ارشيف من : 2005-2008
كلمة الشيخ قاسم في مهرجان يوم القدس العلمي
وزارية ونيابية وحزبية واجتماعية وسياسية ....
"يوم القدس أعلنه الإمام الخميني (قده) يوماً عالمياً من أجل اجتماع الأمة ومن أجل رفع هذه الراية الشريفة لتحرير أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.(...) من حق كل واحد أن ينظر إلى القدس بمنظاره، لكننا ننظر إلى القدس بمنظار أساس أن النصر آت بإذن الله تعالى وستتحرر القدس على أيدي المؤمنين.
يوم القدس أعلنه الإمام الخميني، فقال بعبارة موجزة : هو يوم الاسلام. وهو بذلك يحشد لنا أربعة أبعاد أساسية:
ـ البعد الأول، هو البعد الإيماني فاليوم في أيام وليالي القدر العشر الأخيرة من شهر رمضان المبارك. ومن البعد الإيماني نستمد القوة المعنوية، ومع هذه القوة المعنوية لا قوة على الأرض يمكن أن تهزمنا. نحن لا نتحدث عن أسلحة أو طائرات أو دبابات نحن نتحدث عن قوة الله تعالى التي إذا دخلت في المعركة فإنها ستحقق نصراً إلهياً مؤزراً اعترف الآخرون بأنه نصر إلهي أو لم يعترفوا فهم خائفون من العودة في يوم من الأيام إلى الله ليضعهم في حساب عسير، أما المؤمنون فقوتهم من الله تعالى وسينتصرون إنشاء الله.
ـ أما البعد الثاني، فهو البعد الوحدوي، في يوم الجمعة يصطف المصلون من دون فرق بين لون ولغة ومركز ومنصب، من دون فرق بين السنة والشيعة وبين كبير او صغير ليكونوا يداً واحدة يحملون الإسلام بلا تمذهب، ويحملون الراية بلا تعصب ويعملون للقدس من دون أن يحاصروها بمصائبهم ومشاكلهم. يوم القدس هو يوم الوحدة بين السنة والشيعة، ولن تكون إلا الوحدة بيننا، ولن تكون هناك فتن، سيصنعونها لكننا سنصنع الوحدة التي تقتل فتنهم وتكشف ظلامهم، فنور الوحدة أسطع من ظلام الفتنة التي يريدون صنعها.
ـ ثالثاً البعد السياسي، لقد خصص الإمام الخميني للقدس يوماً لتكون لها خصوصيتها. القدس قائمة بذاتها، هي يوم هي قبلة هي عظمة هي مسرى للأنبياء.
ـ رابعاً البعد الجهادي: يوم القدس هو يوم السلاح والمقاومة والتحرير بالقوة، هو يوم الجهاد في سبيل الله، لا لأننا نريد السلاح بل لأن العدوان لا يمكن اقتلاعه إلا بالسلاح.
راجعوا كل أزماتنا في المنطقة سببها إسرائيل وأميركا. إسرائيل نمط لا إنساني يهدد القيم الانسانية لأنها قائمة على القتل والعدوان والتدمير لا يمكن أن تجدوا خيراً من هذا الكيان الغاصب، ثم يأتي البعض ليتهمنا بسياسة المحاور؟ أية محاور موجودة في المنطقة؟ هم قالوا أنهم يريدون محورين في المنطقة: محور أميركي – إسرائيل و... ومحور إيراني – سوري – مقاوم فلسطيني لبناني، لنا الفخر أن نكون في المحور الثاني.
نحن مع محور البطولة والمقاومة والدفاع عن الحق والمواجهة للاستكبار وللهيمنة، وبالتالي كل أولئك الذين يدعون إلى القرارات الدولية ، أقول لهم :هل حل قرار دولي مشكلة؟ كل قرار دولي يلعن ما قبله، يعني يقدم تنازلاً إضافياً لمصلحة القرار الدولي الذي سيأتي من بعده.
