ارشيف من : 2005-2008
"الجنرال البرتقالي" في أول مقابلة له مع "الانتقاد" يدين السلطة وينفي عنها الاكثرية:يريدون العلاقة مع الناس علاقة شركة وزبائن ونريدها علاقة وطن ومواطن
لم يمنع ضيق المكتب الذي يشكل "غرفة العمليات الخاصة" بالجنرال من إظهار مساحة الترحيب الكبيرة التي بدأت بقراءة تهكمية لمنشور يستهدف تياره البرتقالي، وانتهت بحديث "على الواقف" عن "الأورانج تي في" محطة التيار التي يفترض أن تشهد ولادتها حركة عملية مع نهاية هذا العام.
ربما توحي الخرائط الكثيرة على جدران المكتب بأن "غرفة العمليات" انتقلت من اليرزة إلى الرابية، ولكن كتب القانون باللغات الثلاث، العربية والفرنسية والإنكليزية، التي أخذت مكانها البارز في صدر المكتب تدل على أن ما يقرأه الجنرال اليوم ليس كتب الحرب والتكتيك العسكري، وإنما كتب السياسة والدستور والقانون الناظمة للحياة العامة في لبنان.
اللقاء الذي لم تفارقه العفوية على مدى ساعة ونصف، كان غزيراً حيوياً، دون انفعال أو استفزاز، ربما لأن الجنرال مرتاح، وهو يعرف ماذا يريد، وإذا كانت العوائق كبيرة أمام تحقيق أهدافه، فهذا لا يضيره كثيراً، لأن ما يهدف إليه لا يريده لنفسه، وإنما من أجل القيام بنهضة يرى أنه حان وقتها في هذا البلد الذي لم يعد يحتمل المتاجرة به في سوق الوصايات الدولية.
من أجل ذلك يرى الفرق بينه وبين "غيره" ملخصاً باختلاف بين من يريد في هذا البلد أن تسود قيم الوطن والمواطن، فيما يرى أن هذا "الغير" يريد أن تبقى العلاقة علاقة شركة وزبائن، و"شتّان بين هذين النوعين من العلاقات".
البسمة الأكبر عند الجنرال تتلمسها عندما يتحدث عن التفاهم الذي وقعه مع "السيد حسن" كما دعاه أكثر من مرة في اللقاء، إذ أن هذا التفاهم ألغى أي إمكانية لعودة لبنان إلى الوراء، وألغى بشكل نهائي إمكانية حصول أي فتنة في لبنان، وخلق استقراراً يقوم على مبدأ قبول الجميع بالجميع، وأرسى قواعد لم يستطع مؤتمر الحوار أن يخرج عنها، فتبناها ولو معدّلة في أكثر من مكان وحول أكثر من قضية.
ولماذا لا يبتسم، طالما "أننا نمثل ثمانين بالمئة من الشعب اللبناني بامتداد على ثمانين بالمئة من الأرض اللبنانية؟"، وطالما "أننا اخترقنا الحاجز الطائفي؟".
لدى الجنرال حديث كثير عن الأكثرية والأقلية، وعن المجلس الدستوري والطعون، وعن العلاقات مع سوريا التي ثبت في موقفه منها على مدى السنوات فيما "الآخرون هم الذين غيّروا مواقفهم".
ماذا لو وصل "الجنرال الثالث" إلى بعبدا، وماذا سيتغير؟
الإصلاح، سيتحقق الإصلاح الذي يريده اللبنانيون، يقول الجنرال، "قد تكون هناك مرحلة صعبة، ولكنها مرحلة محدودة بوقت، وبعدها يكون.. الفرج".
بداية ما هو تقويمك للتظاهرة التي شهدتها بيروت الأربعاء الماضي؟
اعتقد أنها أكبر تظاهرة مطلبية جمعت اللبنانيين وجمعت كل ألوانهم السياسية والمذهبية، وانطلاقا من هنا هي أول حجر في بناء الوحدة الوطنية، وإذا لم نقل أول حجر فهي من أهم الأحجار الأساسية لتركيز الوحدة الوطنية.
هذا بالمفهوم العام، أما بالمفهوم الخاص فقد أظهرت التظاهرة طبيعة الصراع السياسي من الآن وصاعداً.
اليوم الوضع الاقتصادي سيكون هو المسيّر لطبيعة الصراع مع الحكم، فإما أن يكون الحكم متجاوباً مع حاجات ومطالب المواطنين، وإما يبقى المهيمن هو فكرة الشركة المساهمة والمواطنين الذين يعتبرهم الحكم زبائن وليسوا مواطنين.
كيف سيكون رد الفعل الحكومي برأيك؟
أذا أردنا أن ننسخ رد الفعل الحكومي على التجارب السابقة، سيردون بأكاذيب على أنفسهم وعلى الناس، وهذا الامر مستوحى من وصفهم للتظاهرة وتكوينها وتركيبها وللمشتركين فيها وهويتها وإلى ما هنالك، مستخدمين التضليل الإعلامي، هذا التضليل الاعلامي سيصيبهم هم، لأنهم إذا لم يأخذوا بالعمق معاني هذه التظاهرة سوف يجد القيمون على الشأن العام أنفسهم معزولين في أجواء سيئة في المستقبل القريب جداً.
