ارشيف من : 2005-2008
أي مصلحة للبنان في استنساخ تجربة المقاومة مع السلطة الفلسطينية؟
الانتقاد/ تحت المجهر ـ العدد 1138 ـ2/12/2005
كثير من السياسيين في لبنان ممن يوجّه إليه سؤال من هو عدوك؟ يجيبك على الفور: "إسرائيل". ثم يسترسل، هذا الكثير، فيما كان عليه قبل جوابه بغض النظر عن مدى انسجامه أو تعارضه مع هذا التحديد متناسياً أن تشخيص العدو والأخطار هو المدخل، من ضمن منظومة اعتبارات، لتحديد الرؤى والمواقف والأولويات.
كيف وان هذا العدو متجسد بـ"الكيان الصهيوني"... ولمن لا يعرف، أو يعرف ولكنه كمن لا يعرف. نحن أمام عدو يعتبر أن الأرض التي نقف عليها هي حقه الطبيعي والتاريخي، وما انكفاؤه عنها إلا لظروف وعوامل خارجة عن إرادته إما بفعل القوة (كما حصل في لبنان) واما لظروف ومستجدات سياسية كما حصل في سيناء.. وأمام عدو يعتبر أن أمنه واستقراره واستمراره مرهون بضعف وهوان كل الدول والشعوب التي من حوله... وانه منطلق وهدف السياسات الأميركية في المنطقة.... مع ما يُفترض أن تفرضه هذه المعرفة بهكذا عدو من حافزية لدى البلاد والشعوب المستهدفة للسعي من اجل بناء وتنمية والحفاظ على كل عناصر القوة وعلى رأسها العسكرية منها، إلى المستوى الذي تشعر معه "إسرائيل" أن أي محاولة استهداف لأي بلد من البلدان ستكون مكلفة جدا، وتجبي أثماناً قد لا تحتملها.
بعد هذه النبذة اليسيرة عن بعض مزايا هذا العدو وما يفترضه ذلك من إعداد وجهوزية ربما من أهم الأسئلة المطروحة، على ضوء الموجة السائدة في هذه الأيام، هو هل إقحام الحكومة في صناعة وترجمة قرار تنفيذ عمليات ضد العدو يشكل نقطة ضعف أم عامل قوة للبنان، وأي تداعيات يمكن أن تترتب على ذلك؟
بعيدا عن الدخول في خلفيات بعض أصحاب هذه الطروحات... في حال الأخذ بهذه الدعوات سيجد لبنان نفسه أمام إحدى حالتين:
إما إشراك أو احتكار السلطة اللبنانية لقرار تنفيذ عمليات ابتدائية للمقاومة بهدف التحرير، أو دفاعية بهدف الردع مع ما يوفره ذلك من ذريعة ودافعية للعدو لاعتبار ان قرار عمليات المقاومة لم يعد قرار حركة مقاومة، بل هو قرار الدولة اللبنانية وبالتالي "يحق" له، انطلاقا من معايير معينة، استهداف مؤسسات الدولة العسكرية والسياسية والاقتصادية ليتم بعدها تحميل تبني الخيار المقاوم المسؤولية عن ذلك... مع العلم ان اصحاب هذا الطرح هم انفسهم يرددون مقولة ان ليس من مصلحة لبنان مواجهة المجتمع الدولي (مع التذكير بأن أحدا ليس بوارد هذا الطرح) وبأن التصدي للاعتداءات الإسرائيلية أو السعي لتحرير ما تبقى من أراضٍ وأسرى يندرج تحت عنوان تحدي القرارات الدولية!!.
فهل هذه الدعوات محاولة تذاكٍ تهدف إلى تجريد لبنان من مقوم اساسي لقوته، وحرمانه من ايجابيات هامش التمييز بين المقاومة والدولة اللبنانية؟!.
وإما أن يجد لبنان نفسه أمام عملية استنساخ لتجربة المقاومة مع السلطة الفلسطينية بحيث نجد أن المقاومة في جهة والسلطة في جهة أخرى... وكما ان هناك تعارضاً وتصادماً بين تعهدات السلطة للعدو وبين طموحات المقاومة بالدفاع والتحرير، مع ما ينطوي عليه ذلك من أخطار بالصدامات العسكرية... أيضا سيجد لبنان نفسه امام تعارض بين ما تقدمه السلطة من تعهدات في لقاءات ومؤتمرات للمجتمع الدولي، وبين حاجة وضرورة لبنان لحماية نفسه وتحرير ارضه وأسراه.
المفارقة في هذا السياق ان الكثيرين في فلسطين يعتبرون تجربة علاقة المقاومة مع السلطة في لبنان نموذجاً ينبغي الاحتذاء به للتخلص من الواقع الذي تعيشه الساحة الفلسطينية، في حين اننا نجد في لبنان من يدعو إلى ما يؤدي في نهاية الأمر لاستنساخ تجربة علاقة المقاومة في فلسطين مع السلطة ونقلها إلى لبنان مع ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر أين منها مخاطر الداخل الفلسطيني.
علي حيدر
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018