وبالتالي، راجعوا القرارات: تنازل متواصل من القرار الأول إلى القرار الأخير، وهذه القرارات بكل صراحة هي قرارات استراحة لإسرائيل من أجل أن تهضم نتيجة الغصب السابق، وليست قرارات لحل المشكلة. هي قرارات تسهيل الاحتلال، يخطئ العرب والمسلمين إذا ظنوا أن القرارات الدولية هي من أجل المعالجة والحل. لقد وصلنا في آخر المطاف إلى خارطة الطريق، أي إلى مشروع يتحدث عن قطعة أرض كبيرة اسمها فلسطين، لكن هذه القطة لا جو لها ولا أرض ولا حدود وهي محصورة في جزء يسير يقطع عنها الماء والهواء متى أرادت إسرائيل.
هذه القرارات مرفوضة، نحن لنا ملئ الثقة بالشعب الفلسطيني المجاهد الجدير بالحياة وسيحيى منتصراً.
المقاومة ليست سلاحاً ، المقاومة خيار في مقابل الاستسلام وردة فعل في مقابل الاحتلال. المقاومة حماية للأجيال مقابل إلغاء الهوية، ومن فتش وبحث عن كلفة المقاومة أقول له كلفة المقاومة أقل بكثير من كلفة الاستسلام.
اليوم إذا بحثنا عن أي انجاز في هذه المنطقة العربية لن نجد أي انجاز إلا إنجاز المقاومة، حتى في فلسطين لم تخرج إسرائيل من غزة إلا بسبب المقاومة.
أود أن أتحدث عن أمور ثلاثة فيما يتعلق بالمسألة الفلسطينية:
1- المطلوب من القيادات الفلسطينية أن تتفق على ما تريده لفلسطين وعندها تخضع إسرائيل، لا أن يضعوا على طاولة الحوار ما يقنعوا إسرائيل أو تقبل به، لأنكم إذا توحدتم على أمر فلن تستطيع إسرائيل أن تلزمكم بشيء.
2- الحكام العرب: إذا أردتم أن تحلوا مشكلتكم ومشكلة المنطقة فزيدوا الدعم للقضية الفلسطينية، غضوا النظر عن الذين يدعمون القضية الفلسطينية من دون أن تسيئوا إلى القضية الفلسطينية، وصدقوا عندها أنكم ستربحون أكثر فأكثر، أما مع هذا الأداء العربي فإن الأزمة ستطول وتطول كثيراً وأنتم تتحملون مسؤولية إطالتها.
3- فلسطين مسؤولية انسانية إذا وقفنا معها وقفنا مع وطننا وإنسانيتنا ومستقبلنا فلا يتحدث أحد عن أنه مع القضية الفلسطينية، إذا كنت مع فلسطين يعني أنك مع لبنان ومع العراق ومع العرب ومع الإسلام.
أما موقف حزب الله: حزب الله يؤيد ويدعم ويقف بكل اعتزاز بكل ما تسلتزمه هذه الوقفة إلى جانب الحق الفلسطيني في تحرير كامل التراب الفلسطيني وعلى رأسه القدس الشريف.
ما حصل في لبنان هو ملحمة حقيقية من البطولة والتضحية في تاريخ الانسانية جمعاء وليس في تاريخ لبنان وهذه المنطقة فقط. بسبب هذا الانتصار، سقطت مقولة الجيش الذي لا يقهر وقهرت إسرائيل وهربت من لبنان. بهذا الانتصار تداعى المجتمع الإسرائيلي ، وهذه خطوة على طريق تدميره من الداخل. هذا الانتصار أثبت أن القلة إذا توكلت على الله تعالى وكانت تمتلك الإرادة ستنتصر إنشاء الله. (...)