إن وصف التظاهرة بما ليست عليه، ووصف مطالبها بالمطالب الخارجية والتشكيك بهويتها الوطنية، كل هذا هو أضاليل سوف تحكم بالاعدام المعنوي على مطلقي هذه الشائعات، وخاصة من هم في المواقع الرسمية.
ما هي قراءتك لوضع الحكومة في المرحلة المقبلة؟
ـ إما ان تتجاوب الحكومة في المرحلة المقبلة مع هذه المطالب ومع غيرها من المطالب، وتعمم السياسة الانمائية في كل القطاعات التي تحتاج الى إنماء، وإما ان تبقى على سياستها الاستغلالية الحالية.
في الحالة الاولى، سوف تكون أنقذت نفسها بالتأكيد، وساعدت في إنقاذ الوضع الاقتصادي.
إما اذا لم تتجاوب وأكملت على النمط نفسه فلا أستطيع أن أقول لهم إلا عنوان لافتة كانت أمس في التظاهرة مع الجماهير: عندما يجوع الشعب يأكل حكامه.
ـ كيف قرأتم التصعيد المفاجئ لرئيس كتلة تيار المستقبل النائب سعد الحريري الأخير على خلفية التظاهرة النقابية واعتباره أن حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر لا يريدون حلولاً إنما يريدون خراب البلد؟
أعتقد أن الحكومة الحالية عجزت عن تحقيق أي إنجاز اجتماعي أو سياسي أو اقتصادي، وكان لا بد أن تُحمل مسؤوليته لأحد ما. في البداية، كان العجز يبرر بالمشاكل الأمنية والأجهزة الأمنية المرتبطة برئيس الجمهورية بالرغم من أن أحداً لم يكن يمنعهم من اتخاذ أي قرار بهذا الشأن في مجلس الوزراء. إذاً يجب أن يحمّلوا هذا العجز لأحد، ويحولوا الرأي العام عن محاسبة أدائهم السيئ في الحكم إلى الآخرين. هذا النوع من النمط الديكتاتوري في الحكم، أنا لا استغربه، ذلك أنهم تمرسوا عليه أيام كان هناك نظام مخابراتي سوري. هم مستمرون على نفس النمط. صحيح أن السوريين انسحبوا لكن النمط الذي حكموا فيه البلد خلال 15 سنة ما زال هو هو، وبالتالي هؤلاء غير قادرين على اتخاذ مبادرات، لأنهم تربوا على نهج الوصاية وتلقي التعليمات. ليس بإمكانهم ان ينطلقوا من قرار حر ويتحملوا المسؤولية، إضافة إلى أنهم لا يقبلون أن يشاركهم أحد لأنهم ضعفاء ويخشون الخسارة. يخافون أن يكون لدى الآخرين حلول. هذه المأساة سنعيشها لفترة ريثما تتغير الحكومة ويدخلها أشخاص لديهم رؤية وحس المبادرة، ولا يكونون بحاجة إلى أن يدوروا على العواصم الخارجية لاستشراف جميع الآراء قبل أن يتخذوا قرارهم.
الجميع يعلم أن التدخلات الخارجية تأتي بالويل على لبنان لأنها لا تأخذ بعين الاعتبار ما هو مطلوب في النسيج الداخلي اللبناني، وبالتالي نقع في الخطأ. بالنتيجة، الشعب الذي يطمح إلى الاستقلال يجب أن يتحمل لوحده المسؤولية، وسلوك الحكومة من الداخل إلى الخارج، هو سلوك خارج الإطار الوطني.
كل المطلوب فعله هو تفاهم داخلي على سياسة معينة ولا بأس من توافر تأييد أو دعم خارجي لها، لا أن نستجدي سياسة من الخارج. والغريب أن موضوع الرئيس مثلاً أصبح بالنسبة لهم موضوعاً خارجياً لا علاقة لنا به!! وكأن المطلوب أن يأتوا برئيس جمهورية مستورد من الفيتنام أو التايوان!!
ـ في خطابك الأخير طالبت بإسقاط الحكومة وشهرت في وجهها المحاسبة. هل هناك إمكانية لتشكيل حكومة جديدة، وخصوصاً أن الحكومة الحالية استغرق تشكيلها وقتاً طويلاً نتيجة للتعقيدات والتوازنات السياسية الموجودة، وحديث البعض عن أن سقوطها قد يؤدي إلى فراغ دستوري؟
أولاً، لا فراغ دستوريا في نظامنا الديموقراطي، بل تصبح الحكومة حكومة تصريف أعمال. أما القرارات الكبرى المصيرية فهي لا تستطيع اتخاذها، ثم ماذا فعلت الحكومة الحالية حتى الآن؟ تجاوزت الدستور في ما يخص المجلس الدستوري وعملت على إنهاء ولاية هذا المجلس قبل سنة من انتهاء ولايته لمنعه من النظر بالطعون المقدمة إليه لأسباب سياسية بحتة.
