ارشيف من : 2005-2008
احتكار
كان التلفزيون الوطني في الماضي، هو تلفزيون المواطن، أي بمعنى أنه التلفزيون الذي يقدم للمواطن ما يهمه ـ أو ما يعتقد الحاكم أنه يهمه ـ على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغير ذلك.
كان تلفزيون الدولة خاصاً بالدولة، بنظامها وبناسها، فلا يكاد المواطن يعرف ما يحصل في الخارج، إلا إذا سمح له من في سلطة القرار أن يسمع به أو يشاهده.
ولذلك، كان الهدف الأول لأي انقلاب عسكري هو محطتي الإذاعة والتلفزيون، لأن من يسيطر عليهما احتكر الإعلام، وبالتالي سيطر على الخبر، ومن ورائه على القرار.
اليوم، وفي عصر الفضائيات، انقلبت الصورة، وصار التلفزيون الوطني في آخر سلّم الاهتمامات لدى المواطن، فهو لا يكاد يشاهده، أو يشاهد غيره، من كثرة الخيارات التي باتت متوافرة لديه.
ولكن، من قال إن الاحتكار هو ميزة تختص بها السلطات السياسية فقط؟
فها هي سلطة المال تحتكر "الحدث" وتمنعه إلا عمّن يدفع، وعليه أن يدفع كثيراً.
في الماضي كانت شكوى أن تلفزيوناً ما لدولة ما يحرم مشاهديه من بث مباشر لمباراة رياضية، ويؤخر البث حوالى ربع ساعة من أجل "مراقبة" ما يحصل على أرض الملعب، وفي المدرجات.
اليوم الشكوى هي من محطة ما تابعة لإمبراطورية مالية ما تمنع المواطن في دول المنطقة من مشاهدة ما يرغبون مشاهدته، لأنهم لا يملكون المال ليدفعوا لها.
أي الاحتكارين أسوأ؟
محمود ريا
الانتقاد/ بلا مواربة ـ العدد 1166 ـ 16 حزيران/يونيو 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018