بعد الصمود الأسطوري للشعب اللبناني ومقاومته اللبنانية دخلنا مرحلة سياسية جديدة لها مستلزماتها. عندما نقول أن لبنان بعد 12 تموز يختلف عن لبنان بعد 12 تموز فهذا تقرير لأمر واقع، لا نقصد بذلك أمرا معيناً، وإنما نقصد أن علينا أن ننظر إلى الأمور بطريقة مختلفة. يجب أن نواجه بعد 12 تموز محاولات الاستثمار الأميركي للهزيمة النكراء على المستوى الميداني للعدو الإسرائيلي، وبالتالي ستحاول أمريكا أن تحقق بالسياسة ما عجزت عنه إسرائيل وأميركا في الحرب. وهذا ما يتطلب منا أن نكون جاهزين من أجل أن نحمي لبنان من شرق أوسطهم ومن خططهم التوسعية. من يعتقد أن المعركة انتهت بهذا النصر أقول له هذا النصر أرخى علينا مسؤولية هامة بأن نحافظ عليه وعلى نتائجه وأن نمنع إسرائيل أن تدخل بطريقة أخرى من خلال البوابات السياسية المختلفة. من هنا عندما طالبنا بحكومة وحدة وطنية، إنما كنا نقرأ التطورات ونرى أنها تمثل حلاً للبنان. بالنسبة إلينا حكومة الوحدة الوطنية هي خيار جدي لا يجدي التهرب منه ولا المراهنة على الرفض لتضييعه لأن البلد لأن البلد في حالة انعدام وزن، ويجب أن تجتمع ركائزه لانقاذه سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً بكل المعايير، ولذلك، التسويف يطيل الأزمة ويعقد المسائل ولا يوجد حلاً. حكومة الوحدة الوطنية يجب أن تعكس التمثيل الواقعي للشعب اللبناني لا التمثيل الوهمي. لا يكفي أن يجمعوا بعضهم بعضاً في اجتماع على طاولات كثيرة حتى يكونوا كثرة . أعتقد أن اجتماع 22 أيلول، اجتماع الانتصار رد حقيقي. ففي كل التظاهرات
والتجمعات كان التحدي بين المتظاهرين بالحديث عن التظاهرات المليونية، لكن في اجتماع 22 أيلول استغنى القوم عن الوصف المليوني وقالوا :
أضخم تظاهرة شعبية في تاريخ لبنان لأن الأرقام لم تعد قادرة على التعبير عن حقيقة الموقف.
وهنا نقول : لا تملك أي جهة في لبنان أو جماعة الحق في أن تجر البلد إلى حيث تريد. كلنا شركاء ويجب ترجمة الشراكة بطريقة قانونية، لن نقبل بعد اليوم أن تترجم الشراكة بوعود فارغة من المحتوى، لأنه يبدو أن البعض لا يلتزم بكلماته، وبسرعة يحاول أن يتخلى عنها. يتحدثون عن الطائف، الطائف مسؤولية لبنانية ، لقد تحول دستوراً والبند الأول من الدستور: حكومة الاتحاد الوطني. نفذوا هذا البند الأول واللبنانيون وحدهم هم المسؤلون عن تنفيذ هذا القانون، لا علاقة لقوات اليونيفيل بتنفيذ الدستور اللبناني، وليس لقوات اليونيفيل أي مهمة داخلية لتغليب فريق على آخر.
وهنا، لا بد أن نقترح حلاً على ذاك الذي يشعر بعجز من أن يحفظ موقعه بالمعادلة اللبنانية ويحاول بين حين وآخر ان يطير شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً ليبحث عن الآخرين حتى يعطوه دعامات تساعده في أن يكون في موقع منافس، نقول له الاعتراف بحجمك الضعيف وموقعك العاجز هو فضيلة حرام عليك أن تجر لبنان إلى الهاوية بحثاً عن موقع تريده، فلبنان لأبنائه وليس لأبناء خاصين وليس لفئة محددة، وبالتالي فلنقلع عن هذه النغمة بإدخال الواقع الدولي في كل أمر لتغليب فريق على فريق.
بعد الذي رأيناه في الشارع اللبناني وبعد الذي رأيناه أثناء العدوان الإسرائيلي من هذا الالتحام الكبير للشعب اللبناني حول مقاومته، أقول لكم بكل وضوح : أصبحت اليوم أكثر اطمئاناً أن هذا الشعب اللبناني لا يهزم من قبل دعاة الوصاية والذين يريدون أن ربطه بالأجنبي. نحن نرفض التفسير الجديد للسيادة الذي يستدرج عروضاً دولية لتعزيز المواقع. نرفض تدويل الأمن والإدارة والاقتصاد وكل القرارات التي تنزل على لبنان واحداً تلو الآخر، نرفض تحويل لبنان إلى محمية منتدبة، نريد لبنان المستقل ومن دون وصاية أجنبية مهما كانت هذه الوصاية ولا نقبل أن يكون بوابة عبور لأحد، نريده مستقلاً .
بكلمة أخيرة، أدعو السياديين الدوليين الطارئين على السيادة أن يكونوا سياديين لبنانيين، عندها تكون لهم كرامة ويكون لهم شأن، فمن حمى بلده حماه الله تعالى.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018