ـ برأيك لماذا تخاف الأكثرية من إسقاط الحكومة الحالية؟
لأنه ليس لديهم إمكانية السيطرة على السلطة من جديد. في المرة الأولى جرى التساهل في تأليف الحكومة بضغط من الخارج، ونتيجة الأحداث التي حصلت والتعاطف الشعبي معهم. هذا التساهل لم يفهمه فريق السلطة على أنه كان بهدف تمتين اللحمة الوطنية، لا بل عملوا على ضرب هذا التساهل عُرض الحائط، وكأن هذا الفريق يملك السلطة المطلقة، وتجده يرتبط بسياسات خارجية ويعطي وعوداً للخارج. بالأمس كانوا يجولون من عاصمة إلى أخرى، ماذا يفعلون هناك؟
ـ هم يعتبرون أنهم يملكون الأكثرية النيابية والوزارية ولذلك هم يتعاطون بهذه الطريقة؟
أولاً: الأكثرية مطعون فيها وعليك أن تثبتها. ثانياً، قانون الانتخاب الذي أجريت الانتخابات على أساسه مس بالوفاق الوطني. كان هناك إجماع على أنه قانون مجحف وحصل توافق على تغييره وبرعاية السوريين. يومها أعد الوزير سليمان فرنجية قانوناً ونال شبه اجماع، إلى أن جاءت الأكثرية الحالية وفرضت قانون الألفين بدل القانون الذي كان متفقاً عليه.
وكان تيار المستقبل موافقاً على تعديل القانون، وأجروا حساباتهم على أساس أن تكون أكثرية الثلثين عندهم. وكانت حساباتهم إعطائي سبعة نواب كحد أقصى، وأن لا يتجاوز نوابنا ونواب حزب الله وحركة أمل الثلثين. وبعد تأليف الحكومة كانت النغمة نفسها. وزعوا المقاعد على أساس أن لا نصل إلى الثلث زائد واحد. هذه النية المسبقة لم أفهم أحجيتها بداية. لماذا يجري احتسابنا كحلفاء مع أمل وحزب الله، وتبين لي فيما بعد أن هناك أكثر من سبب لذلك. الأول أنه إذا كانوا يعملون للتوطين فرفض هذا الأمر يجمعنا مع حزب الله وأمل بدون أي تفاهم مسبق. يعني اللعب بالدستور قد يكون سبباً. ثانياً، هم يريدون في مجلس النواب إسقاط رئيس الجمهورية من دون الحاجة لأحد، وهكذا يصبح النظام عندنا 99،99%. اليوم ننتقد الوزير فلا يرد علينا، كأنهم يقولون لنا انتقدوا ما تريدون ونحن نفعل ما نريد. كأن هذه هي الديمقراطية؟ المشاكل التي تعترضنا اليوم في الممارسة الديمقراطية تدل على أننا نقف في وجه فريق يجهل مبادىء الديمقراطية.
ـ بالعودة إلى تحرك هيئة التنسيق النقابية، البعض اعتبر التحرك مسيّساً، وأن هناك استغلالاً للمطالب الاجتماعية، والبعض الآخر رأى أن الهدف منه إسقاط ثورة الأرز؟
أي ثورة أرز؟ هذه شعارات للانتهازيين يقفزون فيها من مكان إلى آخر ليجعل الواحد منهم من نفسه بطلاً. الحرب انتهت قبل 14 آذار. ليراجعوا تصاريح (الرئيس السوري) بشار الأسد. في 6 آذار أعلن أنه يريد الانسحاب.
الوضع الاقتصادي
ـ ألا تعتقدون أنه كان الأجدى إدخال الوضع الاقتصادي كبند ضمن الحوار وهو ما دعا إليه السيد نصر الله في وقت سابق ورفض الآخرون ذلك؟
كان يفترض إدخال بندين على طاولة الحوار: قانون الانتخابات والملف الاقتصادي. في قانون الانتخابات أتهمهم بالكذب، لأنهم كلفوا لجنة لإعداد هذا القانون والانتهاء منه آخر السنة الماضية، إلا أنه جرى فرطها على خلفية اللعب بتقسيم الدوائر الانتخابية، اخترعوا هذه المشكلة للتأجيل مدة ستة أشهر، وغداً سيعمدون إلى اختلاق الحجج كأن يقولوا علينا أولاً أن ندرس موضوع اللامركزية الإدارية، أي المزيد من التأخير! إذاً لا توجد نية صافية، والأوطان لا تبنى بـ"الزغل"، لا بد من نية صافية وأن نفتش بالفعل عن المصلحة الوطنية. لو كانت هذه النية موجودة، كنا انتهينا من كل المواضيع العالقة، ونركّز على مجتمعنا وعلى العمل السياسي والإداري والاقتصادي بشكل سليم. ما يحصل حالياً هو تضييع للوقت. هناك شيء لا يمكن أن أعطيه وخصوصاً لهذه الحكومة بالذات وهو الثقة.
