديد، تحت عنوان القرار 1559 وتداعياته، والمطالبة بالحقيقة الكاملة عن جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري".
إلا أن الشعار الأساسي الذي أطلقته هذه التظاهرة الحاشدة الدعوة إلى توحد اللبنانيين على قاعدة اتفاق الطائف، في دعوة كانت موجهة الى المعارضة حينها، المعارضة التي أصبحت تعرف فيما بعد بقوى "14 آذار" التي أصبحت اليوم "قوى الموالاة". وهي القوى التي اجتمعت وتظاهرت في 14 آذار 2005 في ساحة الشهداء لترفع الأعلام اللبنانية ولتردد نفس شعارات 8 آذار بالنسبة للحقيقة والوفاق الوطني والسلم الأهلي مع الاختلاف بالنسبة لإطلاق الاتهامات والشتائم بحق سوريا.
بعد 14 آذار استمر الاعتصام المفتوح في ساحة الشهداء، فيما فضل عدد كبير من الشباب والطلاب الذين وعوا مدى خطورة التدخل الأجنبي، التوجه نحو السفارة الأمريكية في تظاهرات تكررت بشكل أسبوعي رفضاً للوصاية الأمريكية والأجنبية على لبنان وتأكيداً على حماية المقاومة والتمسك بخياراتها.
مشهد التظاهرات والاعتصامات خلال العام 2005 الذي بدا وكأنه انتهى بعد تفكيك خيم شباب 14 آذار من ساحة الشهداء في 17 تموز/ يوليو حين تحقق مطلب "القواتيين" بخروج سمير جعجع من السجن، عاد ليتكرر في 19 الشهر الجاري في اعقاب اغتيال النائب جبران تويني ولكن هذه المرة تحت عنوان "رحيل رئيس الجمهورية".
في خضم كل التطورات الحاصلة على الساحة الداخلية وفي ظل توتر لا يخفى على أحد، هل سيعود الشارع في العام 2006 ملاذاً للمواطنين والشباب اللبناني علماً أن المشهد تغير مع تبادل المواقع بين المعارضة والموالاة؟
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018