ارشيف من : 2005-2008
رايس تدعو إلى اللعب "عالمكشوف" حول الدور الإسرائيلي في المنطقة
تجاوزت وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس كل حدود التصور عندما تحدثت من القدس المحتلة عن ان "إسرائيل ستُدمج في الجهد الأميركي لدفع الديمقراطية في الشرق الأوسط".. أضف إلى ذلك أنها "ستكون ـ إسرائيل ـ جزءاً من الحديث الإقليمي الجديد في المنطقة الذي تحث الولايات المتحدة عليه".
وكنموذج على ذلك اعتبرت رايس انه "ينبغي أن تشمل هذه الحوارات ـ كمنتدى المستقبل الذي عُقد في البحرين ـ في الفترة القريبة إسرائيل".
التفكير المنطقي يقول انه عندما يُتجنب التصريح بأمور محددة في مراحل معينة، ثم يُبادَر إليها ويُجهر بها في مرحلة أخرى، وعندما يُطلب من "إسرائيل" في مرحلة التزام الصمت إزاء ما يجري في لبنان ومع سوريا، ثم تبادر الإدارة الأميركية على لسان وزيرة خارجيتها إلى ما يتجاوز ما كانت تطلب من "إسرائيل" التزام الصمت إزاءه.. يعني فيما يعني، أن لدى الإدارة الأميركية قراءة جديدة للواقع العربي، وهي قراءة يمكن إعادتها إلى أحد أمرين: إما أن ظروفاً ما في الواقع العربي قد نضجت لتقبل "إسرائيل" بشكل علني ومباشر، أو ان الإدارة اكتشفت مبالغة في تقديرها عندما "أحسنت الظن" بردود الفعل العربية عندما تخوفت من إرباك مخططها فيما لو تبين أن هناك مصلحة أو هدفا أو دورا إسرائيلياً في السياسة الأميركية المعتمدة في المنطقة. وكل منهما فيه ما يكفي من السلبيات، وإن كان الميل نحو الاحتمال الثاني".
برغم كل ذلك يمكن اعتبار أن من الدلالات المهمة لما ذكرته رايس عندما دعت إلى اللعب "عالمكشوف" في ما يخص الدور الإسرائيلي في المنطقة، ان "التهمة" الموجهة إلى المشروع الاميركي في المنطقة الذي له متطلبات في كل ساحة ـ من ضمنها لبنان ـ تتناسب مع موقعها وظروفها.. بأنه إسرائيلي المنطلق والأهداف، لكن بواجهة دولية وأميركية لم تعد مجرد تقديرات خاصة، وأن الدعوة تتضمن اعتبار "إسرائيل" من الواجهة وأدوات التنفيذ لتحقيق الأهداف المرسومة.
هل ينبغي أن يدفعنا هذا الكشف (اللعب على المكشوف) إلى ترقب حالات صحوة جماعية وإعادة نظر في مواقف اتخذت من قبل أطراف معينة، انطلاقاً من فرضية ان الكشف عن خلفية وأهداف مخطط يستهدف شعوب المنطقة ومستقبلها ومصيرها كافٍ لإسقاطه.. لأن بعض من سار في هذا المسار كان على قاعدة انه طلب الحق فأخطأه، وعندما يتضح هذا الخطأ سيعود إلى صوابه.
ربما النصيحة الأكثر واقعية في هذا المجال هي: علينا ان لا نُفاجأ بالجرأة والصراحة التي بلغتها الادارة الأميركية في الحديث عن دور إسرائيلي مباشر ومكشوف في المنطقة، لأننا لسنا أمام طلاب حق فأخطأوه، وإنما أمام طلاب باطل فأصابوه، وبالتالي ينبغي عدم المسارعة إلى التفاؤل وترقب حصول تغير في المواقف، سواء في لبنان أو في العالم العربي، خاصة ان الأهداف الإسرائيلية من وراء كل ما جرى ويجري لم تكن غامضة الى الحد الذي تصعب معه رؤية الأصابع فقط، بل رؤية الأيدي الإسرائيلية فيها.
علي حيدر
الانتقاد / تحت المجهر ـ العدد 1136 ـ 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2005
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018