ـ كيف تنظرون لأداء الحكومة الاقتصادي وورقة الاصلاح المعروضة للنقاش؟
هذه الحكومة بدأت بالحكم بنفس النهج الاقتصادي الذي كان متبعاً من العام 92 (باستثناء فترة حكومة الرئيس سليم الحص). كان يجب أن نغير ثلاث أو أربع حكومات، فشلت جميعاً، لا أن نأتي بحكومة تعمل بنفس النهج. لماذا عليّ أن (أسلّف) وأعطي الثقة بورقة عمل لا تختلف عن الأوراق السابقة التي لا تزيد الإنتاج. هذه ورقة محاسبة مالية فيها ضرائب فقط.
اليوم كيف سنعالج الوضع الاقتصادي إذا لم نفعّل قطاعات الإنتاج. الضرائب زادت منذ عام 92 وكانت مئة مليون دولار وأصبحت 4600 مليون دولار. قطاعات الانتاج انخفضت بينما زادت الضرائب بنسبة 575%!.
ـ إلى هذا الحد الحكومة سيئة بنظرك؟
أكثر من سيئة. "عملوا" مشاريع بميزانيات مضخمة وفيها الكثير من الهدر والسرقة. أصبح من الضروري أن يصار إلى تحقيق مالي وإلا لن نخرج من أزمتنا ولن يساعدنا أحد إلا بعد ضبط الفساد والسرقة.
ـ في العشاء السنوي الذي أقامه التيار في 19 ـ 3 ـ 2006 قلت: أخطأنا في تسمية كتلتنا باسم كتلة "التغيير والإصلاح"، وقلت إنه كان يجب أن نسميها كتلة "التأسيس". هل وصلت حال الاهتراء إلى مرحلة لم يعد ينفع معها التغيير والإصلاح؟
نعم هناك اهتراء شامل في الإدارة. والوزارات وكل واحد يغني على ليلاه، لا أحد ينظر الى المصلحة العامة. صحيح أن هناك بعض الوزارات عملت على ترتيب وضعها، ولكن الدولة جهاز كامل يجب أن يعمل كأوركسترا موحدة بشكل صحيح.
ـ أنت تدعو الى فتح تحقيق مالي.. وهذا ربما يقودنا إلى الدخول في نفق طويل قد لا نخرج منه..
في العام 1991 صدر قانون عفو عام مع أن أي قانون يجب أن لا يشمل الجرائم ضد الانسانية. ألم يكن من الأجدى أن يجرى تحقيق بالجرائم التي حصلت. وعلى الأقل من ارتكب يجب أن لا نعطيه وظيفة ثانية ويكون مسؤولاً عن أمن الناس. على الأقل إذا لم نعاقبه نزيحه، خاصة أن هناك اليوم استعداداً نفسياً ومادياً في أن يبقى هؤلاء مستمرين على هذا النحو. إذا لم تتوافر عندنا الإرادة كي يخضع كل الناس للقوانين فما هو الحكم الديمقراطي؟ هو الخضوع للقوانين بصورة طوعية ويتحمل كل من يخطئ مسؤولية خطئه.
مثلاً المجلس الدستوري عندنا، هو سلطة فوق سلطة مجلس النواب، وهو يمثل السيادة اللبنانية، ووجد كي لا يحصل هناك شطط في تفسير الدستور وفي التشريع. دائماً يجب الخضوع لهذه المؤسسات وإلا ما هي المرجعية التي ستحكم. طالما هناك أشخاص يعتبرون أنفسهم فوق القانون لن نستطيع أن نبني دولة قوية وسيبقى الأفراد أقوى من القانون.
ـ هل أنت مطمئن الى أن الحكومة جادة في الإصلاح؟
لا .. لا.. هذا مجرد شعار ترفعه الحكومة..
