ارشيف من : 2005-2008
السجل الحافل للجيش الأكثر أخلاقية!
يُكثر القادة الإسرائيليون بين الحين والآخر ترداد وصف الجيش الإسرائيلي بأنه الأكثر أخلاقية (!!) بين جيوش العالم، برغم تهجيره شعب فلسطين من أرضه ومنعه من العودة إليها، وبرغم ارتكاب المجازر السابقة واللاحقة بحقه وبحق شعوب المنطقة: مجزرة كفر قاسم، دير ياسين، المجازر المتفرقة التي ارتكبتها قواته خلال الخمسينيات في قطاع غزة، الإعدام الجماعي للأسرى المصريين في الستينيات، مجازر صبرا وشاتيلا.. وقانا.. والكثير الكثير مما ارتكب على أرض لبنان وفلسطين قبل وبعد، وصولا إلى ما ارتكب ويُرتكب خلال انتفاضة الأقصى.
هذا السجل الحافل للجيش الإسرائيلي يستحق بنظر قادته وصفه بالجيش الأكثر أخلاقية في العالم (!!)، وهو ما يدفع إلى التساؤل عن طبيعة وأداء الجيش اللاأخلاقي أو الأكثر لاأخلاقية بنظرهم ووفقا لمعاييرهم.
أيضا كما هي الحال في أعقاب كل مجزرة يرتكبها العدو، "شكل الجيش لجنة تحقيق مؤلفة من ضباط في الجيش للتحقيق في أعمال منسوبة الى الجيش"، والنتيجة المعروفة مسبقا "براءة الجيش"!!
وكما في الحالات السابقة، لا تحقيق دوليا في هذه المجزرة كما في عشرات المجازر السابقة، ولا حتى لجنة تحقيق "مدنية إسرائيلية" من خارج إطار الجيش.
أما بخصوص نتائج لجنة التحقيق في مجزرة شاطئ غزة التي أودت بحياة عائلة فلسطينية جراء القصف الإسرائيلي، فقد توصلت اللجنة الى أن العائلة لم تُقتل جراء القصف المدفعي الإسرائيلي، وإنما نتيجة ذخيرة موجودة تحت الأرض.. إلا أن التقرير لم يحدّد بشكل قاطع وجود عبوة ناسفة قام فلسطينيون بزرعها أم أن المسألة تتعلق بقذيفة إسرائيلية قديمة، وبأن التحقيق سوف يتواصل.
وللتذكير، فقد بررت الإدارة الأميركية ارتكاب هذه المجزرة على أنها دفاع عن النفس، وبالتالي فالتفسير المحتمل: ربما يكون الطرفان قد أساءا هذه المرة التقدير إزاء تنسيق مواقفهما بفعل فظاعة الجريمة التي كشفتها الكاميرا للعالم، وما أخفته أو لم تستطع تصويره أعظم.
الواضح أن اللجنة كانت أمام خيارات: إما تحميل الجيش المسؤولية أو فصائل المقاومة الفلسطينية، أو أن العائلة قد قتلت نفسها.. وقد كان من الواضح أنه لم يكن هناك نشاط علمياتي فلسطيني في تلك المنطقة، ومن الوقاحة اتهام العائلة مباشرة بأنها قتلت نفسها.. مع أن هناك من المعلقين من حمَّلها المسؤولية، لأنها توجهت إلى منطقة قد تتعرض للقصف الإسرائيلي! وكأنه يوجد مكان في غزة لا يحتمل استهدافه!
ويبدو من خلال ما تضمنه تقرير اللجنة أنه جرى الجمع بين الحكم ببراءة الجيش وإبقاء الاحتمالات مفتوحة ازاء ما تبقى من خيارات.. حتى ان وزير "الدفاع" الإسرائيلي عمير بيرتس أقر بوجود صعوبة في إقناع الآخرين بأن الجيش غير مسؤول عن هذه المجزرة بقوله خلال المؤتمر الصحافي: "يصعب شرح" أن مقتل أفراد عائلة غالية الفلسطينية على الشاطئ في شمال قطاع غزة لم ينجم عن إطلاق قذائف مدفعية إسرائيلية.. في وقت نفت لجنة التحقيق علاقة "إسرائيل" بالحادث!!
علي حيدر
الانتقاد/ تحت المجهر ـ العدد 1166 ـ 16 حزيران/يونيو2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018