ـ هل تتوقعون نتائج إيجابية في المرحلة المقبلة خصوصاً بعدما شهرتم سلاح المحاسبة مؤخراً، وكيف ستتعاملون مع الأطراف الأخرى؟
التعامل الديموقراطي لا يكون فقط في المجلس النيابي. هناك خانة في الدستور تسمح للشعب بأن يعبر عن رأيه عند تقصير الأجهزة أو المؤسسات التقليدية. لا يجب أن يفترض أحد أنه يملك الأكثرية النيابية، لأن الأكثريات يمكن أن تفرط، فالناس تملك ضميراً ولا يمكن أن تذهب إلى النهاية في مسايرة الفساد. ثم أن هذه الشعبية التي جاءت منها الأكثرية ستذهب. نحن نلتزم الدفاع عن حقوق هذا الشعب ومصالحه، قد تكون العصبية الطائفية لعبت دوراً وكذلك المال، ولكن بالنتيجة هذه الأشياء لا تغذي الحاجة المتنامية للشعب الفقير الذي يُستهدف من قبل الأكثريات التي لم تحقق الاصلاح، وعندها سيكون السقوط عظيما جداً. وهنا على من وصل إلى مجلس النواب ومعه الأكثرية أن يعلم أنه لا يستطيع الحفاظ عليها بشكل دائم، لأن هناك استحالة في تحقيق نتائج مع هذا النوع من المجموعات المصلحية التي لا يجمعها أي شيء. ما هو الفكر أو القيم التي تجمعهم؟ لا شيء سوى مصالحهم. اليوم جعلوا الوطن شركة مساهمة لها أصحاب وزبائن. نحن صدامنا اليوم بين فكرة وطن ومواطن وبين شركة وزبونات. هذه الصورة لا يمكن أن يقبل بها، وإن كانت تحت شعارات الليبرالية وغيرها من التسميات. التعاقد الوظيفي مطبق فعلياً الآن! "جايين يعملوا قانون على سبيل التسوية". أي نوع من الحكم هذا! لقد تعاقدوا للتوظيف في الدرك والأجهزة الأمنية! أين يوجد مثل هذا الأمر؟ كيف نطوع بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف، ونطلقهم لتنفيذ المهام دون الإعداد العسكري والقانوني كما كان عليه الأمر في السابق! هؤلاء لا يحفظون الأمن!
عام على العودة
ـ تحتفلون في هذه الفترة بالذكرى الأولى لعودتك من المنفى، ما الذي حققته خلال هذا العام، وبرأيك ما هي أهم المحطات؟
بدأنا بحركة مهمة جداً، وهي ضرب الإقطاع السياسي المذهبي الضيق. ربحنا الانتخابات النيابية بخطابنا الوطني، كما اخترقنا الحاجز الطائفي من خلال تفاهمنا مع حزب الله، وخصوصاً أن هناك من راهن على خسارة شعبيتنا، فضلاً عن الحملات التي قامت ضدنا وهي تهدم الجبال! ثقة الناس كانت كبيرة تجاهنا ودعمت الاتجاه الذي سرنا به، وهذا أعطى الكثير من الاستقرار خصوصاً أنه في الخامس من شباط كانت الناس قلقة وخائفة، وجئنا في السادس من شباط لنغسل قلوب الناس ونريحهم. أنا كنت مطمئناً إلى ذلك لأن هناك شعوراً لدى اللبنانيين بأنهم يريدون أن ينتهوا من هذه الأزمة، وأن يستريحوا. وبمجرد أن أخذنا المبادرة شعرنا بحالة من الارتياح الكبير، وبالتالي أجزم أنه لم يعد هناك إمكانية لضرب الاستقرار اللبناني بعد الآن، ثم أنه لا يمكن لأي دولة مهما كانت كبيرة أن تضرب استقرار البلد إلا من خلال عناصر داخلية، وهذا غير موجود.
ـ برأيكم ماذا ربح لبنان من توقيع التفاهم بينكم وبين حزب الله؟
ربح لبنان أولاً الاستقرار الأمني الداخلي، هذا لا يعني أنني غير مستهدف، أو السيد حسن نصر الله، لكن لا أحد يستطيع أن يفتعل حرباً أهلية، لأن الناس بهذه المبادرة أعادوا اكتشاف بعضهم البعض، وعادوا إلى أصالتهم. مثلاً أنا ابن الضاحية الجنوبية استطعت أن أعيد الناس إلى مرحلة الشباب التي عشت فيها من خلال إحياء العلاقة فيما بينهم.
ـ ما دام التفاهم عكس ارتياحاً، لماذا هذا الهجوم المضاد عليه من قبل قوى الأكثرية؟
نحن نفكر وطنياً وهم ليسوا كذلك. وهذه القوى ماذا تمثل أصلاً؟ نحن شعبياً نغطي 80% من الشعب اللبناني و80% من الأراضي اللبنانية، وهذه الرقعة ستتوسع لاحقاً. طبعاً هذه القوى التي نتحدث عنها متضررة لأنه عندما تحدد المصلحة الوطنية، هذا يعني أن التوجه سيكون باتجاه الاصلاح وتغير مراكز النفوذ، وهذا لا يناسبهم. يكفيهم أنهم أورثونا ديوناً وأزمات اقتصادية، فليذهبوا عنا.
ذكرى التحرير
ـ بعد فترة يحتفل لبنان بذكرى الانتصار والتحرير في 25 أيار، هل برأيك ما زالت هذه المناسبة حاضرة في ذاكرة اللبنانيين خصوصاً في ظل التطورات السياسية التي شهدتها الساحة اللبنانية؟
كل مناسبة استوجبت شهادة دفاعاً عن حق لبنان وأرضه يجب أن تكرس في ذاكرة اللبنانيين. وأهم ما في هذا الأمر هو أن يجري استجماع التضحيات المختلفة التي حصلت على الساحة اللبنانية، لأن كلاً منّا خاض تجربة قاسية، وان كانت في نفس المعنى وبصرف النظر عن الاختلاف في النظرة، فالناس الذين قدموا الدماء لتحرير أرضهم وشعبهم لهم مكانة خاصة. هذه المناسبة مهمة ويجب أن تبقى في ذاكرة اللبنانيين، وفي الوقت نفسه يجب أن تترجم بإعطاء الطمأنينة والسلام لشعبنا، وإلا ما معنى الشهادة ساعتئذ، تكون نوعاً من الانتحار. ومستقبل السلاح عندنا ليس بالضرورة ان نهدر دماً، غير أن لا يعني هذا أن نكون بخلاء في الدم والتضحيات التي يفترض أن نكون ضنينين فيها.
ـ هناك من يدعو إلى حياد لبنان عن الصراع الاقليمي، هل ترى إمكانية لتحقق هذا الطرح وهل توافق عليه؟
في أي ظرف من ظروف المواجهة أو الهدوء يجب أن نعزز الوحدة الوطنية، قبل البحث عن حيادنا، فحيادنا يفرضه سلوك الآخرين، اذا اعتدى علينا أحد كيف نكون على الحياد؟ من هنا يجب تحصين الوحدة الوطنية، أي تحصين دفاعنا الداخلي، ثم أن المنطقة لا تتجه إلى حروب كما يظن البعض بين ايران واميركا مثلاً. المهم أن لا يحصل تقويض للاستقرار الداخلي. اليوم العالم تحول إلى قرية صغيرة، وبالتالي ان حصول أي ضربة لايران سيترك تداعيات كبيرة في أوروبا والصين واليابان، وبقدر ما يكون تضامننا وانسجامنا الداخلي قوياً بقدر ما نكون أقوياء.
العلاقات اللبنانية ـ السورية
ـ البعض يرى أن هناك تغيرات مذهلة في سياستك لعل أبرزها الانتقال من العداء لسوريا إلى ما يشبه التحالف معها بشكل غير مباشر، والحليف لحلفائها بشكل مباشر، ماذا تقول أنت عما يراه الآخرون تغييراً وربما انقلاباً؟
أنا أعتقد أن أضعف نقطة في اللبنانيين هي تفكيرهم السياسي، ولديهم قصر نظر بحيث يسمحون لأنفسهم بتحوير فكر الآخرين على قياسهم إذا ما وجدوا أن هذا الفكر لا ينسجم معهم. وبالتالي تجدهم يفرضون عليك نوايا هي غير نواياك الصحيحة حتى يخرجوا بنقد وفق ما يريدون… أولاً أنا لم أغيّر صبغتي السياسية، كنت أقول منذ العام 1982 إنه عندما تخرج سوريا من لبنان سأبني أفضل العلاقات معها. وأوقح من ذلك يقولون ان الجنرال تغيّر؟ أنا أقول كلهم تغيروا إلا أنا.. أنا ما زلت على نفس المبدأ، وهو إقامة أفضل العلاقات مع سوريا، وأنا أول شخص دعا إلى فصل العلاقات مع سوريا عن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، لأن مصلحتنا أن نكون وسوريا على علاقة جيدة، أياً يكن النظام فيها. واذا كانت هناك دول كبرى تريد تغيير هذا النظام لا يكون ذلك بمساعدتي، أنا لم أُخلق لأكون ذراعاً لأحد.. أما بالنسبة لمقولة اننا حلفاء مع حلفاء سوريا فمما لا شك فيه أن لبنان يشهد ـ فيما خص مقاربة العلاقات مع سوريا ـ وجهات مختلفة ونقاطا نتفاهم عليها ونقاطا نختلف بشأنها.
لا يعني أنني سوري إذا كنت أريد علاقة جيدة معها، ولا يعني أنني وطني إذا كنت عدائياً مع سوريا!! كانوا يقولون ان العماد ميشال عون هو العدو الأول لسوريا، كنت أصحح لهم.. المسألة ليست مسألة عدائية، هذه قصة حقوق؟ فلتذهب سوريا من لبنان عندها يصبح السوريون اشقاءنا، وبالتالي لم نستعمل كلمة عدائية، ولكن كما تعرف أن العالم السياسي قائم على التكفير والهجوم ويحملونك نوايا ليست موجودة عندك، ويقوّلونك كلمات أنت لم تقلها. انطلاقاً من هنا كما كنت أفكر سياسياً ما زلت في نفس التفكير.. نعم هناك نظرات مختلفة في العلاقة مع سوريا، وهذا أمر طبيعي، نحن كتيار وضعنا وحزب الله نصاً تفاهمياً حول هذا الأمر، وجاؤوا هم إلى طاولة الحوار ولم يضعوا نصاً أفضل منه. لقد وضعوا نصاً فيه الكثير من الإبهام حتى لا يقولوا انهم اعتمدوا نص التفاهم الذي تم بين حزب الله والتيار الوطني الحر.
ـ قوى 14 شباط تتحدث دائماً عن الجانب الاستفزازي الذي تقوم به سوريا، وبالأمس أُستُغل موضوع الساتر الترابي في عرسال..
(مقاطعاً).. يقولون إنهم دخلوا أربعة كيلومترات ووضعوا ساتراً ترابياً! ألم يكن من الأجدى أن يرسلوا فصيلاً من الجيش اللبناني ليعمل على إزالته بدل هذا الضجيج. ثم هم يتهمون سوريا أنها تعمل على تهريب بضائع إلى لبنان، وتبيّن فيما بعد أن الخوف من التهريب موجود لدى الجانب السوري، ولو كان هناك سلطة تحترم نفسها لما وصلنا إلى هذا الأمر.. وهل برأيك فيما لو نحن وضعنا ساتراً على الحدود أو تخطيناها هل سيفتعل الجانب السوري حادثاً أمنياً معنا؟ كل ما في الأمر هناك سوء تقدير سياسي، إضافة إلى سوء تقدير إعلامي.
عداء سوريا
ـ ماذا تقول عن لهجة العداء التي تستخدمها قوى 14 شباط ضد سوريا ومحاولاتها المتكررة تأجيج هذا العداء تحت عناوين السيادة والمحافظة على الاستقلال، بينما تغيب هذه المفاهيم كلياً في التعاطي مع العدوان الإسرائيلي اليومي على السيادة اللبنانية براً وبحراً وجواً؟
في السابق كان كل حادث يقع يقال إن "اسرائيل" مسؤولة عنه، واليوم كل حادث يحدث فسببه ـ حسب رأيهم ـ سوريا. هذه الفرضيات كأنها مثل أركان الدين.
يجب أن يتحرى الإنسان عن أي خطأ أو حادث يقع ويقول من المسؤول.. طبعاً: الاختراق الجوي من قبل "اسرائيل" هو اختراق للأجواء اللبنانية، وهذا اعتداء على السيادة اللبنانية، وكذلك الحال فيما خص الاختراق البري والبحري. اليوم يقولون إن سوريا موجودة في لبنان، لا أعرف كيف هي موجودة؟ هل هي موجودة باستخباراتهم؟ اسأل أي دولة في العالم ليست لديها استخبارات على أرضنا؟ أسأل هنا ماذا يفعل السفراء المعتمدون في لبنان؟ أليسوا هم معتمدين رسميين للتدخل!! أو للدفاع عن مصالح بلدهم؟ المهم أن نعرف نحن أين هي مصلحتنا حتى تكون لدينا مناعة كبيرة...
ـ هناك بعض السفراء في لبنان يتدخلون حتى في تفاصيل داخلية لبنانية!
مناعة اللبنانيين لمنع التدخل تبدو ضعيفة. إجمالاً أنا لاحظت أمراً، وهو أن اللبنانيين هم الذين يذهبون ويسألون التدخل حتى يبيضوا وجوههم. مع احترامي لكل الذين يزورون كل العواصم، هذا الدوران ليس هناك جدوى منه. هؤلاء إذا لم يكونوا مكلفين رسمياً عندها يكونون يبحثون عن مصالح شخصية. باسم من يتكلم هؤلاء ويشرحون عن الأوضاع اللبنانية؟
رئاسة الجمهورية
ـ لماذا تخاف قوى الأكثرية من وصول العماد ميشال عون الى موقع رئاسة الجمهورية؟
أعتقد أن هناك أكثر من سبب:
أولاً، أنا لست خريج مدرستهم. تفكيري السياسي والوطني يختلف تماماً عنهم. سبق وذكرت أن هناك منطق الوطن والمواطن والشركة والزبائن.
ثانياً: أنا أريد هيكلية دولة مسؤولة لا تضيع فيها المسؤوليات وفيها محاسبة ومساءلة ونهج علمي. أنا أريد دولة يكون كل المسؤولين عنها في ظل الدستور لا أن يخرقوه كما يحصل اليوم، وليس كلما تسأل أحدهم ماذا فعلت تُصور وكأنك تقوم باعتداء طائفي. المؤسف أن المجتمع اللبناني تربى وفق هرميات طائفية، وكلما تقترب من هرم تقوم القيامة! كأنه يجب أن نعمل في لبنان شاهنشاه، أي ملك الملوك الذي يتربع فوق ملوك الطوائف ونسميه رئيس الجمهورية. طيب قبلنا بهذا الأمر، ولكن ألا يجب أن يكون لهذا الموقع سلطة معنوية حتى إذا حصل شواذ ما يمكن أن يوقفه. هم لا يريدون ذلك. من منطلق المساءلة والمسؤولية لا يريدون ذلك، أو كما يقولون بالعربي الدارج "الحرامي لا يحب البوليس".
ـ وصل جنرال أول الى قصر بعبدا عام 1958 ولم يستطع إكمال عملية الاصلاح لأسباب ذاتية أو موضوعية. ووصل جنرال ثانٍ، ولأسباب ذاتية أو موضوعية أيضاً لم يستطع إكمال الاصلاح. فهل يصل الجنرال الثالث، وبماذا يعد في حال وصوله الى قصر بعبدا؟
اذا وصل الجنرال الثالث نصل الى الإصلاح، لأن الإصلاح ليس منطلقاً شخصياً أو مصالح مجموعة، هناك مصالح وطنية متفاهمون عليها، وأعتقد أن الكل سيقبل التضحية، على الأقل الذين تفاهمنا معهم. ما يحصل اليوم هو إعطاء علاجات مسكنة.. إذا أردنا ان نعمل حلاً اقتصادياً من المفترض أن نقدم تضحيات كبرى، خصوصاً ان الثقة بين المواطن والحاكم والسوق الاقتصادية الخارجية مفقودة. من هنا اعتقد اننا لسنا بحاجة الى قروض خارجية حتى نبني لبنان، يكفينا رؤوس أموال اللبنانيين لهذه الغاية دون الحاجة الى مساعدات خارجية.
ـ هل تعتقد أن الجولة المقبلة من الحوار ستكون حاسمة؟
بالنسبة لي الملف الرئاسي انتهى منذ جولة الحوار الماضية. وأعتقد أنه لن يحصل شيء في الجلسة المقبلة، بل سنبحث في استراتيجية الدفاع عن لبنان.
ـ هل يمكن القول إن ملف الرئاسة قد طوي بقبول 14 شباط مكرهة ببقاء الرئيس لحود؟
أكيد ما دام أحد قال مئة مرة لحود ولا مرة العماد عون.
ـ عدم حل موضوع رئاسة الجمهورية وابقاء الوضع على ما هو عليه ألا يعني مزيداً من الأزمات الاقتصادية؟
الأزمات الاقتصادية مسؤول عنها الموجودون في الحكم. عندما نشترك في الحكم نتحمل معهم المسؤولية. واليوم اذا كانوا بحاجة لنا في المجلس النيابي لحل أزمة الرئاسة فكل شيء له ثمن، على الأقل المشاركة في السلطة.. اليوم أخذوا وثيقة التفاهم ويعملون على إحراقها من خلال سوء التصرف مع سوريا، لكن هذه الورقة لن تحترق لأنها لم تُعد لأجلهم، بل ستستمر على الأقل بين الطرفين، لبناء مستقبل سياسي عليها، وبالتالي هم لا يحلون مشاكلهم ولا يريدون أحداً أن يساعدهم في حل هذه المشاكل!! هذه مشكلتهم وستدفع بهم الى الانهيار على الساحة اللبنانية.
على كل حال هم يستَعدُون نصف الشعب اللبناني من خلال اتهامنا بالعمالة لسوريا. وهنا أسأل ماذا سيحققون من وراء ذلك؟ حاولوا ان يضعضعونا من خلال التفاهم الذي جرى بين حزب الله والتيار الوطني الحر، وقلنا لهم يومها أتريدون أن نعيش معاً أم تريدون أن نفترق، لماذا انتم منزعجون من سلاح المقاومة لتحرير مزارع شبعا، أنا مطمئن أن سلاح المقاومة لن يهددكم. هذه دعاية سياسية. هكذا أتكلم معهم. هذا هو الحل، هل يتكل أحد منكم على سلاح "اسرائيل"؟ قالوا لا. هل يتكل أحد منكم على سلاح اميركا؟ انتم تريدون ان تواجهوا عدواً، أم مواطنون تريدون ان تعيشوا معهم؟ ماذا تريدون أن تفعلوا بالشيعة، هل تريدون ذبحهم؟ تريدون ذبح نصفهم!
إذاً انفتحوا عليهم وطمئنوا بعضكم البعض، هذا هو دور القيادي. أما اذا جئت وقلت لهم هؤلاء يحملون السلاح وعليكم الانتباه منهم. وهؤلاء خبثاء وبالتالي عليكم أن تحملوا السلاح، يعني أننا انتهينا!! اذاً هنا يظهر عامل الثقة بين أن تحوّله إلى قوة بناءة، أو الى قوة شر.
المقاومة
ـ الملاحظ أن قوى 14 شباط تتعاطى مع المقاومة انطلاقاً من هواجس لديها، هل تعتقد أن مثل هذه الهواجس لها مكان بعد التجربة التي مرت بها المقاومة؟
أنا أعطيت شهادتي على طاولة الحوار، واعتبروا أن لدي ثقة أكثر من اللزوم. قلت لهم أنا عليّ أن أشهد للحق، وهي أن حزب الله منذ انطلاقة مسيرته الى اليوم لم يحمل السلاح ولم يخطف الناس على الهوية، وليس لديه مقابر جماعية، لماذا أنا لا أريد أن اطمئن لسلاحه لتحرير الجنوب؟ واذا كان الناس يخافون فهذا مرده الى الصورة المشوهة التي تنقل عن حزب الله. انقلوا الصورة المريحة عنه، عندئذ تساعدون على حل المشكلة.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018